ما الفرق بين الهمزة واللمزة من حيث المعنى
الغيبة
خلقنا الله عزّ وجل لعبادته وحده، وأرسل الرسل والأنبياء لتبيان طريق الحق واتباعه؛ فخاتم النبيين رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم جاء بشريعة الإسلام، ذلك الدّين القويم الذي دعا لتوحيد الله عزّ وجل، وبيّن شكل العلاقة بين المسلمين، وأنّها يجب أن تكون قائمةً على الأخوّة والمساواة والعدل وحب الآخرين، ونبذ الغيبة والسّخرية واللمز والتنابز بالألقاب، ولكن يأبى البعض إلّا أن يسخر ويستهزئ ويحتقر، ممّا يؤدّي إلى تفكك الأسر والمجتمع، وإلى الحقد والكره والبغضاء.
الغيبة هي التحدث غيباً عن المسلم بصفاتٍ موجودةٍ فيه، لكنه يكرهها ولا يحب أن تنتشر بين الناس، ويندرج تحت مسمّى الغيبة لفظان، هما من أقسام الغيبة المحرمة: الهمز واللمز، وقد وردت سورةٌ كاملةٌ في القرآن الكريم اسمها الهُمزة تبيّن عقوبة الهمّاز واللمّاز، فقد قال سبحانه وتعالى: (وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ * الَّذِي جَمَعَ مَالًا وَعَدَّدَهُ * يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ * كَلَّا لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحُطَمَةُ * نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ * الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ * إِنَّهَا عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ * فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ)، فقد توعد الله عزّ وجل من يفعل ذلك بالويل، وقد اختُلف في تفسير معنى الويل، فمنهم من قال إنّه وادٍ في جهنم، ومن من قال إنّه دلالةٌ على شديد العذاب والهلاك.
قال الله تعالى: (ولا يغتب بعضكم بعضـًا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتـًا فكرهتموه واتقوا الله إن الله توابٌ رحيم) [سورة الحجرات: 12]، وعن أبي هريرة رضي الله عنه: أنّه قيل: (يا رسول الله، ما الغيبة؟ قال: ذكرك أخاك بما يكره، قيل: أفرأيت إن كان في أخي ما أقول؟ قال: إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته، وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بَهَتَّه) [رواه أبو داود].
الفرق بين الهمزة واللمزة
وردت أقوالٌ كثيرةٌ في التفريق بين لفظتي الهمزة واللمزة ومنها:
- قال ابن عباس: همزة لمزة: طعّان مِعياب.
- قال مقاتل: الهمزة: الذي يعيبك في الغيب، واللمزة الذي يُعيبك في الوجه.
- قال سفيان الثوري: يهمز بلسانه ويلمز بعينه ومثله قال ابن كيسان: الهمزة الذي يؤذي جليسه بسوء اللفظ، و اللمزة الذي يومض بعينه ويشير برأسه ويرمز بحاجبه.
- قال الربيع بن أنس: الهمزة يهمزه في وجهه، واللمزة من خلفه.
- قال ابن زيد: الهمزة الذي يهمز الناس بيده ويضربهم، واللمزة: الذي يلمزهم بلسانه ويعيبهم.
عليه فإنّ الهمز يكون بالحديث عن شخصٍ ما أو نقده بوجهه علناً بالشيء الذي يكرهه، واللّمز بالمثل أيضاً ولكن يكون بالسر ودون علمه، وتختلف أشكال الهمز واللمز كابتسامةٍ ساخرةٍ أو إشارةٍ بالعينين أو الحاجبين أو الفم أو اليدين، وغيرها من التعابير اللفظية، كما أنّ الهمز يكون بالإساءة بالفعل واللفظ، بينما اللمز بالإشارة والإيماءات.
دواعي الهمز واللمز
- الانتقاص من الآخرين لرفع الذات والزهو بها.
- الشعور بالحقد والحسد والغيرة.
- التسلية بنهش أعراض الآخرين.
- الضحك والسخرية من الآخرين.
- الانتقام.
كيفية التخلص من آفات اللسان
الغيبة والنميمة والهمز واللمز والبهتان كلها من آفات اللسان، ويوم القيامة سيدخل النار أناسٌ كثرٌ بسبب حصائد ألسنتهم. للتخلّص من آفات اللسان يجب على المرء:
- الاستحياء من الله تعالى ومراقبته وامتثال أوامره ونواهيه.
- استشعار الخسارة الكبرى جراء ذلك؛ فالمغتاب يقدّم حسناته للشخص الذي يغتابه.
- الاشتغال بعيوب النفس وإصلاحها وترك عيوب الآخرين، فإن كان لا بُدّ فالنصيحة تكون سراً.
- الاقتداء بالسلف الصالح واتباع نهجهم، ومفارقة أصحاب السوء ومجالسهم.
- مجاهدة النفس ومعاقبتها.
- إشغال النفس بالطاعات والتعمّق في الدين الإسلامي.
- حفظ اللسان وصونه بالخوض في أعراض الناس.