ملخص عن قصص الأنبياء
قَصص الأنبياء
قصّة آدم عليه السلام
ذكر الله -تعالى- في كتابه العزيز قصّة خَلْق آدم -عليه السلام-؛ أوّل الأنبياء؛ فقد خَلَقه بيده على الصورة التي أرادها -سبحانه-، فكان مخلوقاً مُكرَّماً عن باقي المخلوقات، وخلق الله -سبحانه- ذريّة آدم على صورته وهيئته، قال -تعالى-: (وَإِذ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَني آدَمَ مِن ظُهورِهِم ذُرِّيَّتَهُم وَأَشهَدَهُم عَلى أَنفُسِهِم أَلَستُ بِرَبِّكُم قالوا بَلى شَهِدنا)، وبعد أن خلق الله آدم، أسكنه الجنّة مع زوجته حوّاء التي خُلِقت من ضِلْعه، فاستمتعا بنعيمها، باستثناء شجرة واحدةٍ نهاهم الله -سبحانه- عن الأكل منها، فوسوس لهما الشيطان؛ ليأكلا منها، فاستجابا لوساوسه، وأكلا من الشجرة حتى انكشفت عوراتهما، فسترا نفسيهما بورق الجنّة، وخاطب الله آدم مُعاتباً إيّاه على الأَكْل من تلك الشجرة بعد أن بيّن عداوة الشيطان له، وحذّره من اتِّباع وساوسه مرّةً أخرى، وقد أبدى آدم ندمه الشديد على فِعلته، وأظهر لله توبته، وأخرجهما الله من الجنّة، وأنزلهما إلى الأرض بأمره.
كما ذكر الله -سبحانه- قصّة ابْنَي آدم -عليه السلام-، وهما: قابيل، وهابيل؛ فقد كانت من سُنّة آدم أن تتزوّج أنثى كلّ بطنٍ من ذكر البطن الآخر، فأراد قابيل أن يستأثر بأخته التي جاءت معه من البطن ذاتها؛ مَنْعاً لحَقّ أخيه فيما كتبه الله له، وحينما علم آدم -عليه السلام- بنيّة قابيل، طلب من كليهما أن يُقدّما قُرباناً لله، فتقبّل الله ما قدّمه هابيل، ممّا أثار غضب قابيل، فتوعّد أخاه بالقَتْل، قال -تعالى-: (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّـهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ*لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّـهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ*إِنِّي أُرِيدُ أَن تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ*فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ).
قصّة إدريس عليه السلام
إدريس -عليه السلام- أحد الأنبياء الذين ذكرهم الله -تعالى- في كتابه العزيز، وقد سبق نبيّ الله نوح -عليه السلام-، وقِيل: بل كان بعده، وكان إدريس -عليه السلام- أوّل من كتب بالقلم، وأوّل من خاط الثياب، ولَبِسَها، كما كان عنده عِلَمٌ بالفلك، والنجوم، والحساب، وقد اتّسم -عليه السلام- بصفاتٍ وأخلاق كريمةٍ، كالصبر، والصلاح؛ ولذلك نال منزلةً عظيمةً عند الله -سبحانه-، قال الله -تعالى- فيه: (وَإِسْمَاعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ كُلٌّ مِّنَ الصَّابِرِينَ*وَأَدْخَلْنَاهُمْ فِي رَحْمَتِنَا إِنَّهُم مِّنَ الصَّالِحِينَ)، وقد ذكر النبيّ محمد -عليه الصلاة والسلام- في قصّة المعراج أنّه رأى إدريس -عليه السلام- في السماء الرابعة؛ ممّا يدلّ على مكانته ومنزلته الرفيعة عند ربّه.
قصّة نوح عليه السلام
يُعَدّ نوح -عليه السلام- أوّل رسولٍ أُرسِل إلى الناس، وهو أحد أُولي العزم من الرُّسل؛ إذ لَبِثَ في دعوة قومه إلى توحيد الله ألف سنةٍ إلّا خمسين عاماً، ودعاهم إلى تَرْك عبادة الأصنام التي لا تملك لهم ضرّاً ولا نَفْعاً، وأرشدهم إلى عبادة الله وحده، وقد اجتهد نوح في دعوته، وسلك في تذكير قومه الأساليب والطُّرق جميعها؛ فدعاهم ليلاً ونهاراً، سرّاً وعلانيةً، فلم تُغنِ تلك الدعوة عنهم شيئاً؛ إذ قابلوها بالاستكبار والجحود، فكانوا يُغلقون آذانهم؛ لِئلّا يسمعوا دعوته، فَضْلاً عن اتّهامهم له بالكذب والجنون، ثمّ أوحى الله إلى نبيّه بصُنع السفينة، فصنعها رغم سُخرية المشركين من قومه منه، وانتظر أمر الله إليه بركوب السفينة مع مَن آمن بدعوته، بالإضافة إلى زوجيَن من كلّ نوعٍ من الكائنات الحيّة، ووقع ذلك بأمرٍ من الله حين فُتِحت السماء بالماء المُنهمِر الغزير، وتفجّرت الأرض ينابيع وعيوناً، فالتقى الماء على هيئةٍ عظيمةٍ، وطوفان مَهيبٍ أغرق القوم المُشركين بالله، ونُجِّيَ نوحٌ -عليه السلام- ومَن آمن معه.
قصّة هود عليه السلام
أرسل الله -عزّ وجلّ- هوداً -عليه السلام- إلى قوم عادٍ الذين كانوا يسكنون في منطقةٍ تُسمّى الأحقاف؛ الجمع من حقف، ويُراد به: جبل الرَّمل، وقد تمثّلت الغاية من إرسال هود في دعوة عادٍ إلى عبادة الله، وتوحيده، وتَرْك الشِّرك وعبادة الأوثان، وتذكيرهم بالنِّعَم التي مَنَّ الله عليهم بها؛ من الأنعام، والبنين، والجِنان المُثمرة، وبما أنعم عليهم من الخلافة في الأرض من بعد قوم نوحٍ، وبيَّن لهم جزاء الإيمان بالله، وعاقبة الصدّ عنه، إلّا أنّهم قابلوا دعوته بالصدّ والاستكبار، فلم يستجيبوا رغم إنذار نبيّهم لهم، فعذّبهم الله جزاء شِركهم به؛ بأن أرسل عليهم رِيحاً شديدةً أهلكتهم، قال -تعالى-: (فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّـهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ*فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي أَيَّامٍ نَّحِسَاتٍ لِّنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ لَا يُنصَرُونَ).
قصّة صالح عليه السلام
بعث الله نبيّه صالحاً -عليه السلام- إلى قوم ثمود بعد أن ظهرت فيهم عبادة الأصنام والأوثان، فأخذ يدعوهم إلى عبادة الله وحده، وتَرْك الإشراك به، وتذكيرهم بما حَباهم به الله من النِّعَم الكثيرة؛ فقد كانت أراضيهم خصبةً، كما منحهم الله قوّةً ومهارةً في البناء، وعلى الرغم من تلك النِّعَم، إلّا أنّهم لم يستجيبوا لدعوة نبيّهم، وطلبوا منه أن يأتيهم بآيةٍ تدلّ على صِدقه، فأرسل الله إليهم الناقة من الصَّخر مُعجزةً تُؤيّد دعوة نبيّه صالح، واتّفق صالح -عليه الصلاة والسلام- مع قومه على أنّ لهم يوماً يشربون فيه، وللناقة يوماً، إلّا أنّ زعماء قومه الذين استكبروا اتّفقوا على قتل الناقة، فعذّبهم الله -سبحانه- بأن أرسل الصيحة عليهم، قال -تعالى-: (فَلَمّا جاءَ أَمرُنا نَجَّينا صالِحًا وَالَّذينَ آمَنوا مَعَهُ بِرَحمَةٍ مِنّا وَمِن خِزيِ يَومِئِذٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ القَوِيُّ العَزيزُ*وَأَخَذَ الَّذينَ ظَلَمُوا الصَّيحَةُ فَأَصبَحوا في دِيارِهِم جاثِمينَ كَأَن لَم يَغنَوا فيها أَلا إِنَّ ثَمودَ كَفَروا رَبَّهُم أَلا بُعدًا لِثَمودَ).
قصّة لوط عليه السلام
أرسل الله لوطاً -عليه السلام- إلى قومه؛ يدعوهم إلى توحيد الله -تعالى-، والاستقامة على الأفعال السويّة، والأخلاق الحميدة؛ إذ كانوا يُمارسون اللواط؛ أي أنّهم كانوا يأتون الرجال شهوةً من دون النساء، كما كانوا يقطعون سبيل الناس؛ فيعتدون على أموالهم، وأعراضهم، فَضْلاً عن ممارستهم للمُنكَرات، والأفعال غير السويّة في أماكن اجتماعهم، وقد ساء لوطاً -عليه السلام- ما كان يراه ويُعاينه من أفعال قومه، وانحرافاتهم عن الفِطْرة السويّة، واستمرّ في دعوتهم إلى عبادة الله وحده، وتَرْك أفعالهم وانحرافاتهم، إلّا أنّهم رفضوا الإيمان برسالة نبيّهم، وتوعّدوه بالإخراج من قريتهم، فقابل تهديدهم بالثبات على دعوته، وأنذرهم بعذاب الله وعقابه، وحين أمر الله -سبحانه- بإنزال عذابه بالقوم، أرسل ملائكة على هيئة بَشَرٍ إلى نبيّه لوط -عليه السلام-؛ ليُبشّروه بهلاك قومه ومَن اتّبع طريقهم، بالإضافة إلى زوجته التي شملها العذاب مع قومها، كما بشّروه بنجاته مع مَن آمن معه من العذاب.
أرسل الله العذاب على مَن لم يؤمن من قوم لوطٍ، وكان أوّله بطَمْس أعينهم، قال -تعالى-: (وَلَقَدْ رَاوَدُوهُ عَن ضَيْفِهِ فَطَمَسْنَا أَعْيُنَهُمْ فَذُوقُوا عَذَابِي وَنُذُرِ)، ثمّ أخذتهم الصيحة، وقُلِبت قريتهم عليهم رأساً على عقب، وأُرسلِت عليهم حجارةٌ من الطين مختلفة عن الحجارة المعهودة، قال -تعالى-: (فَأَخَذَتهُمُ الصَّيحَةُ مُشرِقينَ*فَجَعَلنا عالِيَها سافِلَها وَأَمطَرنا عَلَيهِم حِجارَةً مِن سِجّيلٍ)، أمّا لوط والذين آمنوا معه، فقد مَضَوا في طريقم إلى حيث أمرهم الله دون تحديد وجهتهم، قال -تعالى- في بيان مُجمَل قصّة نبيّه لوط: (إِلّا آلَ لوطٍ إِنّا لَمُنَجّوهُم أَجمَعينَ*إِلَّا امرَأَتَهُ قَدَّرنا إِنَّها لَمِنَ الغابِرينَ*فَلَمّا جاءَ آلَ لوطٍ المُرسَلونَ*قالَ إِنَّكُم قَومٌ مُنكَرونَ*قالوا بَل جِئناكَ بِما كانوا فيهِ يَمتَرونَ*وَأَتَيناكَ بِالحَقِّ وَإِنّا لَصادِقونَ*فَأَسرِ بِأَهلِكَ بِقِطعٍ مِنَ اللَّيلِ وَاتَّبِع أَدبارَهُم وَلا يَلتَفِت مِنكُم أَحَدٌ وَامضوا حَيثُ تُؤمَرونَ*وَقَضَينا إِلَيهِ ذلِكَ الأَمرَ أَنَّ دابِرَ هـؤُلاءِ مَقطوعٌ مُصبِحينَ).
قصّة شُعيب عليه السلام
أرسل الله شُعيباً -عليه السلام- إلى قوم مَدْين بعد أن ظهرت فيهم عبادة الأصنام، وأشركوا بالله، وكانت تلك القرية قد عُرِفت بتطفيف المِكيال والميزان؛ فكان أهلها يزيدون في الكيل إن اشترَوا شيئاً، وينقصون منه إذا باعوا، فدعاهم شُعيب -عليه السلام- إلى عبادة الله وحده، وتَرْك ما يشركون به من الأنداد، ونهاهم عن تطفيف المكيال والميزان، مُحذِّراً إيّاهم من عذاب الله وعقابه، فتفرّع أهل القرية إلى فريقَين؛ إذ استكبر بعضهم عن دعوة الله، ومكروا بنبيّهم، واتّهموه بالسِّحر والكذب، وتوعّدوه بالقتل، وآمن بعضهم الآخر بدعوة شُعيب، ثمّ ارتحل شُعيب عن مَدْين مُتوجِّهاً إلى الأيكة، وكان قومها مُشركين يُطفّفون المِكيال والميزان كأهل مَدْين، فدعاهم شُعيب إلى عبادة الله، وتَرْك ما هم عليه من الشِّرك، وأنذرهم بعذاب الله وعقابه، فلم يستجب القوم، فتركهم شُعيب عائداً إلى مَدْين مرّةً أخرى، وحينما وقع أمر الله، عُذِّب المُشركون من قوم مَدْين، فأصابتهم رجفةٌ وهزّةٌ مُدمِّرةٌ نقضَت قريتهم، وكذلك عُذِّبت الأيكة، قال -تعالى-: (وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّـهَ وَارْجُوا الْيَوْمَ الْآخِرَ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ*فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ)، كما قال -تعالى-: (كَذَّبَ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ*إِذْ قَالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ أَلَا تَتَّقُونَ*إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ*فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ).
قصّة إبراهيم عليه السلام
عاش إبراهيم -عليه السلام- بين قومٍ يعبدون الأصنام من دون الله، وكان والده يصنعها ويبيعها للقوم، إلّا أنّ إبراهيم -عليه السلام- لم يتّبع ما كان عليه قومه، وأراد أن يبيّن لهم بطلان شِرْكهم، فبيَّت لهم دليلاً يُثبت لهم أنّ أصنامهم لا تضرّ ولا تنفع؛ ففي يوم خروجهم، حطّم إبراهيم -عليه السلام- أصنامهم جميعها إلّا صنماً كبيراً لهم؛ ليرجع القوم إليه، ويعلموا أنّها لا تضرّهم ولا تنفعهم، إلّا أنّهم أوقدوا النار؛ لإحراق إبراهيم -عليه السلام- حين علموا بما فعله بأصنامهم، فنجّاه الله منها، كما أقام عليهم الحُجّة أيضاً بإبطال ما كانوا يزعمون؛ بأنّ القمر، والشمس، والكواكب؛ لا تصلح للعبادة؛ إذ كانوا يطلقون تلك الأسماء على الأصنام، فبيّن لهم تدرّجاً أن العبادة لا تكون إلّا لخالق القمر والشمس والكواكب والسماوات والأرض.
قال -تعالى- في بيان قصّة نبيّه إبراهيم: (وَلَقَد آتَينا إِبراهيمَ رُشدَهُ مِن قَبلُ وَكُنّا بِهِ عالِمينَ*إِذ قالَ لِأَبيهِ وَقَومِهِ ما هـذِهِ التَّماثيلُ الَّتي أَنتُم لَها عاكِفونَ*قالوا وَجَدنا آباءَنا لَها عابِدينَ*قالَ لَقَد كُنتُم أَنتُم وَآباؤُكُم في ضَلالٍ مُبينٍ*قالوا أَجِئتَنا بِالحَقِّ أَم أَنتَ مِنَ اللّاعِبينَ*قالَ بَل رَبُّكُم رَبُّ السَّماواتِ وَالأَرضِ الَّذي فَطَرَهُنَّ وَأَنا عَلى ذلِكُم مِنَ الشّاهِدينَ*وَتَاللَّـهِ لَأَكيدَنَّ أَصنامَكُم بَعدَ أَن تُوَلّوا مُدبِرينَ*فَجَعَلَهُم جُذاذًا إِلّا كَبيرًا لَهُم لَعَلَّهُم إِلَيهِ يَرجِعونَ*قالوا مَن فَعَلَ هـذا بِآلِهَتِنا إِنَّهُ لَمِنَ الظّالِمينَ*قالوا سَمِعنا فَتًى يَذكُرُهُم يُقالُ لَهُ إِبراهيمُ*قالوا فَأتوا بِهِ عَلى أَعيُنِ النّاسِ لَعَلَّهُم يَشهَدونَ*قالوا أَأَنتَ فَعَلتَ هـذا بِآلِهَتِنا يا إِبراهيمُ*قالَ بَل فَعَلَهُ كَبيرُهُم هـذا فَاسأَلوهُم إِن كانوا يَنطِقونَ*فَرَجَعوا إِلى أَنفُسِهِم فَقالوا إِنَّكُم أَنتُمُ الظّالِمونَ*ثُمَّ نُكِسوا عَلى رُءوسِهِم لَقَد عَلِمتَ ما هـؤُلاءِ يَنطِقونَ*قالَ أَفَتَعبُدونَ مِن دونِ اللَّـهِ ما لا يَنفَعُكُم شَيئًا وَلا يَضُرُّكُم*أُفٍّ لَكُم وَلِما تَعبُدونَ مِن دونِ اللَّـهِ أَفَلا تَعقِلونَ*قالوا حَرِّقوهُ وَانصُروا آلِهَتَكُم إِن كُنتُم فاعِلينَ*قُلنا يا نارُ كوني بَردًا وَسَلامًا عَلى إِبراهيمَ*وَأَرادوا بِهِ كَيدًا فَجَعَلناهُمُ الأَخسَرينَ).
لم يؤمن برسالة إبراهيم -عليه السلام- إلّا زوجته سارة وابن أخيه لوط -عليه السلام-، وقد رحل معهما متوجّهاً إلى حرّان، ثمّ إلى فلسطين، ثمّ إلى مصر، وتزوّج هناك من هاجر، وأنجب منها إسماعيل -عليه السلام-، ثمّ رُزق بإسحاق -عليه السلام- من زوجته سارة بعد أن أرسل الله -سبحانه- إليه ملائكة تُبشّره بذلك؛ قدرةً من الله -سبحانه- بعد أن بلَغا مَبلغاً من العُمر.
قصّة إسماعيل عليه السلام
رُزِق إبراهيم بإسماعيل -عليهما السلام- من زوجته الثانية هاجر، ممّا أثار الغِيرة في نفس زوجته الأولى سارة، فطلبت منه السَّير بهاجر وابنها عنها، ففعل، حتى بلغوا أرض الحجاز، وكانت أرض خاليةً جرداء، ثمّ تحوّل عنهما بأمرٍ من الله، مُتّجهاً للدعوة إلى توحيده، ودعا ربّه التكفُّل بزوجته وابنه، وقد رَعَت هاجر إسماعيل وأرضعته، واعتنت به إلى أن نفد طعامها وشرابها، فأخذت تسعى بين جبلَين، هما: الصفا والمروة ؛ ظنّاً منها وجود الماء في أحدهما، إلى أن ظهرت عين ماءٍ بأمرٍ من الله -سبحانه-؛ رحمةً بهاجر وابنها، وقد شاء الله أن تكون تلك العين من الماء بئراً تمرّ به القوافل، فأصبحت تلك المنطقة خصبةً عامرةً بفضلٍ من الله -عزّ وجلّ-، وعاد إبراهيم -عليه الصلاة والسلام- إلى زوجته وابنه بعد إتمامه للمَهمة التي أوكله بها ربّه.
رأى إبراهيم -عليه السلام- في منامه أنّه يذبح ابنه إسماعيل ، وقد امتثلا لأمر ربّهما؛ إذ إنّ رؤيا الأنبياء حَقٌّ، إلّا أنّ الله -تعالى- لم يُرد بذلك الأمر تنفيذه فعلاً، بل كان اختباراً وابتلاءً وامتحاناً لإبراهيم وإسماعيل -عليهما السلام-، وقد فُدِي إسماعيل بذِبحٍ عظيمٍ من الله -سبحانه-، ثمّ أمرهما الله ببناء الكعبة المُشرَّفة، فأطاعاه ولبّيا أمره، ثمّ أمر الله نبيّه إبراهيم بدعوة الناس للحجّ إلى بيته الحرام.
قصّة إسحق ويعقوب عليهما السلام
بشّرت الملائكة إبراهيم -عليه السلام- وزوجته سارة بإسحاق -عليه السلام-، ثمّ وُلِد لإسحاق يعقوب -عليه السلام- الذي عُرِف باسم إسرائيل في كتاب الله؛ أي عبدالله، وقد تزوّج وكان له اثنا عشر ولداً، ومنهم نبيّ الله يوسف -عليه السلام-، وتجدر الإشارة إلى أنّه لم تُذكَر أخبار عن دعوة إسحاق -عليه السلام-، وحياته.
قصّة يوسف عليه السلام
تضمّنت قصة يوسف -عليه السلام- العديد من الأحداث والوقائع، فيما يأتي بيانها بشكلٍ مُجمَلٍ:
- الرؤيا وكَيْد الإخوة: حاز يوسف -عليه السلام- على قَدْر كبيرٍ من الجمال وحُسن الهيئة، والمكانة الرفيعة في قلب أبيه يعقوب -عليه السلام-، كما أنّ الله -تعالى- اصطفاه وأوحى إليه في المنام؛ فرأى الشمس والقمر وأحد عشر كوكباً ساجدين له، وأخبر أباه بالرُّؤيا، فأمره بالسكوت، وعدم إخبار إخوته بها، والذين أضمروا في أنفسهم الانتقام منه؛ بسبب إيثار أبيهم له عليهم، فأجمعوا أمرهم على إلقاء يوسف في البئر، فطلبوا من أبيهم أن يأذن لهم في أخذه معهم، وألقوه في البئر بالفِعل، وأخبروا أباهم بأنّ الذئب أكله، وأتَوْا بقميصه وقد جعلوا عليه دماً؛ إشارةً إلى أَكْل الذئب له.
- يوسف في قصر العزيز: بِيِع يوسف -عليه السلام في سوق مصر بثمن قليلٍ لعزيز مصر بعد أن التقطته إحدى القوافل من البئر حين أرادوا الشُّرب منه، وقد فُتِنت زوجة العزيز بيوسف -عليه السلام-، ممّا أدّى بها إلى مراودته عن نفسه، ودعوته إلى نفسها، إلّا أنّه لم يلتفت إلى ما بَدَرَ منها، وأعرض مؤمناً بالله وحده، أميناً على سيّده، وهرب منها، فإذا به بالعزيز الذي لقيَه عند الباب، فأخبرته امرأته بأنّ يوسف مَن راودها عن نفسها، إلّا أنّ الحَقّ ظهر بأنّها هي مَن راودته؛ استدلالاً بأنّ قميص يوسف قد مُزِّق من الخلف، وقد تكلّمت النسوة عن امرأة العزيز، فأرسلت إليهنّ؛ ليجتمعن عندها، وأعطت كلّ واحدةٍ منهنّ سكّيناً، ثمّ أمرت يوسف بالخروج عليهنّ، فقطّعنّ أيديهنّ؛ بسبب ما رأينه من حُسن يوسف -عليه السلام-، وجماله، فظهر لهنّ سبب مراودتها إيّاه عن نفسه.
- يوسف في السجن: مكث يوسف -عليه السلام- في السجن صابراً مُحتسِباً، وكان قد دخل معه إلى السجن غلامان كانا يعملان عند الملك؛ أحدهما في طعامه، والآخر في شرابه؛ وكان الذي يعمل في شراب الملك قد رأى في منامه أنّه يعصر الخمر للمَلك، أمّا الذي كان يعمل في الطعام، فقد رأى أنّه يحمل فوق رأسه طعاماً يأكل الطير منه، وكانا قد قصّا مناميهما على يوسف؛ ليُفسّرهما لهما، فانتهز يوسف -عليه السلام- الفرصة للدعوة إلى دين الله، وتوحيده، وعدم الإشراك به، وبيان نعمة الله عليه بقدرته على تفسير الرؤى، والعلم بالطعام قبل مجيئه، ثمّ فسّر رؤيا عَصْر الخَمْر بالخروج من السجن وسقاية الملك، أمّا رؤيا أكل الطير؛ فقد فسّرها بالصَّلْب وأَكْل الطير من الرأس، وكان يوسف قد طلب ممّن سيخرج من السجن أن يذكره أمام الملك، إلّا أنّه نسي ذلك، فمكث في السجن مدّةً لا تقلّ عن ثلاث سنواتٍ.
- تفسير يوسف لرُؤيا الملك: رأى الملك في منامه أنّ سبع بقرات هزيلاتٍ يأكلنَ سبعاً سميناتٍ، ورأى سبع سنابل خضراء ومثلهنّ يابساتٍ، فأخبر الملك الملأ عنده بما رأى، إلّا أنّهم لم يستطيعوا تفسير رؤياه، فتذكّر ساقي الملك الذي نجا من السجن يوسف -عليه السلام-، فأخبر الملك بعِلمه في تفسير الرُّؤى، وأُخبِر يوسف برؤيا الملك، وطُلِب منه تفسيرها، وفسّرها، ثمّ طلب المِلك لقاءه، إلّا أنّه رفض إلى حين ثبوت عِفّته وطهارته، فأرسل المِلك إلى النسوة اللواتي اعترفن مع امرأة العزيز بما بَدَرَ منهنّ، ثمّ فسّر يوسف -عليه السلام- رُؤيا الملك بالخِصب الذي يصيب مصر سبع سنواتٍ، ثمّ مثلهنّ من الجدب، ثمّ الرخاء الذي يَعمّ بعد الجدب، وبيّن لهم أنّ عليهم تخزين الفاضل عن حاجتهم إلى سنوات الجدب والقحط.
- التمكين ليوسف في الأرض ولقاؤه بإخوته وأبيه: جعل ملك مصر يوسف -عليه الصلاة والسلام- وزيراً على خزائن الأرض، وكان أهل مصر قد أعدّوا العدّة لسنوات الجَدب، فكان أهل البلاد يأتون غلى مصر؛ ليحصلوا على ما يكفيهم من الطعام، وكان من الذين أَتَوا إلى مصر إخوة يوسف الذين عَرَفهم، إلّا أنّهم لم يعرفوه، وطلب منهم مقابل الطعام أخاً لهم، ومنحهم الطعام بلا ثمنٍ على أن يأتوا بأخيهم، فعادوا وأخبروا أباهم بأنّ الوزير لن يمنحهم الطعام ثانيةً إلّا إذا أحضروا إليه أخاهم، وأخذوا على أنفسهم عهداً بأن يُعيدوا أخاهم إليه مرة أخرى، فأوصاهم والدهم بالدخول على الملك من أبواب مُتفرّقةٍ، وذهبوا إلى يوسف مرّةً أخرى ومعهم أخوهم، ثمّ جعل يوسف كأس الملك في رِحالهم؛ كي يستطيع إبقاء أخيه عنده، فاتُّهِموا بالسرقة، وادّعوا هم بدورهم براءتهم، إلّا أنّ كأس الملك كان في رِحال أخيهم، فأخذه يوسف، وطلب منه إخوته أن يأخذ غيره، إلّا أنّه رفض، ورجع الإخوة إلى أبيهم، وأعلموه بما جرى معهم، وعادوا إلى يوسف مرّةً أخرى؛ راجين منه التصدُّق عليهم؛ بإطلاق سراح أخيهم، فذكّرهم بما كان من فِعلهم معه، فعرفوه، وطلب منهم العودة وإحضار والدَيه ، وأعطاهم قميصاً له؛ ليُلقوه على أبيهم؛ فيستعيدَ بَصَره، ثمّ أتى والداه وإخوته إليه، وخرّوا ساجدين له، وبذلك تحقّقت رُؤيا يوسف -عليه السلام- التي رآها وهو صغيرٌ.
قصّة أيوب عليه السلام
ذكر الله -تعالى- في كتابه العزيز قصّة النبيّ أيّوب -عليه السلام- الذي كان مثالاً في الصبر على البلاء، والاحتساب عند الشدّة؛ فقد دلّت آيات كتاب الله على أنّ أيّوب -عليه السلام- تعرّض لبلاءٍ في جسده، وماله، وولده، فصبر على ذلك؛ مُحتسِباً الأجر من عند الله، وتوجّه إليه بالدعاء والتضرُّع؛ راجياً منه رفع البلاء عنه، فاستجاب له ربّه، وفرّج عنه كُربته، وعوّضه بالكثير من الأموال، والأولاد؛ رحمةً وفضلاً منه -سبحانه-، قال -تعالى-: (وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ*فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ).
قصّة ذي الكفل عليه السلام
ذُكِر ذو الكفل -عليه الصلاة والسلام- في موضعَين من القرآن الكريم؛ في سورتَي الأنبياء، وص، قال -تعالى- في سورة الأنبياء : (وَإِسْمَاعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ كُلٌّ مِّنَ الصَّابِرِينَ)، وقال في سورة ص: (وَاذْكُرْ إِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَذَا الْكِفْلِ وَكُلٌّ مِّنَ الْأَخْيَارِ)، وقِيل إنّه لم يكن نبيّاً، وقد سُميّ بذلك؛ لأنّه تكفّل بأداء العمل الذي يعجز عنه غيره، وقِيل لأنّه تكفّل لقومه بما يكفيهم من أمور الدُّنيا، ووعدهم بالحُكم بينهم بالعدل والقِسْط.
قصّة يُونس عليه السلام
أرسل الله نبيّه يُونس -عليه السلام- إلى قومٍ يدعوهم إلى توحيد الله -تعالى-، وتَرْك الشِّرك به، وتحذيرهم من عاقبة البقاء على دينهم، إلّا أنّهم لم يستجيبوا لدعوته، وأصرّوا على دينهم، واستكبروا على دعوة نبيّهم، فما كان من يُونس -عليه السلام- إلّا أن خرج من قرية قومه دون إذنٍ من ربّه، فرَكِبَ إحدى السُّفن، وكانت مليئةً بالركّاب والأمتعة، فاشتدّت الرياح أثناء إبحار السفينة، وخَشِي مَن فيها الغرق، وبدأوا بالتخلُّص من الأمتعة التي معهم، إلّا أنّ الحال لم يتغيّر، فقرّروا إلقاء أحدٍ منهم، واقترعوا فيما بينهم، فوقعت على يُونس -عليه السلام-، فأُلقِي في البحر، وسخّر الله له حوتاً ابتلعه دون أن يُصيبه بأيّ أذى، واستقرّ يونس في بطن الحوت مُسبِّحاً ربّه ، ومُستغفِراً إيّاه، وتائباً إليه، فقذف به الحوت إلى البَرّ بأمرٍ من الله، وكان مريضاً، فأنبت الله له شجرة يقطين، ثمّ أرسله مرّةً أخرى إلى قومه، فوفّقهم الله إلى الإيمان بدعوته.
قصّة موسى عليه السلام
تعرّض بنو إسرائيل إلى مِحنةٍ شديدةٍ في بلاد مصر؛ حيث كان فرعون يُقتِّل أبناءهم عاماً، ويتركهم عاماً آخر، ويَستحيي نساءهم، وقد شاء الله أن تلد أمّ موسى في العام الذي يُقتَّل فيه الأولاد، فخَشِيت عليه من بَطْشهم، وفيما يأتي بيان ما حدث مع موسى -عليه السلام-:
- موسى في التابوت: وضعت أمّ موسى وليدها في تابوتٍ، وقذفته في البحر؛ استجابةً لأمر الله -سبحانه وتعالى-، وقد وعدها الله -سبحانه- بردّه إليها، وأمرت أخته بتتبُّع أمره، وخَبَره.
- دخول موسى إلى قصر فرعون: شاء الله -سبحانه- أن تسير الأمواج بالتابوت إلى قصر فرعون، فالتقطه الخدم، ذاهبين بالتابوت إلى آسية زوجة فرعون، فكشفت عمّا في التابوت، فوجدت موسى -عليه السلام-، فقذف الله حبّه في قلبها، وعلى الرغم من أنّ فرعون همَّ بقَتله، إلّا أنّه تحوّل عن الأمر برجاءٍ من زوجته آسية ، وقد حرّم الله عليه المراضع؛ فلم يقبل الرضاعة مِمّن في القصر، فخرجوا به إلى السوق باحثين عن مُرضعةٍ، فأخبرتهم أخته بمَن يصلح بذلك، وذهبت بهم إلى أمّه، وبذلك تحقّق وعد الله -سبحانه- بإرجاع موسى إليها.
- خروج موسى من مصر: خرج موسى -عليه السلام- من مصر بعد أن قتل رجلاً مصريّاً خطأً؛ نُصرةً لرجلٍ من بني إسرائيل، وكان قد توجّه إلى بلاد مَدْين.
- موسى في مدين: استظلّ موسى -عليه السلام- بشجرةٍ حين وصوله إلى مَدْين، ودعا ربّه الهداية إلى الطريق المستقيم، والصراط السويّ، ثمّ توجّه إلى بئر مَدْين، ووجد عنده فتاتَين تنتظران سقاية الماء لِما معهما من الأغنام، فسقى لهما، ثمّ استظلّ، ودعا ربّه بالرزق ، وعادت الفتاتان إلى أبيهما، وأخبرتاه بما حصل معهما، فطلب من إحداهما الإتيان بموسى؛ ليشكره على صنيعه، فأتت به على استحياءٍ منها، واتّفق معه على الرَّعي له مدّة ثمان سنواتٍ، وإن زاد سنتَين فمن عنده، على أن يُزوّجه إحدى ابنتَيه، فوافق على ذلك.
- عودة موسى إلى مصر: عاد موسى -عليه السلام- إلى مصر بعد وفائه لعهده مع والد زوجته، وبحلول الليل أخذ يبحث عن نارٍ يستوقدها، إلّا أنّه لم يجد إلّا ناراً إلى جانب الجبل، فذهب إليها وحده تاركاً أهله، فناداه ربّه، وخاطبه، وأجرى على يدَيه معجزتَين ؛ الأولى: تحوُّل العصا إلى ثعبانٍ، والثانية: خروج يده من جيبه بيضاء، فإن أرجعها عادت إلى حالتها الأولى، وأمره أن يذهب إلى فرعون مصر داعياً إيّاه إلى عبادة الله وحده، فطلب موسى من ربّه إعانته بأخيه هارون، فاستجاب له.
- دعوة موسى لفرعون: توجّه موسى مع أخيه هارون -عليهما السلام- إلى فرعون؛ لدعوته إلى توحيد الله، فأنكر فرعون دعوة موسى، وتحدّاه بسَّحَرَته، واتّفقا على موعدٍ يلتقي فيه الفريقان، فجمع فرعون السَّحَرة، وتحدّوا موسى -عليه السلام-، فثبتت حُجّة موسى، قال الله -تعالى-: (ثُمَّ بَعَثنا مِن بَعدِهِم موسى وَهارونَ إِلى فِرعَونَ وَمَلَئِهِ بِآياتِنا فَاستَكبَروا وَكانوا قَومًا مُجرِمينَ*فَلَمّا جاءَهُمُ الحَقُّ مِن عِندِنا قالوا إِنَّ هـذا لَسِحرٌ مُبينٌ*قالَ موسى أَتَقولونَ لِلحَقِّ لَمّا جاءَكُم أَسِحرٌ هـذا وَلا يُفلِحُ السّاحِرونَ*قالوا أَجِئتَنا لِتَلفِتَنا عَمّا وَجَدنا عَلَيهِ آباءَنا وَتَكونَ لَكُمَا الكِبرِياءُ فِي الأَرضِ وَما نَحنُ لَكُما بِمُؤمِنينَ*وَقالَ فِرعَونُ ائتوني بِكُلِّ ساحِرٍ عَليمٍ*فَلَمّا جاءَ السَّحَرَةُ قالَ لَهُم موسى أَلقوا ما أَنتُم مُلقونَ*فَلَمّا أَلقَوا قالَ موسى ما جِئتُم بِهِ السِّحرُ إِنَّ اللَّـهَ سَيُبطِلُهُ إِنَّ اللَّـهَ لا يُصلِحُ عَمَلَ المُفسِدينَ*وَيُحِقُّ اللَّـهُ الحَقَّ بِكَلِماتِهِ وَلَو كَرِهَ المُجرِمونَ). .
- نجاة موسى ومَن آمن معه: أمر الله -تعالى- نبيّه موسى -عليه السلام- أن يسير بقومه من بني إسرائيل ليلاً؛ هروباً من فرعون، وجمع فرعون جنوده وأتباعه؛ لحاقاً بموسى، إلّا أنّ فرعون غرق مع مَن معه.
قصّة هارون عليه السلام
كان نبيّ الله هارون -عليه السلام- الأخ الشقيق لنبيّ الله موسى -عليه السلام-، وقد حاز هارون على مكانةٍ عظيمةٍ من أخيه؛ فكان الساعد الأيمن له، والمعاون الأمين، والوزير الناصح الحكيم، وقد ذكرت آيات الله موقف هارون -عليه السلام- حينما جُعِل خليفةً لأخيه موسى؛ فقد واعد الله نبيّه موسى عند جبل الطُّور، فاستبقى أخاه هارون في قومه؛ آمراً إيّاه بالإصلاح، والمحافظة على شؤون بني إسرائيل، ووحدتهم، وتماسكهم، إلّا أنّ السامريّ آنذاك صنع عِجلاً من الطين؛ داعياً قومه إلى عبادته، ومُدّعياً أنّ موسى -عليه السلام- ضلّ عن قومه، وحينما رأى هارون -عليه السلام- حالهم وعبادتهم للعِجل، وقف بينهم خطيباً يُحذّرهم من سوء فِعلهم، ويدعوهم إلى العودة عن شِرْكهم وضلالهم، ومُبيّناً لهم أنّ الله -تعالى- ربّهم الأوحد المُستحِقّ للعبادة ، وداعياً إيّاهم إلى طاعته، وتَرْك مخالفة أمره، فرفض القوم الذين ضلّوا اتِّباع أمر هارون، وأصرّوا على البقاء على حالهم، وحينما عاد موسى -عليه السلام- ومعه ألواح التوراة ، رأى حال قومه، وإقامتهم على عبادة العِجل، فهاله ما رأى، وألقى الألواح من يده، وأخذ يُعاتب هارون على تَركه الإنكار على قومه، فدافع هارون عن نفسه، مُبيّناً نصحيته لهم، وإشفاقه عليهم، وأنّه لم يُرِد إحداث الشِّقاق بينهم، فكانت حياة هارون -عليه السلام- مثالاً في الصدق في القول، والمجاهدة في الصبر، والاجتهاد في النصيحة.
قصّة يُوشع بن نون عليه السلام
يُعَدّ يُوشع بن نون -عليه السلام- أحد أنبياء بني إسرائيل، وقد ورد ذِكره في القرآن الكريم دون الإشارة إلى اسمه في سورة الكهف ؛ إذ كان فتى موسى الذي رافقه في رحلته للقاء الخضر ، قال -تعالى-: (وَإِذ قالَ موسى لِفَتاهُ لا أَبرَحُ حَتّى أَبلُغَ مَجمَعَ البَحرَينِ أَو أَمضِيَ حُقُبًا)، وقد خصّ الله نبيّه يُوشع بعدّة فضائل، منها: حَبْس الشمس له، وفَتْح بيت المقدس على يدَيه.
قصّة إلياس عليه السلام
يُعَدّ إلياس -عليه السلام- أحد الأنبياء الذين أرسلهم الله إلى الناس؛ لعبادة الله وحده، فقد كان قومه يعبدون الأصنام، فدعاهم إلياس -عليه الصلاة والسلام- إلى توحيد الله، وعبادته وحده، وحذّرهم من حلول عذاب الله بالكافرين، وبيّن لهم أسباب النجاة والفلاح في الدُّنيا، والآخرة ، فنجّاه الله من شرّهم، وأبقى له الذِّكر الحَسن في العالَمين بإخلاصه لربّه، وإحسانه، قال -تعالى-: (وَإِنَّ إِلْيَاسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ*إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَلَا تَتَّقُونَ*أَتَدْعُونَ بَعْلًا وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ*اللَّـهَ رَبَّكُمْ وَرَبَّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ*فَكَذَّبُوهُ فَإِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ*إِلَّا عِبَادَ اللَّـهِ الْمُخْلَصِينَ*وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ*سَلَامٌ عَلَى إِلْ يَاسِينَ*إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ*إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ).
قصّة اليسع عليه السلام
يُعَدّ اليسع -عليه السلام- أحد أنبياء بني إسرائيل من ذريّة يوسف -عليه السلام-، وقد جاء ذِكره في موضعَين من كتاب الله؛ الأوّل: قَوْله -تعالى- في سورة الأنعام : (وَإِسماعيلَ وَاليَسَعَ وَيونُسَ وَلوطًا وَكُلًّا فَضَّلنا عَلَى العالَمينَ)، والثاني قَوْله في سورة ص: (وَاذْكُرْ إِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَذَا الْكِفْلِ وَكُلٌّ مِّنَ الْأَخْيَارِ)، وقد بلّغ قومه دعوة ربّه بتوحيد الله -سبحانه- مُتّبِعاً أمر ربّه.
قصّة داود عليه السلام
استطاع نبيّ الله داود -عليه السلام- قَتل جالوت الذي كان عدّواً لله، ثمّ مَكّن الله لداود في الأرض؛ إذ آتاه المُلكَ، ووَهَبه الحِكمة، وسخّر له عدّة مُعجزاتٍ، منها تسبيح الطَّير والجبال معه، وقد احترف داود -عليه السلام- تشكيل الحديد على الهيئة التي يُريدها، وبَرَعَ فيها بشكلٍ كبيرٍ، فكان يصنع الدروع، قال -تعالى-: (وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلًا يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ*أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ)، كما أنزل الله على داود كتاب الزبور ، قال -تعالى-: (وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا)، ووَهَبه سليمان -عليه السلام-، قال -سبحانه-: (وَوَهَبْنَا لِدَاوُودَ سُلَيْمَانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ).
قصّة سليمان عليه السلام
كان سليمان بن داود -عليهما السلام- نبيّاً مَلكاً؛ فقد أتاه الله مُلكاً لا ينبغي لأحدٍ من بَعده، ومن مظاهر مُلكه أن أعطاه الله القدرة على فَهْم منطق الطير والحيوان، وتسخير الريح لتجريَ بأمره إلى المكان الذي يُريده، كما سخّر الله له الجِنّ، وكان جُلّ اهتمام نبيّ الله سليمان مُنصَبّاً على الدعوة إلى دين الله، وفي يومٍ من الأيّام افتقد وجود الهدهد في مجلسه، فتوعّده بسبب غيابه دون إذنه، ثمّ جاء الهدهد إلى مجلس سليمان، وأخبره أنّه كان ذاهباً في مَهمّةٍ، فوصل إلى بلدٍ رأى فيها العجب؛ فقد رأى قوماً تحكمُهم امرأةٌ اسمها بلقيس، ويعبدون الشمس من دون الله، فغضب سليمان حين سمع خبر الهدهد، فأرسل إليهم رسالةً تدعوهم إلى الإسلام والإذعان لأمر الله.
تشاورت بلقيس مع أكابر قومها، ثمّ قرّرت إرسال وَفدٍ معه الهدايا إلى سليمان، فغضب سليمان من الهدايا؛ لأنّ الغاية الدعوة إلى توحيد الله، وليس استقبال الهدايا، فطلب من الوفد الرجوع، وإيصال رسالةٍ إلى بلقيس مُتوعِّداً إيّاها بجنودٍ عظيمةٍ تُخرجها وقومها من بلدتهم صاغرين، فقرّرت بلقيس الذهاب بمفردها إلى سليمان ، فأراد سليمان قبل مجيئها أن يأتيَ بعَرْشها؛ ليُبيّن لها قدرة الله التي منحَها إيّاه، وأتى به رجلٌ مؤمنٌ، ثمّ جاءت بلقيس، ودخلت على سليمان، ولم تتعرّف على عرشها في بداية الأمر، ثمّ أعلمها سليمان بأنّه عرشها، فأسلمت مع سليمان لله ربّ العالَمين، ويُشار إلى أنّ سليمان -عليه السلام- تُوفِّي حينما كان قائماً يتعبّد، وكان مُتَّكِئاً على عصاه، فبقي على تلك الهيئة زماناً إلى أن أرسل الله حشرةً تأكل عصاه حتى سقط على الأرض، فأدرك الجِنّ أنّهم لو كانوا يعلمون الغيب ما استمرّوا في العمل طول المدّة التي كان فيها سليمان ميّتاً دون شعورهم.
قال -تعالى-: (وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ وَمِنَ الْجِنِّ مَن يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَمَن يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنَا نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ السَّعِيرِ*يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِن مَّحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَّاسِيَاتٍ اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ*فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَن لَّوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ).
قصّة زكريّا ويحيى عليهما السلام
يُعَدّ زكريّا -عليه السلام- نبيّاً من أنبياء بني إسرائيل، وقد بقي -عليه السلام- دون ولدٍ إلى أن توجّه إلى ربّه داعياً إيّاه أن يهبَه ولداً يَرِث الصلاح منه؛ ليستمرّ حال بني إسرائيل صالحاً، فاستجاب الله له دعوته، ووهب له يحيى الذي آتاه الله الحكمة والعِلم صغيراً، كما جعله رحيماً بأهله، وبارّاً بهم، ونبيّاً صالحاً حريصاً على الدعوة إلى ربّه، قال -تعالى-: (هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ*فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّـهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَىٰ مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِّنَ اللَّـهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِّنَ الصَّالِحِينَ*قَالَ رَبِّ أَنَّىٰ يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ قَالَ كَذَٰلِكَ اللَّـهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ*قَالَ رَبِّ اجْعَل لِّي آيَةً قَالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزًا وَاذْكُر رَّبَّكَ كَثِيرًا وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ).
قصّة عيسى عليه السلام
خلق الله -تعالى- عيسى -عليه السلام- من أمّ دون أب؛ ليكون ذلك دلالةً وآيةً على عظمته -سبحانه-، وقدرته، وذلك حين بعث إلى مريم مَلكاً نفخ فيها من روح الله، فحملت بمولودها، ثمّ أتت به إلى قومها، فأنكروا عليها ذلك، فأشارت إلى رضيعها، فكلّمهم مُبيِّناً لهم أنّه عبدالله الذي اصطفاه للنبوّة، وحينما بلغ عيسى -عليه السلام- أشدّه بدأ بأداء مَهامّ بعثته؛ فدعا قومه بني إسرائيل إلى تصحيح مسلكهم، والعودة إلى التمسُّك بشريعة ربّهم، وأظهر الله على يدَيه مُعجزاتٍ دالّةٍ على صِدقه، منها: خَلْق الطير من الطين، وإحياء الموتى، وإبراء الأكمه والأبرص، وإخبار القوم بما يدّخرون في بيوتهم، وقد آمن به الحواريّون، وكانوا اثني عشر.
قال -تعالى-: (إِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّـهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ*وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا وَمِنَ الصَّالِحِينَ*قَالَتْ رَبِّ أَنَّىٰ يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قَالَ كَذَٰلِكِ اللَّـهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ إِذَا قَضَىٰ أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ*وَيُعَلِّمُهُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنجِيلَ*وَرَسُولًا إِلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُم بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُم مِّنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللَّـهِ وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِي الْمَوْتَىٰ بِإِذْنِ اللَّـهِ وَأُنَبِّئُكُم بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ*وَمُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَلِأُحِلَّ لَكُم بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ وَجِئْتُكُم بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ فَاتَّقُوا اللَّـهَ وَأَطِيعُونِ*إِنَّ اللَّـهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَـٰذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ*فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَىٰ مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللَّـهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللَّـهِ آمَنَّا بِاللَّـهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ).
قصّة محمّد عليه الصلاة والسلام
بعثَ الله محمّداً خاتم أنبيائه بعد بلوغه سنّ الأربعين، وقد بدأ -عليه الصلاة والسلام- دعوته سرّاً، واستمرّ فيها ثلاث سنواتٍ قبل أن يأمرَه الله بالجَهْر فيها، وقد تحمّل -عليه الصلاة والسلام- الأذى والمَشقّة في سبيل دعوته؛ ممّا أدّى بالصحابة إلى الهجرة إلى الحبشة؛ فراراً بدينهم، واشتدّ الحال على النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-، وخاصّةً بعد وفاة أقرب الناس إليه، فخرج من مكّة إلى الطائف؛ مُلتمِساً النُّصرة منهم، فما وجد غير الأذى والسُّخرية، فعاد -عليه الصلاة والسلام- ليستكملَ دعوته، وكان يعرض الإسلام على القبائل في موسم الحَجّ، فالتقى يوماً بنَفرٍ من الأنصار الذين آمنوا بدعوته، ورجعوا إلى المدينة؛ لدعوة أهليهم، ثمّ تهيّأت الظروف فيما بعد؛ لعَقْد بيعتَي العقبة الأولى والثانية بين الرسول -عليه الصلاة والسلام-، والأنصار، وبذلك مُهِّد أمر الهجرة إلى المدينة، فخرج النبيّ مع أبي بكرٍ تلقاء المدينة، ومرَّ في طريقه بغار ثورٍ، وبَقِي فيه ثلاثة أيّامٍ قبل بلوغ المدينة، وبنى المسجد فور وصوله إيّاها، وأقام فيها الدولة الإسلاميّة، وبقي يدعو إلى رسالة الإسلام إلى أن تُوفِّي -صلّى الله عليه وسلّم- وعمره ثلاث وستّون سنةً.
أهميّة قَصص الأنبياء
ذَكر الله -تعالى- في كتابه العزيز قَصص بعض الأنبياء والرُّسل -عليهم الصلاة والسلام-؛ ليعتبرَ ويتّعظ بها الناس، لما فيها من الدروس والعِظات، فهي قَصصٌ ثابتةٌ وقعت في مَعرض دعوة الأنبياء لأقوامهم، فزخرت بالدروس التي تُبيّن المنهج القويم، والسبيل الرشيد في الدعوة إلى الله ، وبما يُحقّق صلاح العباد، وسعادتهم، ونجاتهم في الدُّنيا والآخرة، قال الله -تعالى-: (لَقَد كانَ في قَصَصِهِم عِبرَةٌ لِأُولِي الأَلبابِ ما كانَ حَديثًا يُفتَرى وَلـكِن تَصديقَ الَّذي بَينَ يَدَيهِ وَتَفصيلَ كُلِّ شَيءٍ وَهُدًى وَرَحمَةً لِقَومٍ يُؤمِنونَ).