موضوع تعبير عن التلوث للصف الرابع الابتدائي
البيئة حاضنة الإنسان
يكبر الإنسان وفي نفسه حبٌّ للطبيعة الخضراء التي احتوته مذ كان طفلًا صغيرًا يمد طرفه ليلمس خيوط الشمس بأنامله، وهو لا يعلم أنّ خيوط الشمس تلك لا تُلمس بأطراف الأصابع لأنّها خيوط من النور، وتبقى شجرة البلوط الأم الثانية لذلك الابن البار الذي يرى في نفسه ابنًا لها حين كان يتعلق بأغصانها فاردًا كلتا يديه وكأنه يقول للعالم: هيّا أنظروني فأنا الرجل العظيم الذي أمتلك كل شيء، ويبقى معلقًا ما بين السماء والأرض وهو يتأمل البساط الأخضر تحت قدميه والقماش الأزرق المرصّع ببضع من الغيوم فوق رأسه.
هل تخيلت شكل البيئة في ظل أزمة التلوث؟
لكن يد الإنسان لما تتطاول على كل شيء فإنها تجعل من اللون الأخضر الذي ينعش القلب والنفس لونًا أسود لا تميل الروح له بل وتشمئز منه، كثيرة هي أنواع التلوث التي امتدت على الطبيعة فمنها: التلوث المائي والتلوث البيئي والتلوث الجوي والتلوث البصري والسمعي وكل ذاك قد أبدع الإنسان فيه وطوره حتى بات العالم في هذه اللحظات مختلفًا عما كان عليه سابقًا، من كافة النواحي سواء ما كان منها ماديًا أم حتى معنويًا، العالم في هذه اللحظات لا يرى منه سوى القبح إلا في بعض الأماكن التي ما زالت تحافظ على حسنها وجمالها.
لم تبق مجلة أو جريدة إلا وقد تحدث عن التلوث المائي الذي بات يغزو الأنهار والبحار من خلال تسليط المياه الملوثة على المياه الصافية التي تسقى بها الخضراوات، وبالتالي تنتقل الجراثيم كافة إلى معدة الإنسان، عدا عن انتشار البكتيريا في المياه وتحويلها من مياه صالحة للشرب إلى مياه غير صالحة حتى لتنظيف الأحذية، إنّ العالم يُعاني من تهديد حقيقي بسبب تلك الملوثات التي لا يراعى فيها عرف ولا دين ولا أخلاق، عدا عن كون التلوث سببًا في انتشار الأمراض التي لم تكن معروفة قبل ذلك سواء الداخلية أم الجلدية.
أما التلوث الهوائي فيُمكنك أن تتخيل شكل الأرض فيه وقد عجت بأنواع السموم السوداء التي باتت تخنق الأرض ولا تترك لها متسعًا للتنفس، وقد يخيل للإنسان أن كل ذلك في سبيل مصالحه، فالمصانع تُوفّر له العمل، والسيارات توفر له السرعة في التنقل، والطائرات قربت ما بين أطراف العالم، ومع أن ذلك يعد صحيحًا ولكن ليس بالمجمل؛ إذ يمكن تدوير تلك الآلات وتشغيل السيارات والطائرات ولكن بمعدات أبسط وباستخدام طاقات صديقة للإنسان مثل الشمس التي تعد من أفضل الطاقات المتجددة الصديقة للبيئة التي لا تبث سمومها بين الأشجار والنباتات.
لا يغفل شخص عن التلوث السمعي الذي بات يقتل صوت العصفور ويقضي على صوت الناي، فصوت المحركات يعلو على كل شيء، والصخب يؤدي بأبناء المدينة إلى الهروب منها والالتجاء إلى الريف الكريم الذي ما يزال أصحابه ينعمون بالهدوء من الصخب، قد يظن قائل أنّ تطور الحياة يقضي بالصخب ولا بد من الضجيج حتى تعمر الأرض ولو كان ذلك صحيحًا إذًا كيف تعمر الحياة بالريف، أو كيف عمرت قبل ذلك؟ إن التطور لا يقضي بذلك؛ إذ يمكن للإنسان أن يستعين بآلات يكون صوتها ناعمًا غير قاتل لجمال الطبيعة وهدوئها الخلاب.
إنّ تلوّث البيئة قد انعكسَ سلبًا على الإنسان نفسه، فصار أقسى من ذي قبل، وكأنه يحاول أن يُثبِت قُدرته على مجاراة قسوة الحياة كلها أو على الأقل قسوة المجتمع الذي يعيش فيه.
الأرض لم تعد كما كانت
فصار لا يفقه من اللغات سوى لغة المحرك الذي يدر عليه الأموال كلما مضت نصف ثانية وأعاد المحرك دورته من جديد، الأرض الآن باتت مختلفة عما كانت عليه في سالف عهدها، ومشكلات الحياة لم تعد تحل ببضع من أكياس القمح التي يهديها شخص لآخر، فالحياة صارت أعقد من ذلك بكثير.
الشمس لم تعد تشرق في كل يوم بجمالها الأخاذ نفسه، فقد تكفل هواء المصانع الأسود المسمم المقيت بحجبها كليًا أو على الأقل بحجب جزء كبير منها فصارت تصل إلى الأرض ضعيفة جدًّا، والغيوم لم تعد صافية كسابق عهدها لأن لون البياض خاصتها قد تعكّر بسواد الهواء الملوث الذي تطلقه السيارات مع كل صباح يعزم فيه الإنسان أن يذهب إلى عمله بالمواصلات التي لا ترحم شجرًا ولا طيرًا، والعصافير بدأت بذرف الدموع بسبب الدخان الذي احتل عيونها ووجها وأتلف حنجرتها حتى لم تعد تقدر على الزقزقة مثل سابق عهدها.
طال التلوث أوجه الحياة كافة، فلا ثمر يُزهِر كسابق عهده ولا شجر ينبت كما كان، لقد خيّم التلوّث فوق الأرض كوحش كاسر لا يرى سوى زهور الأرض يريد أن يفترسها عن بكرة أبيها، وكلّما تغذّى على تلك الزهور كلّما ازدادت قوته وصار قادرًا على التأثير أكثر والدمار بشكل أكبر، الأرض تلك الأم الحنون باتت محتاجة إلى يد تربت عليها وتحتضنها كما احتضنت الجميع من قبل.
الاهتمام بالبيئة مسؤولية الجميع
إنّ البيئة بشكلها الكامل هي القلب النابض لهذه الأرض، لا بدّ أن يكون الاهتمام بها من قبل الجميع صغارًا كانوا أو كبارًا، وكل إنسان يستطيع من موقعه أن يكون مؤثرًا بحيث يتمكن من خدمة الأرض والمشاركة في تنفسها، ويكون ذلك من خلال زرع الأشجار، فلو فعل كل رجل ذاك أمام بيته لانتشرت المساحات الخضراء في المدن بشكل أكبر مما يُسهم في تجديد الأكسجين، والابتعاد عن رمي الأوساخ في الطريق واهتمام الإنسان بنظافة الشارع كما لو كان بيته الثاني، لا بد على فئات المجتمع أن تتضافر جهودها مع بعضها من أجل رسم مستقبل زاهر للأبناء، فيكونون معًا كالجسد الواحد الذي يُسهم في بناء هذه الأرض.