ما هو التعزير في الإسلام
تعريف عقوبة التعزير
لعقوبة لتعزير معنيان؛ معنى عند أهل اللغة ومعنى في اصطلاح الفقهاء وفيما يأتي بيان هذه المعاني:
التعزير في اللغة
التعزير في اللغة هو التأديب، فعزّر أي: أدّب، وأصله من العزر بمعنى الردع والرد، وتأتي أيضاً بمعنى أعان ونصر.
التعزير في الاصطلاح
يُعرّف التعزير في اصطلاح الفقهاء بأنّه: العقوبة المشروعة غير المقدّرة شرعاً، والتي يوقعها القاضي على المجرم لمعاقبته بما يكافئ جريمته، ويقمع عدوانه، ويحقّق الزجر والإصلاح، ويكون في كل جريمة لا حدّ فيها ولا كفارة، سواء أكانت الجناية اعتداء على حق الله تعالى، كالأكل في نهار رمضان بغير عذر، وترك الصلاة، أم كانت اعتداء على حقوق العباد كالربا، وطرح النجاسة، وأنواع الأذى في طريق الناس، والسب والشتم وغير ذلك من الجرائم.
حكم التعزير
ذهب جمهور الفقهاء إلى أنّ الأصل في التعزير أنّه مشروع وجائز في كل معصية لا يوجد فيها حدٌ شرعيّ، ولم يرد نصٌ على تحديد عقوبةٍ معينة فيها، وليس فيها كفارة، ويختلف حكم التعزير باختلاف ظروف الجاني من حيث مكانته الاجتماعيّة، ووضعه الأخلاقيّ، ومن حيث الظروف التي أحاطت به عند فعل الجريمة والقيام بها، ودوافعه لذلك، ومبرراته عند سماع أقواله من قبل الحاكم أو القاضي.
الجرائم التي يُشرع فيها التعزير
تكون عقوبة التعزير على نوعين من الجرائم لا ثالث لهما:
- الجرائم المعاقب عليها بالحد أو المعاقب عليها بالقصاص، ولكن تخلّف ركن من أركانها أو شرط من شروطها
أي في حالة عدم إمكانية إقامة الحد على الجاني، ومن الأمثلة على هذا النوع أن تقع عقوبة التعزير على من سرق شيئاً لم يبلغ النصاب، أو من سرق أشياء سريعة الفساد.
- الجرائم التي لا حد فيها ولا قصاص
وهذا النوع يضمّ أغلب الجرائم، ومن الأمثلة على هذا النوع ترك إنسان ما يجب عليه فعله، فمثلاً من ترك سداد الدين مع قدرته على سداده، ومن ترك الصلاة المفروضة حتى تخرج عن وقتها.
أنواع التعزير
تتعدّد أنواع التعزير بحسبِ نوعِ الذنب المُقتَرَف، وتقدير الحاكم لها، ونذكر تلك الأنواع فيما يأتي:
- التعزير بالقتل
وتكون هذه العقوبة لصاحب الذنب الذي لا يرتدع إلى بالقتل، وتكون أيضاً للجواسيس والخائنين، ومفرّقي جماعات المسلمين، والدّاعين لغير دين الله -تعالى-.
- التعزير بالجَلد
ولا يكون أكثر من عشرة أسواط، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: (لا يُجْلَدُ فوق عَشْرَةِ أَسْواطٍ إلا في حَدٍّ من حدودِ اللهِ).
- التعزير بالحبس
وهذه العقوبة واردة في الشريعة الإسلامية، فقد كان خلفاء المسلمين يعاقبون بالسجن، وللحاكم تقدير مدة البقاء في السجن.
- التعزير بالمال
ويكون التعزير بالمال إما بأخذه أو إتلافه، فقد أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- بكسر دِنان الخمر، وحدّد عقوبة مانع الزكاة بأخذ شطر ماله.
- التعزير بالنّفي والتغريب
وقد كان عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- يُعاقب به.
- التعزير بالقول
وذلك بتقديم الموعظة والنصح للمذنب، وتوبيخه بالكلام، أو ترك الكلام معه والسلام عليه، فقد فعل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذلك مع الثلاثة الذين تخلّفوا عن القتال.
أهداف التعزير في الشريعة الإسلامية
إنّ للتعزير في الشريعة الإسلامية أهدافاً وأغراضاً ومصالح منها:
- الردع والزجر
أي منع مرتكب الجريمة من معاودة ارتكابها مرة أخرى، أو أن يتمادى في إجرامه، ومنع غير الجاني من ارتكاب الجريمة، فالمنفعة الحاصلة مزدوجة.
- الإصلاح
فالشريعة الإسلاميّة اهتمت بالجاني وعنيت به فجعلت تأديبه وإصلاحه حتى تستقيم نفسه وتبتعد عن الجريمة، وفي ذلك صلاح للجماعة وصلاح للمجتمع بأسره.
الفرق بين عقوبة التعزير والحدود
يتفق التعزير مع الحدود في كون كلّ منهما تأديباً وزجراً، بينما يختلف التعزير عن الحدود بما يأتي:
- أنّ لكل حد من الحدود عقوبة معيّنة أو عقوبات لا بدّ من تنفيذها وإيقاعها على الجاني، مهما كانت مكانته ومنزلته، وهذه الحدود ثابتة لا يُزاد عليها ولا ينقص منها، أما التعزير فتوجد فيه عقوبات متعدّدة تبدأ من تقديم النصح للجاني، وتنتهي بالجلد أو الحبس، وقد تصل إلى القتل في الجرائم الخطيرة.
- ويُترك للقاضي في التعزير أن يختار ما يناسب الجاني وظروف الجريمة التي ارتكبها وملائمة العقوبة لها، وللقاضي أن يوقع أكثر من عقوبة على الجاني، وله أن يُشدّد العقوبة على الجاني، وله أن يوقف تنفيذ العقوبة إذا رأى أنّ مجرد توجيه العقوبة للجاني يكفي لردعه.
- يجوز لولي الأمر أن يعفو عن الجاني في عقوبات التعزير، وتجوز في عقوبات التعزير الشفاعة، بينما لا يجوز لولي الأمر أن يعفو عن الجاني في الحدود، ولا تصحّ الشفاعة في الحدود.