متى تكون الرؤيا صادقة
متى تكون الرّؤيا صادقة
يقسّم ما يراه النائم في منامه إلى عدّة أقسام، فمنه ما يكون حلماً من الشيطان أو حديث النفس، ومنه ما يكون من الرؤى الصادقة، ولا يمكن الجزم بأنّ ما رآه الشخص رؤيا صادقة، ولكن هناك عدّة علامات إذا توافرت في الشخص أو فيما رآه كانت الرؤيا صادقة على سبيل غلبة الظنّ، ونذكر أهمّ هذه العلامات فيما يأتي:
عند تحقيق ولاية الله والتقوى
لا شكّ أنّ للرّؤيا الصّادقة أسباباً لا تتوافر في الأغلب إلا لمَن كان عنده صفات التّقوى والصّلاح، ولمن يظهر عليه سمت الإيمان والتقوى، حيث ذكر العديد من العلماء أنّ الرؤيا الصادقة من البشرى المعجّلة لأولياء الله في الدنيا.
قال الله -تعالى-: (أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ* الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ* لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ)، وقال بعض أهل العلم إنّ البشرى تعني الرؤيا الصادقة، وذلك يكون لأولياء الله الذين آمنوا بالله وصدّقوا به وبرسالة نبيّه، والتزموا بشرعه وانتهوا عن نهيه.
عند تحقيق الصدق
كلّما كان الإنسان صادقاً بعيداً عن الكذب كانت رؤياه أصدق، ففي الحديث الشّريف عن الرّسول -صلى الله عليه وسلم- قال: (إذا اقْتَرَبَ الزَّمانُ لَمْ تَكَدْ رُؤْيا المُسْلِمِ تَكْذِبُ، وأَصْدَقُكُمْ رُؤْيا أصْدَقُكُمْ حَدِيثًا)، فتحرّي الصدق وتجنّب الكذب مدعاة لحصول الصدق في المنام، ولا يستحيل أن يرى الكافر والعاصي رؤيا صادقة، لكن المؤمن الصادق كثيراً ما يراها خلافاً للكاذب فنادرٌ أن يراها.
في آخر الزمان للمؤمن
يتبيّن من الحديث السابق أنّ آخرَ الزّمان هو مظنّة كثرة الرّؤى عند المؤمنين وصدقها، وذلك لكثرة الفتن التي تحيط بالمسلم، فيحتاج حينئذٍ إلى الرّؤى والمبشّرات حتّى تثبّته على دينه، يقول ابن أبي جمرة: "يقل أنيس المؤمن ومعينه في ذلك الوقت فيكرم بالرؤيا الصادقة"، ويقول ابن القيم: ".. وذلك لبعد العهد بالنبوة وآثارها فيتعوض المؤمنون بالرؤيا".
عند التواطؤ على رؤيتها
التواطؤ يعني توافق مجموعة من الناس على رؤيا معيّنة، فقد رأى مجموعة من الصحابة -رضوان الله عليهم- رؤيا ليلة القدر في العشر الأواخر، ورأى مجموعة أخرى أنّها في السبع الأواخر، فقال لهم النبي -صلى الله عليه وسلم-: (التَمِسُوها في السَّبْعِ الأواخِرِ)، وفي رواية قال: (أَرَى رُؤْيَاكُمْ قدْ تَوَاطَأَتْ في العَشْرِ الأوَاخِرِ، فمَن كانَ مُتَحَرِّيَهَا فَلْيَتَحَرَّهَا مِنَ العَشْرِ الأوَاخِرِ).
عند رؤية النبيّ في المنام
قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (مَن رَآنِي في المَنامِ فقَدْ رَآنِي، فإنَّ الشَّيْطانَ لا يَتَمَثَّلُ بي)، وهذا يدلّ على أنّ رؤية النبي -صلى الله عليه وسلم- في المنام حق وصدق، وهي ليست من الأحلام والأضغاث، فالشيطان لا يتمثّل في صورة النبيّ، وهنا إما أن تكون الرؤيا فيها بشارة للرائي ، أو لتحذيره وتنبيهه من أمر ما.
بعض صفات الرؤيا الصادقة
ميّز النّبيّ -عليه الصّلاة والسّلام- بين الرّؤيا الصّادقة والأحلام من حيث مصدرها، فالرّؤى الصّادقة مصدرها الله -عزّ وجل-، وتكون لتبشير الرائي أو تحذيره، بينما الحلم من الشّيطان، ويكون لتحزين وتخويف الرائي، والرّؤيا الصّادقة هي جزءٌ من ستّة وأربعين جزءاً من النّبوة، وقد كان ابتداء أمر النبوة للنبي -عليه الصّلاة والسّلام- الرّؤيا الصّادقة، حيث كان يرى الرّؤى فتتحقّق على أرض الواقع كفلق الصّبح.