مقامات ابن الوردي
مقامات ابن الوردي
ظهرت المقامات في العصر العباسي حيث كانت تستخدم في وصف أمر ما باستخدام البديع بأشكاله وأنواعه، وكان ابن الوردي ممن كتب أكثر من مقامة في مناسبات مختلفة، هذا ويُمكن لنا أن نجمل مقاماته على النحو الآتي:
المقامة الصوفية
في ه ذه المقامة قدّم ابن الوردي حكايةً عن و احدٍ من الرجال كان مسافرًا إلى القدس تقابل مع آخرين يبلغ عددهم حوالي العشرة رجال، وكانوا يتحدّثون حول الطرق الصوفية ما لها وما عليها وماهيتها، فقام الرجل الذي يكون على الغالب هو (ابن الوردي) يشرح لهم ما لا يعرفونه حول أسرار الصوفية وشروطها وأهم ما يحيط بها من أفكار، بمعنى أنّ المقامة كانت درسًا في الصوفية ومنها:
حكى إنسان من معرة النعمان، قال: قد سافرت إلى القدس الشريف، سفر منكر بعد التعريف، فاجتزت في الطريق بواد وقانا لفحة الرمضاء.. وإذا عشرة رجال من جملتهم شيخ كبير السن والقدر قد أحاطوا به إحاطة الهالة بالبدر، قالوا نحن أيتها العصبة، لنا في التصوف رغبة وجدالنا معاشر الرفقة في لفظة التصوف ممّا هي مشتقة؟ وما شرط الصوفي الصافي.
المقامة الأنطاكية
اختلفت ا لمقامة الأنطاكية عن الصوفية من حيث كونها تتحدث عن مكان وتصفه بكل ما فيه من طبيعة ملفتة، فيسعد بما رأى وكذلك لقاؤه بوالي أنطاكية الذي جلس إليه وشكى له بسبب وجود الأعاجم وشعوره بالخطر الذي ق د يدهمهم بسبب هؤلاء، ويتعالى في هذه المقامة الحس الوطني بكل وضوح، ومما جاء فيها:
حدث إنسان من معرة النعمان، قال: كثيرًا ما كنت أسمع بين البرية الثناء على نزه أنطاكية ، فلمّا دخلتها وشاهدتها وتأملتها، أكبرت طولها، وعجبت لحصانتها، فانتهيت من بدايتها إلى دار ولايتها، فوجدت والي المدينة شابًا ذا سكينة، فما السبب في عدم راحتك؟ قال: قد جمعت هذه المدينة بين عرب وروم، وأنا معهم في الحي القيوم لا أطيق فيهم قرارًا، ومن يطيق الجمع بين الضدين.
المقامة المنبجية
تتشابه المقامة المنبجية مع المقامة الأنطاكية بأنّهما تتحدّثان عن زيارة لبلد ما ووصفه، ولكنّه في هذه المرة يقرن الوصف بالنقد والمعارضة، ففي هذه المقامة يتحدث ابن الوردي عن زيارته إلى مدينة منبج، حيث يراها على حال غير الحال التي عهد منها فلا أنس فيها، ولا تلق للعلم في أروقة المدرسة النورية ذلك لتولي أمر التدريس فيها لمن لا يستحق من صغار السن الذين لا يملكون الخبرة ولا القدرة على إعطاء الدروس.
هذا وقد استهل ابن الوردي هذه المقامة بقوله: حدث عين إنسان معرة النعمان، قال: دخلت منبج في بعض الأسفار، فرأيت مصرًا كأمصار، ولكن قد صغّر ريف الدهر اسمها، وأبهم على المتكلمين حدها ورسمها، فمساجدها بالدثورساجدة، ومشاهدها بحزنها على من غاب عنها شاهدة، ومدارسها دارسة إلا واحدة، فأخلصت النيّة، وقصدت مدرستها النورية، فإذا مدرسها القاضي، وقد استقبل أمر الدرس بفعل ماض، فاحتقرته لحداثة سنّه.