مواصفات الزوجة الصالحة
الزواج
عندما خلق الله الخلق، جعل وقدّر لكلّ نفسٍ زوجها، حيث قال الله تعالى: (وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُم مِن أَنفُسِكُم أَزواجًا)، ثمّ شرع الارتباط بينهما، ضمن عقدٍ وميثاقٍ وصفه بالغليظ، ألا وهو عقد الزواج ، حيث قال: (وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا)، ممّا يدلّ على قوّة وأهمية العقد، وأهمية الوفاء به، وأنّه يتطلّب صبراً على الهفوات، وتسامحاً عند وقوع الزلّات، ورضىً بما قسم الله لكلٍّ من الطرفين، وجعل الله -تعالى- أساس هذا العقد، وأساس اختيار طرفيه قائماً على منهج الله، فالدين هو الأصل، وهو المقياس الذي يتم من خلاله اختيار وقبول كلّ طرفٍ من الزوجين للآخر، فإن صَلُحا صَلُح بصلاحهما البيت المسلم ، وإن فسدا فسد بفسادهما.
مواصفات الزوجة الصالحة
قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: (الدُّنيا متاعٌ، وخيرُ متاعِ الدُّنيا المرأةُ الصَّالحةُ)، فإنّ الزوجة هي العنصر المهم والفاعل في كيان الزوجية، ولا بدّ من تحقّق صفات تضمن صلاحها، فبتحقّقه يصلح بيتها، ويعمّ فيه الخير والبركة، ومن هذه الصفات:
- زوجةٌ مطيعةٌ، فالزوج هو رُبّان سفينة الحياة الزوجية، ولا بدّ لسير السفينة بأمان أن يُبذل السمع والطاعة لهذا الرُبّان، قال الله تعالى: (فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ)
- زوجةٌ مؤمنةٌ مستقيمةٌ، تعرف حدود الله، وتحكُمها شريعته، وتُعين زوجها على التزام أوامر الله، واجتناب نواهيه.
- زوجةٌ ترعى بيت زوجها، وتقوم بحقّه وحقوق بيته، حيث قال الرسول صلّى الله عليه وسلّم: (والمرأةُ راعيةٌ على بيتِ بعلها وولدِهِ، وهي مسؤولةٌ عنهم).
- زوجةٌ مثقفةٌ واعيةٌ، مطّلعةٌ على ما يحدث من أحداثٍ ومستجداتٍ.
- زوجةٌ تتودّد لزوجها، وتحبّه، وتشاركه في اتخاذ القرارات، وتساهم في تحمّل المسؤولية معه.
- زوجةٌ تتمتع بخلقٍ طيبٍ، وروحٍ مرحةٍ، وتتعامل مع زوجها وأولادها بصبرٍ وحِلمٍ وأناةٍ.
- زوجةٌ تهتم بنظافتها، ونظافة بيتها وأولادها، لتسُرّ زوجها إذا نظر إليهم.
- زوجةٌ تُوازن بين جميع شوؤن حياتها الزوجية، وتقوم بواجباتها على أكمل وجهٍ، دون تقصيرٍ أو تفريطٍ.
الحكمة من مشروعية الزواج
جعل الله -تعالى- الزواج من سنن المرسلين، حيث قال: (وَلَقَد أَرسَلنا رُسُلًا مِن قَبلِكَ وَجَعَلنا لَهُم أَزواجًا وَذُرِّيَّةً)، وجعله كذلك من سُنن النبي صلّى الله عليه وسلّم، فقال الرسول: (وتزوَّجوا، فإنِّي مُكاثرٌ بِكُمُ الأممَ)، ولا يخفى على أي مسلمٍ أنّ لكلّ حُكمٍ شرعي شرعه الله حِكماً وأسباباً، سواءً ظهرت أم خفيت، ولم تُشرع هذه الأحكام عبثاً، ولم يكن فيها خطئاً أو عيباً، وذلك لأنّها جاءت من لدن حكيمٍ خبيرٍ، والزواج واحدٌ من الأحكام التي شرعها الله، وجعل لها حِكماً عديدةً، منها:
- حماية وتحصين كلاً من الزوجين، وإعفافهما عن الحرام، حيث قال الرسول صلّى الله عليه وسلّم: (مَن استطاع منكم الباءةَ فلْيتزوَّجْ فإنَّه أغضُّ للبصرِ وأحصَنُ للفَرْجِ)، فإنّ الميل إلى الجنس الآخر أمرٌ فطريٌ فطر الله -تعالى- البشر عليه، ولو لم يُشرع لهم الزواج لصُرفت هذه الفطرة إلى المكان الخاطئ الذي يعقُبه عنتٌ وضياعٌ.
- تشارك كلٌّ من الزوجين مع الآخر، وتمتعهما ببعضهما، فالرجل قوّامٌ على المرأة، ساندٌ وكافلٌ لها، قال الرسول صلّى الله عليه وسلّم: (ولهنَّ عليكم رزقُهنَّ وكسوتُهنَّ بالمعروفِ)، والمرأة كذلك راعيةٌ لزوجها، وحافظةٌ لبيته، حيث قال الرسول عليه الصلاة والسلام: (والمرأةُ راعيةٌ على بيتِ بعلها وولدِهِ، وهي مسؤولةٌ عنهم).
- تحقق السكينة والاستقرار النفسي بين الزوجين، قال الله تعالى: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا).
- استمرار النوع الإنساني، والحفاظ على النسل والأجناس، حيث قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً).
- تعارف وتقارب الأُسر والقبائل ، وزيادة الصلة فيما بينهم، قال الله تعالى: (وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا).
- إنجاب الأولاد ، الذين هم سببٌ من أسباب السعادة في الدنيا، وزينةٌ من زينتها، قال الله تعالى: (المالُ وَالبَنونَ زينَةُ الحَياةِ الدُّنيا)، والذين يُعتبرون عوناً لوالدِيهم في حياتهم، وبعد مماتهم، وذلك بالعمل الصالح والدعاء .
تنكح المرأة لأربع
ربما يتعرّض المرء في حياته لمواقف تجعله مضطراً للمفاضلة بين أمرين، واختيار أحسنهما، حتى على مستوى قطعة من القماش، وبالتالي ففي أمر اختيار الزوجة يكون أحوج إلى انتقاء الأفضل والأصلح؛ لأنّ الزوجة ستشاركه حياته بكامل تفاصيلها، فلم يجعل الإسلام أمر اختيار الزوجة مطلقاً دون قيود، وإنّما وضع شروطاً لهذا الأمر، تضمن نجاحه واستمراريته، ثم إنّ الله -تعالى- بيّن في كتابه الكريم أنّ الدعاء بالظفر بزوجة وذرية صالحين هو من دعاء عباده المتقين، حيث قال: (وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ)، وقد أجمل النبي -صلّى الله عليه وسلّم- شروط اختيار الزوجة في الحديث الذي قال فيه: (تُنكحُ المرأةُ لأربعٍ: لمالِها و لحسَبها و لجمالِها و لدينِها، فاظْفَرْ بذاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يداك)، فهي أربعة أمورٍ، يسعى إليها الخاطب في مخطوبته، ويرغب أن تكون فيها:
- المال؛ ووجود هذا الأمر لوحده عند المرأة لا يمكنه من تحقيق السعادة والمودة بين الزوجين، خاصّةً إذا كان موجوداً دون تقوى وصلاح فيها، ولكن إن وُجد مقروناً بالصلاح، وطلبها الرجل دون طمعٍ منه في ذلك المال، فلا بأس.
- الحسب والنسب؛ وهو أمرٌ مطلوبٌ إن كان النظر إليه لانتقاء الحسب والنسب المعروف بالسمعة الطيّبة، وحُسن الأخلاق، أمّا إن كان النظر إليه والبحث عنه للتفاخر والتباهي، فإنّه يصبح بذلك أمراً غير مرغوبٍ ولا محبّب فيه.
- الجمال؛ فإنّ الحصول على زوجةٍ جميلةٍ أمرٌ مطلوبٌ ومحببٌ لقلب الرجل، ولكنّه مثل غيره، إن انفصل عن الصلاح والحياء عند المرأة، فإنّه يتحوّل من نعمةٍ إلى نقمةٍ، أمّا إذا اجتمعا فيها، فنِعم الجمال ونِعم المرأة حينها.
- الدين؛ وهو الأمر الذي ينبغي على الرجل أن ينظر إليه ابتداءً، فإنّ تحققت جميع النقاط السابقة دون تحقّق هذا الشرط في المرأة فلا فائدة من ذلك، وليس معنى ذلك أن يتغافل الرجل عن النقاط السابقة، وإنّما المعنى أنّه ينبغي عليه أن يبحث بالدرجة الأولى عن صلاح المرأة، ودينها، وخُلقها ، ثمّ بعد ذلك ينظر إلى مالها وحسبها وجمالها.