مفهوم التشبيه المرسل
التشبيه المرسل من حيث المفهوم
يعد التشبيه المرسل أحد الأساليب البلاغية التي تقدم معنى واضحًا يجمع بين عنصري التشبيه (المشبه والمشبه به)، إلا أن تصنيفه في هذا الحقل البلاغي يتأتى من وجود أداته التشبيهية في الجملة؛ إذ يعد التشبيه من المنظور العام إيراد دلالة مشتركة بين شيئين تدل ع لى صفة مشتركة بينهما، فإذا قلنا: (محمد كالأسد في الشجاعة)، فيُقصد هنا اتصاف محمد والأسد بالسمة ذاتها وهي الشجاعة، والإقدام.
أما في الحديث عن التشبيه المرسل تحديدا، فنحن نركز بشكل جليّ على ظهور الأداة في النص، أي يصبح تشبيهًا مرسلًا باعتبار وجود الأداة؛ وذلك لأن هذا النوع يستخدم الأداة في التشبيه، مثل: (فاطمة كالوردة)، فكلمة (الوردة) مسبوقة بأداة تشبيه تؤكد ذلك وهي الكاف، ومن هذا المنظور نستطيع تمييز التشبيه المرسل عن غيره في سياق الجملة.
أدوات التشبيه المرسل
تعد أدوات التشبيه الرابط الذي يتم من خلاله تقديم وصف للمشبه من خلال اشتراكه بالمشبه به في الصفة والعلاقة ذاتها، وهذه الأدوات هي: الكاف، وكأن، ومثل، وشبه، وأيضًا ما يحمل معناها، ونظرًا لأهمية الأدوات، ودورها الكبير في تقديم علاقة مشتركة بين طرفي التشبيه؛ فقد سماها السكاكي بـ(كلمة التشبيه).
التشبيه المرسل من حيث التطبيق
يمكننا معرفة التشبيه المرسل عن غيره من الأساليب البلاغية، فقد كان حضور الأداة هو الفاصل في تسهيل ذلك؛ فسمي بالمرسل لأنه مرسلًا من التأكيد، ويمكننا أخذ أمثلة كثيرة توضح ذلك من خلال استخراج الأمثلة من الآيات القرآنية، والقصائد الشعرية، مثال ذلك:
التشبيه المرسل في القرآن الكريم
ظهر التشبيه المرسل في الآيات القرآنية بكثرة، ويمكننا توضيحه من خلال ذكره فيما يلي:
- في قوله تعالى: (مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ ).
في قوله تعالى: (وَحُورٌ عِينٌ، كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ ).
- في قوله تعالى: (وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ وَظَنُّوا أَنَّهُ وَاقِعٌ بِهِمْ).
نلاحظ أن الآيات السابقة احتوت على أدوات التشبيه؛ ففي الآية الأولى كانت (مثل)، وفي الآية الثانية (أمثال)، وفي الثالثة (كأن)، فهذه الأدوات لا تحمل القالب اللفظي ذاته، بل تتغير على اتفاق معناها.
التشبيه المرسل في الشعر
للتراث الشعري دور كبير في رصد الأساليب البلاغية البارزة، وخاصة التشبيه على جميع أنواعه؛ فنلاحظ أن التشبيه المرسل موجود بشكل لافت وواضح في أبيات الشعراء، منها:
قول ابن الرومي:
يا شبيه البدر في الحسن
- وفي بعد المنال.
وقول الشاعر بشار بن برد:
كأن مثار النقع فوق رؤوسنا
:::وأسيافنا ليل تهاوى كواكبه.
قد ذُكرت أداة التشبيه في سياق هذه الأبيات الشعرية؛ ففي البيت الأول نجد أن أداة التشبيه المذكورة فيه هي: (شبيه) التي تعني (مثل)، وفي قول بشار بن برد (كأن)، فهذه أدوات تشبيه تكشف النوع المرسل الذي جاء به التشبيه.