مقدمة بحث عن الجعالة
مقدمة بحث عن الجِعالة
الجِعالة عقدٌ من عقود المعوضات في الفقه الإسلاميّ ، وتُعرف كذلك باسم "الوعد بالجائزة"، ويُقصد بالجِعالة؛ التزام تقديم عوضٍ أو شيءٍ معلومٍ مقابل أداء عملٍ مباحٍ غير محدَّد المدّة والجهد، كأن يقول شخصٌ: من وجد حقيبتي المفقودة؛ فله مئةٌ دينارٍ، وقد فصّل الفقهاء في بيان أركان الجعالة والأحكام المتعلّقة بها، وفيما يأتي مزيد تفصيلٍ عنها.
تعريف الجِعالة وحكمها
تعرّف الجِعالة في اللغة من الجُعل؛ وهو الأجر، وفي اصطلاح الفقهاء فالجعالة: فهي الالتزام بتقديم عوضٍ ماليٍّ معلومٍ مقابل القيام بعملٍ مباحٍ قد يكون مجهولًا أو غير محدَّد المدّة، على أن يُسلّم العوض الماليّ بعد أداء العمل وتحقّقه، وذهب جمهور الفقهاء من المالكيّة والشافعيّة والحنابلة إلى القول بمشروعية عقد الجِعالة.
وقد استند جمهور الفقهاء في قولهم بمشروعيّة عقد الجِعالة على جملةٍ من الأدلةٍ، منها قول الله تعالى: (قالوا نَفقِدُ صُواعَ المَلِكِ وَلِمَن جاءَ بِهِ حِملُ بَعيرٍ)؛ فقد جُعل لمن يجد صواع الملك مقابلٌ، وهو حمل بعيرٍ، كما أنّ حاجة الناس تستدعي إباحة عقد الجِعالة؛ لما فيه من تيسيرٍ عليهم ومعونةٍ لهم على إيجاد ما يفقدونه، أو القيام بأعمالٍ لهم لا يستطيعون القيام بها بأنفسهم.
أركان الجِعالة
لعقد الجِعالة كغيره من العقود أركانٌ يقوم عليها، وهي:
- الصيغة: ويُقصد بها الألفاظ التي يتبادلها طرفا العقد؛ لبيان الإيجاب والقبول على العقد وما يرتّبه من أحكامٍ.
- المتعاقدان: وهما في عقد الجِعالة العامل، وصاحب الجُعل الذي سيقدّم المقابل أو العوض
- العمل المراد القيام به.
- الجُعل: وهو الثمن المُقدّم لمن يقوم بالعمل.
الأحكام المرتبطة بالجِعالة
ثمّة جملةٌ من الأحكام المتّصلة بالجِعالة بيّنها الفقهاء، ومنها:
- عقد الجِعالة ليس عقدًا لازمًا ابتداءً لأيٍّ من طرفي العقد؛ فإذا فُسخ العقد من قبل الشخص الجاعل قبل قيام العامل بالعمل؛ فإنّ العامل يستحقّ أجرةً مماثلةً لما قام به من عمل، أما إذا تمّ فسخ العقد من قبل العامل، أو تمّ الفسخ قبل شروع العامل بالعمل فلا أجر له.
- يُشترط في العمل الذي عُقدت الجِعالة لأجله أن يكون عملًا مباحًا؛ فلا تجوز الجِعالة في عملٍ محرم.
- لا يقتلان العمل في الجعالة بمدَّةٍ زمنيَّةٍ محدَّدةٍ.
- يشترط في طرفي عقد الجعالة أن يكونا أهلًا للتصرّف؛ أي أن يكونا بالغين عاقلين راشدين، غير محجورٍ عليهما.
الفرق بين الجَعالة والإجارة
تشبه الجِعالة الإجارة في كون كلٍّ منهما يكون عقدًا على عملٍ، إلّا أنّ بين العقدين فروقًا، وهي:
- أنّ الجِعالة مع العامل المجهول لا تبطل، أمّا في الإجارة فلا تجوز من العامل المجهول.
- تصح الجِعالة في العمل غير المعلوم؛ أي الذي لم تحدّد مدّته وما يتطلّبه من جهدٍ، بينما يشترط في الإجارة أن يكون العمل معلومًا ومحدَّدًا
- عقد الجعالة عقدٌ غير لازمٍ؛ أي يمكن للطرفين فسخه بعد الشروع به، أمّا الإجارة فهي عقدٌ إلزامي لا يتم إبطالها إلا بموافقة الطرفين.
- لا يتم إعطاء العامل ما جُعل له إلا عند إتمام العمل ودون الاشتراط في الإسراع به، أما في الإجارة فلا ضير إن اشترط الاستعجال في دفع جزءٍ من الأجرة.
حكم اختلاف المالك والعامل
إذا وقع خلافٌ بين كلّ من المالك -أي صاحب الجُعل- والعامل على الجُعل الذي تم وضعه، ولم توجد بيِّنةٌ تثبت مقدار الجعل؛فإنّه يؤخذ بقول المنكر مع حلفه لليمين؛ لأنّ الأصل عدم اشتراط الجُعل، أمّا إن كان الخلاف على طبيعة العمل المطلوب؛ فإنّ القول قول العامل مع حلفه لليمين؛ لأنّ الأصل عدم العمل.