نشأة المدرسة الرومانتيكية
نشأة المدرسة الرومانتيكية
الرومانتيكية (الرومانسية) موقف أو توجه فكري ميّز العديد من الأعمال الأدبية والرسم والموسيقى والهندسة المعمارية والنقد، والتأريخ في الحضارة الغربية على مدى الفترة الممتدة من أواخر القرن الثامن عشر وحتى منتصف القرن التاسع عشر، ويُمكن تعريفها بأنّها رفض لمبادئ النظام والهدوء والوئام والتوازن والمثالية والعقلانية التي تميزت بها الحركة الكلاسيكية والكلاسيكية الجديدة.
كما أنّها ردّ ضد حركة التنوير والعقلانية والمادية التي سادت في القرن الثامن، وظهرت الرومانسية للتأكيد على الفرد، والذاتية، واللاعقلانية، والخيالية، والشخصية، والعفوية، والعاطفية، والرؤية، والتسامي، ومثل غيرها من الحركات الفكرية مرّت بمراحل عديدة منذ نهاية العصور الوسطى، وكانت منتشرة بقوّة؛ نظرًا لتنوعها ووصولها بين طبقات المجتمع وثباتها.
انتشرت الرومانتيكية من ألمانيا وإنجلترا في سبعينيات القرن التاسع عشر، ثم اجتاحت أوروبا بحلول عشرينيات القرن التاسع عشر، حتى أنها استحوذت على الحركات الفكرية في فرنسا، بعد ذلك انتقلت إلى العالم الغربي وسيطرت على الحركة الموسيقية في بوسطن ومكسيكو سيتي، وأشهر مقطوعات الموسيقى الأوركسترالية في العالم هي موسيقى العصر الرومانسي.
ابتداءً من العقود الأخيرة من القرن الثامن عشر انحسر تأثير الرومانتيكية على الشعر والرواية والدراما والرسم والنحت وجميع أشكال موسيقى الحفلات (خاصة الأوبرا) والباليه؛ لأنّ الفن ارتبط ارتباطًا وثيقًا بالسياسة في ذلك الوقت، وأصبح صورةً تعكس مخاوف الناس وآمالهم وتطلعاتهم، وفي مطلع القرن التاسع عشر كان الفنّ صوت الثورة وفي نهايته صوت المؤسسات.
المراحل التي مرت به الحركة الرومانتيكية
ظهرت الرومانتيكية في بداية الأمر ردًّا على الانتشار الصناعي، ولنقد المعايير الاجتماعية والسياسية الأرستقراطية، ولتدعو الناس لمزيد من الاهتمام بالطبيعة، ولم يظهر اسم الحركة (الرومانتيكية) في هذه المرحلة؛ فالكتّاب والفنانون لم يُعرّفوا أنفسهم بالرومانسيين بعد، وأول من صنّفهم هم الفيكتوريين؛ بسبب قدرتهم على التقاط عاطفة وحنان الإنسان، ويمكن تقسيم المراحل التي مرت بها الحركة الرومانتيكية على النحو الآتي:
المرحلة الأولى
يُعدُّ روبرت بيرنز رائد الحركة الرومانسية، مع أنّه توفي عام (1796م) أي في العام الذي يُصنَّف فيه بداية الرومانتيكية، ثم ظهر بعده ويليام بليك المؤمن بالحرية الروحية والسياسية، وعدّه كثير من النقاد مؤسسًا آخر للرومانتيكية؛ لأنه اهتمّ ببراءة الطفولة وخيالها في مواجهة الفساد القاسي في مرحلة البلوغ؛ لا سيما في لندن.
المرحلة الثانية (الشعر)
بدأت الحركة الرومانتيكية في الشعر على يد الصديقين ويليام وردزورث وصموئيل تايلور كوليردج، الذين انحرفت قصائدهم قليلًا عن القصائد الشعرية الرسمية في الفترة الكلاسيكية الجديدة، وعبّرا في شعرهما عن المشاعر الإنسانية، والطبيعة، وشعر وردزورث، وأنه يمكن للطبيعة توفير مصدر للنظافة العقلية والفهم الروحي.
المرحلة الثالثة (الشعراء الجُدد)
بعد نجاح بليك وكوليريدج ووردزورث، ظهر جيل جديد من الشعراء الرومانسيين مثل جون كيتس، الذي سعى للتعبير عن المشاعر الشديدة باستخدام الصور الطبيعية، كما اتبع الشعراء الجدد القصائد الغنائية وركزوا فيها على المشاعر الجياشة باستخدام السرد الشخصي، بالإضافة إلى مواضيع أخرى مثل الحياة والموت والجمال.
المرحلة الرابعة (الرواية والقوطية)
نمت شعبية الرواية خلال الفترة الرومانسية وأصبحت أحد المصادر الرئيسية للترفيه لمواطني الطبقة الوسطى؛ فبدأ المؤلفون بتكييف كتاباتهم لجذب هذا الجمهور، وهنا اكتسب والتر سكوت شعبيةً كبيرةً في بريطانيا وأوروبا، وكانت رواياته تُركّز على الأحداث التاريخية بشكل خيالي، بعد ذلك (خلال النصف الثاني من القرن الثامن عشر)، بدأت شعبية الروايات القوطية تتزايد في بريطانيا العظمى.
تجمع الروايات القوطية بين العناصر الخارقة للطبيعة والغامضة مع القلاع والأبراج المحصنة في الماضي من جهة، وبين مشاعر الرعب والألم والخوف والحب من جهة أخرى، وأبرز روّاد هذا الاتجاه كوليريدج وبايرون وجون ويليام، ومن أبرز أعمال هذه المرحلة رواية دراكولا برام ستوكر المنشورة خلال الفترة الفيكتورية، ثم انتشرت قصص مصّاصي الدماء أكثر بعد ذلك.
النساء في الحركة الرومانتيكية
شهدت الفترة الرومانسية ظهور الكاتبات الأكثر نجاحًا تمهيدًا لشعبيتهن في العصر الفيكتوري، وكانت جين أوستن أهم كاتبة خلال هذه الفترة، لكنّها لم تلتزم دائمًا بإرشادات الفترة الرومانسية الصارمة، بل سخرت من بعض الحبكات المبالغ فيها للكتاب السابقين؛ لذلك اختارت تسليط الضوء على الحياة اليومية للأشخاص العاديين؛ ممّا أدى إلى التحوّل نحو الواقعية الاجتماعية.
رواد الحركة الرومانتيكية
الرومانتيكية حركة فنية وفكرية ظهرت في أوروبا بين أواخر القرن الثامن عشر ومنتصف القرن التاسع عشر، وركّزت كثيرًا على مكانة الخيال والإبداع أكثر من دور العقل، ومن أبرز روادها ما يأتي:
- الأدباء الرومانتيكيون
بدأت الرومانسية في الأدب الإنجليزي في أواخر القرن الثامن عشر، على يد الشعراء (ويليام بليك، ويليام وردزورث، صمويل تايلور كوليردج)، ثم استمرت في القرن التاسع عشر على يد الشعراء (بيرسي بيش شيلي، جون كيتس، لورد بايرون).
- الفنانين الرومانتيكيون
ألهمت الطبيعة الفنون المرئية للحركة الرومانتيكية، ومن أبرز روادها (جون كونستابل، تيرنر، صموئيل بالمر، توماس بيويك).
- الموسيقيون الرومانتيكيون
نشأت الحركة الرومانتيكية في الموسيقى على يد بيتهوفن، ثم توسّعت على يد (فرانز شوبرت، روبرت شومان، فيليكس مندلسون)، وفي العصر الذهبي الأوروبي انتشرت الرومانتيكية الموسيقية على يد (جوزيبي فيردي، ريتشارد فاغنر).