ما الهدف من الزواج
الزواج
خلق الله -تعالى- الإنسان لعبادته، وتوحيده، وإقامة أوامره، مع الحرص على إخلاص النيّة، فالإنسان خليفةٌ على الأرض، ولتحقيق ذلك فإنّ الله -تعالى- سخّر كلّ ما في الكون في سبيل تحقيق معاني الاستخلاف، ومن وسائل ذلك شُرع النكاح والزواج، حيث إنّ النكاح من أجلّ النعم التي أنعم بها الله -تعالى- على عباده، حيث قال الله تعالى: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)، كما أنّ الزواج من سنن الأنبياء والرسل عليهم السلام، ودليل ذلك قول الله تعالى: (وَلَقَد أَرسَلنا رُسُلًا مِن قَبلِكَ وَجَعَلنا لَهُم أَزواجًا وَذُرِّيَّةً)، حيث إنّ تحقيق السكينة والاستقرار، والمودة، والرحمة، والعطف، والرفق واللين، من المعاني التي تتحقق بالزواج، ولأجل ذلك فقد حثّ النبي -صلّى الله عليه وسلّم- على الزواج، حيث ورد في صحيح البخاري عن الصحابي عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، أنّ النبي -صلّى الله عليه وسلّم- قال: (يا معشرَ الشبابِ، مَن استطاع منكم الباءةَ فلْيَتَزَوَّجْ)، وبالزواج تتحقق حماية العين والفرج، من الوقوع في المحرّمات والمنكرات، وخاصةً في زمن انتشار الفتن وكثرتها، كما أنّ أكثر الفتن تتعلّق بالشهوة والجنس، مما أدى إلى جعل طريق الحرام سهلاً يسيراً، دون مواجهة أيّة صعوبةٍ، ومما يدل على ذلك قول الرسول صلّى الله عليه وسلّم: (ما تركت بعدي فتنةً، هي أضرُّ على الرجالِ، من النساءِ)، فإنّ الفتنة بالنساء من أشدّ الفتن وأخطرها.
الهدف من الزواج
تتكون الأمة من مجموعةٍ من الأسر التي تترابط فيما بينها، بالعديد من المبادئ والقوانين، والأعراف والتقاليد، ولا بدّ أن يكون أساس المجتمع قوياً ومتماسكاً، وذلك يتحقق بتماسك الأسرة وقوتها، وترابطها مع بعضها البعض، ومن وسائل تحقيق ذلك الزواج، فالزواج له العديد من الأهداف والغايات التي شُرع من أجلها، وفيما يأتي بيان بعضها:
- بيان المسؤولية المتعلّقة بتربية الأبناء، وتنشأتهم تنشئةً سليمةً، حيث قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ)، وفسر عبد الله بن عباس -رضي الله عنه- الآية الكريمة بأنّ النجاة من النار تكون بالقيام بالطاعات، والابتعاد عن معصية الله تعالى، وأمر الأهل بذكر الله تعالى، وقال قتادة بأنّ الآية تدلّ على أمر الأهل بطاعة الله عزّ وجلّ، والنهي عن معصيته، وأمرهم بالقيام بأوامر الله تعالى، مع الحرص على إعانتهم على ذلك، وزجرهم عند عصيان الله تعالى، حيث ورد عن عبد الله بن عمر، أنّ النبي -صلّى الله عليه وسلّم- قال: (كلُّكم راعٍ وكلُّكم مسؤولٌ عن رعيتِه)، كما أنّ الواجب تعليم الأبناء ما يتعلّق بأمور دينهم من بداية نشأتهم، بالاعتماد على الأمور الواردة في القرآن الكريم، والسنة النبوية ، وسيرة النبي صلّى الله عليه وسلّم، والقصص القرآنية، وسيرة الصحابة رضي الله عنهم.
- تحقيق الاستقرار النفسي والعاطفي لكلا الطرفين، وبذلك تتحقق الحياة الكريمة القائمة على الصدق والإخلاص، والمودة والرحمة، كما أنّ الله -تعالى- بيّن أركان الحياة الزوجية، وهي: السكون النفسي لدى الزوج والزوجة، والمقصود به: الأمان والاطمئنان، والراحة، والصفاء والنقاء، والركن الثاني هي المودة التي تظهر في التعامل والتعاون بين الزوجين، وبين الأسر الخاصة بهما، والركن الثالث هي الرحمة التي تتجلّى في مشاعر الأم والأب، إلّا أنّ الوصول إلى سكون البيت والأسرة، لا بدّ له من اتباع عدّة طرقٍ، منها: المعاملة الحسنة، والمعاشرة بالخير والمعروف، والتعاون على أمور الحياة، فالزواج عقدٌ مبنيٌ على الحب والإيثار ، والرعاية والحماية، والعفة والمودة، والصدق والثقة.
- إشباع الغريزة الجنسية بالطريقة التي شرعها الله -تعالى- لعباده، حيث إنّ في ذلك تحقيقاً للعفة والطهارة ، وحفاظاً على الأعراض والأنساب، وإزالة للاضطراب والقلق من نفوس كلا الزوجين، وبذلك يتحقق إحصان كلّ طرفٍ للطرف الآخر، وتحقيق العفة والطهارة بكلّ الطرق للطرف الآخر.
حكم الزواج
بيّنت الشريعة الإسلامية حكم الزواج، إلّا أنّ حكمه يختلف باختلاف حال الشخص، والقدرة المالية والجسدية الخاصة به، وقدرته على تحمّل المسؤولية، وفيما يأتي بيان أحكام الزواج بشكلٍ مفصّلٍ:
- الزواج الواجب؛ يكون النكاح واجباً عند عامة الفقهاء، عند الخوف على النفس من الوقوع في المحرّمات والمحظورات ، فالواجب إعفاف النفس ومنعها من الوقوع فيما نهى الله عنه، حيث لا يوجد أيّ سبيلٍ لعدم الوقوع في ذلك، إلّا الزواج ، كما أنّ بعض أهل العلم قالوا بأنّ ذلك الحكم لا يختلف باختلاف قدرة الشخص المادية، سواءً أكان قادراً أم عاجزاً عن الإنفاق، وقالوا بأنّ الله -تعالى- وعد العاجز بالغنى إن تزوّج.
- الزواج المستحب؛ وذلك إن كان لدى الشخص شهوّةً، ولكنّه لا يخاف على نفسه من الوقوع في الأمور المحرّمة، فالنكاح مستحباً في حقّه؛ لأنّ الزواج له العديد من الغايات الأخرى، كما أنّ العلماء بيّنوا أنّ الزواج أولى من الانقطاع لأداء النوافل من العبادات، وذلك ما ذهب إليه جمهور العلماء ، كما أنّه ما ورد من فعل الصحابة رضي الله عنهم.
- الزواج المباح؛ وذلك في حالة عدم رغبة الزواج، أو عدم وجود الشهوة، وربما يكون الزواج مكروهاً ؛ لأنّ فيه تضييعاً لحقٍ من حقوق المرأة؛ بعدم إعفافها، وتزول الكراهة برضا الزوجة؛ وذلك لأنّ الزواج له العديد من الأهداف والغايات من تحصيل السكينة والمودة، والاستقرار النفسي والعاطفي.
- الزواج المحرّم؛ وهو زواج المسلم في بلاد الكفّار الحربيين؛ لأنّ فيه إلحاقاً للضرر بالزوجة والأولاد.
- الزواج المكروه؛ ويتمثلّ ذلك بخوف الزوج من ظلمه للزوجة، ومنعها من حقوقها، أو في حالة انعدام الشهوة لدى الزوج، أو إن كان الزواج يمنع الزوج من أداء العبادة المستحبّة.