مستويات التفكير الناقد
مستويات التفكير الناقد
يُمكن تعريف التفكير الناقد (بالإنجليزية: Critical Thinking) بأنّه عملية تحليل وتقييم المعلومات التي جُمعت من خلال الملاحظة، والخبرة، والأدلة، كأدلة تُبنى عليها الاستنتاجات، لاتخاذ أفضل القرارات الممكنة، مع النظر في كافة الجوانب الإيجابية والسلبية للقضية أو للموضوع،ويسعى صاحب التفكير الناقد باستمرار إلى تحسين مهارات التفكير لديه، ليصل بها إلى أرفع المستويات، وصُنّفت مستويات التفكير الناقد إلى ستة مستويات، وهي كما يأتي:
المفكر العفوي
يوصف التفكير العفْوي بأنّه إصدار القرارات والأحكام بناءً على معطيات سطحية أو آراء شخصية متحيّزة، بحيث لا يتعمق المفكر العفوي في التفكير ومدى تأثير قراراته على حياته في وقت لاحق، وهو عادةً ما يفتقر إلى المهارات الأساسية التي تساعد على الخروج بقرارات دقيقة أو منطقية.
المفكر المتحدّي
يمتلك المفكر المتحدي وعيًا إلى حد كبير بالمعطيات التي لديه من كافة الجوانب، وبالرغم من ذلك يواجه تحديًا في معالجة المعلومات التي امتلكها بطريقة عقلانية ومن دون تحيزات، لذلك قد يُصدر استنتاجاتٍ خاطئةً أحيانًا من غير إدراك تام منه في مدى خطأ أحكامه أو قراراته، وقد يعتقد المفكر المتحدّي أنّ تفكيره أفضل ممّا هو عليه فعليًا، ممّا يصنع تحديًا آخر يمكن أنْ يقف عائقًا أمام التعرّف على الخلل الموجود في طريقة تفكيره.
المفكر المبتدئ
يتميز المفكر المبتدئ بتفكيره النشط، وتوسعه بالتفكير في عدة مجالات حياتية، وفي هذه المرحلة يُدرك المفكر أنّ هناك جوانب مخفيةً قد لا يراها بسهولة، لذلك يسعى جاهدًا لعلاج هذه المشكلة بعقلانية بعيدًا عن التحيزات والافتراضات غير المنطقية.
يبدأ المفكر المبتدئ في تطوير معايير داخلية أكثر وضوحًا ومنطقيةً ودقةً نظرًا لزيادة وعيه الذاتي بأسلوب تفكيره، آخذًا في الاعتبار التحيزات والافتراضات الأساسية، وفي هذه المرحلة سيكون المفكر أكثر تقبلًا واستجابةً للنقد، وسيستفيد من ذلك في تحسين طريقة تفكيره.
المفكر الممارس
يضمن وعي المفكر بنقاط ضعف تفكيره الوصول إلى مرحلة المفكر الممارس، وبدئه في تطوير المهارات اللازمة للتعامل معها، وبمرور الوقت سيتمكن من تغيير عادات التفكير التي يرى فيها قصورًا، وستكون تحليلاته واستنتاجاته عقلانيةً أكثر، ويحتاج المفكر للوصول إلى هذه المرحلة إلى المثابرة الفكرية، لضمان وضع خطة منهجية وهادفة ومنطقية تعالج نقاط الخلل في تفكيره، وتقوده إلى الأمام في تحسين التفكير.
المفكر المتقدم
يمتلك المفكر المتقدم قواعد قويةً تُمكّنه من التفكير بنظرة ثاقبة في العديد من المجالات الحياتية، ويكون قادرًا على رؤية المعطيات من جميع الجوانب إلى حد كبير، ويتقبل المفكر المتقدم النقد الذاتي برحابة، مستخدمًا إياه في تحسين وتطوير أنماط تفكيره.
المفكر المتفوق
يتحكم المفكر المتفوق تمامًا في كيفية معالجة المعلومات واتخاذ القرارات، من غير توقف عن تطوير مهارات التفكير لديه من خلال الممارسة المنتظمة لرفع مستوى تفكيره إلى أفضل ما يمكن، وسيُظهر معرفةً عاليةً في تحليل الأفكار وفحص الافتراضات بمنطقية بعيدةٍ عن أيّة تحيزات.
أهداف التفكير الناقد
من أبرز أهداف التفكير الناقد ما يأتي:
- كتابة محتوى موضوعي: يُمكّن التفكير الناقد صاحبه من كتابة المحتوى بمخرجات موضوعية، من خلال جمع الأدلة والحقائق اللازمة، مع الحفاظ على المحايدة، ومحاولة عدم التحيز قدْر الإمكان.
- إيجاد وظيفة مناسبة: يُساعد التفكير الناقد الفرد على إيجاد وظيفة تتناسب مع خبراته، ومهاراته وصفاته الشخصية، مثل الإخلاص، والإبداع والمثابرة للوصول إلى الأهداف.
- اتخاذ القرارات المهنية: يمكّن التفكير الناقد الفرد من اتخاذ القرارات المهنية الأفضل.
- إصدار الأحكام الصائبة: يستطيع الفرد الناقد إصدار القرارات والأحكام الصحيحة، من خلال جمع المعلومات والأدلة، وتحليلها للخروج بنتائج مبنية على الافتراضات الواقعية، بدلًا من إصدار الأحكام السطحية أو وفق ما هو ظاهر، كما يُمكّن من التعامل مع المشكلات الحياتية اليومية بمهارة عالية، إلى جانب تعزيز الوعي الذاتي.
تطوير التعليم الأكاديمي: يُعتبر التفكير الناقد مهمًّا في التعليم الأكاديمي؛ إذ يساعد على إيجاد تساؤلات مستمرة حول القضايا والمواضيع الحياتية، ووضْعها أمام الطلاب، ليطوروا مهارات حل المشكلات، واتخاذ القرارات .
شروط التفكير الناقد
يتطلب التفكير الناقد بعض المعايير والشروط الأساسية لتحقيق جودته والوصول إلى نتائج منطقية، ومن أبرز شروط التفكير الناقد ما يأتي:
- الوضوح: على التفكير الناقد أن يكون واضحًا إلى حد كبير، ويمكن إعطاء أمثلة منطقية على المواضيع التي يتناولها.
- الدقة: يجب أنْ يكون التفكير الناقد دقيقًا، وتُثبَت مدى دقته من خلال التفاصيل والبراهين.
- العمق: يجب أنْ يدخل التفكير الناقد إلى الجوانب العميقة في المواضيع وإيجاد الصعوبات المحتملة.:
- الملاءمة: يجب أنْ تتناسب طريقة التفكير الناقد مع القضية المطروحة للوصول إلى حل المشكلة.
- الإنصاف: يجب أنْ يلتزم التفكير الناقد بمعايير العدالة، من دون أي تحيز مهما كان نوعه.
- الأدلة: يجب أنْ يُراعي التفكير الناقد الأدلة المتاحة والحقائق ذات الصلة بالموضوع.
- المنطق: يجب أنْ يتبع التفكير الناقد لمعايير المنطق، ويظهر ذلك من خلال ملاءمة الأدلة للاستنتاجات والأحكام.
- التوسع: يجب أنْ يُراعي التفكير الناقد النظر إلى القضايا والمواضيع من كافة الجوانب، وبرؤىً مختلفة.
مهارات التفكير الناقد
يتطلب التفكير الناقد إتقان العديد من المهارات الأساسية، والتي تؤثر مباشرةً على نوعية التفكير ومدى دقته، ومن أبرز هذه المهارات ما يأتي:
- الملاحظة: تُعتبر الملاحظة نقطة بدء التفكير الناقد، إذ يُمكن للأفراد الذين يمتلكون مهارةَ ملاحظةٍ عالية تحديد أسباب المشكلة بسرعة، والعمل بكفاءةٍ أعلى لإيجاد الحلول المناسبة.
- التحليل: بمجرّد تحديد المشكلة، يأتي دور مهارة التحليل، وهي القدرة على تجزئة المشكلة، وتقييمها بفعالية للوصول إلى جميع الحقائق أو المعلومات المتعلقة بها.
- التواصل: تكمن أهمية مهارة التواصل في تمكين الناقد في النهاية من شرح المشكلة، ومناقشة الحلول الممكنة مع الأشخاص المعنيين بفعالية بطريقة هادئة وعقلانية ومقنعة.
- حل المشكلات: تُستخدم مهارة حل المشكلات كخطوة أخيرة لإيجاد الحلول المناسبة، وكلّما امتلك الفرد إلمامًا بمجال القضية أو المشكلة المطروحة ازدادات لديه مهارة حل المشكلات التي قد تواجهه فيها.