مراحل نمو الإنسان من الطفولة إلى الشيخوخة
مراحل نمو الإنسان من الطفولة إلى الشيخوخة
مرحلة الرضاعة
تُشير مرحلة الرضاعة (بالإنجليزيّة: Infancy) إلى السنة الأولى من حياة الطفل الرضيع بعد ولادته، وعليه فإنّ مفهوم الرضيع (بالإنجليزيّة: Infant) يُطلق على الطّفل خلال المرحلة العُمريّة ما بين أول يوم بعد ولادته إلى أن يبلغ السنة الأولى من عمره، وخلال هذه المرحلة يكتسب الطّفل مجموعة من المعالم التطوريّة (بالإنجليزيّة: Developmental milestones)؛ بما في ذلك التبسّم، وخَطو الخطوات الأولى، والتلويح باليدين، وقد يصِل الطفل أيضاً إلى مراحل متطورة من المهارات التي تُمكّنه من اللعب، والتحدث، والتعلّم، وكيفية التصرّف، والحركة؛ كالمشي ، أو القفز، أو الزحف، وخلال السنة الأولى يستطيع الطفل التعرف على الأشياء من حوله، ويتعلم القدرة على تركيز نظره، ويبدأ بالاستكشاف، والتواصل مع الآخرين، كما قد يطوّر الطفل أيضاً روابط حب وثقة مع والديه والأشخاص الآخرين من حوله، ويُعدّ هذا جزء من التطور الاجتماعي والعاطفي لديه، ويمكن أن تؤثر الطريقة التي يلعب بها الوالدين مع الطفل وكيفية الاحتضان في آلية تفاعله معهم ومع الآخرين، كما يُصاحب هذه المرحلة حدوث تطور دماغي أو معرفيّ (بالإنجليزيّة: Cognitive development) للطفل والذي يرتبط غالباً بقدرته على تعلمّ اللغة ، والتفكير، والتذكّر، والاستدلال، وتجدر الإشارة إلى أنّ التطور اللغوي للطفل لا ينحصر فقط بإصدار الأصوات بل قد يتضمن أيضاً الفهم، والاستماع، ومعرفة أسماء الأشخاص والأشياء من حوله.
يولد الأطفال الذين يتمتعون بصحّةٍ جيدة عادةً بأحجامٍ مُختلفة عن بعضهم البعض، وبالرغم من ذلك، قد يتبّع نمو الرضع مسار قابل للتنبؤ به إلى حدٍّ كبير، ويتم تتبّع نمو الطفل عن طريق إخضاعه لفحوصاتٍ مُنتظمة حيث يقوم الطبيب بتقييم نمو الطفل من خلال مخطط النمو القياسي، ويجب التنويه إلى أنّ احتمالية مرور الأطفال الأصحّاء بفتراتٍ قصيرة يفقدون خلالها بعض وزنهم أو قد لا يكتسبون المزيد من الوزن، وقد لا يدعو هذا الأمر للقلق إلّا إذا لم يكتسِب الطفل وزناً من فحصٍ لآخر، وهناك العديد من الإرشادات العامة التي يمكن أخذها بعين الاعتبار لمعرفة معدل نمو الأطفال الرضع في السنة الأولى:
- من الولادة وحتى الشهر السادس: قد يزيد طول الطفل بمعدل 1.5-2.5 سنتيمتر شهريًا، وقد يكتسب 140-200 غراماً في الأسبوع الواحد، ومن المتوقع أن يتضاعف وزن الطفل عند بلوغه الشهر الخامس.
- من الشهر السادس وحتى عمر السنة: يمكن أن يزيد طول الطفل حوالي سنتيمتر واحِد شهريًا خلال هذه المرحلة، وقد يكتسب 85-140 غرامًا في الأسبوع الواحد، وبشكلٍ عامّ من المُحتمل أن يزداد وزن الطفل نحو ثلاثة أضعاف عند بلوغه السّنة من العمر.
مرحلة الطفولة المبكرة
تُعد مرحلة الطفولة المُبكرة (بالإنجليزيّة: Toddler) إحدى مراحل النمو التي تلي مرحلة الرضاعة، وتضمّ الفئة العمرية للأطفال ما بين عمر السنة، والسنتين ونصف إلى ثلاث سنوات، وخلالها يبدأ الأطفال بالمشي، ولكن قد ينقصهم الثبات على أقدامهم، وتتميّز هذه المرحلة أيضاً بحدوث تطورٍ كبير في عدّة مهارات رئيسية؛ وتتضمّن: المهارات الاجتماعيّة، والبدنيّة، والعاطفيّة، واللغويّة، والحركيّة، والحسيّة، والمعرفيّة، ومن الجدير بالذكر أنّ كل طفل ينمو وفق سرعةٍ خاصّة به قد تختلف عن أقرانه، وبشكلٍ عام يكتسب الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين سنة واحدة إلى سنتين حوالي 1.3-2.3 كيلو غراماً، كما تزداد أطوالهم بنحو 7.6-12.7 سنتيمتراً، وبالرغم من ذلك يميل النمو السريع والتطوّر الحركي عند الأطفال إلى التباطؤ بين سنّ العامين والخمسة أعوام، حيثُ سيزداد تطور القوة والتنسيق لديهم خلال هذا الوقت، ومن المهم أن يعرف الوالدين متى ينبغي عليهما اللجوء للطبيب بشأن المخاوف المُرتبطة بتأخر نمو الطفل ومتى يكون نموّه طبيعيًا ومتى لا، آخذين بالاعتبار احتمالية تفاوت سرعة النمو بين الأقران في نفس المرحلة، وفيما يأتي بيان لأبرز المهارات التي قد يكتسبها الطفل في مرحلة الطفولة المبكرة:
- المهارات البدنيّة: وتتضمّن الوقوف على أطراف الأصابع، والبدء بالمشي دون مساعدة أحد، وركل الكُرة، والبدء بالجري، وسحب الألعاب خلفه عند المشي.
- المهارات الاجتماعيّة: سيكون الطفل قادرًا على تقليد سلوك الآخرين، ومنتبه لنفسه بشكلٍ مُنفصل عن الآخرين واهتمامهم به، كما يكون مُتحمّسًا لمُرافقة الأطفال الآخرين.
- التفكير المعرفيّ: يستطيع تصنيف الأشياء حسب اللون والشكل، وإيجاد الأشياء عند إخفائها عنه، كما يستطيع استخدام خياله في اللعب التخيُّلي أو التخيّل المسرحي.
مرحلة ما قبل المدرسة
تبدأ مرحلة الحضانة أو مرحلة ما قبل المدرسة (بالإنجليزيّة: Preschool) عادةً في سنّ الثالثة، وهي المرحلة التي ينتقل خلالها الأطفال من الاعتماد بشكلٍ شبه كامل على آبائهم، إلى أطفال تظهر لديهم الرغبة بالاستقلالية، ويُمكن اعتبارها مرحلة تنمية لجوانبٍ عدّة بحيث تزداد فيها كفاءات الطّفل وقدراته، وقد تتطور لديه العديد من المهارات؛ بما في ذلك المهارات الاجتماعية والعاطفية، وتزداد قدرة الطفل على التحكّم بحركات العضلات الصغيرة، كتلك المُتّبعة عند استخدام الدلالات، وقد يزداد اهتمام الأطفال في هذا العمر باللعب مع الأطفال الآخرين، بدلاً من الاكتفاء بالاقتراب منهم، وكذلك فهم الآخرين والتواصل معهم، ويبدأ الأطفال أيضاً في تكوين جُمَل يصِل عدد كلماتها إلى خمس أو ست كلمات في كلٍّ منها.
مرحلة المدرسة
تُشير مرحلة المدرسة (بالإنجليزيّة: School Age) إلى الأطفال ضمن الفئة العُمريّة ما بين سِنّ السادسة والثانية عشرة عامًا، وهي المرحلة التي يطوّر فيها الأطفال المهارات الأساسيّة لبناء علاقات اجتماعية صحيّة، وتعلّم الأدوار والوظائف التي ستُساعدهم على تحضير أنفسهم لمرحلة المراهقة والبلوغ، وغالبًا ما يمتلك الأطفال في هذه المرحلة مهاراتٍ حركيةٍ قويّة وسلِسة، وبالرغم من ذلك، فقد يتفاوت الأطفال خلال هذه المرحلة بين بعضهم البعض من حيث القدرة على التنسيق بين المهارات الحركيّة؛ وبخاصّة التنسيق بين حركة اليد والعين، كما يتفاوتون أيضًا في القدرة على التحمّل، والتوازن، والقدرات البدنيّة، كما قد تختلف المهارات الحركية الدقيقة أيضًا بشكلٍ كبير، إذ يُمكن أن تؤثر هذه المهارات في قدرة الطفل على ارتداء الملابس بشكلٍ مناسب، والكتابة بدقة، وأداء بعض الأعمال المنزلية؛ مثل ترتيب السرير، أو غسيل الأطباق، وقد يسعى الأطفال خلال هذه المرحلة إلى تحقيق أربع مهارات تطوريّة مهمّة، تتضمن ما يأتي:
- تعلم القواعد الثقافية أو الاجتماعية.
- التكيّف مع المدرسة.
- تعلم كيفيّة التعايش مع الأقران.
- تحقيق مهاراتٍ أكاديمية جديدة؛ مثل: تعلم القراءة.
ومع تقدّم الطفل في العمر تقلّ حاجته للنوم، حيث يصِل معدل نوم بعض الأطفال إلى 12 ساعة، ولكنّ معظمهم يحتاجون إلى النوم لمدة عشر ساعات فقط، وتبلغ عدد ساعات النوم مع بلوغ الأطفال عُمر الحادية عشر حوالي تسع ساعات، وتجدر الإشارة إلى احتمالية وجود اختلافاتٍ كبيرةٍ في الطول، والوزن، والبنية الجسديّة من طفلٍ لآخر خلال هذه المرحلة، وقد يعود السبب في ذلك إلى تأثر نمو الأطفال بعدّة عوامل؛ مثل: التغذية، والعامل الوراثيّ، وممارسة التمارين الرياضيّة، وفي سياق الحديث عن التمارين الرياضية وأهميتها في هذه المرحلة يُشار إلى ارتباط خطر الإصابة بالسمنة وأمراض القلب لدى البالغين بقلة ممارسة النّشاط البدني منذُ الصغر، لهذا السبب ينبغي على الأطفال في هذه الفئة العمرية ممارسة ساعة واحدة على الأقل من النشاط البدني بشكلٍ يومي، ومن الجدير ذكره احتمالية بدء تطوّر الخصائص الجنسية الثانوية (بالإنجليزية: Secondary Sex Characteristics) في هذه المرحلة، وبشكلٍ عام يُمكن أن يكون هناك اختلاف كبير في العمر الذي يبدأ فيه تطوّر هذه الخصائص، فكثيرًا ما يكون الأطفال من نفس العمر في مراحلٍ مُختلفةٍ من نموهم وتطورهم الجنسيّ، ويُشار إلى اختلاف الخصائص الجنسية باختلاف الجنس حيثُ تتضمّن الخصائص الجنسيّة الثانويّة للإناث نمو الثديّ وشعر الإبط والعانة، أمّا بالنسبة للذكور فتتمثل الخصائص الجنسية الثانويّة بنمو شعر الإبط، والصدر، والعانة، ونمو الخصيتين والعضو الذكريّ.
مرحلة المراهقة والبلوغ
تُعدّ مرحلة المراهقة (بالإنجليزية: Adolescence) الفترة الانتقالية ما بين مرحلة الطفولة ومرحلة البلوغ، والممتدة من عُمر 13-18 عامًا، حيث يمُر الأطفال الذين يدخلون مرحلة المراهقة بالعديد من التغيّرات الجسدية، والاجتماعية، والعقليّة، والشخصية، وتجدر الإشارة إلى أنّ فترة المراهقة ترتبط عادةً بسنّ البلوغ، والذي يحدث في المتوسط في وقتٍ مُبكرٍ عمّا كان عليه في الماضي، وفي الحقيقة قد ترتبط نهاية مرحلة المراهقة بعوامل اجتماعية وعاطفية قد تكون مُبهمةً إلى حدٍّ ما، ومن الجدير ذكره أنّ هناك العديد من التغيّرات الأوليّة التي تحدث غالباً عند ظهور الخصائص الجنسيّة الثانوية، وهذه المرحلة يُطلق عليها مُصطلح مُقتبل البلوغ (بالإنجليزيّة: Prepubescent)، وفيما يأتي بيان لأبرز التغيّرات التي قد يكتسِبُها المراهقون في مرحلة البلوغ:
علامات البلوغ عند الإناث
تبدأ مرحلة البلوغ عند الإناث عادةً ببدء تطوّر براعم الثديين (بالإنجليزية: Breast Buds) والذي يحدث غالباً في سنّ 8 سنوات، ويكتمل تطوّر الثدي خلال الفترة المُمتدة بين عمر 12-18 عاماً، ويبدأ شعر العانة، والإبط، والساقين عادةً بالنّمو خلال سنّ 9 أو 10 تقريبًا، وقد تصِل الإناث الى نمط جسم المرأة البالغة من حيث نمو الشعر في المرحلة العُمرية ما بين 13-14 عامًا، وبشكلٍ عامّ يبدأ حدوث أول دورة شهرية بعد حوالي عامين من ظهور الثدي وشعر العانة، وتجدر الإشارة إلى أنّ هُناك بعض الحالات التي يمكن أن تبدأ فيها الدورة الشهريّة في وقتٍ مبكر أيّ في عمر 9 سنوات، أو قد تتأخر إلى 16 عامًا، وفي الحقيقة تبلغ ذروة نمو الفتيات في سنّ الحادية عشر ونصف العام، وتتباطأ في سنّ 16 عامًا.
علامات البلوغ عند الذكور
بشكلٍ عام، يبدأ ظهور أول علامات البلوغ عند الذكور في سنّ 9 أعوام، ويتمثل ذلك ببدء نمو الخصيتين وكيس الصفن، ويُصاحب بلوغ الذكور ازدياد طول القضيب وحدوث تغيّرات في نبرة الصوت أيضاً، وفي الحقيقة يبدأ نمو شعر العانة، والساق، والإبط، والصدر، وشعر الوجه، عند الذكور عادةً في عمر 12 عام تقريبًا، وعادةً ما يصِل الذكور إلى حجم وشكل جسم البالغين ببلوغ عمر 17 إلى 18 عامًا، ومن الجدير ذكره أنّ تطور الخصوبة لدى الذكور يتمثل عادةً بإطلاق السائل المنوي خلال ما يُعرف بالاحتلام الليلي (بالإنجليزية: Nocturnal emission)، وإنّ حدوث ذلك بشكلٍ مُنتظم يُعدّ علامةً على بداية سنّ البلوغ عند الذكور، وتحدث هذه العملية غالباً خلال الفترة العمريّة ما بين 13-17 عامًا، وبمتوسط عمر 14 عام ونصف، ومن ناحيةٍ أخرى قد تطرأ بعض التغيّرات أيضاً في الطول، فقد يزداد طول المُراهق عدّة سنتيمترات خلال عدة أشهر يتبعها فترة نموٍ بطيئةٍ جدًا، ومن ثم يعود المُراهق لمرحلة نمو سريعة أخرى، ومن الجدير ذكره أنّ التغيّرات الجسدية المُرافقة لبلوغ الذكور قد تحدث بشكلٍ تدريجي خلال مرحلة البلوغ، وقد تظهر العديد من علامات البلوغ معًا في نفس الوقت، وبالرغم من ذلك هناك قدر كبير من الاختلاف في معدل التغييرات التي قد تحدث من مُراهقٍ لآخر، وبشكلٍ عامّ تبلغ ذروة نمو الذكور في سنّ 13 عام ونصف، وتتباطأ في سنّ 18 عامًا.
التغيرات النفسيّة والاجتماعيّة والعصبية
يمُرّ المراهقون بالعديد من التغيرات النفسية والاجتماعية التي يُمكن أن ترتبط بالتغيرات الهرمونية والتطورات العصبية التي تحدث خلال مرحلة المراهقة، إذ تطرأ العديد من التغيرات على مناطق معينة في الدماغ، كتلك التي تحدث في الجهاز الحوفي أو ما يُعرف بالجهاز الطرفي (بالإنجليزية: Limbic System) المسؤول عن عدّة وظائف في جسم الإنسان؛ بما في ذلك تنظيم النوم، والاستجابات العاطفية، والبحث عن المتعة، والتحكّم بنظام المكافأة في الجسم، وقد تحدث أيضاً تغيّرات في القشرة الأمام جبهية (بالإنجليزية: Prefrontal Cortex)، وهي المنطقة المسؤولة عمّا يُسمّى بالوظائف التنفيذيّة (بالإنجليزيّة: Executive functions)؛ والتي تتضمّن: التنظيم، والتخطيط للمستقبل، وصُنع القرار، والتحكّم في الاندفاعات، ومن الجدير ذكره أنّ التغيّرات في القشرة الأمام جبهية قد تحدث بشكلٍ لاحقٍ في مرحلة المُراهقة مُقارنةً مع وقت حدوث تغيّرات النظام الحوفي. وفي الحقيقة، يطوّر المراهق في هذه المرحلة من العمر أيضاً قدراتٍ معرفيّة وفِكريّة، فخلال العقد الثاني من العمر، قد يكتِسب المراهقون مهارات تفكير أقوى، وتتّسم أفكارهم بالمنطقيّة والأخلاقيّة بصورةٍ كبيرة، ويصبحون أكثر قدرة على إصدار أحكام عقلانية، بالإضافة إلى التفكير المجرد، ومن المهم معرفة أنّ التغيّرات التي تحدث في بيئة المراهق يُمكن أن تكون ذات تأثير في التغييرات الداخلية للمراهق، وتختلف التأثيرات الخارجية اعتماداً على الثقافات والمجتمعات المُختلفة، ومن أهمّ العوامل الخارجية المؤثرة في المُراهق: المعايير والقِيم الاجتماعية، وتغيّر المسؤوليّات، والعلاقات، والتوقعات خلال هذه الفترة من الحياة.
مرحلة الرشد المُبكر
تُشير مرحلة الرشد المبكر (بالإنجليزيّة: Early adulthood) إلى المرحلة العُمرية ما بين 20-40 عاماً، وفيها يُلاحظ بأنّ الرياضيين يكونون في أفضل مستوياتهم، والنّساء لديهنّ أطفال خاصّة مع بدء مرحلة الرشد المُبكر، وبشكلٍ عامّ يكتمل النضوج البدني في مرحلة الرشد المبكر، ومن المُحتمل أيضًا حدوث زيادة في وزن الشخص وطوله خلال هذه المرحلة، كما تتضمّن مرحلة الرشد المُبكر بلوغ القدرات الجسدية ذروتها، ويتمثل ذلك بزيادة قوة العضلات، والقدرات الحسية، وأداء القلب، ووقت رد الفعل، وفي حوالي سنّ الثلاثين تبدأ عملية الشيخوخة (بالإنجليزية: Aging)، بالرغم من عدم ظهور أيّ علامات قد تدل على حدوثها، وقد يتمثل ذلك بحدوث بعض التغيّرات في أجزاءٍ مُختلفةٍ من الجسم؛ مثل: تصلّب عدسة العين وزيادة سُمكها، ممّا يؤدي إلى حدوث تغيّراتٍ في الرؤية والتي قد تؤثر عادةً في القدرة على التركيز على الأشياء القريبة، كما قد تحدث مشاكل في السمع تتمثل بانخفاض حساسية سماع الأصوات، وبشكلٍ عامّ يكون حدوث مشاكل السمع أسرع عند الرجال مقارنةً بالنّساء، ومن التغيّرات الأخرى التي قد تحدث: انخفاض قدرة الجهاز المناعي على مُكافحة الأمراض، وقد يبدأ لون الشعر بالتغيّر إلى الأبيض ويُصبح أضعف، وقد تنخفض القُدرة الإنجابيّة، ويُصبح الجلد أكثر جفافاً وتبدأ التجاعيد بالظهور بحلول نهاية فترة الرشد المُبكرة.
تُشير بعض الأبحاث إلى أنّ التطور المعرفيّ للبالغين يُمثل عمليةً مُعقدة ومتغيرة باستمرار ولكنها قد تكون أكثر نشاطًا من التطوّر المعرفي في مرحلة الطفولة والطفولة المبكرة، وبشكلٍ عامّ تتعدّد التغيرات المعرفيّة خلال مرحلة الرشد المُبكر، وقد يعود السبب في ذلك قضاء الشخص مُدّةً أطول في هذه المرحلة مُقارنةً بالمُدّة التي يقضيها في أيّ مرحلةٍ أخرى، وخلال هذ المرحلة يبدأ الإدراك المعرفيّ بالاستقرار، ويصِل ذروته في سنّ 35 عامًا، حيثُ يبدأ البالغون بالنظر إلى الأفكار والمفاهيم من زوايا متعددة، ويفهمون أنّ السؤال يُمكن أن يكون له أكثر من إجابة صحيحة أو خاطئة، كما يُصبح لديهم مرونة إدراكية أكبر في وجهات النظر التي تنطوي على الصحيح والخاطئ، وينتج عن التفكير العملي والنفعي (بالإنجليزيّة: Pragmatic thinking) استخدام المنطق لحلّ مشكلات العالم الواقعي مع قبول التناقض والعيوب وغيرها من المشكلات، بالإضافة إلى قدرة البالغين على تطوير نوعٍ من الخبرة في التعليم أو الوظيفة، ممّا يُعزّز مهارات حل المشكلات والقدرة على الإبداع لديهم، وبحسب ما وجدته بعض الأبحاث أن البالغين الذين يشاركون في الأنشطة المُحفّزة للعقل والجسم تقلّ لديهم نسبة الإصابة بالخَرَف (بالإنجليزيّة: Dementia) وضعف الإدراك المُرتبطين بالتقدم في العمر ، وتجدر الإشارة إلى أنّ القدرات المعرفية تبقى ثابتة نسبيًا طوال فترة الرشد المبكرة والمتوسطة، على عكس القدرات الجسدية التي تبلغ ذروتها في منتصف العشرينيات ومع مرور الوقت تبدأ بالانخفاض التدريجي.
مرحلة البلوغ المتوسط
تبدأ مرحلة منتصف العمر أو ما تُعرف بمرحلة الرّشد المتوسط (بالإنجليزيّة: Middle adulthood) غالباً خلال عمر 40 إلى 65 عاماً، وخلالها قد تصبح عملية الشيخوخة أكثر وضوحًا، ويُمكن أن تتأثر العديد من أجهزة الجسم بتقدم العُمر، فقد يواجه العديد من الأشخاص ممّن تتراوح أعمارهم حول الستين عامًا من حالةٍ تُعرف بقُصر البصر الشيخوخيّ (بالإنجليزيّة: Presbyopia)؛ وفيها يُعاني المُصاب من مشاكلٍ في الرؤية تنطوي على فقدان العين قدرتها على التركيز على الأجسام ضمن مسافاتٍ مختلفة، وعلاوةً على ذلك فإنّ الأشخاص في مرحلة مُنتصف العمر هم أكثر عُرضةً لخطر الإصابة بالجلوكوما (بالإنجليزيّة: Glaucoma) مُقارنةً بالبالغين الشباب، ومن الجدير ذكره أنّ معظم الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 40-60 عامًا قد يحتاجون إلى عدساتٍ تصحيحيّة لحلّ مشكلة ضعف الرؤية، ومن التغيّرات الأخرى المُصاحبة لمرحلة الرّشد المتوسط حدوث تغيّراتٍ في نسبة العضلات إلى الدهون لكلٍّ من الرجال والنساء طوال هذه المرحلة، كما يزداد تراكم الدهون في منطقة البطن، وتُصبح البشرة أكثر عُرضةً للجفاف وظهور التجاعيد خاصّة في منطقة الوجه، ويزداد وضوح بُقع الشيخوخة والأوعية الدموية في البشرة، وفي سياق الحديث عن التغيرات المُصاحبة لهذه المرحلة يُشار إلى احتمالية مُعاناة الأفراد ضمن هذه الفئة من مشاكلٍ في السمع، ومن ناحيةٍ أخرى قد تتعرض النّساء عند بلوغهم 50 عامًا تقريباً من انخفاضٍ تدريجيٍّ في الخصوبة وتُعدّ هذه الحالة أحد علامات سنّ اليأس (بالإنجليزيّة: Menopause)، وقد ترتبط بحدوث تغيّراتٍ هرمونية يُمكن أن تستمر من ستة أشهر إلى خمس سنوات، وقد تؤدي التغيّرات الهرمونية وانقطاع الطّمث إلى ظهور العديد من الأعراض الأخرى؛ مثل: تقلّبات المزاج، وانخفاض الرغبة الجنسيّة، والقلق، والتهيّج، وعدم القدرة على التركيز، والاكتئاب، وضعف الذاكرة.
مرحلة كبار السن
تُمثل مرحلة كبار السن أو الرّشد المُتأخر (بالإنجليزيّة: Late adulthood) المرحلة الأخيرة من التغيّر الجسدي، وتبدأ عادةً في سنّ 65 تقريبًا، وبشكلٍ عام، قد يختلف متوسط العمر للأشخاص بناءً على عدّة عوامل؛ منها: مدى الحصول على الرعاية الطبية، والحالة الاجتماعية والاقتصادية، والمنطقة التي يعيش فيها الفرد، وتجدر الإشارة إلى أنّه قد تميل النّساء إلى العيش لفترةٍ أطول من الرجال بمعدل خمس سنوات، وخلال مرحلة الرّشد المُتأخر قد يمُر كبار السنّ بالعديد من التغيّرات المعرفية، حيثُ سجّلت بعض الدراسات حدوث انخفاضٍ في سرعة الاستجابة العصبية والحركية لدى كبار السن، ويعتقد بعض الباحثين أنّ ضعف الذاكرة المُرتبط بالتقدّم في السنّ هو العامل الحاسم الكامن وراء ضعف قدرة كبار السن على أداء المهام المعرفية، وقد تُعزى الاضطرابات المعرفية التي قد تُصيب كبار السن إلى إصابة البعض منهم بالخَرَف، وقد يعود السّبب الرئيسي للإصابة بالخرف في عددٍ من الحالات إلى تطوّر مرض الزهايمر (بالإنجليزيّة: Alzheimer's disease)، وهو عبارة عن اضطراب تدريجي قد يبدأ بفقدان الذاكرة والارتباك، وينتهي بفقدان الشخص قدرته على رعاية نفسه، بما يُشكّل خطرًا على حياته، وبالرغم من ذلك قد لا تؤثر التغيرات الفكريّة المُصاحبة لهذه المرحلة دائمًا في أداء الشخص وقدراته، في حين أنّ الذكاء السائل (بالإنجليزيّة: Fluid intelligence) الذي يُشير إلى القدرة على رؤية واستخدام التفكير المنطقي والعلاقات لحلّ المشكلات، قد يتراجع مع مرور الوقت، أمّا الذكاء المتبلور (بالإنجليزيّة: Crystallized intelligence) المُتمثل بالقدرة على استخدام المعلومات المتراكمة في حلّ المشكلات واتخاذ القرارات، فقد ثبت أنّه يرتفع قليلاً مع مُضي العمر، وقد أشار بعض الباحثين إلى أنّ انخفاض الأداء المعرفي يُمكن عكسه لدى العديد من كبار السنّ الذين تلقوا تدريبًا علاجيًا. كما يمُر كبار السن أيضاً بالعديد من التغيرات الجسديّة، والتي نذكر أبرزها فيما يأتي:
- انخفاض قوة العضلات.
- استمرار الجلد بفقدان مرونته.
- تباطؤ في ردات الفعل.
- ضعف في جهاز المناعة.
- تراجع في حساسية حاسة الشم، واللمس، والتذوق.
- انخفاض في الحركة الجسدية وفقدان التوازن، ممّا قد يؤدي إلى زيادة خطر حدوث السقوط والإصابات.
- تدهور حاستي السمع والإبصار بشكلٍ ملحوظ، فقد يُعاني كبار السنّ من إعتام عدسة العين أو ما يُعرف بالماء الأبيض في العين (بالإنجليزيّة: Cataracts)، أو المناطق الغائمة في العين والتي قد تؤدي إلى فقدان الرؤية.
- زيادة خطر الإصابة بالأمراض؛ مثل داء السُكريّ ، والسرطان، ومشاكل القلب والأوعية الدموية، وأمراض الجهاز التنفسي.
نظرة عامة حول نمو الإنسان
يُعرف نمو الإنسان (بالإنجليزيّة: Human development)، على أنّه العملية التي يحدث خلالها النضوج والتطور الجسديّ، والعاطفيّ، والمعرفي، والاجتماعي، وبشكلٍ عام، قد تستغرق هذه العملية سنواتٍ عديدة، يمر خلالها الفرد بمراحل مختلفة من النمو ليصل إلى المرحله النهائية وهي مرحلة الشيخوخه مرورًا بمرحله المراهقة والرُشد (بالإنجليزيّة: Adulthood)، ومن الجدير ذكره اختلاف طبيعة التطوّرات المُصاحبة لكلّ مرحلةٍ من مراحل النمو.