نبذة عن كتاب الأضداد لابن الأنباري
يُعد كتاب الأضداد لابن الأنباري من أفضل وأوسع كتب الأضداد في اللغة العربية، وكلمة أضداد هي جمع ضِدّ، وتدل على مفردات تدل على معنيين متباينين؛ ككلمة الصريم التي تعني الليل، وتعني النهار أيضًا، وقد انتشرت هذه الكلمات بين الناس، وأصبح من الضروري التمييز بينها، ممّا دفع الإمام محمد بن قاسم الأنباري لكتابة كتاب الأضداد الذي هدف من خلاله إلى تجميع هذه الكلمات وتوضيح معانيها، وذكر دلائل وشواهد عليها، لذا سنلخص أهم ما جاء فيه في هذا المقال.
مقدمة كتاب الأضداد لابن الأنباري
وضحت المقدمة تعريف الأضداد وسبب نشأتها، وعرضت آراء اللغويين والدارسين في هذه الظاهرة، فبعضهم من أقرّها ووجد فيها بلاغة وغزارة لمعاني اللغة العربية، وبعضهم من أنكرها ووجدوا فيها منقصة للعرب، لاعتقادهم بأنها تؤدي إلى كثرة الالتباس في اللغة أثناء الحديث، والذين أسماهم ابن الأنباري "أهل البدع والزيغ والإزراء بالعرب"، كما ذكرت المقدمة أسماء لبعض أهم كتب الأضداد، ثم تناولت في نهايتها سيرة حياة ابن الأنباري بالإضافة إلى اقتباسات من مدح ووصف أبرز علماء اللغة والمؤرخين لعلمه وثقافته.
سيرة حياة ابن الأنباري كما ذُكرت في مقدمة كتابه
هو أبو بكر محمد بن القاسم بن محمد بن بشار بن الحسن الأنباري، وقد ولد في بغداد في الحادي عشر من رجب سنة 271 هـ، ونشأ مع أبيه الذي كان أحد أعلام الأدب في بلدته، وقد تعلم على يد أبرز علماء الأدب في عصره، وعُرف بذكائه وكثرة حفظه، وأصبح إمامًا في علوم القرآن واللغة والرواية، فكانت حياته مليئة بالعلم والتأليف والإملاء، توفي عام 327 هـ، وترك له مؤلفات عدة، كأدب الكاتب، الأمالي، الألفات وغيرها الكثير.
محتوى كتاب الأضداد لابن الأنباري
ردّ ابن الأنباري في كتابه على أهل "البدع والزيغ والإزراء بالعرب" الذين طعنوا باللغة العربية، فقد جمع ابن الأنباري الكثير من الكلمات المتضادة وصل عددها إلى أكثر من 357 كلمة، مُحاولًا شملها جميعها في هذا الكتاب، كما قال في كتابه:" وقد جمع قوم من أهل اللغة الحروف المتضادة، وصنفوا في إحصائها كتبًا، نظرت فيها فوجدت كل واحد أتى من الحروف بجزء، وأسقط منها جزءا، فرأيت أن أجمعها في كتابنا هذا على حسب معرفتي ومبلغ علمي"، ولم يقتصر ابن الأنباري على ذكر الكلمات المتضادة فقط، إنّما توسع فيها بذكر أصنافها وجميع معانيها المُحتملة، ومختلف الآراء فيها، وإثباتها بأدلة من القرآن الكريم أو الأحاديث النبوية أو الشعر أو النثر .
فهرس كتاب الأضداد لابن الأنباري
انقسم فهرس كتاب الأضداد إلى مجموعات كالتالي:
فهرس ألفاظ الأضداد
وقد احتوى على العديد من الكلمات المتضادة مع معانيها، كتفسيره لكلمة الظَنّ: "الظنّ، يقع على معانٍ أربعة: معنيان متضادان: أحدهما الشكّ، والآخر اليقين الذي لا شك فيه، فأما معنى الشك فأكثر من أن تُحصى شواهده، وأما معنى اليقين، فمنه قول الله عز وجل: (وأنّا ظننّا أن لن نُعجز الله ولن نُعجزَهُ هربًا)، معناه علمنا".
فهرس الآيات القرآنية
فقد استدل الأنباري على آيات من القرآن الكريم ليثبت أحد معاني بعض الكلمات المتضادة، مثل كلمة اشتريت فقد قال: "اشتريت الشيء أي قبضته وأعطيت ثمنه"، وذكر المعنى المضاد لها: "ويقال اشتريته أي بعته" وقد استدل على هذا المعنى من الآية الكريمة: (أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى).
فهرس الأحاديث النبوية
فقد ذكر الأنباري أحاديث نبوية ليستدل منها على أحد معاني المفردات المتضادة، كما قال عن كلمة أفرطتُ: "أفرطتُ الرجل إي قدمته" كما في الحديث النبوي: "أنا فرطُكُم على الحوض"، أي أنا أتقدمكم عليه.
فهرس القوافي
فقد بيّن الأنباري أحد معاني المفردات المتضادة بالاستعانة بالقوافي (آواخر أبيات القصيدة)، مثل كلمة حوب، في قوله: "يقال: قد تحوّب الرجل، أي تغيظ وتندم"، وقد استدل به من قول الشاعر طُفيل:
فذوقوا كما ذقنا غداة محجر من الغيظ في أكبادنا والتحوب.
فهرس الأرجاز
فقد استعان ابن الأنباري بالأرجاز (بحر من بحور الشعر العربي ) ليستنبط أحد معاني الكلمات المتضادة، كذكره كلمة الحَفَض في قوله: "الحفض يقال لمتاع البيت"، والذي استدل به من قول الشاعر: "لاتك في الصبا حفضًا ذلولًا".
فهرس أنصاف الأبيات
فقد استدل ابن الأنباري بأنصاف أبيات من الشعر ليبين أحد معاني الكلمات المتضادة، كما قال في كلمة مأتم: "كلمة مأتم للنساء المتجمعات في الحزن، والمتجمعات في الفرح" وقد ذكر بيت من قصيدة ابن المُقبل: "ومأتم كالدمى حور مدامعها".
فهرس الأعلام
فقد استدل ابن الأنباري هنا بأقوال بعض الأشخاص ليؤكد أحد معاني الكلمات المتضادة، كما قال في كلمة أخفيت: "أخفيت الشيء، أي سترته" وقد استدل بقول أُبيّ بن كعب في قوله: "أكاد أُخفيها من نفسي".
فهرس القبائل والأمم
فقد استدل ابن الأنباري بأقوال من قبائل وأُمم لإثبات أحد معاني المفردات المتضادة، كقوله في كلمة وَثَبَ "وثب الرجل، أي قعد"، والذي استدل به عن قبيلة حِمْيَر: "دخل رجل على ملك من ملوك حِمير، فقال له الملك: ثِبْ؛ أي اجلس....".
فهرس الأماكن
وقد ضم مجموعة من أسماء أماكن احتملت معانٍ أخرى، فقال مثلًا في مدينة الكوفة : "والكوفة سميت كوفة لازدحام الناس بها، من قولهم: قد تكوَّف الرمل أي ركب على بعضه بعضًا" وذلك لاعتقاده بأن كل اسم جاء لسبب، منها ما نعلمه ومنها ما نجهله.