مقدار زكاة الفطر بالكيلو
مقدار زكاة الفِطر بالكيلو
كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يحثّ أصحابه على أداء زكاة الفطر، ويخطب بهم قبل العيد ويأمرهم بإخراجها، وفيما يأتي بيان لمقدارها وأصنافها:
- الحنفية: ذهبوا إلى أنّ صدقة الفِطر تُخرَج من أصنافٍ أربعة، هي الحِنطة، والشعير، والتمر، والزبيب، ويكون المقدار من الحِنطة نصف صاعٍ، ومن التمر والشعير والزبيب صاعاً كاملاً، ويكون إخراج أيّ صنف منها عن الفرد الواحد، وقد أجازوا إخراج قيمة الزكاة الواجبة نَقداً، وهو الأفضل عندهم، لأنه أكثر نفعاً للفقير.
- المالكية: ذهبوا إلى وجوب إخراج صاع للقادر عليه، وإن كان جزءاً من صاع، فإنّه يُخرجه دون حَرَج، ويُخرج صاعاً عن كلّ شخصٍ، كما يجب إخراج صدقة الفِطر من غالب قُوت البلد من أصنافٍ عدّة، هي: القمح، والشعير، والسلت، والذُّرة، والدخن*، والأرز، والتمر، والزبيب، والأقط*، بينما لا يُجزئ إخراجها من غير هذه الأصناف التسعة، كإخراج الفول، والعدس، إلّا إذا تعارفَ الناس على الاقتِياتِ به، وتركوا الأصناف التسعة.
- الشافعية: ذهبوا إلى أنّ القَدْر الواجب عن كلّ شخصٍ صاعٌ ممّا اعتاد عليه المسلمون من قُوت، وقد تدرَّج أصحاب هذا المذهب في أفضل الأقوات للزكاة على الترتيب الآتي: القمح، ثمّ السلت؛ وهو الشعير النبويّ، ثمّ الذُّرَة، ثمّ الأرز، ثمّ الحمص، ثمّ العدس، ثمّ الفول، ثمّ التمر، ثمّ الزبيب، ثمّ الأقط، ثمّ اللبن، وآخرها الجبن.
- الحنابلة: أوجبوا على كلّ فردٍ صاعاً من بُرٍّ (قمح)، أو شعيرٍ، أو تمرٍ، أو زبيب، أو أقط، ويُجوز إخراج دقيق القمح إن كان وزنه يُساوي وزن الحَبّ منه، فإن لم يتوفر أحد هذه الأصناف، فإنّه يجوز إخراج ما يقوم مَقامها من كلّ ما يصلح قُوتاً، كالذُّرَة، أو الأرز، أو العدس، أو ما شابه ذلك.
وتجدر الإشارة إلى أنّ العلماء اجتهدوا في تحديد مِقدار الصاع النبويّ؛ إذ قَدّروه بأربعة أمداد؛ والمُدّ يُساوي مِلء اليدَين المُعتدِلتَين، أمّا من حيث الوزن؛ فالجمهور من شافعية ومالكية وحنابلة قدّروه ب(2 كيلوغرام و175غراماً)، وقدّره الحنفية ب(3كيلو جرام و296 غراماً)، وقدَّرته اللجنة الدائمة للإفتاء بالسعودية ب(3 كيلوغرامات) تقريباً، وهو الرأي نفسه الذي قال به ابن باز، وقدّرها ابن عثيمين ب(2 كيلوغرام و200 غرام)، ويعود اختلاف العلماء في ذلك إلى أنّ الصاع مكيال يقيس الحجم، وليس الوزن، إضافة إلى اختلاف نوع الطعام المَكيل من حيث الوزن، بل قد يختلف وزن الصاع من الصنف نفسه؛ فالمحصول القديم يكون أقلّ وزناً من المحصول الجديد؛ ولهذا تكون الزيادة أحوط للمسلم، وقد ذهب الحنابلة ، والشافعية، والمالكية إلى تقدير الصاع النبويّ إلى بخمسة أرطالٍ وثُلث الرطل بالعراقيّ، وخالفهم بذلك الحنفية؛ فقالوا إنّه يُساوي ثمانية أرطالٍ بالعراقيّ.
حُكم إخراج زكاة الفِطر من الأرز ومِقدارها
يجوز إخراج زكاة الفِطر من الأرز وغيره من الطعام المُتعارف عليه، حتى وإن لم يكن من الأصناف التي حدَّدَها الفقهاء ؛ وهو قول المالكيّة، والشافعيّة، وذهب الحنابلة إلى جواز إخراجها من غير الأصناف التي حُدِّدت في حال عدم وجود هذه الأصناف؛ أي يُجزئ إخراج الأرز في حال عدم وجود أيٍّ من الأصناف التي حُدِّدت سابقاً، أمّا الحنفيّة فقد بيّنوا أنّ زكاة الفِطر لا تجوز بغير الأصناف التي حدّدوها، إلّا أنّ الشخص إذا أراد أن يُخرجَ غيرها، فيجب عليه أن يُخرج مقدار قيمة الزكاة، ويشتري به الصِّنفَ الذي يُريد إخراجه، كالأرزّ مثلاً، ويجوز إخراج زكاة الفِطر من الأرز، وأيّ صنفٍ آخر من الطعام ممّا اعتاد عليه سُكّان المنطقة؛ فالأصناف التي اختصّها الفقهاء بصدقة الفِطر إنّما هي مِمّا تعارفَ عليه الناس في عهد النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-؛ ولذلك يجوز إخراج زكاة الفِطر من الأرزّ، لا سيّما إن كانت من الطعام المرغوب فيه عند عامّة الناس.
حِكمة مشروعيّة زكاة الفِطر
شرع الله -عزّ وجلّ- زكاة الفِطر بالتزامُن مع فرض صيام شهر رمضان المبارك، وذلك في السنة الثانية للهجرة، وقد سُمِّيت بالزكاة؛ لأنّ فيها تزكية للنفس ، وتطهير لها؛ إذ يُؤدّيها المسلم عند فِطره وانتهاء صيامه؛ ليجبرَ تقصيره، ويزكّي نفسه، ومن الأدلّة على مشروعيّة زكاة الفِطر ما ورد عن ابن عباس -رضي الله عنه- من أنّه قال: (فرضَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ زكاةَ الفطرِ طُهرةً للصَّائمِ منَ اللَّغوِ والرَّفثِ وطُعمَةً للمساكينِ)، وعليه فإنّ من حِكمة مشروعيّة زكاة الفِطر أيضاً تطهير الصائم ممّا يكون قد وقع فيه من لَغو الكلام، ولَهو الحديث؛ فالحَسَنات يُذهِبْن السيِّئات ، كما أنّ في زكاة الفِطر نَشرٌ للمَحبّة والمَودّة بين الناس؛ فهي تُغني المُحتاجين عن ذُلّ السؤال، وما يلحق به من حَرَج، وتُعَدّ زكاة الفِطر بمثابة زكاة للبَدَن؛ فقد أنعمَ الله -تعالى- على العبد بنعمة الحياة عاماً آخر بصحّةٍ، وذلك فضلٌ منه -عزّ وجلّ-.
الهامش
*الدُّخن: أحد أنواع النبات العشبيّة، وله بذور شبيهة ببذور السمسم.
*الأقط: لَبَنٌ مُحَمَّضٌ يُجَمَّدُ حتى يَستحجِر ويُطْبَخ، أَو يطبخ به.