مفهوم الوسطية والاعتدال في الإسلام
مفهوم الوسطية والاعتدال في الإسلام
لا شك أنّ الدين الإسلاميّ دين توسّط واعتدال لا تشديد فيه، ولا إفراط ولا تفريط، ولا غلو فيه ولا جفاء، وشريعته خاتمة الأديان والشرائع السماوية المنزّلة من الله للناس جميعًا في مغارب الأرض ومشارقها.
وحمل دعوتها أشرف المرسلين نبيّه محمد -عليه الصلاة والسلام-، للقويّ والضعيف، وللذكر والأنثى، وللغني والفقير، وللمريض والصحيح، وفي هذا المقال سوف نتناول الحديث عن مفهوم الوسطيّة والاعتدال في الإسلام.
الاعتدال هو الاستقامة، والتزكية والاستواء، والتوسّط بين حالين، وهما: مجاوزة الحدّ المطلوب والقصور عنه، كما يعرّف الاعتدال على أنّه التوسط والاقتصاد في الأمور، وهو أفضل طريقة يتبعها المسلم من أجل تأدية واجباته اتجاه ربّه ونفسه.
الوسطية هي العدل والخيار، وهي أفضل الأمور وأنفعها للناس، كما تعرّف على أنّها الاعتدال في كلّ أمور الحياة ومنهاجها، ومواقفها، وتصرافاتها، فالوسطية ليست مجرد موقف بين التشديد والانحلال بل تعتبر موقفًا سلوكيًا وأخلاقيًا ومنهجًا فكريًا.
وجاءت الوسطية في القرآن الكريم بمعنى التوسط والعدل والخيرية كما في قوله -عز وجل-: (وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا).
معالم الوسطية والاعتدال
تعددت المعالم والمظاهر التي تبين ويستدل بها على وسطية الإسلام والاعتدال فيه، ومن هذه المعالم:
التيسير على الناس والرفق بهم
التيسير مقصِدٌ من مقاصد هذا الدين، وصفة عامّة للشريعة في عقائدها وأحكامها، ومعاملاتها وفروعها، فالله سبحانه وتعالى بكرَمِه وفضله لم يكلِّف عبادَه بما يتعبهم ويشقّ عليهم، ولم يرد بهم الحرج، بل أنز عليهم ديناً ميسّراً وسهلًا، قال تعالى: قال تعالى: (يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ).
الموازنة بين متطّلبات الروح والبدن
لا يجوز لأحد أن يَحْرم نفسه ممّا أحله الله تعالى له، بل عليه أن يتقرّب إلى الله بفعل المأمور به والمباح، والإنسان جسد وروح، وللبدن حقه، وللروح حقها، وللبدن حقه، فليعطِ كلّ ذي حق حقّه.
التوازن في التعامل مع متاع الدنيا
بين الإسلام أن المال وغيره من متاع الدنيا، عبارة عن نعمة وأمر بالحفاظ عليها، ودعا لكسبها بالطرق المشروعة، ومع ذلك نجد أنه حذر من فتنتها ومن الإسراف فيها، ومن اكتسابها أو إنفاقها في الطرق غير المشروعة.
احتواء التشريعات الثبات في الأهداف والمرونة في الوسائل
جاء الإسلام في توجيهاته وأحكامه وسطيًا في ثباته ومرونته من غير إفراط أو تفريط، فجاءت الشريعة ثابتة في مبادئها، راسخة في أساساتها، واتسمت كذلك بالمرونة والقابلية للاجتهاد في الأمور التي تقبل الاجتهاد.
الوسطية والاعتدال في الاعتقاد
وقف الإسلام موقف الوسطية والاعتدال في الاعتقاد بين الماديّين الذين ينكرون كلّ ما وراء الحس ولا يسمعون إلى العقل، وبين متبعي الخرافات الذين يغلون في تصديق الاعتقادات، من غير أدلة قاطعة ولا براهين، وبين ، فالإسلام يدعو إلى الإيمان والاعتقاد، بشرط أن يكون هناك الدليل والإثبات القطعيّ في كلّ شيء.