مظاهر الشرك
الشرك بالله تعالى
يُعتبر الشرك بالله -تعالى- من الأمور الخطيرة التي نبّه الإسلام من الوقوع فيها، ولو دون قصدٍ، فضلاً عن الابتعاد عن فعل ما يستوجب الدخول في الشرك قصداً؛ كالكفر بالله، وعبادة شيءٍ من مخلوقاته، أو فعل ما يؤكّد ذلك، وقد عدّ الله -تعالى- الشرك به ظلماً للنفس، فوصفه في سورة لقمان بقوله: (إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ)، كما إنّ الشرك يقسم إلى عدة أقسامٍ، باعتبار القصد منه، أو عدم القصد، فربما ارتكب المسلم أمراً لا يعي أبعاده، فأوصله ذلك إلى جزءٍ من جزئيات الشرك، وذلك ما ينبغي على المسلم التنبّه إليه، فإنّ الشرك الأكبر واضحٌ بيِّنٌ، يمكن لكلّ شخصٍ معرفته، والاطلاع عليه، أمّا الشرك الباطن، فلا يعلمه إلّا أهل العلم والاختصاص.
معنى الشرك
كلمة الشرك في اللغة كغيرها من الكلمات، لها معنيان واحدٌ في اللغة، وواحدٌ في الاصطلاح، وفيما يأتي بيان كلا المعنيين:
- الشرك في اللغة: من الفعل شَرَكَ، وجمع الشريك؛ شركاء، وأشراك، ويُقال: شاركه؛ أيّ صار شريكه، واشتركا في كذا، وتشاركا، والشرك هو الكفر، وأشرك بالله -تعالى- فهو مشركٌ، إذ قال الله تعالى: (وأشركه في أمري)؛ أيّ أجعله شريكي فيه.
- الشرك في الاصطلاح: هو كلّ أمرٍ قام به الإنسان وكان ناقضٌ للتوحيد، أو قدحٌ فيه، وكان الأمر ممّا جاء في القرآن الكريم أو السنة النبوية المطهرة، والشرك على قسمين؛ شركٌ أكبرٌ، وشركٌ أصغرٌ.
مظاهر الشرك
يعتبر الشرك بالله -تعالى- أعظم الكبائر، والتي ينبغي على المسلم أن يوليها اهتماماً بالغاً، وذلك من خلال العلم بها، والحذر من ارتكابها، وللشرك مظاهرٌ كثيرةٌ يتوجّب على كلّ مسلمٍ الابتعاد والإقلاع عنها، وفيما يأتي بيان بعض تلك المظاهر التي انتشرت بين الناس:
- تعليق التمائم؛ ويراد بالتميمة ؛ أنّها خرزةٌ كان يُلبسها العرب لأولادهم، ظانين أنّها تدفع عنهم شرّ الجنّ، وشرّ الأعين، والحسد؛ وذلك كتعليق النعل، أو الحديدة، وذلك يعتبر أيضاً من التمائم، وإنّ ذلك شركٌ، وفعلٌ محرّمٌ نهى رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- عن فعله، بقوله: (من علَّقَ تميمةً فقد أشركَ).
- شدّ الرحال لأولياء الله تعالى؛ وإن ذلك من الأمور ذات الانتشار الواسع بين الناس، إلّا من رحم الله؛ ويُراد به: الذهاب إلى أضرحة الأولياء، والاستعانة بهم، والنذر والدعاء عندهم، وإنّ ذلك شركٌ واضحٌ يخالف نصوص القرآن الكريم، والسنة النبوية الشريفة، ودليل ذلك قول الله تعالى: (وَيَعبُدونَ مِن دونِ اللَّـهِ ما لا يَضُرُّهُم وَلا يَنفَعُهُم وَيَقولونَ هـؤُلاءِ شُفَعاؤُنا عِندَ اللَّـهِ قُل أَتُنَبِّئونَ اللَّـهَ بِما لا يَعلَمُ فِي السَّماواتِ وَلا فِي الأَرضِ سُبحانَهُ وَتَعالى عَمّا يُشرِكونَ).
- الحلف بغير الله تعالى؛ كأن يحلف المرء بالأمانة ، أو بالنعمة، أو بحياة النبي، أو بالأم، وغير ذلك، ودليل ذلك قول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (ألاَ إنَّ الله ينهاكم أن تحلِفوا بآبائكم، فمَن كان حالفاً فليحلفْ بالله أو ليصمت)، وقد أرشد رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- من وقع في مثل ذلك أن يقول: (لا إله إلّا الله)، وأن يستغفر الله -تعالى- على ما بدر منه.
- إتيان العرّافين، والدجّالين، أو تصديقهم، وقد نهى رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- عن ذلك؛ بقوله: (مَن أتى عرَّافاً فسأله عن شيء لم يُقبل له صلاةٌ أربعين ليلة)، ويدخل في الدجل والشعوذة؛ قراءة الفنجان، وتصديق أبراج الحظ، وغير ذلك الكثير من تلك الضروب.
- الطيرة والتشاؤم؛ كأن يتشاءم الإنسان من صوتٍ معينٍ، أو لونٍ معينٍ، أو كلمةٍ، وغير ذلك، وردّه ذلك عمّا كان سيفعله.
- الاستسقاء بالنجوم، ومنازل القمر.
- النذر والذبح لغير الله تعالى.
- التبرّك بالأشجار، والأحجار، والأضرحة.
- الرياء في القيام بالعمل، أو عند القيام بالعبادات، وإنّ ذلك من الشرك الأصغر.
أنواع الشرك
الشرك نوعان: شركٌ أكبرٌ، وشركٌ أصغرٌ، أمّا الشرك الأكبر فهو: أن يجعل المرء لله -تعالى- ندّاً في عبادته، فيطيعه كطاعته لله، ويعبده كعبادته لله، وذلك النوع كما الشرك، يُوجب خلود المرء في النار، والخروج من ملّة الإسلام، ومن الأمثلة على ذلك؛ شرك الدعاء، وذلك بأن يدعو غير الله تعالى؛ كالأنبياء، والصالحين، وشرك النية والإرادة والقصد؛ أيّ أن يقصد المرء بعمله غير الله، وشرك المحبة؛ بأن يحبّ المرء مع الله -تعالى- غيره، وإنّ تلك المحبة تستلزم الخضوع، والذلّ، والطاعة، وشرك التوكّل؛ يكون في تفويض الأمور إلى غير الله، وشرك الخوف؛ بأن يعتقد المرء أنّ غير الله -تعالى- يضر وينفع، أمّا النوع الثاني؛ فهو الشرك الأصغر؛ فإنّه لا يخرج صاحبة من ملّة الإسلام، ولا ينافي أصل التوحيد، ولكنّه ينافي كمال التوحيد، وهو قوليٌ، أو فعليٌ، أو قلبيٌ؛ ويكون قولياً؛ كالحلف بغير الله تعالى، ويكون فعلياً؛ كالطيرة والتشاؤم، وقلبياً؛ كالرياء والسمعة، وإرادة الدنيا عند القيام ببعض الأعمال.
أضرار الشرك وخطورته
للشرك آثارٌ خطيرةٌ، ومفاسدٌ عظيمةٌ، وفيما يأتي بيان بعض الآثار التي تترتب على الشرك:
- السبب الأعظم لحصول الكربات في الدنيا والآخرة.
- يسبّب الشرك الخوف ، وينزع الأمن والأمان في الدنيا والآخرة .
- حصول الضلال لصاحبه في الدنيا والآخرة.
- يُحبط ما يقوم به العبد من أعمالٍ.
- الشرك من الأعمال التي تُوجب لصاحبها النار يوم القيامة، ويحرّم عليه الجنة .
- الشرك يطفئ نور الفطرة ، التي فطر الله -تعالى- الناس عليها.
- الشرك الأكبر يُبيح دم العبد وماله.
- الشرك الأصغر يُنقص إيمان العبد بربّه.
- الشرك يقضي على الأخلاق الفاضلة عند الإنسان.
- الشرك أعظم الظلم والافتراء.
- الشرك سببٌ في نيل العبد لغضب الله تعالى، ونيل عقابه في الحياة الدنيا والآخرة.