معلومات عن سيدنا عمر بن الخطاب
ولادة عمر بن الخطاب ونسبه
اسمه عمر بن الخطّاب بن نفيل بن عبد العزي بن رياح بن عبد الله بن قرط بن رزاح بن عدي بن كعب بن لؤي القرشي العدوي، وكنيته أبو حفص، وأمّه حنتمة بنت هاشم بن المغيرة ابن عبد الله بن عمر بن مخزوم، وقيل: حنتمة بنت هشام بن المغيرة، وُلد بعد عام الفيل بثلاثة عشر عاماً، كان ذا شرف وسيادة في قريش في الجاهليّة، فكان سفيرهم إذا وقع الخلاف فيما بينهم أو بينهم وبين غيرهم.
نشأة عمر بن الخطاب
نشأ عمر بن الخطّاب في بيت ذا سيادة، يضم والده الخطّاب بن نفيل، ووالدته حنتمة، وقد كان والده من سادات قريش الذين يحتكمون إليه، وكان قد تزوّج في الجاهليّة بزينب بنت مظعون أخت عثمان بن مظعون، فأنجبت له عبد الله، وعبد الرحمن الأكبر، وحفصة.
وتزوّج مليكة بنت جرول فأنجبت عبيد الله ثمّ طلقها، وتزوّج قُريبة بنت أبي أمية المخزومي وطلّقها دون أن تنجب له ولداً، وتزوّج أمّ حكيم بنت الحارث بعد أن طلقها عكرمة بن أبي جهل فأنجبت له فاطمة.
وتزوّج جميلة بنت عاصم، وتزوّج عاتكة بنت زيد بن عمرو بن نفيل، وخطب أمّ كلثوم بنت أبي بكر لكنّها لم ترضَ كونه خشن العيش، ثمّ خطب أمّ كلثوم بنت علي بن أبي طالب فأنجبنت له زيداً، ورقية، وتزوّج لُهية من اليمن فأنجبنت له عبد الرحمن الأوسط وقيل الأوسط.
وبلغ عدد أولاده ثلاثة عشر ولداً، وأمّا نساؤه فقد بلغ عددهنّ سبعة نساء ممّن تزوجهّن في الجاهليّة والإسلام، وممّن طلقهنّ أو مات عنهنّ، وكان هدفه من الإكثار في الزواج؛ الإكثار من الإنجاب والذريّة.
إسلام عمر بن الخطاب
نقل ابن إسحاق أنّ إسلام عمر بن الخطّاب كان بعد الهجرة الأولى إلى الحبشة والتي كانت في العام الخامس من البعثة، وقيل إنّه أسلم في السنة السادسة من البعثة، وقد تعدّدت الرّوايات التي نقلت حادثة إسلامه، وأشهر هذه الروايات تنص على أنّه كان خارجاً في يوم من الأيام وقد توشّح سيفه، متوجهاً إلى محمّد -صلّى الله عليه وسلّم- ليقتله.
ولقيه رجلٌ من بني زهرة، فسأله عن أمره، فأخبره أنّه يريد أن يقتل محمّداً، فأخبره ذلك الرجل أنّ أخته وزوجها قد دخلا في دين محمّد، فتوجّه عمر إلى بيت أخته وزوجها، وكان عندهما رجلٌ يسمّى الخباب، فلمّا أحسّ بقدوم عمر أخبرهما واختبأ في البيت.
وكانوا يقرأون سورة طه، فسمع عمر صوت القراءة، فسألهما عن أمرهما، فأخبراه أنّه قد دخلا في الدين الحقّ، فانقض عمر على زوج أخته فدفعته أخته عنه، فضربها على وجهها ضربةً بان أثرها، وقد أحسّ عمر بثباتهما وإصرارهما، فطلب منهما الكتاب الذي يقرؤون منه، فرفضت أخته وأخبرته أنّه هذا كتاب لا يمسّه إلّا المطهّرون.
وقالت له: قم فاغتسل، ففعل عمر وأعطته الكتاب، وقرأ حتى وصل إلى قول الله -تعالى-: (إِنَّني أَنَا اللَّـهُ لا إِلـهَ إِلّا أَنا فَاعبُدني وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكري) ، فقال: دلّوني على محمّد، فلمّا سمع الخباب ذلك أظهر نفسه، وقال له: أبشر يا عمر.
وقال له: "إنّي أرجو أن تكون دعوة رسول الله: اللهمّ أعزّ الإسلام بعمر بن الخطاب أو عمرو بن هشام قد قالها فيك"، فأخذه إلى رسول الله وأعلن إسلامه، وقد استجاب الله دعوة رسول الله فأعزّ الإسلام بإسلام عمر، وأعزّ عمر بالإسلام، حتى صار خليفةً للمسلمين بعد أبي بكر -رضيَ الله عنهما-.
صفات عمر بن الخطاب
صفاته الخَلقية
دلّت الصّفات الخَلقية لعمر بن الخطاب على قوّته وشدّته، فقد كان أدم لون البشرة؛ بمعنى أنّه يميل إلى السمرة في لون بشرته، ونُقل عنه أنّه قال: "إنّما جاءتني الأدمة من قبل أخوالي"، ورُوي في بعض الأخبار أنّه كان من ذوي البشرة البيضاء، لكنّ الأخبار التي نصّت على سمار بشرته جاءت من طرق ثابتة.
وقيل إنّه كان أبيضاً لكنّه تغيّر في عام الرمادة بسبب ما أصابه من الجهد من قلّة الطعام، وكان أصلع الرأس، طويل القامة، عريض المنكبين، عالي الصوت، يقوم بفتل شاربيه وينفخ بفيّه إذا غضب، ويستخدم يديه معاً في العمل، وكان قويّ الجسد يتصارع مع النّاس في عكاظ، وله لحية كثيفة الشعر، ومليئة بالشيب.
صفاته الخُلقية
كان عمر بن الخطّاب زاهداً في الدنيا راغباً فيما عند الله، يأخذ ما يبقيه حياً من الطعام والشراب، ولا يزيد عن ذلك، وكان قويّ الإرادة، كامل الشخصية، ليّن الجانب سهلاً في التعامل مع المؤمنين، شديد الحرص على الدين، كثير الغيرة على محارم الله، قويّ الإيمان.
مناقب عمر بن الخطاب
- روى عبد الله بن مسعود -رضيَ الله عنه- فقال: (فَضَلَ النَّاسَ عُمَرُ بنُ الخطَّابِ رَضِيَ اللهُ عنه بأربعٍ: بذِكرِ الأسْرى يومَ بَدرٍ؛ أَمَرَ بقَتلِهم، فأنزَلَ اللهُ عزَّ وجلَّ: (لَولا كِتابٌ مِنَ اللَّـهِ سَبَقَ لَمَسَّكُم فيما أَخَذتُم عَذابٌ عَظيمٌ)، وبذِكرِه الحِجابَ؛ أَمَرَ نِساءَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنْ يَحتجِبنَ، فقالتْ له زَينَبُ: وإنَّكَ علينا يا ابنَ الخطَّابِ، والوَحيُ يَنزِلُ علينا في بُيوتِنا؟! فأنزَلَ اللهُ عزَّ وجلَّ: (وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاءِ حِجَابٍ)، وبدَعْوةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ له: اللَّهمَّ أيِّدِ الإسلامَ بعُمَرَ، وبرَأيِه في أبي بَكرٍ؛ كان أوَّلَ النَّاسِ بايَعَه).
- روى معاذ بن جبل -رضيَ الله عنه- فقال: (إنَّ رسولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كان ما رَأى في يَقَظتِه أو نَومِه فهو حَقٌّ، وإنَّه قال: بيْنَما أنا في الجنَّةِ، إذ رَأَيتُ فيها دارًا، فقُلتُ: لمَن هذه؟ فقيلَ: لعُمَرَ بنِ الخطَّابِ).
جهاد عمر بن الخطاب
كان عمر بن الخطّاب من الذين شهدوا جميع الغزوات مع رسول الله، وفي كلّ غزوة كان له مواقف بطوليّة لها أثرها، فقد شارك في غزوة بدر، وشارك في غزوة الخندق، وبني المصطلق، والحديبية وغيرها من الغزوات وفي غزوة أحد التي قام بعد انتهائها أبو سفيان فقال:
(أَفِي القَوْمِ مُحَمَّدٌ؟ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، فَنَهَاهُمُ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أَنْ يُجِيبُوهُ، ثُمَّ قالَ: أَفِي القَوْمِ ابنُ أَبِي قُحَافَةَ؟ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ قالَ: أَفِي القَوْمِ ابنُ الخَطَّابِ؟ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ رَجَعَ إلى أَصْحَابِهِ فَقالَ: أَمَّا هَؤُلَاءِ فقَدْ قُتِلُوا، فَما مَلَكَ عُمَرُ نَفْسَهُ، فَقالَ: كَذَبْتَ واللَّهِ يا عَدُوَّ اللَّهِ؛ إنَّ الَّذِينَ عَدَدْتَ لَأَحْيَاءٌ كُلُّهُمْ، وقدْ بَقِيَ لكَ ما يَسُوؤُكَ).
خلافة عمر بن الخطاب
عاش المسلمون أثناء خلافة عمر بن الخطّاب فتحاً عظيماً ونصراً كبيراً، حيث قضى المسلمون في ذلك العهد على الإمبراطوريّة الرومانيّة والفارسيّة، وتوسّعت الفتوحات على يد جيوشه وفقاً لمبادئ العدل والرحمة، ومن أهم هذه الفتوحات فتوحات الشام؛ مثل فتح دمشق، والأردن، ووقعة فتح، وفتوح العراق؛ مثل وقعة الجسر، ووقعة البويب، وغزوة القادسيّة، وفتح المدائن، وغيرها من الفتوحات.
استشهاد عمر بن الخطاب
استشهد عمر بن الخطّاب بعدما طُعن، وما عليه عامة المؤرخين أنّه طُعن يوم الأربعاء ومات يوم الخميس، وتعدّدت الأقوال في عمره، فقيل: ستّون عاماً، وقيل: ثلاث وستون عاماً، وقيل: واحد وستون، وقيل: ستّ وستون.
وقد غُسل بالماء والسدر ثلاثاً، وكُفّن في ثوبين أو ثلاثة أثواب، وكان قد أوصى أن لا يُطيّب، وصلّى عليه صهيب، وقال هشام إنّه أوصى أن يُصلي عليه صهيب، لانّه ما أحبّ أن يتقدم عليه أحد من أهل الشورى، ولم يرد أن يصلّي عليه ذوو الأرحام بوجود إمام منصوص عليه.