ما حكم النوم عن الصلاة
ما حكم النوم عن الصلاة
إنّ الصّلاة ركنٌ أساسيٌّ من أركان الإسلام ، ولا يجوز تركها أو التّهاون بها، لكنّ المسلم قد يَغفل وينام في وقت الصّلاة، فيكون حكم النّوم عن الصّلاة كما يأتي:
- مَنْ نام قبل دخول وقت الصّلاة فنومه لا يُكره إن تيقّن أنّه سيَفيق في وقت الصّلاة ولن يفوّتها، لأنّه غير بمخاطب بالصلاة قبل دخول الوقت، فإن فاتته الصلاة بعد ذلك لا يأثم، وإن غلبه النّوم واستغرق فيه وأدركه الوقت فهو معذورٌ عن تأخير الصّلاة لأنّه نام قبل دخول الوقت، وليس في الأمر كراهة ولا حرمة، إذ أنّه كان عازماً على أداء الصّلاة، لكن غلبه النّعاس وفاتته الصّلاة.
- حكم من نام قبل صلاة الجمعة : ينبغي على المسلم الحرص على أداء صلاة الجمعة وعدم التهاون أو التفريط بها، إلا أنّ المسلم إذا احتاج للنوم قبل صلاة الجمعة، وكان قد اتّخذ كافّة الأسباب التي تُوقظه على صلاتها، فغَلَبه النوم مع كلّ ذلك، فلا يُعدّ آثما، لقول النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: (إنَّه ليسَ فِيَّ النَّوْمِ تَفْرِيطٌ).
- حكم مَنْ نام بعد دخول وقت الصلاة: يُكره النوم بعد دخول وقت الصلاة وقبل أدائها حتى وإن ظنّ النائم أدائه للصلاة قبل ضيق وقتها، وإن غلب على الظنّ عدم القيام للصلاة حينها يحرُم، ويأثم بفوات الصلاة.
ويجدر بالذّكر أنّ النّائم مرفوعٌ عنه القلم حتى يستيقظ؛ لأنّ مَناط التّكليف هو العقل، والنّائم يكون قد ذهب عقله، فلا يُحاسب إن فاتته الصّلوات إلّا من نام بعد وقت الصّلاة وتسبّب في فواتها كما ذُكر سابقاً، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (لَيْسَ فِي النَّوْمِ تَفْرِيطٌ، إنَّمَا التَّفْرِيطُ أَنْ تُؤَخَّرَ صَلَاةٌ حَتَّى يَدْخُلَ وَقْتُ الْأُخْرَى)، فإن نام قبل الصلاة عليه أن يستعينَ بالأسباب التي تُعينه على الاستيقاظ قبل أن فوات وقت الصّلاة؛ كأن يُوكّل أحداً من الأهل أو الأصدقاء للتّنبيه في وقت الصّلاة، مثلما كان يُوكّل النّبي -صلى الله عليه وسلم- بلال بن رباح -رضي الله عنه- ليوقِظه للصّلاة، كما يمكن استخدام المنبّه أو الجوال كوسيلة مساعدة، أمّا من عَلم من نفسه أنّه لن يستقيظَ بمنبّه ولا غيره؛ فعليه أن يُجاهدَ نفسه ويُبعدَ عنه كلّ ما يمنعه من الاستغراق بالنّوم أوقات الصّلاة، كالسهر لوقتٍ متأخر.
حكم الصلوات الفائتة بسبب النوم
إن الصّلوات الفائتة بسبب النّوم لا تسقط عن المسلم، وقضاؤها واجبٌ، قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (مَن نسي صلاةً أو نام عنها فلْيُصَلِّها إذا ذكَرها)، فالنّائم الذي فاتته صلاة أو أكثر بسبب النّوم يجب عليه قضاءُ ما فاته من الصّلوات فور استيقاظه، وإن كانت أكثر من صلاةٍ فيصلّيها على الترتيب، كما ويُسنّ للمسلم إن رأى نائماً أن يوقظَه للصّلاة إن ظنّ أنّها ستفوته، أمّا إن تيقّنَ أنّها ستفوته فيجب عليه إيقاظه.
التهاون في أداء الصلاة وآثاره
التّهاون في أداء الصّلاة أمرٌ جَلَل؛ إذ إن الصّلاة أوّل ما يُحاسب عليه المرء يوم القيامة، وفسادها يُفسِد عمل المرء كلّه، قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (أوَّلُ ما يحاسَبُ بِهِ العبدُ يومَ القيامةِ الصلاةُ، فإِنْ صلَحَتْ صلَح له سائرُ عملِهِ، وإِنْ فسَدَتْ، فَسَدَ سائرُ عملِهِ)، والتّهاون بالصّلاة يكون إمّا بتركها، قال -تعالى-: (فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ ۖ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا)، أو قد يكون بتأخيرها والتّقاعس عنها، قال -تعالى-: (فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ* الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ)، وكلاهما يُعدّ تهاوناً بأوامر الله، والمؤمن الحقّ لا يتجاهل أوامر الله -تعالى-، والتّهاون في الصّلاة له آثارٌ كبيرة على المسلم، منها ما يأتي:
- ترك الصّلاة من أكبر الكبائر وأعظم الذّنوب بعد الشّرك بالله -تعالى-.
- التّهاون في الصّلوات وفي العبادات كافّة يُطبع بسببه على قلب المسلم، وويخسر بسبب ذلك دنياه وآخرته ما لم يتُب؛ لأنّ المُتهاون يكون قد أغضب ربّه وسعى لإرضاء أهوائه والشيطان.
- التّكاسل عن أداء الصّلاة والتّهاون فيها من صفات المُنافقين ، بينما المؤمن الحقيقيّ يُدرك أنّ أمر الصّلاة عظيم؛ لأنّ الله ورسوله -عليه الصّلاة والسّلام- عظّموا شأنها في كتاب الله وسنّة نبيّه -صلّى الله عليه وسلّم، قال -تعالى-: (حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ).
- ترك الصّلاة أو تأخيرها كلاهما يُعدُّ تهاوناً، ويرى الشافعيّة أنّ الاستمرار على ذلك قد يورث صاحبها الكفر؛ لأنّ الصّلاة تُعدّ بمثابة الغذاء الذي يُغذّي الإيمان في القلب ويزيده ويُقوّيه.
- التّهاون في الصّلاة دلالةٌ واضحة على ضعف الإيمان وظلمة القلب.
أهمية الصلاة
تُعدّ الصّلاة أهمّ مظهرٍ يدلّ على إسلام المرء، فهي ثاني أركان الإسلام وأهمّها بعد نطق الشّهادتين، ومجيئها بعد الشّهادتين دلالةٌ على تأكيد صدق الإيمان في قلب العبد لمن يُحافظ عليها، وهي عمود الدّين الذي لا يكتمل ويتمّ إلّا بها، قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (رأسُ الأمرِ الإسلامُ، وعمودُه الصلاةُ، وذروةُ سَنامِه الجهادُ)، وهي أوّل ما يُسأل عنه العبد يوم القيامة، وهي سبب صلاح الأعمال؛ فمن صحّت صلاته فاز فوزاً حقيقيّاً، ومن تعظيم رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- لأمر الصّلاة أنّه كان يوصي بها في آخر حياته عند سكرات الموت، فكانت آخر ما وصّى به النبيّ -عليه الصلاة السّلام- أمّته، وهي آخر ما يتبقّى للمسلمين من دينهم.
والمُتأمّل في طريقة فرض الله للصّلاة؛ يعلم عِظم شأنها عند الله -تعالى-، فقد فُرضت على رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- عند سدرة المنتهى في السّماء السّابعة في ليلة الإسراء والمعراج ، إذ إنّ سائر العبادات فُرضت على المسلمين بواسطة الوحي جبريل -عليه السّلام-، بينما كلّف الله نبيّه بهذا الأمر مُباشرةً دون واسطة؛ لتنالَ الصّلاة هذا الشرف العظيم وهذا الطّابع السّماويّ، وفريضة الصّلاة هي أوّل ما فُرضَ على النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- في مكّة المكرّمة، كما أنّ الصّلاة لم تُفرض فقط على أمّة محمّد -عليه الصّلاة والسّلام-؛ بل هي من الفرائض التي اشتركت بها الرسالات السّماوية السّابقة مع الاختلاف في طريقتها وهيئتها، كما أنّ الأنبياء جميعهم أمروا أقوامهم بالصلاة، وبَنَوْا المساجد لها، كما بنى نبيّ الله إبراهيم وإسماعيل -عليهما السلام- المسجد الحرام، وبنى نبيّ الله سليمان -عليه السّلام- المسجد الأقصى.
وقد عظّم الله -تعالى-أمر الصّلاة في القرآن الكريم، فذُكرت في مواضع كثيرة لا تُحصى، فتارةً يمدح الله المصلّين ويَعِدهم بالأجر الكبير، وتارةً يذمّ المتهاونين ويتوعّدهم بالعذاب الشديد، ومن أجلِّ ما يناله المسلم من التزامه بالصّلاة؛ أنّها تمحو ذنوبه وخطاياه، وتُطهّره من آثامه كما يُطهّر الماء الأوساخ، قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (مَثَلُ الصَّلَوَاتِ الخَمْسِ كَمَثَلِ نَهْرٍ جَارٍ، غَمْرٍ علَى بَابِ أَحَدِكُمْ، يَغْتَسِلُ منه كُلَّ يَومٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ).