نبذة عن قصيدة يا ابن المراغة والهجاء
نبذة عن قصيدة "يا ابن المراغة والهجاء"
تعد قصيدة "يا ابن المراغة والهجاء إذا التقت" واحدة من أشهر القصائد التي هجا فيها الفرزدقُ جريراً، ولقد نظم الشاعر القصيدة على البحر الكامل، في نحو خمسة وعشرين بيتاً، وردّ عليه جرير بقصيدة أخرى على البحر والروي نفسهما، وبذلك تعد هذه القصيدة واحدة من النقائض التي دارت بين جرير والفرزدق.
هجا الفرزدق في هذه القصيدة جريراً، وفضّل الأخضل إياه، وأكثر من مدح بني تغلب، الذي يُنسب الأخطل إليهم، وبالتالي نلاحظ أن الشاعر قد جمع في قصيدته هذه بين المدح -لبني تغلب- وبين الهجاء -لجرير-، وضمنها هذين الموضوعين الواسعين، وجمّلها ببراعة النظم، وحُسن انتقائه للألفاظ البليغة.
ومن الجدير بالذكر أن أكثر ما يُميّز هذه القصيدة أنْ اشترك فيها ثلاثة شعراء في جو من المحاورة الشعرية، وفي ظل فن النقائض الشعري، وهؤلاء الشعراء هم: الفرزدق، إذ بدأ بهجائه جرير ، بقوله هذه القصيدة، التي مطلعها:
يا اِبنَ المَراغَةِ وَالهِجاءُ إِذا اِلتَقَت
- أَعناقُهُ وَتَماحَكَ الخَصمانِ
فردّ عليه جرير بنقيضته الشهيرة التي يقول في مطلعها:
لِمَنِ الدِيارُ بِبُرقَةِ الرَوحانِ
- إِذ لا نَبيعُ زَمانَنا بِزَمانِ
فقال الأخطل قصيدة يرد فيها على جرير أيضاً، ومطلعها:
بكر العواذل يبتدرن ملامتي
- والعاذلون فكلهم يلحاني
نص قصيدة "يا ابن المراغة والهجاء"
يقول الفرزدق في قصيدة "يا ابن المراغة والهجاء":
يا اِبنَ المَراغَةِ وَالهِجاءُ إِذا اِلتَقَت
- أَعناقُهُ وَتَماحَكَ الخَصمانِ
ما ضَرَّ تَغلِبَ وائِلٍ أَهَجَوتَها
- أَم بُلتَ حَيثُ تَناطَحَ البَحرانِ
يا اِبنَ المَراغَةِ إِنَّ تَغلِبَ وائِلٍ
- رَفَعوا عِناني فَوقَ كُلِّ عِنانِ
كانَ الهُذَيلُ يَقودُ كُلَّ طِمِرَّةٍ
- دَهماءَ مُقرَبَةٍ وَكُلَّ حِصانِ
يَصهِلنَ بِالنَظَرِ البَعيدِ كَأَنَّما
- إِرنانُها بِبَواثِنِ الأَشطانِ
يَقطَعنَ كُلَّ مَدىً بَعيدٍ غَولُهُ
- خَبَبَ السِباعِ يُقَدنَ بِالأَرسانِ
وَكَأَنَّ راياتِ الهُذَيلِ إِذا بَدَت
- فَوقَ الخَميسُ كَواسِرُ العِقبانِ
وَرَدوا أَرابَ بِجَحفَلٍ مِن وائِلٍ
- لَجِبِ العَشِيِّ ضُبارِكِ الأَركانِ
وَيَبيتُ فيهِ مِنَ المَخافَةِ عائِذاً
- أَلفٌ عَلَيهِ قَوانِسُ الأَبدانِ
تَرَكوا لِتَغلِبَ إِذ رَأَوا أَرماحَهُم
- بِأَرابَ كُلَّ لَئيمَةٍ مِدرانِ
تُدمي وَتَغلِبُ يَمنَعونَ بَناتِهِم
- أَقدامَهُنَّ حِجارَةُ الصَوّانِ
يَمشينَ في أَثَرِ الهُذَيلِ وَتارَةً
- يُردَفنَ خَلفَ أَواخِرِ الرُكبانِ
لَولا أَناتُهُمُ وَفَضلُ حُلومِهِم
- باعوا أَباكَ بِأَوكَسِ الأَثمانِ
وَالحَوفَزانِ أَميرُهُم مُتَضائِلٌ
- في جَمعِ تَغلِبَ ضارِبٌ بِجِرانِ
أَحبَبنَ تَغلِبَ إِذ هَبَطنَ بِلادَهُم
- لَمّا سَمِنَّ وَكُنَّ غَيرَ سِمانِ
يَمشينَ بِالفَضَلاتِ وَسطَ شُروبِهِم
- يَتبَعنَ كُلَّ عَقيرَةٍ وَدُخانِ
يَتَبايَعونَ إِذا اِنتَشَوا بِبَناتِكُم
- عِندَ الإِيابِ بِأَوكَسِ الأَثمانِ
وَاِسأَل بِتَغلِبَ كَيفَ كانَ قَديمُها
- وَقَديمُ قَومِكَ أَوَّلَ الأَزمانِ
قَومٌ هُمُ قَتَلوا اِبنَ هِندٍ عَنوَةً
- عَمراً وَهُم قَسَطوا عَلى النُعمانِ
قَتَلوا الصَنائِعَ وَالمُلوكَ وَأَوقَدوا
- نارَينِ قَد عَلَتا عَلى النيرانِ
لَولا فَوارِسُ تَغلِبَ اِبنَةِ وائِلٍ
- نَزَلَ العَدُوُّ عَلَيكَ كُلَّ مَكانِ
حَبَسوا اِبنَ قَيصَرَ وَاِبتَنوا بِرِماحِهِم
- يَومَ الكُلابِ كَأَكرَمَ البُنيانِ
وَلَقَد عَلِمتُ لِيَذرِفَن ذا بَطنِهِ
- يَربوعُكُم لِمُوَقِّصِ الأَقرانِ
إِنَّ الأَراقِمَ لَن يَنالَ قَديمَها
- كَلبٌ عَوى مُتَهَتِّمُ الأَسنانِ
قَومٌ إِذا وُزِنوا بِقَومٍ فُضِّلوا
- مِثلَي مُوازِنِهِم عَلى الميزانِ