ماذا يفعل الإشعاع النووي بالإنسان؟
ما هو الإشعاع النووي؟ وما هي مخاطره على الإنسان؟
الإشعاع هو طاقة تنتقل على شكل موجات طاقة أو جزيئات عالية السرعة تنشأ من مصادر طبيعية، أو من صنع الإنسان، وهو نوعان الأول هو الإشعاع غير المؤين (Non-ionizing radiation) مثل موجات الراديو والهواتف المحمولة وأفران الميكروويف والأشعة تحت الحمراء والضوء المرئي وهي غير ضارة بجسم الإنسان، أما النوع الثاني فهو الإشعاع المؤين (Ionizing radiation) كالأشعة فوق البنفسجية والراديو والأشعة السينية وأشعة جاما التي يعد الإشعاع النووي نوعاً من أنواعها، وهو محور هذا المقال.
تنبعث الطاقة من المادة في شكل جسيمات صغيرة سريعة الحركة تسمى جسيمات ألفا وجسيمات بيتا والنيوترونات، أو بشكل أشعة أو موجات كهرومغناطيسية نابضة كأشعة جاما، وهذه الطاقة تكون منبعثة من نوى الذرات المشعة غير المستقرة كي تصل إلى الاستقرار، وهذا الانبعاث التلقائي يسمى "الإشعاع النووي" (nuclear radiation) وجميع أنواع الإشعاع النووي هي إشعاعات مؤينة ولكن العكس ليس صحيحًا، وتكون بعض العناصر مشعة بشكل طبيعي بسبب إصدار نواتها إشعاعًا نوويًا نتيجة للاضمحلال الإشعاعي، أما بعض العناصر فيتم تحفيزها لتصبح مشعة من خلال تعريضها للإشعاع في مفاعل وهي التي تتسبب بضرر للإنسان والبيئة.
الآثار الناتجة عن أحجام الجرعات الإشعاعية التي يمتصها جسم الإنسان
يطلق على كمية الطاقة التي يمتصها جسم الإنسان لكل جرام من أنسجته اسم "الجرعة الممتصة" (absorbed dose)، ووحدة قياسها "راد" (rads) ويمكن قياسها بوحدة "ريم" (rem) أو ما يعادل رونتجن في الإنسان، وتأثير الجرعات الممتصة بوحدة "ريم" على الجسم كالتالي:
- 5-20 ريم: يؤدي هذا القدار إلى ظهور الآثار المحتملة على المدى البعيد، وتسبب ضرر كروموسومي محتمل.
- 20-100 ريم: يؤدي امتصاص هذا المقدار من الأشعة إلى انخفاض مؤقت في خلايا الدم البيضاء.
- 100-200 ريم: مقدار كافٍ لإصابة الجسم بمرض إشعاعي خفيف يظهر تأثيره خلال ساعات قليلة وأعراضه هي: قيء، إسهال، إرهاق وتقل قدرة الجسم على مقاومة العدوى.
- 200-300 ريم: يظهر بعد التعرض لهذا المقدار من الأشعة آثار مرض إشعاعي خطير ذي أعراض مشابهة للمرض الذي يظهر بسبب المقدار 100-200 rem بالإضافة إلى حدوث نزيف، ويقتل التعرض لهذه الجرعة نسبة 10-35% من الأشخاص اللذين يتعرضون لها بعد 30 يومًا من التعرض.
- 300-400 ريم: يسبب هذا المقدار مرضاً إشعاعياً خطيراً ويقوم بتدمير النخاع الشوكي والأمعاء.
- 400-1000 ريم: مقدار كبير من الأشعة يكفي للإصابة بالمرض الحاد والموت المبكر.
- 1000-5000 ريم: مقدار خطير جداً يسبب مرضاً حاداً والموت المبكر في غضون أيام.
آلية تأثير الإشعاع خلايا جسم الإنسان
تؤثر الإشعاعات النووية على خلايا جسم الإنسان بآليتين هما:
- تأثير مباشر: يكون التفاعل مباشراً عندما يتفاعل الإشعاع مع ذرات جزيء الحمض النووي أو بعض المكونات الخلوية الأخرى المهمة، ويؤثر هذا التفاعل على قدرة الخلية على التكاثر والبقاء على قيد الحياة، وفي حالات أخرى يؤدي ذلك إلى موت الخلية بسبب تأثر عدد كبير من الذرات وحدوث تغيير كبير في المعلومات التي يحملها جزيء الحمض النووي؛ وبالتالي تدمير الخلية بسبب التدخل "المباشر" في نظامها للحفاظ على الحياة.
- تأثير غير مباشر: يقل احتمال تفاعل الإشعاع مع جزيء الحمض النووي الذي يشكل جزءًا صغيرًا من الخلية عندما يحدث التفاعل الإشعاعي في الماء الذي يشكل النسبة الأكبر من حجم الخلية؛ وبالتالي يقل الضرر الواقع على الخلية، ولكن في بعض الأحيان يمكن أن تتحد الإشعاعات لتكوين مواد سامة مثل بيروكسيد الهيدروجين (H2O2) والتي يمكن أن تساهم في تدمير الخلية.
الأمراض التي سببها التعرض للإشعاع النووي على أعضاء الجسم
يؤثر التعرض للإشعاع النووي على كافة أعضاء جسم الإنسان، وأبرز هذه الآثار:
- الشعر: يحدث تساقط الشعر بسرعة وكمية كبيرة عند التعرض للإشعاع بمعدل 200 ريم أو أكثر.
- المخ: يتضرر المخ عند التعرض لإشعاع بمعدل 500 ريم فأكثر بسبب أن خلايا الدماغ لا تتكاثر، ويقوم الإشعاع بقتل الخلايا العصبية والأوعية الدموية الصغيرة مما يؤدي إلى حدوث النوبات والموت الفوري.
- الغدة الدرقية: تتأثر الغدة الدرقية أكثر من باقي أجزاء الجسم عند التعرض لليود المشع بكميات كبيرة والتي يمكن أن تدمر كل أو جزء من الغدة الدرقية، وللتقليل من آثار الإشعاع يمكن تناول يوديد البوتاسيوم.
- نظام الدم: يؤدي التعرض لإشعاع يصل مقداره 100 ريم لانخفاض عدد الخلايا الليمفاوية في الدم مما يجعل الجسم أكثر عرضة للإصابة، ويطلق على هذه الحالة اسم "داء الإشعاع الخفيف" الذي تكون أعراضه المبكرة مماثلة لأعراض الأنفلونزا وقد تمر دون أن يلاحظها المصاب إن لم يقم بإجراء تعداد لخلايا الدم، ويمكن أن تستمر الأعراض لمدة تصل إلى 10 سنوات وقد تزيد من فرصة الإصابة بسرطان الدم والأورام اللمفاوية على المدى الطويل.
- القلب: يتسبب التعرض للأشعة التي يتراوح مقدارها بين 1000 إلى 5000 لإلحاق أضرار فورية بالأوعية الدموية الصغيرة وزيادة احتمالية حدوث قصور القلب والوفاة بشكل مباشر.
- الجهاز الهضمي: يبدأ تضرر الجهاز الهضمي عند وصول مقدار الإشعاع إلى 200 ريم فأكثر، ويؤثر على بطانة الأمعاء والتسبب بالغثيان والقيء الدموي والإسهال، ثم سيبدأ الإشعاع في تدمير خلايا الجسم التي تنقسم بسرعة مثل الدم وخلايا الجهاز الهضمي والخلايا الإنجابية والشعرية وفي النهاية تضر بالحمض النووي و الحمض النووي الريبي باقي الخلايا.
- الجهاز التناسلي: يتضرر الجهاز التناسلي بشكل كبير لأن خلاياه تنقسم بسرعة عند مستويات منخفضة من الأشعة تصل إلى 200 ريم، وتتسبب الأشعة على المدى الطويل بإصابة الأشخاص بالعقم.