نشأة المعاهدات الدولية
نشأة المعاهدات الدولية
تعد المعاهدات الدولية المصدر الأول لقواعد القانون الدولي العام، وحقيقة كان لها دور كبير في تطوير العلاقات الدولية، فهي كانت وما تزال الوسيلة الأساسية التي تنظم هذه العلاقات وتحافظ على ديمومتها واستمراريتها، ومن الجدير بالذكر أن أول معاهدة دولية أبرمت في التاريخ كانت بين الفراعنة والحيثيين، لتنظيم أكثر من جانب بينهما.
ومع تطور الحياة وبمرور الوقت أصبحت المعاهدات الدولية الوسيلة الأولى التي تلجأ إليها الدول لتنظيم علاقاتها مع بعضها البعض الآخر، وقد تولت لجنة القانون الدولي وهي إحدى اللجان التابعة للجمعية العامة للأمم المتحدة صياغة اتفاقية عامة لتنظيم المعاهدات، وأطلق عليها اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات عام 1969م.
وقد دخلت هذه الاتفاقية حيز النفاذ في 27 كانون الثاني 1980م، وقد أصبحت المرجع الأساسي المنظم لموضوع الاتفاقيات الدولية، إذ تولت تنظيم المعاهدات من حيث أطرافها وموضوعاتها وكذلك بينت ما هيه الإجراءات الواجب اتباعها بشأن إبرام أية اتفاقية دولية.
التعريف بالمعاهدات الدولية
بالرجوع إلى اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات لعام 1969م، في المادة الثانية منها، نجد أنها تعرف المعاهدة الدولية بأنها عبارة عن اتفاق دولي مكتوب يتم إبرامه بين دولتين أو أكثر، وهذه المعاهدة تخضع في جميع أحكامها لقواعد القانون الدولي العام ، ويمكن أن تكون المعاهدة بأكثر من وثيقة.
وعليه فالاتفاقية الدولية تتكون من مجموعة من العناصر وهي:
- المعاهدة الدولية هي اتفاق بين أشخاص القانون الدولي فقط وبالتالي أي اتفاق لا يكون أطرافه الدول لا يعد من قبيل المعاهدة الدولية.
- المعاهدة الدولية يجب أن تكون مكتوبة وبالتالي لا يعد من قبيل المعاهدات الدولية تلك الاتفاقيات الشفوية.
- المعاهدة الدولية تخضع في جميع مراحلها لأحكام القانون الدولي فقط.
- المعاهدة الدولية تهدف إلى أحداث أثار قانونية محددة.
أنواع المعاهدات الدولية
تدرج الإشارة إلى أن المعاهدات الدولية ليست جميعها من نوع واحد بل في حقيقة الأمر هي على عدة أنواع، ومنها ما يأتي:
المعاهدات ثنائية والمعاهدات جماعية
تقسم المعاهدات من حيث الأطراف التي تتولى إبرامها إلى معاهدات ثنائية وأخرى جماعية، أما الثنائية فهي عبارة عن معاهدة دولية يتم إبرامها بين شخصين فقط من أشخاص القانون الدولي، أما المعاهدة الجماعية فهي التي يشترك في إبرامها أكثر من شخصين من أشخاص القانون الدولي.
المعاهدات العقدية والمعاهدات الشارعة
تسم المعاهدات من حيث طبيعتها إلى معاهدة عقدية والتي يتم إبرامها من أجل تنظيم أمر معين ومحدد يخص الأطراف الأعضاء فيها، وينبغي أن تكون متوافقة مع قواعد القانون الدولي، وإلا كانت عرضة للمسؤولية الدولية، وبالتالي فهذا النوع من الاتفاقية تكتسب قوتها القانونية من التزام أطرافها بما جاء بها من قواعد.
أما الاتفاقيات الشارعة فهي تلك التي غالبا ما تهدف إلى سن قواعد قانونية دولية جديدة تنظم العلاقات بين أشخاص القانون الدولي ضمن المجتمع الدولي، وسوف لن تكون ملزمة إلا بعد أن تبدي الدول موافقتها عليها بشكل صريح، وبالتالي فهي لا تكتسب قوتها من اتفاق أطرافها بل هي تكسبها كونها صادرة عن مجموعة الدول الكبرى.
مراحل إبرام المعاهدات الدولية
تمر المعاهدات الدولية بالعديد من المراحل وهي على النحو الآتي:
المفاوضات
وهي عبارة عن العمليات التي تجري قبل إبرام أية اتفاقية وغالبا ما يتم فيها تبادل وجهات النظر المختلفة بهدف توحيدها للوصول إلى تنظيم أمر معين أو موضوع ما، وقد تتم هذه المفاوضات بين ممثلين عن الدول في مقابلات شخصية أو اجتماعات رسمية، وقد تتم المفاوضات بصورة مباشرة بين رؤساء الدول المعنية بالاتفاقية.
تحرير المعاهدات وتوقيعها
بعد تنتهي مرحلة المفاوضات في حالة ت تطابقت وجهات النظر، فحينها ستبدأ مرحلة تسجيل جميع الأمور والبوند التي تم الاتفاق بشأنها، ومن ثم يتم الاتفاق على تحديد اللغة الواجب أن يتم استخدامها في كتابة وتحرير المعاهدة.
التوقيع على المعاهدة
بعد إتمام عملية تحرير المعاهدة تتم عملية التوقيع من قبل ممثلي الدول من أجل إتمام ما اتفقوا عليه وثبتوه في وثيقة المعاهدة، والتوقيع يكون بالأسماء الأولى أو بالأحرف الأولى في حالة لم يكنوا مفوضين بالتوقيع بشكل كامل أم كانوا لديهم بعض التردد في إصدار الموافقة النهائية لكونهم راغبين في الرجوع إلى دولهم من أجل التشاور مرة أخرى.
التصديق على المعاهدة
لا يكفي التوقيع على المعاهدة لكي تكون ملزمة لأطرافها بل لا بد من إجراء آخر هو التصديق عليها، وهو عبارة عن إقرار من السلطة التي يخولها القانون بالتصديق في الدول الأطراف في المعاهدة، وهذه السلطة هي إما أن تكون رئيس الدولة بشكل منفرد أو معه السلطة التشريعية أو تتولى السلطة التشريعة الأمر لوحدها.
تسجيل المعاهدة
تسجيل المعاهدة هو المرحلة الأخيرة من مراحل المعاهدات الدولية وهو عبارة عن تصرف يقتضيه ميثاق الأمم المتحدة حيث يشترط تسجيل أية معاهدة دولية في أمانة الهيئة ومن ثم ينبغي أن يتم نشرها على الملأ، ليضمن علم جميع أعضاء المجتمع الدولي بها، وبالتالي يمكن ااحتاج بها في حالة تعذر الطرف الآخر بعدم التنفيذ لأي سبب كان.