مفهوم المدرسة التكعيبية
تعريف المدرسة التكعيبية
تُعدّ المدرسة التكعيبية أسلوب من أساليب الفنون البصرية، والذي تم إنشاؤه من قِبل الفنانيَن بابلو بيكاسو وجورج براك في باريس في القرن العشرين، حيث كانت المدرسة التكعيبية من أكثر أساليب الفن تأثيرًا في ذلك الوقت، خاصةً بعد لوحة بيكاسو الشهيرة (Demoiselles D’Avignon) التي تضمنّت عناصر من النمط التكعيبي.
يركّز هذا الأسلوب على الأبعاد الثنائية للصورة، واعتمد في تمثيله الواقع على تجميع مواضيع مختلفة داخل اللوحة مثل الأشياء أو الأشكال، ممّا أدى إلى ظهور لوحات مجزّأة ومجرّدة، كما يرتكز الفن التكعيبي على اتخاذ الأشكال الهندسية عنصرًا لبناء العمل الفني، ويُذكر أنّ الفن التكعيبي مرّ عبر مرحلتين متميزتين من التطور هما: التكعيب التحليلي، ومرحلة لاحقة من التكعيبية تُعرف باسم التكعيب التركيبي.
تاريخ المدرسة التكعيبية
يعود تاريخ إنشاء المدرسة التكعيبية في باريس بين عامي 1907 - 1914م، وبالرغم من أنّ العصر الذي ظهرت فيه المدرسة التكعيبية كان في أوائل القرن العشرين، إلا أنّ أفكارها وتقنياتها أثّرت في العديد من التخصصات الإبداعية واستمرت في إثراء العمل التجريبي.
صاغ الناقد الفني الفرنسي لويس فوكسيل مصطلح التكعيبية، بعد رؤيته للمناظر الطبيعية التي رسمها جورج براك في عام 1908 م في لوحة منزل في إيستاك (L'Estaque)، وبحلول عام 1912 م بدأ بيكاسو وبراك في دمج الكلمات في اللوحات، والتي تطورت إلى عناصر مجمّعة.
ومن الجدير بالذكر أنّ النحاتين استخدموا أيضًا الأشكال التكعيبية، حيث ظهر الفنان الروسي ألكسندر أرشيبينكو لأول مرة في عام 1910 م إلى جانب فنانين تكعيبيين آخرين.
رواد المدرسة التكعيبية
فيما يأتي أهمّ رواد المدرسة التكعيبية:
بول سيزان 1898
يُقال إنّ بول سيزان هو من شكّل الجسر بين الانطباعية في أواخر القرن 19 م والحركة الفنية الجديدة في أوائل القرن 20 م والمعروفة باسم الفنون التكعيبية، وقد تبيّن من خلال لوحاته أنّه يميل إلى تقطير الأشياء والمناظر الطبيعية إلى مستويات مسطّحة من الألوان.
استمرّت أعمال بول سيزان في إلهام الفنانين التكعيبيين بما في ذلك بابلو بيكاسو، وجورج براك، وجان ميتزينجر، وألبرت جليزيس، وخوان جريس لتجربة مناظر متعددة أكثر تعقيدًا للموضوع نفسه وكسر القواعد التقليدية للمنظور.
بابلو بيكاسو
يُمكن القول بأنّ بيكاسو قد استوحى أعماله من سيزان، وتأثّر أيضًا في الأقنعة القبلية الأفريقية، والتي غالبًا ما تكون منمّقة للغاية وغير طبيعية، ولكنها لا تزال تقدّم صورة بشرية حية، ويُذكر أنّ بيكاسو اشتهر بإعادة ترتيب ملامح وجه موضوعاته، حيث قال ذات مرة: "الرأس يتكون من عيون وأنف وفم، ويمكن توزيعها بأيّ طريقة تريدها".
اتخذت أعمال بيكاسو التكعيبية شكلين؛ الأول هو عصر التكعيب التحليلي؛ وهو نمط من الرسم طوّره بيكاسو مع جورج براك، والعصر الثاني عصر التكعيبية الاصطناعية؛ وهو تطور إضافي لفنون المدرسة التكعيبية، يُستخدم فيها أجزاء من الورق المقطوع كورق الحائط وتُلصق في تركيبات، ممّا يشير إلى أنّ بيكاسو هو أول من استخدم الكولاج في الفنون الجميلة.
جورج براك
كان جورج براك شخصية رئيسية في تطوير المدرسة التكعيبية إلى جانب بيكاسو كما ذكرنا في الفقرة الأولى، وقد كان عمله بين عامي 1908 و 1912 مرتبطًا ارتباطًا وثيقًا بعمل بيكاسو، حيث لم يكن من الممكن تمييز أعمالهم التكعيبية عن بعضها البعض لسنوات عديدة. ونظرًا لطبيعة براك الهادئة، فإن شهرة وأعمال بيكاسو تفوقت بشكل جزئي على أعماله.
خوان غريس
اشتهر خوان غريس بالرسوم ال كاريكاتيرية الساخرة، وفي عام 1910 م طوّر أسلوبًا تكعيبيًا شخصيًا له وأخذ بعين الاعتبار أهمية الرياضيات في الرسم، وتجدر الإشارة إلى أنّه كان يميل نحو التكعيبية الاصطناعية وكان يستخدم الكولاج على نطاق واسع، وذلك في عام 1913 م.
فرناند ليجر
كان فرناند ليجر واحدًا من الفنانين الذين كانوا يُظهرون ويُوضّحون مفهوم التكعيبية لعامة الناس لأول مرة في عرض منظّم وذلك عام 1911 م، حيث كان أسلوب ليجر في التكعيبية شخصيًا وكان يُطلق عليه من قِبل منتقديه اسم (Tubism)، والذي أشار إلى ميله لاستخدام الأشكال الأسطوانية.
التكعيبية الاصطناعية
هو نمط تكعيبي حديث اجتاح ساحة الفن التشكيلي كمرحلة لاحقة من مراحل تطور الفن التكعيبي، حيث لعب اللون في لوحات هذه المرحلة دورًا أساسياً، مع المحافطة على الصورة مجزّأة ومسطّحة لكن بحجم أكبر وأكثر جمالاً وزخرفة، كما يُمكن استخدام الأسطح الملساء والخشنة في اللوحة.
استعمل فنانو الحركة التكعيبية الاصطناعية كثيراً من المواد، مثل الصحف وأغلفة التبغ، وألصقوها على القماش مع المساحات المرسومة، حيث تسمّى هذه التقنية الآن باسم الكولاج، وكان الهدف من استخدامهم لذلك هو جعل مشاهد اللوحة يميز بين الواقع والوهم في اللوحة.