من الذي ربى الرسول
من الذي ربّى الرسول عليه الصلاة والسلام؟
- ولِد النبي يتيماً فتربى عند أمه آمنة بنت وهب، وتولت رضاعته عدداَ من المرضعات، وبعد بلوغه سن السادسة.
- توفيت أمه بعدما بلغ سن السادسة فعكف جده عبد المطلب على تربيته حتى توفي وعمر الرسول ثماني سنوات.
- رباه عمه أبو طالب إلى جانب أولاده إلى أن كبر واشتد عوده.
وفيما يأتي تفصيل لكل من ساهم في تربية النبي وتنشئته في صغره:
مرضعات الرسول عليه الصلاة والسلام
كانت ثويبه مولاةُ أبي لهب المُرضعة الأولى للنبي -عليه الصلاة والسلام-، وأرضعت معه عمه حمزة وأبا سلمة، لقول النبي -عليه الصلاة والسلام-: (أرْضَعَتْنِي وأَبَا سَلَمَةَ ثُوَيْبَةُ)، ثُمّ أخذته حليمة السعديّة لترضعه، حيث جاءت مع بني قومها؛ لأخذِ بعض الأطفال الرُضّع من أجل المال، وكان أهل مكّة يذهبون بأطفالهم للمُرضعات في البادية؛ لتعلّم الفصاحة، ونقاء الهواء فيها، فأخذت حليمة النبي -عليه الصلاة والسلام-، ومكث عندها خمس سنين، وكان ذلك سبباً لظهور البركة والرزق عندها.
فقد عُرِض النبي -عليه الصلاة والسلام- على جميع المرضعات؛ فأبوا أن يأخذوه لأنه يتيم، فلمّا قدِمت حليمة متأخّرة؛ وذلك لبُطْء إبلها من شدّة الجوع والتعب، لمْ تجِد إلا محمّداً، وكانت جميع النساء قد أخذن نصيبهنّ من الأطفال للرضاعة، فأخذته حليمة حتى لا ترجع إلى البادية خالية الوِفاض، وعندما أرضعته درّ الحليب ببركة، فشرب هو وأخوه ضمرة من الرّضاع، فارْتَوَيا وناما.
وقام زوج حليمة فوجد الناقة ممتلئاً ضرعها باللبن، فحلبها وشربوا منها حتى ارتووا، فقال لها زوجها: "والله إني لأراكِ قد أخذتِ نسمةً مباركةً، ألم ترَي إلى ما بِتْنا فيه من الخير والبركة"؟ ولمّا ذهبت حليمة إلى منازل قومها، وقد كانت أرضهم جدباء لا تُنبت، كانت غنم حليمة تأكل وتحلب، ويشربون منها ويرتوون، وأمّا غنم القوم فلا تأكل ولا تحلب، فكانوا يطلبون من رُعاتهم الرعي بجانب رُعاة حليمة، فترجع أغنامهم ممتلئة.
ولما بلغ النبي -عليه الصلاة والسلام- السّنتيْن كان مُمتلئاً، وبقي عند حليمة حتى سن الخامسة عندما أتاه مَلَك، فشقّ قلبه واستخرج منه حظّ الشيطان، ولَأَمَ له صدره وختمه بخاتم النبوّة، فخافت حليمة عليه، وأعادته إلى أُمه، فقد ثبت عن أنس بن مالك -رضي الله عنه-: (أنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ أتاهُ جِبْرِيلُ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ وهو يَلْعَبُ مع الغِلْمانِ، فأخَذَهُ فَصَرَعَهُ، فَشَقَّ عن قَلْبِهِ، فاسْتَخْرَجَ القَلْبَ، فاسْتَخْرَجَ منه عَلَقَةً، فقالَ: هذا حَظُّ الشَّيْطانِ مِنْكَ، ثُمَّ غَسَلَهُ في طَسْتٍ مِن ذَهَبٍ بماءِ زَمْزَمَ، ثُمَّ لأَمَهُ، ثُمَّ أعادَهُ في مَكانِهِ... قالَ أنَسٌ: وقدْ كُنْتُ أرَى أثَرَ ذلكَ المِخْيَطِ في صَدْرِهِ).
حاضنات الرسول عليه الصلاة والسلام
بعد وفاة والد النبي -عليه الصلاة والسلام- وهو جنينٌ في بطن أُمه، كفِلته أُمّه، وعند بُلوغه ستّ سنين ذَهبت به لزيارة أخواله بني عديّ من بني النجّار في المدينة، وكانت أمّ أيمن معهم تحضُنه، وعند رُجوعهم من الزيارة تُوفّيت أُمّه في منطقة الأبواء، فرجعت به حاضنته أُم أيمن، وانتقل إلى كفالة جدّه عبد المُطلب وعند وفاته أوصى عمّ النبيّ أبا طالب بحفظه ورعايته.
وجاء عن ابن شهاب أنّ أُم أيمن كانت من أهل الحبشة، تخدم عبد الله بن عبد المُطلب، فلما ولدت آمنة النبي -عليه الصلاة والسلام- كانت أمّ أيمن تحضُنه بعد وفاة أبيه وترعاه، حتى كبر فأعتقها، وزوّجها لزيد بن حارثة -رضي الله عنه-، وتُوفّيت بعد النبي -عليه الصلاة والسلام- بخمسةِ أشهر، وقد كانت تحنو على النبيّ، وتعطف عليه، وتهتمّ به كثراً، وتحميه، وهذا من فضل الله تعالى على نبيّه، وتخفيفاً عنه لفقده لأبويه.
وغلب على حاضنته كُنيتُها بأم أيمن، وهي أُم الصحابي أُسامة بن زيد -رضي الله عنهم-، فقد تزوّجت بزيدٍ بعد وفاة زوجها الأول، وكان النبي -عليه الصلاة والسلام- يزورُها، ويهتم بأمرها، لحديث النبي -عليه الصلاة والسلام-: (انْطَلَقَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ إلى أُمِّ أَيْمَنَ، فَانْطَلَقْتُ معهُ، فَنَاوَلَتْهُ إنَاءً فيه شَرَابٌ، قالَ: فلا أَدْرِي أَصَادَفَتْهُ صَائِمًا أَوْ لَمْ يُرِدْهُ، فَجَعَلَتْ تَصْخَبُ عليه وَتَذَمَّرُ عليه).
وهذا يدلّ على عِظم محبّة أم أيمن للرسول، حيث صاحت عليه لإمساكه عن الشّراب، وكانت تحبّ أن يشرب مما تصنعه له، وكان أبو بكر وعُمر -رضي الله عنهما- يحرصان على زيارتها بعد وفاة النبيّ -صلى الله عليه وسلم-.
كفالة عبد المطلب للرسول عليه الصلاة والسلام
عادت أُم أيمن بالنبي -عليه الصلاة والسلام- إلى جده عبد المُطلب بعد وفاة آمنة في الأبواء، وكان عنده العديد من الأولاد، وزوجته هالة ابنة عمّ أُمّه، فكانت تُحبّ النبيّ، وتحنو عليه، وعاش النبي -عليه الصلاة والسلام- في جوٍ مليءٍ بالعطف والصلاح؛ مما ساعده على تجاوز يُتمه.
وأمّا جدّه فكان يُقرّبُه منه، ويحنو عليه، ويُجلسه على فراشه الذي في ظلّ الكعبة، فيُحاول أعمامه منعه، فيقول لهم عبد المُطلب: "دعوا ابني فوالله إن له لشأناً"، ويُجلسهم حوله، كما كان يُناديه بابني، وفي حال غيابه وسفره يوصي أُم أيمن به، ويأمرها ألا تغفل عنه، وكان لا يأكُل شيئاً إلا ويُنادي عليه ليُطعمه منه.
كفالة أبو طالب للرسول عليه الصلاة والسلام
بقي على هذا الاهتمام إلى أن توفّي جدّه، وكان النبيّ قد بلغ الثامنة من عُمره، فانتقل إلى كفالة عمّه أبي طالب، وقد حرص عبد المطلب عند احتضاره بتوصية أبي طالب على النبيّ، فهو أقرب أبنائه إليه، فاهتمّ بالنبيّ، ورعاه كما يرعى الأب ابنه، وكان يأخُذه معه في جميع رحلاته وتجارته، ولا ينام إلا بجواره.
ومن بركات النبي -عليه الصلاة والسلام- على عمّه؛ أن أولاده في بعض الأحيان يأكُلون فلا يشبعون، ولكن عندما يأكُل النبي -عليه الصلاة والسلام- معهم يأكلون فيشبعون، وذات مرةٍ أخرجه معه في تجارةٍ إلى الشام، والتقيا بالراهب بحيرا، وطلب منه العناية به، وأن يجعله تحت نظره، وبشّره بأنه نبيٌّ لهذه الأُمّة.
تربّى النبي -صلى الله عليه وسلّم- عند أمّه آمنة بنت وهب حتى ماتت وهو في السادسة من عمره، ثمّ تولّى تربيته جدّه عبد المطلب، ثمّ انتقل إلى بيت عمّه أبو طالب بعد وفاة جدّه وكان عمره حينئذ ثماني سنوات.
ولادة الرسول يتيماً
خرج عبد الله والدُ النبي -عليه الصلاة والسلام- في تجارةٍ لِقُريش إلى الشام، وعند رُجوعه ووصوله إلى المدينة، أصابه المرض، فبقي فيها عند أخواله شهراً، ولما وصلت القافلة إلى مكة سألهم والده عبد المطلب عنه، فأجابوه بما حصل مع ابنه عبد الله، فبعث والده أخاه الحارث إليه، فوجده قد تُوفّي، وكان عُمره خمساً وعشرين سنة، وترك خلفه خمسةً من الإبل، وقطعةً من الغنم، وحاضنة النبيّ فيما بعد أمّ أيمن، فرجع الحارث وأخبر والده بوفاة عبد الله، وحزنوا عليه حزناً شديداً، وكان النبي -عليه الصلاة والسلام- لا يزال جنيناً في بطن أُمّه، وقيل إن عمره كان شهرين في بطن أُمّه، فوُلد النبي -عليه الصلاة والسلام- يتيماً، قال -تعالى-: (أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى).
وُلد الرسول -صلى الله عليه وسلم- يتيماً، إذ توفي أبوه عبدالله بعدما أصيب بمرض أثناء رحلته إلى الشام، وكان ما زال النبي جنيناً في بطن أمه لما مات أبوه.