مراكز الشعر في العصر الأموي
مراكز الشعر في العصر الأموي
من مراكز الشعر في العصر الأموي ما يأتي:
مكة والمدينة
أغدق الخلفاء الأمويون بالمنح والعطايا على مكة المكرمة والمدينة المنورة؛ ليشغلوهم بحياة الترف واللهو، ولكي يرضوهم ويبعدوهم عن الحياة السياسية، ويُضاف إلى ذلك ما خلفه الصحابة رضوان الله عليهم من الأموال التي غنموها في الفتوحات.
كما بنوا القصور والبيوت الفارهة، وقام على خدمتها الرقيق الذين جُلبوا إليها من مختلف البلاد، وهذه الأسباب جعلت المدينة المنورة ومكة المكرمة تعيشان حياة الترف، إلا الفترات التي كانت تدخل فيها بالحروب؛ كانتفاض المدينة على يزيد، وانتفاض مكة المكرمة على عبد الملك بن مروان.
في هذه البيئة نشأ الشباب العاطل الذي لم يحمل روح سلفه، ولم يتشرب بالعقيدة الإسلامية الصرفة، وانتشر الغناء والمغنيون في هذه البقاع، وانتشر ظاهرة غناء أشعار الشعراء، وفي هذه البيئة ظهر شعر الغزل الصريح الذي كان رائده عمر بن أبي ربيعة.
نجد وبوادي الحجاز
بقيت نجد وبوادي الحجاز على حياتها البدوية، حيث ظل سكانها يعيشون على الرعي ويتنافسون عليه، إذ بقي فيها شيءٌ من حياة الجاهلية، وإن كان حكام بني أمية قد بقوا متيقظين حيث تحول الأخذ بالثأر من أيدي الأفراد إلى القصاص الذي تُقيمه الدولة، ومع هذا ظهر عددٌ من قطاع الطرق، كما انتشر شعر الفخر والهجاء على قلة.
قام بعض الشعراء بالوفود إلى دمشق يمدحون الخلفاء لينالوا عطاياهم، وتطور الغزل العذري العفيف، فقد اشتهرت به قبلية عذرة، وظهر عددٌ من شعراء هذا اللون؛ كمجنون ليلى، وجميل بثينة، فكان شعرهم من أسمى شعر الغزل، حيث يصف سمات الوقار والجلال في المرأة، ويبتعد عن المآثم والمحارم.
أما بوادي الشمال الحجازي، فقد هاجرت إليها قيس وانضمت إلى الدعوة الزبيرية، ضد بني أُمية وتغلب، وقد دارت بين قيس وتغلب حرب، كانت أحد الأسباب في ظهور نقائض جرير الذي وقف بجانب قيس، والفرزدق الذي كان مع قبيلته تغلب، كما هيأ هذا الصراع لظهور شعر الفخر والهجاء بين هاتين القبيلتين.
الكوفة والبصرة
بُنيت هاتان المدينتان منذ عهد عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-، وكانت المدينتان مصادر للثورات والحروب كثورات الخوارج والشيعة في الكوفة، أما البصرة فقد كانت حاضرة مصعب بن الزبير -رضي الله عنه- وقد ظهرت فيها العصبيات القبيلة، كما كانت هذه البيئة بيئةً للشعر الحقيقي، حيث ظهر فيها الفخر والمديح والهجاء .
خراسان
كانت بيئة خراسان البيئة الأقرب للجاهلية، حيث انتشرت فيها العصبيات القبيلة بين الأزد وقيس، وعادت العصبيات القبيلة جذعةً فيها، وانتشر الثأر، فوصلت العصبية القبيلة إلى منتهاها، كما يُضاف إلى ذلك انشغال العرب في حروب الفتح، ولكن ما كانت تنقضي هذه الحروب حتى تعود العصبيات القبيلة إلى ديدنها، وفي هذه البيئة انتشر الشعراء وكثروا، وكانت موضوعات الشعر، هي: الفخر والمديح والهجاء.
الشام
من القبائل العربية التي سكنت في الشام كانت العرب القحطانيين اليمنيين، ومعروفٌ أنّ أصحاب الشعر الحقيقيين هُم العرب المضريين، ولهذا لم ينتشر الشعر في هذه البيئة مقارنةً مع غيرها، وكان غالب الشعر في هذه البلاد هو شعر المديح الذي اشتهر فيه شعراء أمثال عدي بن الرقاع.
يُضاف لذلك الشعراء الذين قصدوا الشام من العراق والحجاز وخراسان لمدح البيت الأموي لينالوا العطايا، فمن الحجازيين الذين أكثروا الوفود: ابن قيس الرّقيّات ونصيب والأحوص وكثيّر وإسماعيل بن يسار، ومن النجديين: الرّاعي والعجير السلولي وأرطاة بن سهيّة وعقيل بن علّفة وابن ميّادة، ومن العراق: جرير والفرزدق والأخطل ومسكين الدارمي وعبد الله بن الزّبير الأسدي، وأعشى شيبان ونابغتهم وذو الرمة.
بالإضافة إلى الشعر الذي دخل مع الفاتحين الأوائل، ومن الجدير بالذكر أنّ حربًا قبيلية دارت بين كلب وقيس، وكانت كلب قد نزلت على حدود الشام، وأما قيس كانت على حدود الصحاري الحجازية الشمالية، وقد دخل بعض القيسين في صف كلب، ودارت بينهما حربٌ شعرية كانت موضوعاتها الفخر والهجاء والمديح، كما كان بعض الخلفاء الأمويين من الشعراء أمثال يزيد بن عبد الملك وابنه الوليد.