نبذة عن كتاب أسرار البلاغة
تعريف بصاحب كتاب أسرار البلاغة
هو أبو بكر عبد القاهر بن عبد الرحمن بن محمد الجرجاني، عالم مسلم فارسي في العصر العباسي الثاني، ولد في جرجان لأسرة رقيقة الحال، تعلق بالعلم، ونشأ محباً للثقافة، فأصبح يُعد أحد العلماء الأفذاذ في علوم النحو والصرف ، والنقد، والأدب، كما أنه يعتبر المؤسس الحقيقي لعلم البلاغة، ويُعد كتاباته: دلائل الإعجاز، وأسرار البلاغة من أهم الكتب التي أُلفت في هذا المجال، وقد ألفهما الجرجاني لبيان إعجاز القرآن الكريم وفضله على النصوص الأخرى.
منهج كتاب أسرار البلاغة
يعتبر أسرار البلاغة الكتاب الأول الذي أسس قواعد البلاغة العربية بشكل دقيق ومفصل، وأقام عليها الحجة والبرهان، مما جعله منهجاً تعليمياً متكاملاً لعلم البيان والمعاني، حيث تتلخص منهجية الجرجاني في مؤلَّفه بالتالي:
- اعتنى بالتنظير للبلاغة، ووضع أسسها، وبيان أسرارها؛ فقد عالج في كتابه موضوع الحقيقة والمجاز ببيان تقسيماته في الكلام وبيان معناه.
- استهلّ كلامه بالقول في التجنيس وتقسيماته وأنواعه، حيث إنّ جُلّ محاسن الكلام متفرعة عن التشبيه والتمثيل و الاستعارة ، فقد بيّن العلاقة بين هذه العناصر، وأبرز الفروق بينها.
- ضمَّنَ في كتابه نظريته؛ وهي نظرية النظم، التي ملخصها أن: جمال البلاغة ليس في اللفظ، ولا في المعنى وإنما في نظم الكلام (أي الأسلوب) وبناء الجملة.
- تأثره بأسلوب الجاحظ، وتميز بكثرة التمثيل، وضرب الأمثال لشرح الأفكار وتبسيطها.
- إكثاره من الشواهد المُستقاة من القرآن والحديث وشعر العرب.
موضوعات كتاب أسرار البلاغة
خصَّ الجرجاني حديثه في أسرار البلاغة عن علوم البيان والمعاني، فخطّ كتابه على ستة وعشرين فصلاً عالج فيها الموضوعات التالية:
- ابتداء الحديث عن منزلة الكلام الذي امتاز به الإنسان عن الحيوان وفضل به، وذلك في باب اللفظ والمعنى.
- استعراض المواضع التي يستحسن فيها اللفظ، وهي التجنيس والحشو، حيث فصل الجرجاني فيهما تفصيلاً دقيقاً مبرزاً أنواع التجنيس المستحسن.
- إيراد مفهوم الاستعارة، وأقسامها، مع بيان خصائصها المفيدة، والفرق بينها وبين التمثيل.
- إيضاح أقسام التشبيه وبيان الفرق والموازنة بينه وبين التمثيل، وما هو التشبيه المتعدد والفرق بينه وبين التشبيه المركب.
- القول في الأخذ والسرقة وما في ذلك من التعليل، وضروب الحقيقة والتخييل.
- ذكر المجاز وبيان معناه وحقيقته، وتقسيمه إلى المجاز اللغوي والمجاز العقلي، والفرق بينهما.
- دلالة الحذف والزيادة، وهل هما من المجاز أم لا.
أسباب تأليف كتاب أسرار البلاغة
بعد اختلاط العرب بغيرهم اعترى لغتهم شيء من الفساد، مما أوجب على أهل اللغة المحافظة عليها وإعادة بريقها المُفتقَد، حيث هرع أبو الأسود الدؤلي إلى وضع القواعد حفاظاً على سلامتها، وسارع أهل المعجم إلى جمع كلماتها من البوادي التي كانت بعيدة عن الاختلاط الحاصل عند أهل المدن.
وعلى نهجهم سار الجرجاني بتأليفه أسرار البلاغة، بعد ما لاحظه من انصراف مستخدمي اللغة عن معاني الأساليب وتصاريف القول في مواضعه المناسبة، فوضع قوانين المعاني والبيان وأبرز سلطانها وقوتها على الألفاظ بخلاف ما كان رائجا في عصره، فكان هو المؤسس الحقيقي لعلم البلاغة.