نشأة الأدب العالمي
نشأة الأدب العالمي
ذُكِر مصطلح (الأدب العالمي) لأول مرة على لسان غوته ، الذي قال خلال حديث مع صديقه إيكرمان في عام 1827: "أنا مقتنع بأن أدباً عالمياً أخذ يتشكل، وأن جميع الأمم تميل إلى هذا... إننا ندخل الآن عصر الأدب العالمي. وعلينا جميعًا الإسهام في تسريع ظهور هذا العصر". وفيما بعد عاد غوته أكثر من مرة إلى تناول هذه المسألة. لم يأتِ هذا المصطلح من اللاشيء، فقد كان دانتي قد أشار في دراسة له بعنوان (حول الملكية) إلى وجود حركة ثقافية عالمية وتحدث أيضًا كل من المفكرين والفلاسفة والأدباء الألمان والفرنسيين عن التجربة الإنسانية المشتركة، تحدث شيللر عن مفهوم (التأريخ العالمي) وهيجل مفهوم (الروح العالمية).
ومن اللافت للنظر أن غوته تأثر بالأدب الشرقي وتحديدًا الأدب الصيني، فكان قارئًا نهمًا بالرغم من قلة الأعمال المترجمة آنذاك، وتأثر أيضًا بالشعر الفارسي وبرز ذلك في إحدى دواوينه التي ذكر بها الشاعر الفارسي حافظ الشيرازي ، كما كان مهتمًا ومطلعًا على الأدب العربي والشعر العربي على وجه الخصوص، فقرأ فيه الكثير، وحاول ترجمته إلى الألمانية. كل تلك القراءات المختلفة جعلته يدرك أهمية نشر الآداب المختلفة، ومنها الأدب الشرقي ويعرفه للإنسان الغربي.
كان عصر شيلر أي عصر القرن الثامن عشر بداية تداخل الأمم المختلفة في مجتمع إنساني واحد، وقد أغنى وأضاف ممثلو الرومانسية كل من بايرون، شيلي، وكيتس، ووردزورث، مفهوم الأدب العالمي، ونضج هذا المفهوم في القرن العشرين، بعدما اتسعت الاتصالات الأدبية بين الأمم.
خصائص الأدب العالمي
نذكر منها الآتي:
- أن يتمتع العمل الأدبي بمستوى فني وفكري متقدم، أي يجب أن يقدّم إضافة جمالية وفكرية للأعمال الأدبية الموجودة في العالم، وتجدر الإشارة إلى أنّ القيام بترجمة رواية إلى لغات متعددة لا يصنفها كرواية عالمية ما لم تتوافر فيها هذه الشروط.
- أن يحقق العمل الأدبي وجودًا وحضورًا خارج حدوده القومية عن طريق الترجمة والنقد، فما الفائدة من أن يضيف العمل الأدبي للأدب والفن من غير أن يصل إلى أماكن أبعد من حدوده الثقافية ويحقق استقبالاً عالميًا.
أشهر أعمال الأدب العالمي
شهد التاريخ العديد من الأعمال الأدبية العالمية التي نالت حضورًا واسعًا في مختلف الثقافات، مثل: ملحمة جلجامش من صلب الحضارة السومرية، و ملحمة الإلياذة والأوديسة من قلب الحضارة اليونانية القديمة، وغيرها من الأعمال الأدبية القديمة والحديثة، والتي غيرت الكثير من المفاهيم، وأضافت رؤية مختلفة للحضارات. لا شك أن الفضل يعود لغوته في ابتكاره هذا المصطلح ولكن الفضل الحقيقي يعود إلى الكتابة وتوثيق القصص على مر العصور.
ومن الجدير بالذكر أن هناك عوامل تؤثر على الاعتراف العالمي بكتّاب دولة معينة، كالنفوذ السياسية والاقتصادية وعدد السكان ومدى انتشار لغة هذه الدولة، وكلما كانت الدولة صغيرة ولغتها غير منتشرة فإنها ستحتل مواقع أقل بكثير من آداب الشعوب الكبيرة.