مفهوم المساواة بين الرجل والمرأة
مفهوم المساواة بين الرجل والمرأة
تُشكّل النساء ما يُقارب نصف سكان العالم، لذلك تسعى المرأة للحصول على حقوقها الأساسيّة التي تُمكّنها في المجتمع، وتجعلها قادرةً على إدارة حياتها، والحصول على استقلاليتها، وتمتّعها بفرص في حياتها الاجتماعيّة والعمليّة مساوية لتلكَ الفرص التي يحصل عليها الرجال، وذلك ما يُطلق عليه "المساواة بين الرجل والمرأة"، ولا يعني هذا المفهوم أن يُصبح الجنسين سواءً في كلّ شيء، ولكنه يهدف إلى إزالة العوائق في طريق تحقيق المرأة لذاتها، وإلغاء فكرة التمييز وإعطاء الفرص بناءً على الجنس، ويُمكن تحقيق ذلك من خلال التركيز على تحديد ومعالجة اختلالات توازن القوى بينَ الجنسين، وتمكين المرأة في عمليّة صنع القرار سواءً على المستوى الخاص أو العام وعدم حصره في يدِ الرجال.
للتعرف على الفرق بين الرجل والمرأة يمكنك قراءة المقال الفرق بين الرجل والمرأة
تكمن أهميّة تحقيق المساواة بين الرجل والمرأة في إقامة مجتمعات سليمة ذات إمكانيّات بشريّة كاملة، وتحقيق مبدأ المشاركة بشكل كامل بين الجنسين كشركاء متساويين، وحماية حقوق الإنسان ، وتحقيق الديمقراطية، واحترام سيادة القانون، والمساهمة في النمو الاقتصاديّ، وتحفيز الإنتاجيّة والقدرة التنافسيّة، وتحقيق التنمية المستدامة، وقد كان مفهوم المساواة بين الرجل والمرأة أمراً يسعى المجلس الأوروبيّ لتحقيقه على مدى عقود، ممّا أدى إلى تطوير شامل في الإطارين القانونيّ والسياسيّ لعدّة دول حول العالم.
جوانب المساواة بين الرجل والمرأة
يرتكز تحقيق المساواة بين الرجل والمرأة على ثلاثة جوانب رئيسيّة جميعها مترابطة مع بعضها، وهي كالآتي:
- القدرات: وهي تتمثّل بالقدرات الأساسيّة التي يكتسبها الإنسان لتحقيق حياة مريحة، وتشمل التعليم ، والصحة، والتغذية.
- الوصول إلى الموارد والفرص: ويعني ذلك تحقيق المساواة بين الجنسين في إمكانيّة استخدام أو توظيف القدرات الأساسيّة للحصول على حياة تتمتّع بالرفاهيّة والراحة على المستوى الشخصيّ أو العائليّ، وذلك من خلال الحصول على فرص في العديد من الجوانب، كفرصة الحصول على إمكانيّات اقتصادية؛ كتملّك الأراضي والممتلكات، أو الحصول على الموارد كالدخل والعمالة، وتمتّع المرأة ببعض الفرص السياسية، مثل: التمثيل في البرلمانات والهيئات السياسية الأخرى، وغير ذلك.
- الأمن: وذلك من خلال التخلّص من العنف والصراعات التي تُلحق الضرر البدنيّ والنفسيّ للإنسان، وتُقلّل من القدرات والإمكانيّات للأفراد، والأسر، والمجتمعات، كما ينبغي التركيز تحديداً على مواجهة العنف ضدّ المرأة، والذي يُقيّد المرأة ويُضعف إمكانيّاتها وسعيها لتحقيق ذاتها بسبب ما يُسبّبه من خوف وأذى.
أهمية المساواة بين الرجل والمرأة
إنّ للمساواة بين الرجل والمرأة أهميّة تنعكس على عدّة جوانب، وهيَ كما يأتي:
أهمية المساواة في التعليم
ينعكس حصول المرأة على فرص تعليم مساوية للفرص التي يحصل عليها الرجل والاستفادة من تعليمها بشكلٍ مساوٍ للرجل على عدّة جوانب، فمن الناحية الدوليّة تستطيع المرأة المتعلمة إحداث تنمية ثقافيّة، وسياسيّة، واقتصاديّة، إذ يُعدّ تعليم الفتيات والنساء أحد أكثر الاستثمارات فعاليّةً في مجال التنمية، أمّا من الناحية الشخصيّة فإنّ المرأة المتعلمة قادرة على تحسين ظروف حياتها وحياة عائلتها المعيشيّة، الأمر الذي يحميها من الفقر ، والتعرّض للعنف، والإصابة بالأمراض.
للتعرف أكثر على حقوق المرأة في التعليم يمكنك قراءة المقال حق المرأة في التعليم
يُقلّل تعليم المرأة الفروقات بين أجور الرجال والنساء، كما ثبت أنّه يُساهم أيضاً في حصول الأطفال على تغذية أفضل، ويُقلّل من حالات الزواج المبكّر ، وحمل المراهقات، ويُقلّل من وفيات الرضّع بنسبة 5-10٪ لكلّ سنة دراسيّة تحصل عليها المرأة، كما يُساهم حصول المرأة على التعليم الثانويّ بخفض وفيات الأطفال إلى النصف، أيّ ما يُعادل حياة 3 ملايين طفل سنوياً، أمّا إذا حصلت على التعليم الابتدائيّ فإنّ وفيات الأمهات تقلّ بنسبة الثلثين، ممّا يعني إنقاذ حياة نحو 98,000 أم.
أهمية المساواة في الاقتصاد
تُحقّق المساواة بين الرجل والمرأة العديد من النتائج الإيجابيّة من الناحية الاقتصاديّة، إذ إنّ النموّ الاقتصاديّ تتصاعد وتيرته بشكلٍ أسرع، ويُصبح النشاط الاقتصاديّ أكبر عند تسهيل وصول المرأة لخدمات النقل والبنية التحتيّة، كما يُساعد تعليم المرأة في المناطق الريفية على زيادة الإنتاج الزراعيّ والقضاء على الفقر في تلك المناطق؛ نظراً لأنّ المزارعات يُشكّلن نسبةً كبيرةً من فقراء هذه المناطق.
أهمية المساواة في المشاركة السياسية
تُعتبر مشاركة المرأة في عمليات صنع القرار في المجالات السياسيّة أمراً في غاية الأهميّة، سواء كان ذلك في مجال الحكم السياسيّ أو في المؤسسات الفعّالة، فقد بيّنت الدراسات أنّ الدول التي تُشارك فيها المرأة بنشاط أو قيادة في مجال السياسة فإنّ مجتمعها يكون أسرع في الاستجابة للمطالب الشعبيّة، وأكثر تحقيقاً للمساواة والديمقراطيّة، وبحسب تحليل أُجريَ على 39 دولة فقد تبيّن أنّ وجود النساء في المجالس التشريعية يجعلها أكثر ارتباطاً بمفاهيم تُعزّز شرعيّة الحكومة لكلّ من الرجال والنساء.
تكمن أهميّة مشاركة المرأة في المجالات السياسيّة ببناء مجتمعات قويّة، وتعزيز صياغة السياسات التي تُركّز على احتياجات الأسر والمجتمعات، فإذا كانت المرأة جزءاً من البرلمانات السياسيّة فإنّها تعطي أولويّةً لقرارات متعلّقة بالتعليم، والصحة، ورعاية الأطفال، وإجازة الوالدين، وتوفير فرص العمل، والرواتب، ممّا يُعزّز بشكلٍ تلقائيٍّ رأس المال البشريّ، ويُحسّن مستويات المعيشة في المجتمع، كما ستهتمّ المرأة بالمواضيع المتعلقة بالعنف ضدّ المرأة، وببعض مسائل التنمية الأوسع، مثل: الحدّ من الفقر وتقديم الخدمات المجتمعية.
أهمية المساواة في مكان العمل
تتمحور أهميّة المساواة بين الرجل والمرأة في مكان العمل في عدّة نقاط، وهي كالآتي:
- تحسين الأداء التنظيميّ والرفاهيّ في العمل: هناك علاقة طرديّة بين الأداء التنظيميّ والمساواة بين الجنسين في بيئة العمل ، وذلك من خلال تحقيق رؤية أكثر شموليّةً للتحديات التي تواجهها الشركات، وتقديم حلول أكثر فعاليّةً لمعالجتها، فوفقاً لدراسة مجراة تبيّن أنّه إذا كانت المرأة في منصب إداريّ فإنّ ذلك يخلق بيئة عمل أكثر التزاماً وتحفيزاً، كما يزيد من إنتاجيّتها بنسبة 41% إذا شكّلت النساء نحو 10% من المناصب الإداريّة.
- تسهيل فهم واستهداف المستهلكين: تُشّكل النساء النسبة الأعلى في شراء المنتجات، لذا يؤدّي تشغيل المرأة في هذه المجالات إلى زيادة المبيعات من خلال رؤيتها الأكثر شموليةً لسوق الشراء، واستيعابها لاحتياجات المستهلك، ونظرتها الأفضل للتصاميم التي تجذب المشتري.
- جذب المواهب والحفاظ عليها: إنّ توظيف النساء وإعطائهنّ فرصاً متساويةً للتقدم الوظيفيّ والترقية يعني استغلال مواهبهنّ وقدراتهنّ، إذ يرى 47٪ من المديرين أنّ المساواة بين الجنسين في التوظيف يُعدّ وسيلةً لجذب المواهب النسائية، وخاصةً أنّ 60٪ من خريجي الماجستير هم من النساء، وعند اختيار الموظف الكفء بناءً على قدراته لا جنسه فإنّ ذلك يختصر على الشركات عمليّة البحث المستمرّ عن موظفين مؤهلين، وبالتالي يوفّر الكثير من الوقت والمال.
- الارتقاء بسمعة الشركة: تتمتّع الشركة التي تُحقّق المساواة بين الجنسين في بيئة عملها بسمعة لعلامتها التجاريّة، والتي تُعدّ أهم معايير الشراء، كما تؤدّي إلى تحسين صورتها بشكلٍ مستمرّ خاصةً لدى المستهلكين الذينَ يهتمون في قضيّة المساواة بين الجنسين.
- تعزيز الابتكار في الشركة: يؤدّي التنوّع في العقليّات إلى تنافس مستمرّ للابتكار والإبداع وخاصةً في الشركات التقنية، كما يُعدّ وجود النساء في بيئة العمل وسيلةً لحلّ المشكلات بشكلٍ أفضل بسبب وجهات نظرهنّ وتجاربهنّ المختلفة.
جوانب أخرى مهمّة
لا تقتصر أهميّة المساواة بين الرجل والمرأة على مجالات محدّدة، بل تنعكس أهميّتها على جوانب أخرى منها ما يأتي:
- الحدّ من العنف ضدّ المرأة: تُعدّ عدم المساواة بين الرجل والمرأة أحد أهمّ الأسباب التي تُعرّض المرأة للعنف؛ وذلك بسبب الصورة النمطيّة التي تفرض سيطرة الرجل على المرأة، ووضع حدود لاستقلاليّتها.
- تحقيق الأمن والسلام: تُعزّز المساواة بين الجنسين السلام بين الأمم والشعوب، وخاصةً عند جعل المرأة شريكةً في عملية صنع القرار.
- توفير إمكانيّات غير محدودة: يؤدي إعطاء المرأة فرصاً مساويةً للفرص التي يحصل عليها الرجال إلى اكتشافات الإمكانيّات المهملة، وتُساهم في الوصول إلى أقصى إمكانيّات لكلا الجنسين.
مظاهر المساواة بين الرجل والمرأة
تظهر بعض المؤشرات أو المظاهر على المجتمع الذي تسود فيه المساواة بين الرجل والمرأة، وفيما يأتي نبذة عنها:
- انحسار الفجوة المعرفيّة بين الذكور والإناث خاصةً في القراءة والكتابة، واقتراب معدلات التحاق كلا الجنسين بالتعليم الابتدائيّ والثانويّ والتعليم العالي.
- تقارب النسبة المئويّة بينَ النساء والرجال في الحصول على وظائف مدفوعة الأجر.
- ارتفاع النسبة المئويّة لحصول النساء على وظائف مهنيّة، وفنيّة، وإداريّة، وحكوميّة.
- زيادة عدد المقاعد التي تحصل عليها المرأة في البرلمان، والمناصب الوزاريّة، ومناصب صنع القرار.
تحقيق المساواة بين الرجل والمرأة
تسعى المجتمعات إلى تعزيز المساواة بين الرجل والمرأة، لذا يُمكن اتباع بعض الطرق والإجراءات لتحقيق ذلك ومنها ما يأتي:
- تصميم الفتاة على البقاء في المدرسة، وتحفيز زميلاتها على اتخاذ موقف صارم للقيام بالأمر ذاته.
- سعي المرأة لمكافحة مظاهر التحيّز اللاواعية، وإزالة الحواجز الضمنيّة التي تتسبب في إحباط جهودها، والسعي لتحقيق تكافؤ الفرص.
- وقوف الرجال جنباً إلى جنب مع النساء لتحقيق المساواة، وإعطائهنّ حقوقهنّ، وبناء علاقات قائمة على الاحترام مع الجنس الآخر.
- دعم وتمويل الحملات التثقيفيّة التي تدعو إلى الحدّ من الممارسات الثقافيّة المبنية على عدم المساواة، والتي تسعى إلى تغيير القوانين التي تمنع النساء من الحصول على حقوقهنّ وتُحبط إمكانياتهنّ.
- سنّ قوانين وسياسات تفرض المساواة بين الجنسين في مختلف المجالات، والقيام بتدابير للنهوض بمكانة المرأة ودورها في المجتمع، والتعاون مع المجتمع المدنيّ والدوليّ لتحقيق المساواة، وتنفيذ استراتيجيّة تُراعي المساواة بين الجنسين في جميع السياسات والتدابير.
- التأكيدّ على تمكّن المرأة من المشاركة والقيادة بشكلٍ مساوٍ للرجل، وعلى أهميّة حصولها على فرص المشاركة والقيادة في جميع مجالات صنع القرار.
- 'تعزيز تكافؤ الفرص الاقتصاديّة بين الجنسين؛ لضمان حصول المرأة على مصدر دخل، وحصولها على عمل يتناسب مع إمكانيّاتها.
- القضاء على جميع أشكال العنف ضد النساء.
- التأكّد من إدراك وتنفيذ جميع حقوق الإنسان للنساء.