مفهوم الإحسان في القرآن
معاني الإحسان في القرآن الكريم
جاء ذكر الإحسان في القرآن الكريم إما منفرداً وإما مقترناً بالإيمان أو الإسلام أو التقوى ، وقد تكرّر ذكر الإحسان في القرآن الكريم في مئةٍ وتسعين موضعاً وجاء مقترنا بعدة عبادات حسب ما يأتي:
- ورد ذكر الإحسان في القرآن الكريم منفرداً، مثل قوله تعالى: ﴿لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ﴾.
- ذُكر الإحسان مقترناً بالإيمان، ودليله قوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً﴾.
- ذُكر الإحسان مقروناً بالإسلام، كقوله تعالى: ﴿وَمَن يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى وَإِلَى اللَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ﴾.
- اقترن ذكر الإحسان بالتقوى، كقوله تعالى: ﴿إِنَّ اللّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ﴾.
الإحسان صفة من صفات الله
جاء ذكر الإحسان في القرآن الكريم باعتباره صفة من صفات الله تعالى ، ومن معانيه الواردة في القرآن: إحسانه لخلق الإنسان؛ أي خلق الإنسان بأحسن تقويم وصورة، قال الله تعالى: ﴿الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنسَانِ مِن طِينٍ﴾.
كما ذُكر الإحسان كوصف لله تعالى، فهو أحسن الحاكمين، ومنه قوله تعالى: ﴿أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْماً لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ﴾، وقد وُصفت كلمات الله -تعالى- بالحسنى، وهي صفة تشريف لكلامه المنزّه عن النقص، وهذا من قوله تعالى: (وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَى﴾.
الإحسان صفة من صفات الأنبياء والصالحين
اقترن ذكر الإحسان بالأنبياء، كما وُصفت أفعال الصالحين بالإحسان كذلك، ومن ذلك:
- وصف سيدنا يوسف عليه والسلام بأنه من المحسنين، فقد اجتمعت فيه الأخلاق الحسنة، ومنه قوله -تعالى- على لسان رفقائه في السجن: ﴿إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ﴾.
- وصف الزوج المُكرِمِ لزوجته بالإحسان، قال تعالى: ﴿مَتَاعاً بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُحْسِنِينَ﴾.
- وصف القرآن الكريم من أسلم وجهه لله بأنه من المحسنين، قال تعالى: ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ دِيناً مِّمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لله وَهُوَ مُحْسِنٌ﴾.
الإحسان للوالدين
أكرم الله -تعالى- الوالدين بأن جعل الإحسان إليها مقروناً بتوحيده عزّ وجلّ، والإحسان إليهما بمعنى معاملتهما بلطفٍ وخلق حسن، وعدم إيذائهما بالقول أو الفعل، قال تعالى: ﴿وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً﴾، وقال تعالى: ﴿وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لاَ تَعْبُدُونَ إِلاَّ اللّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً﴾.
الإحسان إلى الناس
جاء ذكر الإحسان مع الناس في أكثر من موضعٍ في القرآن الكريم، ففي البداية أَمَر الله -تعالى- بني إسرائيل بقول الكلام الحسن للناس، حيث قال عز وجل: ﴿وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً﴾، وأمر الله -تعالى- أتباع سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم- بأن يقولوا الأحسن للناس، فقال تعالى: ﴿وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُواْ الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾.
وعند الدعوة إلى الله -تعالى- كذلك أمر الله أن يكون الكلام بالأحسن، فقال تعالى: ﴿وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾، فإن حصلت الخصومة فقد أمر الله -تعالى- بالعفو والصفح؛ لأن العفو من صفات المحسنين الذين يحبهم الله تعالى، قال عز وجل: ﴿فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾.
مفهوم الإحسان لغة واصطلاحا
الإحسان في اللغة
يُعرّف الإحسان في اللغة بعدة معانٍ، فهو ضد الإساءة، وهو إجادة العمل وإتقانه، ويقصد بالإحسان الإخلاص لله تعالى، والإحسان هو الإنعام على الغير، وهو فوق العدل؛ لأنه العدل أن يُقدّم الإنسان ما عليه، أما الإحسان فهو أن يُقدّم فوق ما عليه.
الإحسان في الاصطلاح
إذا أضيف الإحسان إلى الإيمان والإسلام فهنا يأتي بمعنى استشعار مراقبة الله -تعالى- وحسن طاعته، وقد عرّف النبي صلى الله عليه وسلم الإحسان فقال: (الإحْسَانُ أنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأنَّكَ تَرَاهُ، فإنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فإنَّه يَرَاكَ)، أما إذا كان لفظ الإحسان مطلقاً فهو بمعنى فعل الأمر الحسن.