متى يبدأ جسم الميت بالتحلل
هل يتحلل جسم الإنسان مباشرة بعد موته؟
للموت العديد من التعريفات طبيًا، إذ يُعرّف بأنه إنتهاء الحياة وتوقفها، أي بمعنى التوقف الدائم لجميع أعضاء الجسم الحيوية، ويُعرف أيضًا بأنه توقف جميع وظائف الجسد الحيوية للاإرادية عن العمل وقد صاغ الأعضاء في المؤتمر الوطني للمفوضين بسن قوانين الدولة الذي عُقد عام 1980 تعريف عام للموت، بأنّ الشخص الميت هو الذي عانى من توقف لا رجعة فيه في وظائف الدورة الدموية والجهاز التنفسي، أو توقف لا رجعة فيه في وظائف الدماغ التي تشمل توقف في جذع الدماغ. ( brain stem ).
تبدأ المرحلة الأولى من تحلل الجثة بعد الموت مباشرةً ، أي بعد 4 دقائق تقريبًا من الوفاة، فعند توقف الدورة الدموية والجهاز التنفسي عن العمل، لا يستطيع الجسم الحصول على الأكسجين، وكذلك لا يستطيع التخلص من الفضلات، الأمر الذي يرفع مستويات ثاني أكسيد الكربون في الدم، وهو ما يخلق بيئة حامضية تؤدي إلى تمزق الأغشية، وهذا التمزق ينتج عنه إنزيمات تحلّل خلايا الجسم من الداخل للخارج، وتُعرف هذه المرحلة باسم التحلّل الذاتي.
كم يحتاج جسد الميت ليتحول إلى هيكل عظمي؟
عملية التحول لهيكل عظمي تحتاج من شهر إلى عدة سنوات، وذلك بحسب البيئة المحيطة، وطريقة الدفن المعتمدة، والظروف الجوية المحيطة، مثل درجة حرارة الجو التي تسرّع أو تبطّأ من عمل البكيريا والكائنات الحية الدقيقة، إذ إنّ الحرارة المنخفضة تبطّأ من نشاط البكتيريا وقد تلغيه نهائيًا، مثل البيئات التي تنخفض فيها درجات الحرارة إلى ما دون الصفر، ما يُؤخر من عملية التحلل والتحول إلى هيكل عظمي، أما الحرارة المرتفعة فتسرّع من وتيرة تكاثر البكتيريا ونشاطها، وبالتالي تزيد من سرعة تحلّل الجثة وتحولها إلى هيكل عظمي.
كم يحتاج جسد الإنسان حتى يتحلل بشكل كامل؟
آخر ما يتبقى من جسد الإنسان بعد عمليات التحلل المختلفة هو الهيكل العظمي، وبتحلله يكون الجسد قد تحلل بالكامل، ويختلف الوقت الذي يحتاجه الهيكل العظمي حتى يتحلل بالكامل، إذ يتراوح من أشهر إلى عدة سنوات، وذلك لاعتماد عملية تحلل الهيكل العظمي على الظروف المحيطة أكثر من الاعتماد على طريقة التحلل الحيوية الطبيعية، ومن العوامل الرئيسية التي تؤثر على عملية تحلل الهيكل العظمي هي الظروف الجوية، وحموضة التربة وغيرها، فمثلًا عند دفن الجثة في مناخ جاف، مصحوبًا مع درجات حرارة باردة جدًا، أو حارة جدًا فقد تتأخر حينها عملية التحلل وقد تتعرض الجثة حينها إلى التحنيط.
أين يتحلل جسد الإنسان أسرع في الكفن أم التابوت؟
يكمن الفرق الرئيس بين الكفن والتابوت هو درجة تعرض الجثة إلى العوامل الخارجية في كل منهما، حيث أن الجثة في الكفن تتعرض للبيئة الخارجية بشكل أكبر مما يؤدي إلى تحللها بشكل أسرع، ويُقدر بأنه عند دفن الجثة في الكفن قد تحتاج من 8-12 عام حتى تتحلل بشكل كامل وتشكل الهيكل العظمي.
أما عند دفن الجثة في التابوت فهذا الأمر قد يمنع تعرض الجثة إلى العوامل الخارجية حتى يتم تحليل التابوت نفسه، وهذه الأمر يعتمد على جودة صنع التابوت والمادة المصنوع منها، لذلك قد تحتاج الجثة إلى وقت أطول حتى تتحلل في التابوت منها في الكفن.
الطريقة المتبعة في مراسيم دفن الجثة تؤثر في سرعة أوبطئ تحلله، فالملل التي تعتمد الكفن في دفن الجثة، تكون الجثة فيها قريبة من الأرض، ومعرّضة للعوامل التي تسرّع من عملية التحلل، أمّا الأقوام التي تضع جثثها في تابوت، تبطئ هذه الطريقة من تحلل الجثة، لبعد هذه الأخيرة عن الأرض والعوامل التي تسرّع في تحليل الجثة، كما أنّ البعض يلجأ للمحافظة على شكل الميت، مثل تحنيطه ووضع مساحيق التجميل على وجهه، كل هذه عوامل تؤثر في سرعة تحلل الجثة.
هل يتحلل جسم الإنسان كاملًا بعد موته؟
وفقًا للمعتقدات الإسلامية فإنّ جسم الإنسان لا يتحلل بالكامل، بل يبقى الجزء الذي سينبعث منه الإنسان من جديد يوم القيامة، ويسمى هذه الجزء بعجب الذنب، الذي يعرف باسم العصعص (Human Tailbone Or Coccyx)، فالعصعص هي آخر عظمة في العمود الفقري ومنها يبدأ تكوّن الجنين في رحم أمه، ويحدث لهذه العظمة العديد من التغيرات خلال فترة الحمل، ثم تستقر في محلها آخر العمود الفقري.
وقد أثبت العلم الحديث أن هذه العظمة هي الجزء الوحيد الذي يبقى من جسد الإنسان ولا يتحلل بعد موته حتى أنه تم منح العديد من العلماء جوائز نوبل وغيرها لإثباتاتهم أن عظمة العصعص غير قابلة للتحلل حتى بعد تعرضها لظروف قاسية جدًا.
مراحل تحلل جسد الإنسان
يتم تحلل جسد الإنسان عن طريق 4 مراحل أساسية ، وهي كالآتي:
- التحلل الذاتي (Autolysis): وتبدأ فورًا بعد الموت، بتوقف الجهاز التنفسي والقلب عن العمل، إذ يصبح الجسم غير قادر على الحصول على الأكسجين، وإخراج الفضلات، فتتغير درجة حموضة الجسم، وتتمزق الخلايا وتخرج الإنزيمات الموجودة داخلها، وتبدأ هذه الإنزيمات بتحليل خلايا الجسد الداخلية، ويبدأ الجسد بالتصلب، مع ارتخاء البشرة، وبعد 24-72 ساعة بعد الموت، تبدأ الأعضاء الداخلية بالتحلل.
- الانتفاخ (Bloat): تبدأ بعد 3-5 أيام من الموت، وتنتفخ الجثة نتيجةً لعمل الإنزيمات التي تنتج الغازات ما يؤدي إلى مضاعفة حجم جسم الإنسان تقريبًا، وتبدأ البكتيريا والكائنات الحية الدقيقة في تحليل الجسد، فتنتج مركبات تغير لون البشرة، وتنتج رائحة تعفن سيئة جدًا (Puterfaction)، وبعد 8-10 أيام، يتحول لون الجسد من الأخضر للأحمر وذلك نتيجة لتحلل الدم وتجمع الغازات
- الاضمحلال النشط (Active Decay): بعد شهر يبدأ الجسد بالتحول إلى الحالة السائلة، إذ تبدأ أعضاء الجسد الداخلية بالتحول إلى الحالة السائلة وتخرج من فتحات الجسد، ويبقى الشعر، والعظام، والغضاريف، ويفقد الجسد معظم وزنه في هذه المرحلة، وبعد عدة أسابيع تبدأ الأسنان والأظافر بالتساقط.
- الهيكل العظمي (Skeletonization): يعتمد تحلل الهيكل العطمي على نسبة وجود المواد العضوية في الجسم مثل الكولاجين، والمواد غير العضوية، لذلك لا يوجد إطار زمني محدد لتحلل الهيكل العظمي.
الكائنات الحية التي تحلل جسم الإنسان بعد موته
كثيرة هي الكائنات الحية التي تساهم في تحلل جسم الإنسان بعد موته، وقد تصل إلى الآلاف في الجثة الواحدة، ومن أبرزها ما يأتي:
- البكتيريا
- الحشرات واليرقات المتعددة.
- الفطريات.
وفي ما يأتي بعض الملاحظات المتعلقة بكيفية تحليل جسم الإنسان من قبل الكائنات الحية :
- هذه الكائنات الحية لا تبدأ جميعها بتحليل جسم الإنسان في آن واحد، إذ أن كل مرحلة تحلل تمتاز بوجود نوع معين من الكائنات الحية.
- بعض الكائنات الحية تُمهد الطريق للنوع التالي من الكائنات لتحليل الجثة، فمثلًا قد يفرز نوع معين من البكتيريا روائح تجذب بها الفطريات لتبدأ مرحلة التحلل التالية.
- كل نظام بيئي يمتاز بوجود كائنات حية دقيقة ليست موجودة في بيئة أخرى، ما يساهم في تسريع أو إبطاء عملية التحلل.
- تحليل الكائنات الحية للجثة ضمن مراحل، يُساعد المتخصصون والطب الشرعي في معرفة الكثير من المعلومات عن الجثة، مثل: وقت الوفاة ومكان الوفاة.
الملخص
يمر جسم الإنسان بعد موته بعدة مراحل حتى تكتمل عملية التحلل، وتندرج هذه المراحل ضمن إطار زمني معين، لكل مرحلة منها زمنها الخاص، وتبدأ عملية التحلل مباشرة بعد موت الإنسان، وتستمر بعد دفنه وتعرض الجثة للعوامل الجوية المختلفة، التي من الممكن أن تؤثر على سرعة أو بطؤ عملية التحلل، حتى تتحول الجثة إلى هيكل عظمي الذي يحتاج إلى أطول وقت للتحلل وقد يجتاج إلى عدة سنوات، ويبقى في النهاية عظمة العصعص التي يُعاد خلق الإنسان منها يوم البعث.