مفهوم التأريخ النسبي
ما هو التأريخ النسبي
يعرف التأريخ النسبي بأنه عملية تحديد الترتيب الزمني لأحد الصخور، أو الأحداث الجيولوجية دون معرفة الأعمار الحقيقية والمحددة لأي منها؛ فهو يستخدم لتمييز الطبقات الصخرية و الأحافير المدفونة بداخلها؛ من حيث الأقدم والأحدث عبر الخط الزمني، وليس لتحديد عدد السنوات التي تشكلت فيها الطبقة الواحدة.
كما يعرف بأنه العلم الذي يحدد الترتيب النسبي للأحداث الجيولوجية، عبر الحقب الزمنية من الأقدم وحتى الأحدث، دون تحديد العمر المطلق لأحد هذه الأحداث، وهو ما يتم عبر دراسة خصائص الطبقات الصخرية، وأنواع الأحافير المدفونة فيها، والتي تعود إلى كائنات حية عاشت وماتت ودفنت في نفس الحقبة الزمنية، التي تشكلت فيها تلك الطبقة الصخرية.
وتشكل هذه الطريقة المنهج الوحيد المتبع من قبل علماء الجيولوجيا؛ لوضع الأحداث الجلوجية، والأحافير، والطبقات الصخرية، ضمن سلسة زمنية حسب ترتيب الحدوث وليس وقته، قبل اختراع التأريخ الإشعاعي ؛ الذي وفر لهم وسيلة للتأريخ المطلق والذي يعتمد على النظائر المشعة، إلا أن هذا الاختراع وقف عاجزًا أمام الطبقات التي لا تحتوي على تلك النظائر المشعة؛ الأمر الذي يجعل التأريخ النسبي المعتمد على الأحافير أكثر دقة من بعض النواحي.
ومن الجدير بالذكر أن الزمن الجيولوجي -أي عمر الأرض- يمتد إلى (4.6 مليار) سنة، ويعود تشكل الصخور فيها إلى ملايين السنين، وليس بمقدور علماء الأرض والآثار الجزم بالعمر الحقيقي لأي منها؛ وإنما يتوصلون فقط إلى ترتيب ما حصل في الماضي، ضمن سلاسلة زمنية تبين العصور، ونوع الصخور، والأحافير المتشكلة.
مبادئ التأريخ النسبي
اعتمد العلماء على بعض المبادئ لتأريخ الطبقات الصخرية، إليك بعضها:
مبدأ التوحيد
استخدم لأول مرة في القرن الثامن عشر من قبل العالم جيمس موتون، حيث اعتقد أنه يمكن فهم الأحداث في الماضي؛ عبر مراقبة العمليات التي تحدث اليوم، أي العمليات الطبيعية؛ ك التعرية ، والتجوية، والترسب، وتكتونية الصفائح، وقوانين الجاذبية الأرضية وغيرها، والتي لم تتغير عبر مرور الحقب الزمنية، ويعبر عن هذا المبدأ بكونه "الحاضر هو مفتاح الماضي"، وهو ما يوجه مبادئ علم طبقات الأرض .
مبدأ الأفق الأصلي
يشير هذا المبدأ إلى أن الرواسب المترسبة تترسب على سطح الأرض في طبقات أفقية، وعليه إذا كانت مائلة، أو مطوية، أو متحولة، فيجب أن تكون كل هذه العمليات قد حدثت عقب الترسب والصقل.
مبدأ الاستمرارية النهائية
يرتكز هذا المبدأ على ترسب الرسوبيات بشكل جانبي في طبقات متصلة، ووفقًا لذلك إذا تم قطع هذه الطبقات الأفقية بسمات التآكل (كالوادي)؛ فأن ذلك يتيح تفسير أن الطبقات على جانبي الوادي (القِطع)، هي نفس الطبقات.
مبدأ التزايد
ينص هذا المبدأ على أنه في سلسلة من الصخور ذات الطبقات المنتظمة (غير المضطربة)، تكون كل طبقة متتالية أحدث من التي أسفلها، وأقدم من التي تعلوها، وعليه فإن أقدم الصخور هي التي في الأسفل، وأحدثها هي التي في الأعلى.
مبدأ العلاقات الشاملة
وفقًا لهذا المبدأ فيجب أن يكون أي حدث جيولوجي يؤثر على طبقة ما من الصخور أحدث عمرًا منها؛ أي أن الحدث الجيولوجي المسمى "بالقاطع"، لابد أن يكون أحدث من الصخور التي قطعها، كما يجب أن تكون الصخور أقدم منه ليتم ترسبها قبل حصول القطع، ويشكل هذا المبدأ القواطع، والطيات، والأعطال، والاقتحامات النارية، والتحول.
استراتيجيات التأريخ النسبي
يوجد هناك مجموعة من الاستراتيجيات، والطرق المتبعة للتأريخ النسبي، نذكر بعضها:
علم طبقات الأرض (Stratigraphy)
تعتمد هذه الطريقة على افتراض أن طبقات التربة تتراكم فوق بعضها في الرواسب؛ بحيث تكون الطبقات السفلية هي الأقدم والطبقات العلوية هي الأحدث، وعليه يتم بناء سلاسل الزمن النسبي من أقدم (أسفل) إلى أحدث (أعلى)، وأن القطع الأثرية المتواجدة في تلك الطبقات الصخرية قديمة، قدم الرواسب التي تم العثور عليها في نفس الطبقة الصخرية.
التسلسل (Seriation)
وهو الأسلوب الذي كان شائعًا في القرن العشرين، ويبحث في التغييرات التي تحدث في أنماط معينة، من القطع الأثرية الموجودة في مكان محدد، وذلك بافتراض أن نمطًا تصنيفيًا واحدًا يحل ببطْء، محل النمط السابق له بمرور الوقت.
التأريخ بالفلور (Fluorine dating)
تعتمد هذه التقنية على تحليل كمية الفلور التي امتصتها العظام المدفونة من التربة المحيطة؛ وذلك لتحديد مدة بقاء هذه العينة تحت الأرض.