ما حكم عمليات التجميل
الجمال
ينقسم الجمال إلى: جمال الروح وجمال المادّة؛ فجمال الروح يحقّق للإنسان الراحة والسكينة والطمأنينة، دون الشعور بأيّ قلقٍ أو توتّرٍ، وبالتخلّص من المؤثرات السلبيّة التي تؤثّر على الروح، وبالقدرة على مقاومة أوامر القبح والشرّ التي تأمر بها النفس الإنسانيّة، وجمال الروح ينبع من صدق المشاعر، والإخلاص فيها، وبما أنّ الإنسان خليفة الله تعالى على الأرض؛ فلا بدّ له من الحرص على جمال الروح، وجمال العقل، وجمال الوجدان، فالأحكام الروحيّة تهدف إلى استبدال الأخلاق الفاسدة بالأخلاق الرفيعة والحسنة، وذلك ما أمرت به الشريعة الإسلاميّة ، وفي المقابل فإنّ جمال التعبير يعدّ من أهم أنواع الجمال طلباً، وبه يتأثر الناس، وذلك في التعامل وفي الحياة بشكلٍ عامٍ، والوصول إلى ذلك يكون بالعديد من الوسائل والطرق، ومنها: الخطاب، والدعوة ، والأمر، والنهي، والتوجيه، والتعليم ، والتربية، فالمطلوب من أهل الدعوة أن يتمثّلوا الأساليب الحسنة، حيث قال الله تعالى: (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ ۖ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ۖ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ ۖ )، ومن الجدير بالذكر أنّ الجمال لا ينفكّ عن الحقّ والخير؛ فالدعوة والتوجيه إلى الخير لا تكون إلا دعوةً إلى الحقّ، ولا تكون مقترنةً إلّا بالجمال والحسن، حيث قال الله تعالى: (وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا)، كما أنّ آيات القرآن الكريم فيها نوعٌ من الجمال، بحيث تشحذ همّة قارئها إلى التفكّر في معانيها.
حكم عمليات التجميل
يختلف حكم عمليات التجميل باختلاف نوعها، وفيما يأتي بيان الأنواع، وحكم كلّ نوعٍ:
- النوع الأول: الجراحة التجميليّة الضروريّة، والمقصود بها التي تجرى لإزالة بعض العيوب، وقد تكون العيوب ناتجةً عن حادث سيرٍ أو مرضٍ أو حرقٍ، وما إلى ذلك من الأسباب، وقد تكون العملية بسبب إزالة العيوب الخَلقية التي يولد الإنسان بها، كأن يوجد أصبعٌ زائدٌ؛ فتجرى العمليّة لقطعه وإزالته، وقد تكون بعض الأصابع مجتمعةً مع بعضها البعض؛ فتجرى العمليّة لفصلهما عن بعضهما، فإن كان سبب العمليّة لأحد الأسباب السابقة، فلا حرمة فيها وهي جائزة، ودليل ذلك ما ورد عن الصحابيّ أسعد بن زرارة رضي الله عنه، حيث قال: (أنَّه أُصيب أنفُه يومَ الكُلَابِ فاتَّخذ أنفًا مِن ورِقٍ فأنتَن عليه فأمَره النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنْ يتَّخِذَ أنفًا مِن ذهبٍ)، كما ورد عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- أنّه قال: (سَمِعْتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم يَلْعَنُ المتنمِّصاتِ والمتفلِّجاتِ والمُتَوَشِّماتِ، اللاتي يُغَيِّرْنَ خَلْقَ اللهِ عز وجل)، فالنّامصة؛ هي التي تزيل من شعر الحاجبين ، والمتنمّصة؛ هي التي تطلب من النامصة فعل ذلك، والمتفلّجة هي التي تبرد بين أسنانها؛ إظهاراً للجمال ولصغر سنّها، والحديث السابق يدلّ على أنّ الأفعال محرّمةٌ إن كان القصد منها إظهار الجمال والحسن، وأمّا إن كان القصد من ذلك العلاج أو تحسين بعض العيوب فلا بأس به.
- النوع الثاني: الجراحة التجميليّة التحسينيّة، وهي التي يقوم بها الشخص؛ ليتحسّن مظهره بالنسبة له، كإجراء عمليّة تصغير الأنف، أو إجراء عمليّة تصغير أو تكبير الثديين، أو إجراء عمليّاتٍ لشدّ الوجه، وغير ذلك من عمليات التحسين، ومن الجدير بالذكر أنّه لا يوجد أيّ دافعٍ أو حاجةٍ لإجراء العمليّات، ولكنّ الغاية منها تغيير خلق الله تعالى، وتحقيق أهواء النفس وشهواتها، وهذا النوع من العمليّات محرّمةٌ؛ لأنّ فيها تغييرٌ لخلق الله، ودليل ذلك قول الله عز وجل: (إِن يَدْعُونَ مِن دُونِهِ إِلَّا إِنَاثًا وَإِن يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطَانًا مَّرِيدًا* لَّعَنَهُ اللَّهُ ۘ وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا* وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ)، فالعمليّات التحسينيّة إنّما هي في الحقيقة إغواءٌ من الشيطان للإنسان.
أحكامٌ متعلّقةٌ بعمليات التجميل
بيّن العلماء عدّة أحكامٍ تتعلّق بعمليات التجميل، وفيما يأتي بيان بعضها على نحوٍ مفصّلٍ:
- إنّ بعض عمليات التجميل التحسينيّة تشتمل على الغش والخداع والتدليس، كما أنّ بعضها قد يستلزم استعمال الحَقن بمستخلصاتٍ مأخوذةٍ من الأجنّة المُجهَضة ، غير أنّ عميات التجميل التحسينيّة ينتج عنها الكثير من الآلام والأوجاع والأضرار.
- يجب على الشخص الذي يجري عمليّة التجميل أن يعلم قصد الشخص الذي يريد إجراء العمليّة التجميليّة؛ فإن كان المقصود من العمليّة قصد سوءٍ؛ فإجراء العمليّة حرامٌ؛ لأنّ ذلك يساعد على الحرام ويشجعه، وإن لم يعلم الطبيب المقصود من العمليّة فلا بأس من إجراء العمليّة، فقد يكون إجراء العمليّة عملاً مندوباً أو واجباً؛ مثل إزالة التشويه الذي يصيب الجسم بسبب الحروق أو الكسور أو الجروح.
- يوجد العديد من الجراحات التجميليّة المشروعة، منها: الختان ، والمقصود به؛ إزالة القطعة التي تغطي الحشفة من الرجل، وقد يكون الختان للمرأة بقطع الجلدة التي أعلى الفرج، ومن عمليات التجميل المشروعة للمرأة؛ ثقب الأذن، ودليل ذلك إقرار الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- لنساء المسلمين وعدم اعتراضه عليهم لثقبهم أذنهم؛ للتزيّن به، كما روى ابن عبّاسٍ رضي الله عنهما: (فرأيتُهن يَهوين إلى آذانِهن وحُلوقِهن)، فالنساء في زمن الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- كنّ يفعلن ذلك، ولم يرد في ذلك الزمان أيّ نهي على ثقب الأذن؛ حيث إنّ الفعل لو كان محرّماً لورد النهي عنه في القرآن الكريم أو في السنّة النبويّة ، وعدم النهي يدل على جواز الفعل.
- يعدّ الوشم من الجراحة التجميليّة المحرّمة، ويطلق الوشم على؛ جرح البدن على شكل نقطٍ أو خطوطٍ، بوضع الكحل في الجروح.