نبذة عن كتاب مقامات الحريري
نبذة عن كتاب مقامات الحريري
إنَّ التراث الأدبي العربي القديم أثرى المكتبة العربية بكثير من المؤلفات والكتب والمحتوى النثري والشعري القائم على بناء الفكر والقيم والأهداف الحقيقية لنشأة الإنسان، في طور الثقافة العربية القائمة على مكارم الأخلاق والعبودية الخالصة لله عز وجل.
لقد كان فنَّ الكتابة في التراث العربي القديم قائماً على الصنعة الأدبية القصصية أو التمثيلية من خلال رواية القصص والحكايات، ومن ذلك مقامات الحريري التي انبثقت عن مقامات بديع الزمان الهمداني.
التعريف بالإمام الحريري ومقاماته
يعد محمد الحريري البصري من أعلام البصرة، والمولود عام 446، وهو صاحب المقامات المعروفة باسم مقامات الحريري، والتي كان لها الصدى الأكبر من الشهرة والانتشار حتى قيل: إنَّه وقَّع بخطه سبعمئة نسخة إضافة إلى بعض علماء الأندلس قدموا للاطلاع عليها وقراءتها وقاموا بنقلها إلى بلادهم وانتشرت هناك حفظاً وشرحاً ومدارسة.
تقوم هذه المقامات على الرواية من طريق رجل اسمه الحارث بن همام، وأمَّا بطلها فهو أبو زيد السروجي، وتشمل هذه المقامات خمسين مقامة أولها المقامة الصنعانية حيث يلتقي أبو زيد السروجي بالحارث بن همام، ويواصلان السفر والترحال إلى أكثر من مكان، وتنتهي المقامات بالفراق بينهما حين يكفان عن مواصلة السفر بعد طول الزمان، وامتداد الأعمار.
مزايا المقامات
يمتاز فن المقامات بوجود عدد من الشخصيات تتكون من الراوي، وبطل الحكاية، وتتمثل وظيفة كل منهما على النحو الآتي:
- الراوي
هو من يحكي المقامة، وهو شخصية ثابتة في كل مقامة عند كل كاتب، ودائما ينتمي -الراوي- للطبقة الاجتماعية المتوسطة.
- البطل
من تدور حوله المقامة، دائمًا يكون الكاتب.
- النكتة
وهي المغزى والهدف الأساسي من الحكاية، وهي التي تدور حوله المقامة، فهي تسعى لتوضيح موضوعات مختلفة بشكل فكاهي.
من الجدير بالذكر أن الأساليب الحديثة في الترفيه وقضاء أوقات الفراغ أبعدت عنا هذا النوع من الفنون الأدبية الغنية بالتراث والمفاهيم القيمية الجميلة.
مفهوم المقامات الأدبية ونشأتها
المقامات الأدبية هي أحد فنون الكتابة العربية القائمة على الأسلوب القصصي عن طريق الرواية من خلال وجود شخصية أساسية تمر بعدة مواقف وأحوال يهدف من خلالها الكاتب إلى تعميق مفهوم القيم الأخلاقية لدى المجتمع، كما لا تخلو من الطرفة وبعض المواقف الطريفة التي تضفي جوًّا من التسلية والمتعة.
بدأ ظهور المقامات الأدبية في العصر العباسي حيث ظهر التدوين وازدهر التأليف، ومن أول من أبدع هذا النوع من الفن بديع الزمان الهمذاني، لحقه محمد الحريري صاحب المقامات الذي يدور الحديث عنه في مقالنا هذا، كذلك ابن دريد وابن فارس، والزمخشري، والحنفي، والصفدي وكلهم من علماء اللغة المعروفين بالجودة والبراعة والإتقان.
لم يقتصر فن المقامات على التراث العربي فقط، بل امتدَّ ليصل إلى التراث الأدبي الفارسي، والذي حاكى النمط العربي من حيث الأسلوب القصصي والهدف الاجتماعي للراوية، ومن أشهر المقامات الفارسية مقامات الحميدي، وكلستان سعدى، وبهارستان جامي، وروضة الخلد لمجد الخوافي، وغيرها الكثير.