من هم أصحاب الحجر
أصحاب الحجر هم قوم ثمود
قال -تعالى-: (وَلَقَد كَذَّبَ أَصحابُ الحِجرِ المُرسَلينَ) ، والحجر هو وادٍ يقع بين المدينة المنورة والشام، أمّا أصحاب الحجر فهم قوم ثمود ، وقد أرسل الله لهم نبيّه صالح -عليه السّلام-.
قوم ثمود ومكانهم
سُمّي قوم ثمود في القرن الثامن بثمودي، وقد كان قوم ثمود يعيشون حياة البداوة، ثمّ انتقلوا إلى الحياة البريّة، وكان معروفاً عنهم عدم رغبتهم في الخضوع تحت حكم والٍ أو ملك، وذكرت الروايات أنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- حين مرّ على آثار مساكنهم نهى أصحابه عن دخولها.
وقد وقع منه -صلّى الله عليه وسلّم- هذا النهي لأحد أمرين؛ إمّا تأكيداً على كفرهم وضلالهم، أو لربما خاف على المسلمين من أن يكون قد نُصب لهم فخ في هذا المكان لكيلا يقعوا فيه، حيث كان المكان واقعاً بعد انتهاء الصحراء التي يعاني من يمشي فيها من شدّة الحرّ والعطش.
قصة قوم ثمود ونبيهم صالح
أرسل الله -عزّ وجلّ- نبيّه صالح -عليه السلام- إلى قوم ثمود الذين كانوا يعبدون الأصنام والأوثان، فدعاهم إلى عبادة الله وحده وتوحيده، وترك عبادة الأصنام، فمنهم من آمن به ومنهم من كفر وصدّ عنه.
قال -تعالى-: (وَإِلى ثَمودَ أَخاهُم صالِحًا قالَ يا قَومِ اعبُدُوا اللَّـهَ ما لَكُم مِن إِلـهٍ غَيرُهُ قَد جاءَتكُم بَيِّنَةٌ مِن رَبِّكُم هـذِهِ ناقَةُ اللَّـهِ لَكُم آيَةً فَذَروها تَأكُل في أَرضِ اللَّـهِ وَلا تَمَسّوها بِسوءٍ فَيَأخُذَكُم عَذابٌ أَليمٌ*وَاذكُروا إِذ جَعَلَكُم خُلَفاءَ مِن بَعدِ عادٍ وَبَوَّأَكُم فِي الأَرضِ تَتَّخِذونَ مِن سُهولِها قُصورًا وَتَنحِتونَ الجِبالَ بُيوتًا فَاذكُروا آلاءَ اللَّـهِ وَلا تَعثَوا فِي الأَرضِ مُفسِدينَ) .
موقف قوم ثمود من ناقة صالح
أخرج الله لقوم صالح من الصخرة ناقة، وجعلها معجزة لهم، وأمرهم أن يشربوا يوماً من ماء البئر، ويدعوا لها الشرب منه في اليوم التالي، ثمّ في اليوم الذي تشرب هي من الماء يشرب القوم اللّبن منها.
ولكنّهم عصوا الله وتآمروا على الناقة، فتحالفوا مع رجل منهم اسمه قدار بن سالف، واتّفقوا معه ليقوم بقتلها وفعلاً قام بقتلها، قال -تعالى-: (فَنَادَوْا صَاحِبَهُمْ فَتَعَاطَى فَعَقَرَ) .
عقاب قوم ثمود وهلاكهم
لمّا عصى القوم أمر ربّهم توعدهم صالح بحلول العذاب عليهم بعد ثلاثة أيام، فقال -تعالى-: (فَعَقَروها فَقالَ تَمَتَّعوا في دارِكُم ثَلاثَةَ أَيّامٍ ذلِكَ وَعدٌ غَيرُ مَكذوبٍ) .
وجعل لهم علامة على ذلك بأن يصير لون وجوههم في اليوم الأول أصفراً، وفي اليوم الثاني أحمراً، وفي اليوم الثالث أسوداً، ثمّ في اليوم الرابع سيحلّ بهم العذاب، فلمّا رأوا هذه العلامات على وجوههم، حنّطوا أجسادهم، ولبسوا ما اعتقدوا أنّه سيحميهم، ودخلوا في بواطن الأرض.
فأرسل الله عليهم صاعقة من السماء جعلتهم في أماكنهم فأسقتطهم على وجوههم حتى أهلكتهم، وجعلتهم ركاماً كأنما لم يكن لهم وجود، ونجّى الله صالحاً والذين آمنوا معه، قال -تعالى-: (فَلَمّا جاءَ أَمرُنا نَجَّينا صالِحًا وَالَّذينَ آمَنوا مَعَهُ بِرَحمَةٍ مِنّا وَمِن خِزيِ يَومِئِذٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ القَوِيُّ العَزيزُ*وَأَخَذَ الَّذينَ ظَلَمُوا الصَّيحَةُ فَأَصبَحوا في دِيارِهِم جاثِمينَ) .