من الذي سرق الحجر الأسود
من الذي سرق الحجر الأسود؟
سرق القرامطة الحجر الأسود في عام ثلاثمئة وسبعة عشر، وقد كانت بداية ذلك عندما دخل أبو طاهر الجنّابي القرمطي إلى مكة المكرمة في وقت الحج؛ وكان يوم دخوله هو يوم التروية ، فقتل الحجاج، وألقى القتلى في بئر زمزم، وخلع ثوب الكعبة وقلع بابها، وسرق منها الحجر الأسود.
كيفية إعادة الحجر الأسود
بعدما استمرّ الحجر الأسود عند القرامطة مدة اثنين وعشرين سنة إلاَّ شهرًا واحدًا، كانت إعادته على يد شنبر في شهر ذي القعدة عام 339، وكانوا قد عُرض عليهم لردّه خمسين ألف دينار، فلم يقبلوا بذلك وقال وا: "أخذناه بأمر ولا نردّه إلاّ بأمر".
وبعدما هلك أبو طاهر القرمطي؛ رأى القرامطة أن أفكار أبو طاهر ليس من السهل تنفيذها، فقرروا إعادة الحجر الأسود، وأرسلوا شخصًا يقوم بذلك واسمه ثبير، وقيل إنّ اسمه سنبر بن الحسين، فعاد إلى مكة المكرمة ووضع الحجر الأسود في مكانه، وكان ذلك في يوم النحر ، وفرح أهل مكة لذلك كثيرًا، وجعلوا الحجر الأسود في داخل الكعبة خشية تكرار تعرضه للسرقة.
مكانة الحجر الأسود عند المسلمين
جعل الله -تعالى- البيت الحرام مكانًا للطائفين والعاكفين والرُّكع السّجود، حيث قال الله -تعالى-: {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ* فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَّقَامُ إِبْرَاهِيمَ ۖ وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا ۗ وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا ۚ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ}.
وقال الله -تعالى-: {وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَن لَّا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ}، فالحجر الأسود بالنسبة للمسلمين اتخذ مكانةً عظيمةً لديهم كونه مُرتبط بشعائر هذا الدين.
ومع هذه المكانة للحجر الأسود في نفوس المسلمين، إلَّا أنّهم يعلمون يقينًا بأنّه حجر لا يضر ولا ينفع، ولا يقوم أحد منهم عبادته لذاته، وإنما يتعبّد المسلمون به من خلال الاقتداء برسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم-، كقيام المسلمين بلمس الحجر الأسود وتقبيله.
وهذا كلّه من قبيل الاقتداء برسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم-، وليس من تعظيم الحجر نفسه فما هو إلا حجر كغيره من الحجارة التي خلقها الله -تعالى- في هذا الكون، وقد أكّد الفاروق عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- هذه الحقيقة عندما قال للحجر الأسود بعد أن قبَّله: "إني أعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع، ولولا أني رأيت رسول الله يقبلك ما قبلتك".
والحجر الأسود في نظر المسلمين هو في مكان يشير إلى أحد أركان الكعبة التي تُعدّ قبلة يتّجه إليها المسلمون في صلاتهم، ويبتدئ المسلمون أشواط الطواف من عنده، وأمّا تقبيل الحجر الأسود ولمسه فهو رمز للإخلاص في العبادة، وهو فعل ثبت عن رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم-، ولا يفعله أحد من المسلمين إلا اقتداءً به.