من مؤلف كتاب تفسير القرآن الكريم
ابن كثير مؤلّف كتاب تفسير القرآن
مؤلّف كتاب تفسير القرآن هو الإمام الحافظ عماد الدين بن إسماعيل، بن عمر بن كثير بن ضوء بن كثير، القرشيّ، الدمشقيّ، الشافعيّ، وكان يكنّى بأبي الفداء، وقد كان محدّثاً، ومؤرّخاً، وُلد سنة سبعمئة في قرية مجدل، وهي إحدى مناطق بصرى التي ولد فيها والده، أمّا أُمّه فهي من قرية مجدل، وقد كانت الفترة التي قضاها ابن كثير في دمشق تشهد حركة علمية فريدة؛ فبدأ بحفظ القرآن الكريم، ثم اتّجه نحو التفسير، والقراءات، والتاريخ، وقد بدأ يتعلّم على يد أخيه عبد الوهّاب، ثم تلقّى العلم على يد أفضل العلماء ومنهم: الفزاري، وابن قاضي شهبة، والمزي، والذهبي، وابن تيمية ، والفاكهاني، وغيرهم، أمّا الذين تتلمذو على يده فقد كان علمهم وتميّزهم، يشهد لمكانة شيخهم وعلمه، ومن أبرزهم: الحافظ زين الدين العراقي، وولده أبو زرعة، وابن الجزري، وقد وصّى ابن كثير أن يدفن في مقبرة شيخه ابن تيمية، في دمشق، وهي مقبرة الصوفية؛ فدفن فيها بعدما شُيِّع جثمانه في جنازة ضخمة حافلة، وكان ذلك في يوم الخميس سنة سبعمئة وأربع وسبعين، في السادس والعشرين من شهر شعبان.
كتاب تفسير القرآن العظيم
ابتدأ ابن كثير تفسيره بمقدّمة طويلة؛ اقتبس أغلبها من مقدّمة كتاب أصول التفسير لشيخه ابن تيمية، وهي تبيّن الأمور التي تتصل بالقرآن الكريم وتفسيره، وقد اعتمد في أسلوب تفسيره على التفسير بالأحاديث، والتفسير بالآثار، مع التعرض لتحقيق هذه الآثار، ونسبتها لأصحابها، بالإضافة إلى جرح وتعديل أصحابها إن احتاج الأمر لذلك، وهو ثاني أفضل الكتب في التفسير بالمأثور، بعد كتاب ابن جرير، وقد طُبع في أربعة أجزاء كبار، ثم طُبعَ في ثمانية أجزاء بطبعة محقّقة.
أما منهج ابن كثير -رحمه الله- في تفسيره؛ فإنّه يذكر الآية الكريمة ثمّ يسوق معناها بأسلوبٍ سهلٍ موجزٍ، وإن وُجدت آية أخرى توضّحها فيذكرها ويقارن بينهما، وقد اعتنى بهذا النوع من التفسير اهتماماً بالغاً، ويُسمّى بتفسير القرآن بالقرآن، وبعد ذلك يسوق الأحاديث المرفوعة المتعلّقة بالآية، مع ذكر ما يحتجّ به وما لا يحتجّ به، ثم يذكر أقوال الصحابة -رضي الله عنهم- وعلماء السّلَف، وممّا يميّز ابن كثير -رحمه الله- في تفسيره؛ علمه بفنّ الحديث وأحوال الرواة، فمرّةً يصحّح رواية معيّنة، ومرّةً يضعّف غيرها، كما يرجّح بعض الأقوال على بعض، ويُلاحظ أن ابن كثير نقل عن عدّة مفسّرين قبله؛ كابن جرير الطبريّ، وابن عطيّة، وابن أبي حاتم.
مؤلّفات الإمام ابن كثير
تزيد مؤلّفات ابن كثير عن أربعين مؤلفاً وهي مؤلّفات متنوّعة، ولكن يغلب عليها الحديث، ومن هذه المؤلفات ما بقي دون تبيينه والبحث فيه، ومنها ما أشار ابن كثير إلى اسمه فقط في مؤلّفاته ولم يُعثر عليها، ومنها ما حاز انتشاراً واسعاً؛ ككتاب تفسير القرآن العظيم، وفضائل القرآن، والبداية والنهاية، واختصار علوم الحديث، والفصول في اختصار سيرة الرسول -صلى الله عليه وسلم-، وسيرة عمر بن عبد العزيز، والفتن والملاحم، وغيرها.
ثناء العلماء على ابن كثير
أثنى العالم العيني -رحمه الله- على ابن كثير فقال: إنّه كان مشهوراً بالضبط والتحرير، وكان قدوة للحُفَّاظ والعلماء، وكان له علم بالمعاني والألفاظ، كما وكان له اطّلاع عظيم في التفسير، والتاريخ، والحديث ، ولم يترك مجالاً من مجالات العلوم؛ فقد حَّدَث، وألفَّ، وجمع، وسمع، وصنَّف مصنفات عديدة ومفيدة، وقال عنه ابن حبيب: إنه أمتع الآذان بكلامه، وأطرب الآذان بفتاويه؛ التي انتشرت في البلاد، كما وقال: إنّه رئيس العلماء في التاريخ، والحديث، والتفسير، وقد لقبّه بزعيم أسياد التأويل وإمام رواة التسبيح والتهليل، وقد استفاد الناس من مؤّلفاته في حياته وبعد مماته، بالإضافة إلى أنّه كان حسن المجالسة، وكان فطناً كثير الاستحضار.
فضل أهل التفسير
علم التفسير هو علم يبحث فيه الإنسان بطاقته البشريّة عن مراد الله -تعالى- من آيات القرآن الكريم، ودلالاتها، وذلك لحاجة النّاس الماسّة إلى هذا العلم، كما أنّ الله -تعالى- يكرّم أهل علم التفسير ، ويفضّلهم على العباد، وذلك ممّا يدفع الناس إلى طلب هذا العلم؛ فيجتهدون في تَعلُمِّه بجدّ وقوّة؛ لأنّ فضله يعود عليهم وعلى أمّتهم بالخير، ومما يدلّ على ذلك قول الله -تعالى- عنهم: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُم بُرْهَانٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُّبِينًا * فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّـهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِّنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطًا مُّسْتَقِيمًا).