من هو مخترع جدول الضرب
مخترع جدول الضرب
يُنسَب اكتشاف جدول الضرب إلى العالم والفيلسوف اليوناني فيثاغورس خلال الفترة التاريخية الممتدة من عام 495 إلى 570 ق.م، وذلك بعد ظهوره في مقدمة أحد كتبه التي تتحدث عن علم الرياضيات، وقد أُدرِج من قِبل أحد تلامذته العالم اليوناني الروماني (نيكاتوموس) في كتاب مقدمة الحساب، وسُمِّي جدول الضرب في عدة لغات باسم آخر؛ وهو جدول فيثاغورس نسبةً له، وهذه اللغات هي؛ الفرنسية، والروسية، والإنجليزية، والإيطالية، ويحتفظ المتحف البريطاني الآن بأقدم جدول ضرب يوناني يعود إلى القرن الأول الميلادي على لوح من الشمع.
برز العالم فيثاغورس بجمع وابتكار الأعداد في القرن السادس ق.م، واشتُهر بتقديمه أنظمة تعتمد على إقامة علاقات رياضية بين الأعداد من خلال تحديد كل رقم بخصائص محددة، فقد ميّز الرقم 1 على أنه أصل كل الأشياء، فمنه يمكن تكوين باقي الأرقام عن طريق جمع عدد مكرر من الرقم 1؛ فعلى سبيل المثال الرقم 5 هو ناتج جمع الرقم واحد 5 مرات.
أما بالنسبة للنسخة الخاصة المؤرخة عام 1538 لجدول الضرب؛ والتي أُدرجَت في مقدمة في الحساب للعالم (نيكاتوموس) عام 100م، فقد ظهرت مكتوبة بخط اليد باستخدام الأرقام اليونانية القديمة التي تستند على الأبجدية اليونانية المكونة من 24 حرفًا، وكانت مرسومة على شكل مربع كبير ينقسم داخليًّا إلى مربعات متساوية من خلال رسم عدة صفوف وأعمدة متكررة، وكُتب في الصف العلوي والعمود الأيسر الأرقام مرتبة من الرقم 1 إلى الرقم 10، وكُتب في كل مربع ناتج حاصل ضرب الأرقام المتقابلة في كل من الصف العلوي والعمود الأيسر.
تاريخ استخدام جدول الضرب
وفيما يأتي تفصيل لتاريخ استخدام جدول الضرب من قبل العديد من الحضارات:
البابليون
ازدهرت الحضارة البابلية قبل 4000 سنة؛ أي تقريبًا عام 2000 ق.م، وكانت تستخدم الألواح الطينية و الكتابة المسمارية للتدوين، وتتميز الألواح الطينية المستخدمة في ذلك الوقت بشكلها المستطيل وأبعادها القصيرة؛ مما جعلها سهلة الاستخدام، وخاصة لفئة التجار والعمال في تلك الفترة من النمو التجاري للحضارة البابلية، مما سهلت عليهم العمليات الحسابية، وقد اكتُشفت هذه الألواح من خلال عمليات الاستخراج لأنقاض الحضارة البابلية، التي وصل عددها إلى مئات الآلاف، ومنها تقريبًا ألف لوح طيني يختص بعلم الرياضيات مكتوبًا بالأحرف المسمارية.
يُمثَّل جدول الضرب في الحضارة البابلية باستخدام قاعدة الأساس 60 للأرقام من 1 إلى 59 بدلاً من الأساس 10، ولا توجد فاصلة عشرية؛ إذ كُتبت جميع الأعداد الستينية البابلية كما لو كانت أعدادًا صحيحة، لكن القيمة المقصودة للرقم الستيني يمكن أن تكون مضروبة في أي قوة موجبة أو سالبة، وقد اعتُبر هذا النظام من الأنظمة المهمة التي ما زالت تُستخدم حتى الآن في قياس وتدوين الوقت، من حيث الدرجات والدقائق والثواني، بالإضافة إلى قياس الزوايا.
الصينيون القدامى
وجد الباحثون مجموعة كبيرة من شرائط الخيزران الذي تعود إلى حوالي 305 قبل الميلاد؛ أي قبل توحيد الصين خلال فترة المماليك المتحاربة، وجُمعت هذه الشرائط التي يصل عمرها إلى 23 قرنًا، ويتراوح عرضها من 7 إلى 12 ملم، وطولها الذي يصل إلى نصف متر، لتشكل نموذجًا لأقدم جدول ضرب ذي الأساس 10، والذي تميز بجمله القصيرة التي جعلته سهل الحفظ والتذكر.
ويتكون جدول الضرب الصيني القديم من 21 شريطًا من الخيزران؛ يشمل الأرقام مرتبة من اليمين إلى اليسار، ومن أعلى إلى الأسفل، لتظهر على شكل مصفوفة مكونة من 19 رقمًا، تبدأ الأعداد من 0.5 إلى 9، ومن 10 إلى 90 لحساب مضاعفات الرقم 10، ويمكن استخدام الجداول لتقسيم أي عملية ضرب إلى مجموعة من العمليات التي قد يصل عددها إلى 9 عمليات، وتُقرأ كل عملية من جدول مختلف، وثم تجمع القيم للحصول على ناتج المسألة، وقد استخدم المسؤولون الصينيون الجدول في ذلك الوقت لحساب الضرائب، ومساحة الأراضي، وكميات المحاصيل.
فيكتوريوس بودرو
طُوِّر جدول الضرب من قِبل العديد من العلماء، ومنهم العالم فيكتوريوس بودرو في عام 493 م؛ إذ طور على الجدول ليشمل ناتج ضرب جميع الأرقام من 2 إلى 50 مع أرقام أخرى تتراوح منازلها من الآحاد إلى الآلاف، ووصل عدد الأعمدة المستخدمة في جدول فيكتوريوس بودرو إلى 98 عمود، وجميع الأرقام المستخدمة كانت باللغة الرومانية .
جون لسلي
في عام 1820م، طور العالم جون لسلي جدول الضرب ليشمل ناتج الضرب حتى (99×99)، ونشر العالم جون لسلي هذا الجدول في كتابه فلسفة الحساب، وأوصى الطلاب بحفظ جدول الضرب حتى (25×25)، ليسهل عملية الحساب عليهم، ثم شعر العديد من المدرسين الجدد بالحاجة إلى تذكر التلاميذ الصغار الجدول حتى (9×9)، وهذا ما هو معتمد لغاية الآن في المدارس.
يعدّ جدول الضرب من أهم الأسس في عالم الرياضيات منذ القدم وحتى الآن، إذ يمكن من خلاله حل أي مسألة رياضية أو حسابية قد يواجهها الطلاب، والعلماء، والباحثون، أو التجار في حياتهم الأكاديمية والعملية، لذلك لجأ العلماء منذ عصر الحضارة البابلية وبعد اكتشافه من قبل العالم فيثاغورس للاهتمام في تطويره، وتوالت الإنجازات بعدها لتشمل الصينيين القدامى وغيرهم، لذلك قد نجد جداول ضرب مختلفة تبعًا للحضارة التي طورته، فيعتمد بعض هذه الجداول على النظام الستيني، بينما يعتمد الآخر على النظام العشري.