موضوع حول ظاهرة الرشوة
ظاهرة الرشوة
من الظواهر السيئة التي تظهر في المجتمعات ظاهرة الرشوة، وهي تقوم على تقديم شيء مادي لتحقيق غرض دنيوي معين دون استيفاء شروط تحقيقه في الشخص الراشي، وللرشوة مسميات برّاقة يختبئ خلفها صاحبها أحياناً بهدف إقناع النّاس بحلها ومشروعيتها، وكذلك للإسلام موقف منها، وهناك صفات للإنسان الراشي، ولها أسباب تشجعه عليها، ويترتب عليها نتائج وخيمة في المجتمع، كما أنّ هناك سبل لعلاجها.
بعض أسماء الرشوة
للرشوة أسماء وعناوين فتسمّى بالهدية، والإكراميّة، أو بدل الأتعاب، وكذلك المجازاة على فعل معين، والمكافأة، ومهما تعددت مسمياتها فهي رشوة في مضامينها تعكس خبث صاحبها وطمعه في تحقيق ما لم يستطع تحقيقه بالطرق المشروعة الأخرى، وغالباً ما تظهر لدى المتقدمين للوظائف، أو اجتياز بعض الامتحانات الصعبة، كامتحانات السباقة وفحوصها، وكذلك الحصول على تأشيرات لدخول بلد معين.
صفات الإنسان المرتشي
- الكذب والنفاق، والمداهنة، وبحسب نوعها، فالمرتشي يكذب في رشوته، ويغير ويبدل مواقفه، وهذا من صفات المنافق، إذ إنّه يُظهر خلاف ما يُبطن، وقد يكون نفاق عمل وليس نفاق عقيدة؛ لأنّه يُظهر الفعل الحسن والصفات الحسنة، ويحفي عكس ذلك.
- الذل والهوان، وهدر الكرامة، حيث إنّ المرتشي يصغر ويذلّ للإنسان الراشي، ويتنازل عن قيمه ومبادئه ولو مؤقتاً، ويصبح الضابط لديه تحقيق المصلحة على حساب القيم والمبادئ.
موقف الإسلام من الرشوة
إنّ الشريعة الإسلاميّة الغراء حرّمت الرشوة سواءً في نصوص القرآن الكريم، أم في السنّة النبوية، فمن ذلك:
- قوله تعالى: (وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالكُمْ بَيْنكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إلَى الْحُكَّام لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَال النَّاس بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) [البقرة: 188].
- قوله -صلى الله عليه وسلم-: (لعَن اللهُ الرَّاشيَ والمُرتشيَ في الحُكمِ) [صحيح]، ووجه الدلالة هنا ألا تدفعوا بأموالكم إلى الحكّام بهدف أكل أموال غيركم بالباطل.
- (استعمل رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ رجلًا من الأزدِ على صدقاتِ بني سُلَيمٍ. يُدعى ابنُ الأُتبيَّةِ. فلما جاء حاسبَه. قال: هذا مالُكم. وهذا هديةٌ. فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: فهلاَّ جلستَ في بت أبيك وأمِّك حتى تأتيَك هديَّتُك، إن كنتُ صادقًا؟) [صحيح]، والنص واضح في دلالته بتحريم الرشوة، بدلالة تعنيف الرسول ـصلى الله عليه وسلّمـ على فعله، فاقترنت الهدية بالوظيفة، وكلّ ما يشبه هذه الواقعة في السياق يعدّ رشوة واضحة.
أسباب الرشوة
- ضعف الإيمان لدى الإنسان الراشي.
- خلل المقاييس الوظيفيّة، بحيث يكون فيها ظلم وإجحاف، بحيث يجعلها تقتصر على فئة من الناس، وعدم اعتماد الكفاءة الوظيفيّة فيها، مع شيوع الواسطة والمحسوبيّة، ممّا يجعل الإنسان يضطر أحياناً لسلوك هذا الاتجاه.
- الضعف والفساد الإداري، مما يجعل من مظاهره قبول من هم في موقع المسؤولية للرشوة مقابل التوظيف.
- ضعف الوعي الاجتماعي بشكل عام، وغلبة القبلية، والقرابة، والحزبيّة.
آثار الرشوة
- إيكال الأمر لمن لا يستحقه، مما يأتي بنتائج سلبية في الحياة العامة فنجد تخبطاً في العمل، وتخبطاً في القرارات المهمّة.
- ضعف المجتمع وانتشار الفساد فيه.
- الإخفاق والفشل في معظم ميادين الحياة.
- ظهور مخاطر معيّنة تترتب عليها، ولا سيّما فيما يتعلق بالرشوة في رخص القيادة وشهادات الطب.
لعلاج الرشوة لا بدّ من بث الوعي بخطرها وضررها، وتشجيع الناس على البدائل المشروعة، ولا بد من غرس عقيدة الإيمان بالله عز وجل وما يترتب على ذلك من سلوك قويم وثمار، ولا بد كذلك من المتابعة لها من قبل ذوي الشأن والمسؤولين في الدولة بتشجيع مبدأ الشفافية، والمراقبة، والمحاسبة.