مفهوم المرحلة التحليلية للمدرسة التكعيبية
مفهوم المرحلة التحليلية
تتكامل المرحلة التحليلية مع المرحلة التركيبية التي تلتها مباشرة، وهي إحدى مراحل تطور المدرسة التكعيبية ، وتعني تفكيك المناظر الطبيعية وإعادة تركيبها على شكل مكعبات هندسية، وقد اعتمدت هذه المرحلة على نمطية اللون الواحد في التعبير عن اللوحة، وكان غالبًا محدداً بالأسود والرمادي أو الأخضر الداكن، وهكذا تم إقصاء جميع الألوان الحية من الفن التكعيبي في هذه المرحلة.
مراحل المدرسة التكعيبية
مرت المدرسة التكعيبية منذ تأسيسها بثلاث مراحل أدت إلى تطورها بشكل سريع وبقفزات كبيرة، وهذه المراحل هي:
- مرحلة التركيز على الأشكال المستقلة ورسمها بشكل هندسي بسيط على يد الفنان التشكيلي سيزان عام 1909م، والذي أعاد تشكيل الطبيعة إلى ثلاثة أشكال هندسية أساسية وهي؛ المكعب والكرة والأسطوانة.
- المرحلة التحليلية التركيبية، واستمرت هذه المرحلة منذ عام 1910-1912م.
- الصورة الموحدة للتكوين، وتعني التركيز على رسم موضوع مترابط وواضح المعالم.
المرحلة التحليلية في المدرسة التكعيبية
ذكرنا آنفًا أن المرحلة التحليلية في عهد المدرسة التكعيبية كانت تعتمد على تفكيك الأشكال الطبيعية وتحويلها إلى مكعبات ثم إعادة تركيبها وتجميعها مرة أخرى، بعد ذلك كانت تتم معالجة هذه المكعبات من خلال تلاعبات الظلال التي توهم المتفرج بالحركة، ثم يظلل الشكل الهندسي من كل النواحي بشكل يجعل الرائي يظن أنه يراها من زوايا متعددة، إلا أن هذا التركيز الشديد على الشكل أدى إلى بداية تراجع وضعف عام في جسد اللوحة، فأُهملت الألوان وصارت اللوحة ترى مرة واحدة من كل الجوانب.
لقد كان الفن التكعيبي في هذه المرحلة فنًا بدائيًا يُعبر عنه بشكل طفولي وبسيط، ومن هنا بدأ بيكاسو يشعر بالخطر الذي لاح أمامه جرّاء هذا الاهتمام بالشكل، ولما أدرك كذلك أن التحليل المبالغ به للأشكال في الطبيعة قد يضع الفنان لاحقًا أمام طريق مغلق، ثم بدأ الفنانون باستعادة قدرتهم على تناول الأشكال الطبيعية بشكل أوضح وأقل تعقيدًا وأكثر جاذبية، وأعادوا دمج الألوان المختلفة في لوحاتهم.
نشأة المدرسة التكعيبية في الفن التشكيلي
تأسست المدرسة التكعيبية في مطلع القرن العشرين على يد كل من بيكاسو وبراك، وقد استمدت اسمها من تعليق ألقاه الناقد لويس فوكسلز عند رؤيته للوحات الفنان براك عام 1908م، وقد عبر هذا الاسم تعبيرًا حقيقيًا وصحيحًا عن مضمون هذا المدرسة، حيث إنها تتخذ الهندسة التي هي أصل الأشياء مادة أساسية في بناء اللوحة عن طريق تجميعها على شكل مكعبات.
تعتبر المدرسة التكعيبية من أهم وأشهر مدارس الفن التشكيلي، وقد استمدت هذه الشهرة من غرابتها باستخدامها للهندسة في الرسم التشكيلي، ويُقاس هذا من خلال إقبال العامة والخاصة عليه معجبين بهذا الابتكار الفريد من نوعه، وقد اتجه العديد من الفنانين للمدرسة التكعيبية واشتهرت العديد من اللوحات التي تنتمي لها، كما كانت كذلك بوابة الدخول إلى عالم الفن التجريدي.
هدف المدرسة التكعيبية
هدفت المدرسة التكعيبية بشكل أساسي إلى إبراز الجمال الطبيعي من خلال إعادته إلى أصله الهندسي، وهكذا رأى فناونو المدرسة التكعيبية أنهم استطاعوا تحويل الواقع الملموس والمحسوس إلى فن جميل ومبتكر، فظهر المربع والمستطيل والأشكال الهندسية الأخرى، ثم عملوا على رسم المكعبات التي من خلال تجميعها شكلت رسمًا متكاملًا.
مميزات المدرسة التكعيبية
امتازت المدرسة التكعيبية بعدة أمور منها:
- اعتماد الهندسة أساسًا لها كان لفتة جيدة لضرورة وجوب التنظيم حتى في أبسط الأمور.
- تقديم رؤية جديدة للفن التشكيلي غير مألوف سابقًا.
- لفت النظر إلى ضرورة التجديد في الفن وابتداع أنماط مختلفة للتعبير عنه.
- إعادة تركيب الأشكال من أصلها الهندسي، مما سهل على العديد من الفنانين دخول عالم الفن التشكيلي والخوض فيه، فهي تبدأ بأشكال هندسية تكعيبية سهلة التصميم، ثم يظهر إبداع وخيال الفنان في كيفية دمجها وإخراجها بشكل فني جمالي في نهاية المطاف.
رواد المدرسة التكعيبية
تعتبر المدرسة التكعيبية دمجًا حيًا بين العلم والفن، وقد كان هذا تحديًا جميلًا وجديدًا استطاع روادها التميز فيه، ومن أبرز رواد المدرسة التكعيبية:
- بول سيزان: وهو فنان فرنسي اعتبره النقاد أب الفن التشكيلي بشكله الحديث، حيث كان أول من اعتمد نمط الهندسة في الرسم، ومنه استمد بيكاسو الخطوط العريضة للمدرسة التكعيبية.
- جورج براك: عمل جورج براك مع بيكاسو على إخراج لوحات المدرسة التكعيبية إلى النور، ولطالما كانا يشتركان في الأسلوب والمبادئ في الرسم التكعيبي، وكان لهما أعمال مشتركة عديدة.
- بابلو بيكاسو: وهو أبرز فناني المدرسة التكعيبية، عاش 92 عامًا أمتعنا بها بالكثير من الأعمال التي بقيت خالدة، وقد كان فنانًا مبتكرًا ومتجددًا على الدوام.