مقدمة عن الأنثروبولوجيا
مفهوم الأنثروبولوجيا لغةً واصطلاحًا
يعود أصل كلمة أنثروبولوجيا (Anthropology) إلى الكلمة اليونانية (Anthropos)، ومعناها الإنسان، و(Locos) وتعني العلم، ومن خلال هذين المقطعين يصبح معنى كلمة الأنثروبولوجيا علم الإنسان، وهو العلم الذي يدرس الإنسان، وقد عرفها الباحثون بأنها العلم الذي يدرس الإنسان من حيث كونه كائنًا عضويًا يعيش في مجتمع تسوده أنساق ونظم ثقافية، واجتماعية وسياسية يقوم بأعمال ويمارس سلوكيات معينة.
ومن ناحية أخرى تدرس الأنثروبولوجيا الإنسان من حيث تطوره منذ العصور الحجرية وحتى العصر الحديث، وبناءً على الدراسة الدقيقة لتاريخ تطور الإنسان يمكن أن تتنبأ بمستقبله؛ لذلك يتميز علم الأنثروبولوجيا بالتطور والنمو، وتهتم الأنثروبولوجيا بالجانب العضوي الخاص بحياة الإنسان بوصفه كائنًا عاقلًا منفردًا بالتفكير في وجوده بحسب علماء البيولوجيا.
فالإنسان هو الكائن الحي الوحيد القادر على إنتاج ثقافة معينة؛ لذلك تعرف في بعض القواميس العربية بأنها علم الأناسة، وهي علم دراسة الإنسان طبيعيًا واجتماعيًا وحضاريًا، مع العلم بأنها لا تدرس الإنسان ككائن وحيد أو منفرد، بل تهتم به بوصفه كائنًا اجتماعيًا يعيش في مجتمع يؤثر ويتأثر به.
علاقة الأنثروبولوجيا بالعلوم الإنسانية
يمكن عد علم الأنثروبولوجيا وليد العلوم الإنسانية ، وبالأدق هو وليد الفلسفة، وتعرف الفلسفة بأنها علم المبادئ والأسباب الأولى للوجود، وغايتها البحث عن الحقيقة برمتها من خلال الأساليب الأكثر انتظامًا وتماسكًا؛ أي من خلال العقل، وبمفهوم أرسطو إنها علم الوجود بما هو موجود، أو الفكر في جوهر وجوده، وأكد الباحثون على الصلة الوثيقة بين الفلسفة والأنثروبولوجيا، فالفلسفة أم العلوم التي تسعى إلى الحقيقة وتدرس الوجود الذي يعد الإنسان جزءًا أساسيًا فيه، فهي لا شك تدرس الإنسان أيضًا، فكلًا من الفلسفة والأنثوبولوجيا يدرسان الإنسان، لكن أدوات ذلك قد تختلف.
وترتبط الأنثروبولوجيا بعلم النفس، فعلم النفس يدرس سلوك الإنسان ولكن بوصفه سلوكًا فرديًا، ويدرس شخصية الفرد، وهذه الجوانب تهتم بها الأنثروبولوجيا، أما علم الاجتماع فهو أحد العلوم الإنسانية حديثة العهد، إذ يدرس الإنسان بوصفه كائنًا اجتماعيًا، ويدرس العلاقات القائمة بين أفراد المجتمع، وتتقاطع أهداف علم الأنثروبولوجيا وأهداف علم الاجتماع ، وقد اصطلح العلماء على علم الأنثروبولوجيا بعلم الاجتماع المقارن.
علاقة الأنثروبولوجيا بالعلوم الطبيعية والتطبيقية
ترتبط الأنثروبولوجيا بالعلوم الطبيعية على الرغم من أنها وليدة العلوم الإنسانية، لكن الأنثروبولوجيا تهتم بمعرفة الصفات البيولوجية للإنسان، وذلك لمعرفة تأثيرها على الإنسان، لذا ترتبط الأنثروبولوجيا بعلم الأحياء، إذ يتناول علم الأحياء دراسة الكائن الحي سواء كان وحيد الخلية، أو متعدد الخلايا، وتدرس الصفات الوراثية للإنسان ، وتهتم الأنثروبولوجيا بمدى تأثير الصفات الوراثية على البيئة المحيطة بالإنسان، كما تدرس كيفية تطور الإنسان عبر العصور، ومن أهم النظريات البيولوجية التي ركزت على تطور الإنسان نظرية التطور الداروينية، وتتقاطع البيولوجيا مع الأنثروبولوجيا بأنه كلاهما يسعى إلى معرفة عملية إعادة إنتاج الحياة، وكلاهما بني وفقًا لنموذج نظري للتنوع، لكن في حقول مختلفة تبعًا لاختصاصهما.