ما حكم حلف اليمين
ما حكم حلف اليمين
نوجد خمسة أحكامٍ مختلفةٍ لحلف اليمين، وفيما يأتي بيان كُلّ واحدةٍ منها:
- اليمين الواجبة: وهي اليمين التي يُنقذ بها المسلم إنساناً معصوماً من الهلاك.
- اليمين المندوبة: كمن يحلف للإصلاح بين النّاس ، أو من يحلف لأجل عملٍ مُستحبٍ.
- اليمين المُباحة: كمن يحلف على شيءٍ مُباحٍ، أو من يحلف لترك مباحٍ، أو لتأكيد أمرٍ مُعيّنٍ.
- اليمين المكروهة: كالحلف على فعل أمرٍ مكروهٍ، أو ترك مُستحبٍّ، أو الحلف في البيع والشِّراء.
- اليمين المُحرّمة: كالحلف الكاذب المُتعمّد، أو الحلف على فعل معصيةٍ أو ترك واجبٍ.
حكم الإسراف في حلف اليمين
يُعدُّ حلف اليمين من الأُمور الجائزةِ شرعاً عند الحاجة إليه، كمن يُريد إثبات حقٍ، أو تأكيد أمرٍ مُهمٍ، ويُكره الحلف بالله -تعالى- من غير حاجةٍ، لِقول الله -تعالى-: (وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ)؛ وذلك لتعلّق اليمين في ذمّة الحالف، فإذا حلف وجب عليه أن يَبرّ بيمينه، أي "يؤدّيها ويُوفي بها"، فقد جاء في قوله -تعالى-: (إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ).
وقد ثبت في السُّنة التحذير من إطلاق اليمين في الحرام، فقد قال النّبيّ -عليه الصّلاةُ والسّلام- عندما جاء إليه أعرابيّ يسأله عن الكبائر، فقال: (يا رَسولَ اللَّهِ، ما الكَبائِرُ؟ قالَ: الإشْراكُ باللَّهِ قالَ: ثُمَّ ماذا؟ قالَ: ثُمَّ عُقُوقُ الوالِدَيْنِ قالَ: ثُمَّ ماذا؟ قالَ: اليَمِينُ الغَمُوسُ قُلتُ: وما اليَمِينُ الغَمُوسُ؟ قالَ: الذي يَقْتَطِعُ مالَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ، هو فيها كاذِبٌ)، كما أنّ الله -تعالى- أمر بحفظ الأيمان، وذلك يكون بعدم الإكثار منها، لِقولهِ -تعالى-: (وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ)، فالأصل في الإنسان أن يبتعد عن كثرة الحلف بالله -تعالى-.
حكم إخلاف اليمين
يختلف حُكم الإخلاف في اليمين أو ما يُسمّى "بالحنث في اليمين" بحسب الفعل المحلوف عليه، وفيما يأتي بيان ذلك:
- الحلف على ترك أمرٍ واجبٍ، أو فعل محرّمٍ: إذا كان المسلم قد حلف على ترك واجبٍ، أو حلف على فعلِ مُحرّمٍ، فيجبُ عليه إخلاف يمينه، والتكفير عنها.
- الحلف على ترك مستحبٍّ، أو فعل مكروهٍ: إذا كان المسلم قد حلف على ترك مُستحبٍّ أو فعل مكروهٍ، فيُستحبُّ له الإخلال بيمينه، ثُمّ يُكفّر عنها.
- الحلف على فعل واجبٍ، أو ترك محرّمٍ: إذا كان اليمين لأجل فعل أمرٍ واجبٍ أو ترك أمرٍ مُحرّمٍ، فيجبُ عليه الوفاء به، ويحرم الإخلال به، فإن أخلّ به يجب عليه أن يُكفّر عنه.
- الحلف على فعل مستحبٍّ، أو ترك مكروهٍ: إذا حلف المسلم على فعل مُستحبٍ أو ترك مكروهٍ، فيُكرَه له الحنث، والأفضل له عدم الإخلال به، فإن أخلَّ به فتجب الكفّارة.
- الحلف على فعلٍ مباحٍ، أو ترك مباحٍ: إذا حلف المسلم على فعل مباحٍ أو ترك مباحٍ، فهو مُخيّرٌ بين الفعل والتّرك، ولكنّه إذا حنث بيمينه فلم يؤدّيه، تجب عليه كفّارةُ اليمين .
أقسام اليمين
قسّم العُلماء اليمين إلى ثلاثةِ أقسام، وفيما يأتي بيانها:
- اليمين الغَموس: هي اليمين الكاذبة عن قصد، سواءً كان حلفها في الماضي أو في الحاضر، نفياً أو إثباتاً، وهي أن يحلف الإنسان على شيءٍ وهو يعلم أنّه كاذبٌ، وأجمع العُلماء على أنّ من يحلف يميناً غموساً فهو آثم، ويجب عليه أن يتوب، وذلك لِقول النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-: (مَن حَلَفَ يَمِينَ صَبْرٍ لِيَقْتَطِعَ بها مالَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ، لَقِيَ اللَّهَ وهْوَ عليه غَضْبانُ).
- وسُمّيت باليمين الغموس ؛ لأنّها تغمس صاحبها في النّار أو الإثم، وقد جاء عن الشّافعيّة أنّ الكفّارة واجبةٌ في يمين الغموس، وهي تُسقِط الإثم في يمين الغموس كما تُسقط الإثم في غيرها من الأيمان الأخرى، أما الجمهور فقالوا لا كفّارة على من حلف يميناً غموساً، لكنّه يأثم، ويجب عليه التّوبة والاستغفار.
- يمين اللّغو أو اللّاغية: وهو أن يحلف الشّخص على الشّيء ويظنّه كما حلف، وهو في الحقيقة على خلاف ذلك، كأن يقول: "والله إنّ هذا الطّائر لغرابٌ"، وفي الواقع يكون حماماً، وقد عرّفها الشّافعيّ فقال: إنّها اليمين غير المُنعقدة على نيّة، فهي اليمين التي يسبق اللّسان إليها من غير قصدٍ لمعناها، لِقولهِ -تعالى-: (لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّـهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَـكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الْأَيْمَانَ)، واتّفق الفقهاء على أنّه لا كفّارة فيها.
- اليمين المُنعقدة أو المعقودة، أو المؤكّدة: وهي أن يحلف الشّخص على أمرٍ في المُستقبل أن يفعله أو لا يفعله، وهذه الأيمان يجبُ فيها الكفّارة بإجماع العُلماء عند الحنث بها، إلا من استثنى فيها؛ أي قال إن شاء الله، فإنّه لا يُعتبرُ حانثاً إن لم يفعل ويوفي بيمينه.
كفّارة اليمين المنعقدة
كفّارة اليمين المنعقدة تكون على التّخيير بين عتق رقبة، أو إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم، فمن لم يجد شيئاً من ذلك فإنه ينتقل إلى صيام ثلاثة أيّام، ولا يجوز الانتقال إلى الصّيام مباشرةً، لِقولهِ -تعالى-: (لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّـهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَـكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ).
هل تجب الكفّارة على النّاسي والمكره
تعدّدت آراء الفقهاء في كون الكفّارة مُلزمةً أم لا عند الحنث لمن حلف ناسياً أو مكرهاً، وكذلك اختلفوا في لزومها عند الحنث للصّبيّ والمجنون والنّائم، وفيما يأتي بيان ذلك:
- الحنفيّة والمالكيّة: قالوا إنّ النّاسي، والمكره، والمجنون، والصّبي في الحكم سواء، فتجبُ عليهم الكفّارة عند الحنث.
- الشّافعيّة والحنابلة: قالو بعدم وجوب الكفّارة على الحانث الصّبي والمجنون والنّائم والمكره والنّاسي.