من الذي بنى الأقصى
بناء المسجد الأقصى
لم يرد نصٌّ ثابتٌ في أوّل من بنى المسجد الأقصى؛ لذا تعدّدت أقوال العلماء في ذلك؛ فقيل إنّ الملائكة هم أوّل من بنوا المسجد الأقصى بأمرٍ من الله -تعالى-، وقيل إنّ آدم -عليه السلام-، هو من بناه بعد أربعين سنة من بناء المسجد الحرام، وقيل إنّ أبناء آدم -عليه السلام- هم من بنوه.
ثمّ توالت عمليات إعادة بناء وترميم المسجد الأقصى على يد الأنبياء؛ حيث رمّمه سيدنا إبراهيم -عليه السلام-، ثم أبناؤه إسحاق ويعقوب -عليهما السلام-، وجدّد بناءه بعد ذلك سيدنا سليمان -عليه السلام-، وتنقل بعض الروايات أنّ داود -عليه السلام- بدأ بإعادة بنائه، وأكمل سيدنا سليمان عمله من بعده.
وممّا ورد في بناء داود وسليمان -عليهما السلام- للمسجد الأقصى؛ ما رُوي عن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنه عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قال: (لَمَّا فَرَغَ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ مِنْ بِنَاءِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ سَأَلَ اللَّهَ ثَلَاثًا حُكْمًا يُصَادِفُ حُكْمَهُ وَمُلْكًا لَا يَنْبَغِي لَأَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ وَأَلَّا يَأْتِيَ هَذَا الْمَسْجِدَ أَحَدٌ لَا يُرِيدُ إِلَّا الصَّلَاةَ فِيهِ إِلَّا خَرَجَ مِنْ ذُنُوبِهِ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ" فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَمَّا اثْنَتَانِ فَقَدْ أُعْطِيَهُمَا وَأَرْجُو أَنْ يَكُونَ قَدْ أُعْطِيَ الثَّالِثَةَ)، والمقصود بالبناء؛ بناء التجديد والتوسعة.
المسجد الأقصى
يقع المسجد الأقصى في مدينة القدس الشريف، وهو ثاني مسجدٍ عُمِّر في الأرض، وهو أوّلى القبلتين، وثاني المسجدين، وثالث الحرمين الشريفين، وللمسجد الأقصى فضلٌ ومنزلةٌ عظيمةٌ، وقد حثّت النصوص على زيارته والصلاة فيه؛ فعن أبي ذر الغفاري -رضي الله عنه- أنّه سأل النبيّ -عليه الصلاة والسلام-: (قُلتُ يا رَسولَ اللَّهِ، أيُّ مَسْجِدٍ وُضِعَ في الأرْضِ أوَّلَ؟ قالَ: المَسْجِدُ الحَرَامُ قالَ: قُلتُ: ثُمَّ أيٌّ؟ قالَ المَسْجِدُ الأقْصَى قُلتُ: كَمْ كانَ بيْنَهُمَا؟ قالَ: أرْبَعُونَ سَنَةً، ثُمَّ أيْنَما أدْرَكَتْكَ الصَّلَاةُ بَعْدُ فَصَلِّهْ، فإنَّ الفَضْلَ فِيهِ).
وقد وردت تسمية المسجد الأقصى بهذا الاسم في القرآن الكريم، وذلك في سورة الإسراء من قول الله تعالى: (سُبحانَ الَّذي أَسرى بِعَبدِهِ لَيلًا مِنَ المَسجِدِ الحَرامِ إِلَى المَسجِدِ الأَقصَى الَّذي بارَكنا حَولَهُ لِنُرِيَهُ مِن آياتِنا إِنَّهُ هُوَ السَّميعُ البَصيرُ)، وللمسجد الأقصى تسمياتٌ عدَّةٌ أُطلقت عليه وعُرف بها، منها: البيت المُقدّس، وبيت المَقدس، وإيلياء.
فضائل المسجد الأقصى
خصّ الله -سبحانه وتعالى- المسجد الأقصى بمجموعةٍ من الفضائل التي تميّزه عن غيره من المساجد، ومن فضائله ما يأتي:
- كان المسجد الأقصى أوّل قبلةٍ للمسلمين قبل أن تتحوّل القبة بأمر الله -تعالى- إلى المسجد الحرام.
- اختار الله -تعالى- المسجد الأقصى ليكون مسرى النبيّ -عليه الصلاة والسلام- في حادثة الإسراء والمعراج، وقد صلّى فيه النبيّ -عليه الصلاة والسلام- ركعتين.
- جعل الله -تعالى- المسجد الأقصى من المساجد التي تُشدّ إليها الرحال؛ أي يُقصد بالسفر والزيارة؛ لقول النبيّ -عليه الصلاة والسلام-: (لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إلَّا إلى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ: المَسْجِدِ الحَرَامِ، ومَسْجِدِ الرَّسُولِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ومَسْجِدِ الأقْصَى).
- ثواب الصلاة في المسجد الأقصى مضاعفٌ عن الصلاة في غيره من المساجد باستثناء المسجد الحرام والمسجد النبوي.