ما هو جزاء النساء في الجنة
الجنَّة
وَعَدَ الله سبحانه وتعالى عباده المُتّقين بالجنّة، وجَعل الفَوز بالجنّة جزاءً خالِصاً في الآخرة، لمن صَدَّق، وآمَن، وعَمل صالحاً، والتزم طاعة الله سبحانه وتعالى؛ حيث قال تعالى: (إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا* حَدَائِقَ وَأَعْنَابًا) فالجنّة هي الجزاءُ الأبدي، وهي مَوطن الاستقرار والخلود للمؤمنين يَتنعّمون فيها خالدين مُخلدين، يَجدون فيها من النِعَم والنَعيم ما يَعجز العقل البشري عن إدراك ماهيَته على الوجه الصحيح؛ ذلك لأنّ الجنّة من علم الغيب، والجزاء فيها للرجال والنِّساء من المؤمنين، فما هو جزاء النِّساء في الجنّة؟
حقيقة الجنة
الجنة في اللغة: هي البستان ذو الأشجار الكثيرة المتنوعة، ويُقال أيضاً: جنة سَحقا؛ بمعنى: البستان ذو النخل الطويل، أما الجنَّة اصطلاحاً فهي: المكان الذي أعَدّه الله سبحانه وتعالى في الآخرة لمن شاءَ من عباده.
تأتي الجنّة بمعنى: دار الكرامة، جَهّزها وأعدّها الله سبحانه وتعالى لأوليائه الصالحين في الآخرة.. قال الله تبارك وتعالى في الحديث القدسي: (أعدَدْتُ لعبادي الصَّالحينَ: ما لا عينٌ رأت، ولا أذُنٌ سَمِعَت، ولا خطَرَ على قلبِ بَشرٍ، ذُخرًا بَلْهَ ما اطَّلعتم عليه، ثم قرأ: (فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ).
جزاء النساء في الجنة
كثيراً ما تَتَساءل النِّساء عن مَصيرهنّ وجزائهنّ، وما أعدَّه الله سبحانه وتعالى لهُنَّ في الجنة، وقد وَصَفَ الله سبحانه وتعالى الجنّة للرجال وشَوَّقهم إليها بالكلام عن الحور العين، وما في الجنّة من نساءٍ في غاية الجمال، ولم يُذكر مثل هذا الوصف للنساء، وما هو جزاءُ النساء في الجنّة؟ ولكنه تكلّم عن النعيم المقيم، وتكلّم عن زواج أهل الجنة، وهذا يشمل الرجال والنساء..
يجب أن يسلّم الإنسان المسلم رجلاً كان أو امرأة لأمر الله الذي أعدّ للمؤمنين من النّعيم ما لا يسأله ولا يُحاسبه عليه أحد، فالله -تبارك وتعالى- لا يُسأل عمّا يفعله ويُقَدِره فهو سُبحانه لا يَفعل أمراً، ولا يَصدُر عنه من شيءٍ إلا لحكمةٍ يَعلمها استأثر بها في العلم، وإن أخفاها فلا يُسأل عن سبب ذلك فهو سبحانه الذي يَسأل ولا يُسأل.
النَّعيم في الجنّة لا يَقتصر على الرجال حصراً، وإنَّما الزواج للرجال والنَّساء، وهُوَ من أنواع النَّعيم الذي يُجزى به أهلُ الجنّة من النساء والرجال، وحال النساء في الجنّة كالآتي:
- المرأة التي توفيت قبل أن تتزوج، وكذلك المرأة التي ماتت مُطلقةً، والمرأة التي فازت بالجنّة ولم تكن الجنّة من نَصيب زوجها، فهذه المرأة بل جميع النساء المذكورات هنا يزوجهنّ الله -سبحانه وتعالى- في الجنّة من رجلٍ من أهل الدنيا، وذلك لقول النبي الكريم - عليه الصلاة والسلام -: (ما في الجنة أعزب)؛ فإذا لم تتزوج المرأة في الحياة الدنيا فإنّ الله -تبارك وتعالى- يُزَوجُها في الجنَّة، ويُنعمُ عليها بما تَقِرُ بها عَينها، ففي الجنّة من الرجال كذلك من لم يتزوّج النساء في الحياة الدنيا، قال تعالى: (وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الأَعْيُنُ وَأَنْتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ)
- المرأة التي كانت مُتزوجةً في الدنيا، فتكون زوجةً في الجنة لزوجها الذي كان رفيقها في الدنيا ودخل الجنّة، قال تعالى: (ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ)
- المرأة التي مات عنها زوجها وعاشت بعده في الحياة الدنيا ولم تتزوّج بعد موته، حتى ماتت، فتكون زوجةً له في الجنّة .
- إن تزوّجت المرأة أكثر من مرّة في الدنيا بأكثر من زوجٍ فإن كان فارقَها بطلاق فإنّهما يفترقان في الآخرة كما افترقا في الدنيا، ولا يُجمع بينهما، فالزوجيّة تنتهي بالطلاق انتهاءً أبدياً.
- المرأة التي مات عنها زوجها وما زالت الزوجيّة قائمة وقتها، وتزوّجت هذه المرأة من رَجلٍ غيره بعد وفاته؛ لهذه الحالة ثلاثة أقوال:.
- القول الأول: إنّ هذه المرأة تكون مع الرجل الذي تميَّز بأنه أحسنهم معها خُلُقاً وعِشرةً، وهذا القول رواية عن أمّ سلمة وأم حبيبة -رضي الله عنهما-
- القول الثاني: ذهب أصحاب هذا القول إلى أنّ المرأة تُخيّر في الجنَّة بين هؤلاء وتختار هي من بينهم، وقد وَرد هذا القول عند الإمام القرطبي.
- القول الثالث: ذهب أصحاب القول الثالث إلى أنّ المرأة تتزوّج في الجنّة آخر زوجٍ تزوّجته في الدنيا، وهو الذي لم تتزوّج بعده حتى ماتت، وبه قال أكثر أهل العلم من السلف ومنهم الحراني، والطبراني، والبيهقي.
يُشار إلى أنّ نساء الجنة يُنعمُ عليهنَّ الله بشدَّة الجمال؛ فقد رُوي عن رسول الله -عليه الصلاة والسلام-: (ولو أن امرأةً من نساءِ أهلِ الجنةِ اطَّلعَتْ إلى الأرضِ لأضاءَتْ ما بينَهما، ولملأَتْ ما بينَهما رِيحًا، ولنَصِيفُها - يعني الخِمارَ - خيرٌ منَ الدنيا وما فيها ) ونساء الجنة مُطهراتٌ من الحيض ومُطهراتٌ من النفاس، ونظيفاتٌ من البُصاق والمُخاط والبَول والغائط، فهنّ طاهراتٌ نظيفاتٌ، في قمة الجمال والشباب.
النساء أكثر أهل الجنّة
ذكرت مَصادر السنّة وكتب الحديث الشريف أنّ النساء في الجنّة أكثرُ عدداً مِن الرِجال، وذلك استناداً للحديث الذي يَرويه أبو هريرة عن رسول الله - عليه الصلاة والسلام - أنّهُ قال: (أولُ زُمرةٍ تلِجُ الجنَّةَ صورتُهم على صورةِ القمرِ ليلةَ البدرِ لا يبصُقون ولا يتمخَّطون، ولا يتغوّطون، آنيتُهم فيها من الذَّهبِ وأمشاطُهم من الذَّهبِ والفضةِ ومجامِرُهم من الأُلُوَّةِ ورشحُهم المسكُ، ولكلِّ واحدٍ منهم زوجتانِ، يُرى مُخُّ سوقهِما من وراءِ اللحمِ من الحُسنِ، لا اختلافَ بينهم ولا تباغُضَ، قلوبُهم قلبُ رجلٍ واحدٍ، يُسبِّحون اللهَ بُكرةً وعشيًّا)
بناءً عليه فإنّ أكثر أهل الجنة من النساء، وإنّ عدد النساء اللواتي في الجنة يفوق الرجال من حيث العدد، إلا أنّ بَعض العُلماء مثل ابن القيم -رحمه الله- ذهب إلى القول بأنّ المقصود من هذا الحديث نساء الدنيا بالإضافة إلى نساء الجنّة اللاتي خَلقهنّ الله للمؤمنين في الجنّة وهُنّ الحور العين.، وإنَّ أكثر أهل الجنة هم من أمّة سيدنا محمد - عليه الصلاة والسلام -
جاء في صحيح البخاري: كنا معَ النبيِّ في قُبَّةٍ، فقال: أتَرضَونَ أن تكونوا رُبُعَ أهلِ الجنةِ. قُلنا: نعم، قال: أتَرضَون أن تكونوا ثُلُثَ أهلِ الجنةِ. قُلنا: نعم، قال: أتَرضَون أن تكونوا شَطرَ أهلِ الجنةِ. قُلنا: نعم، قال: والذي نفسُ محمدٍ بيدِه، إني لأرجو أن تكونوا نِصفَ أهلِ الجنةِ، وذلك أن الجنةَ لا يَدخُلُها إلا نفسٌ مسلمةٌ، وما أنتم في أهلِ الشِّركِ إلا كالشعرةِ البيضاءِ في جلدِ الثَّورِ الأسودِ، أو كالشعرةِ السوداءِ في جلدِ الثَّورِ الأحمر)، فقد أخبر النبي - عليه الصلاة والسلام - وبشَّر أصحابه والمسلمين جميعاً بأنّ أكثر أهل الجنة هم المسلمون.
ليس في الجنّة عزباء
نعم، ليس في الجنة عزباء؛ لأن الله تبارك وتعالى سيُنعم على جميع النساء والرجال في الجنّة بالزواج، فقد ذكرت كتب ومصادر الحديث أنَّه لا يُوجد في الجنَّة أعزب، قال أبو هريرة -رضي الله عنه-: (سمِعْتُ مُحمَّدًا يقولُ: اختصَم الرِّجالُ والنِّساءُ أيُّهم في الجنَّةِ أكثَرُ؟ فأتَوْا أبا هُرَيْرَةَ فسأَلوه فقال: قال أبو القاسمِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: (أوَّلُ زُمرةٍ تدخُلُ الجنَّةَ مِن أُمَّتي على صورةِ القمَرِ ليلةَ البدرِ ثمَّ الَّذينَ يلونَهم على أضوأِ كوكبٍ في السَّماءِ دُرِّيٍّ أو دُرِّيءٍ ـ شكَّ سُفيانُ ـ لكلِّ رجُلٍ منهم زوجتانِ اثنتانِ يُرَى مُخُّ سوقِهنَّ مِن وراءِ اللَّحمِ وما في الجنَّةِ أعزَبُ)
محلّ الاستدلال في هذا الحديث قوله -عليه الصلاة والسلام-: (ليس في الجنة أعزب) فهو يدلّ على أنّ جميع أهل الجنّة من الرجال والنساء سينعمون بالزواج..