ما الآثار المترتبة على فقدان الأم
الآثار المترتبة على فقدان الأم
ربما يختلف تأثير فقد أو موت الأم باختلاف سنّ أبنائهنّ إلا أن الجميع يتأثر بهذه الفجيعة وربما تتغير حياته إلى الأبد، وفيما يأتي تأثير فقدان الأم على الأبناء:
الشعور بالحزن العميق
تشير الدراسات إلى أن المناطق المسؤولة عن الذكريات في الدماغ هي نفسها المناطق المسؤولة عن معالجة الحزن، لذا قد تكون طريقة الدماغ في مكافحة الحزن معقدة وربما مؤلمة، إذ يجد الأبناء صعوبة في التخلص من الحزن مع كل الذكريات التي تتدفق إلى ذاكرتهم بعد وفاة الأم، وهو ما قد يجعلهم يعيشون فترات طويلة من الإنكار والغضب.
التعرض لبعض المشكلات النفسية
قد يتعرض الأبناء أيضًا عند فقدان والدتهم إلى حدوث العديد من المشكلات النفسية مثل الاكتئاب أو القلق أو حتى الدخول في حالة من فقدان الذات وهي ما قد تؤثر على سلوكهم وخاصة المراهقين منهم الذين قد يبحثون عن رفاق السوء أو حتى سلوكات سيئة للخروج من حالتهم مثل تعاطي المخدرات وغيرها.
التأثير على الصحة الجسدية
إن الحزن العميق وربما الاكتئاب يؤثر على الصحة الجسدية مباشرة، وقد وجدت العديد من الدراسات أن الحزن على فقدان الأم قد يؤثر على مناعة الإنسان وصحته؛ فقد يصاب بأمراض القلب أو ضغط الدم أو حتى الاضرابات المناعية.
الانسحاب من الحياة الاجتماعية
يمر الأبناء بمجموعة من المشاعر المتناقضة عند فقدان الأم، تتمثل هذه المشاعر في الغضب والحزن وأحيانًا الخدر أو الشعور بالفراغ والندم، وهي ما تجعل الابن منطويًا على نفسه منسحبًا من حياة من حوله من أصدقاء وربما عائلة.
الإصابة باضطراب التكيف
يتم تشخيص هذا الاضطراب بعد مرور 3 أشهر على وفاة الأم، فإذا وُجد أن أحد الأبناء ما زال يعيش في حالة حزن زائدة عند الحدود الطبيعية المتعارف عليها في مجتمعه وثقافته ودينه فإنه يكون مصابًا باضطراب التكيف والذي يمنعه من استكمال أنشطة حياته الطبيعية من جديد، وهو ما يحتاج المتابعة والعلاج للحماية من التفكير بالانتحار.
تغيير الشخصية
تتغير شخصية الأبناء عند وفاة الأم، فقد يصبحون أكثر تحملًا للمسؤولية وأكثر اعتمادًا لأنفسهم، وعلى الجهة الأخرى قد يتأثر البعض ويصبحون مهملين في أنفسهم وحياتهم وعلاقاتهم وأنشطتهم وحتى دراستهم مما يجعلهم يتراجعون أكاديميًا.
تأثير فقدان الأم على الأبناء حسب العمر
لا بدّ أن فقدان الأم فاجعة لكل الأعمار ولكن كيف يتأثر الأبناء في كل مرحلة وكيف يفكرون بموتها، الإجابة فيما يأتي:
الرضّع
في مرحلة الرضع من (يوم - سنتين) يعتمد الأطفال على الأم اعتمادًا كلّيًّا، إلا أن طبيعة هذا الاعتماد جسديّ وليس عاطفي في أغلبه، لذا فإنّ تأثرهم بغيابها يكون في تغير أنماط الطعام والنوم وحتى حركات الأمعاء والإخراج.
في هذه المرحلة يمكن للآباء تقديم الرعاية للأطفال ولكن من المهم أن لا ينسوا الرعاية العاطفية بإحداث تلامس جسدي عبر العناق والقبل، إضافة إلى تحديد روتين معين في الأنشطة اليومية من الطعام وتغيير الحافظات وأوقات النوم وغيرها.
الأطفال قبل المدرسة
ينظر الأطفال في هذه المرحلة (3 - 5 سنوات) إلى الموت بطريقة مختلفة، فهم يعتقدون أن الأمر مؤقت وأن الأم موجودة حولهم وترعاهم وأنها حتمًا ستعود في القريب، كما أنهم يحملون أنفسهم ذنب موتها خاصةً إذا نشب شجار بينهما قبل الوفاة.
يعبر الأطفال في هذه المرحلة عن حزنهم إما باللعب من خلال رسم الأم أو تجسيدها في مجسمات أو من خلال تكرار الأسئلة عنها، وهنا يأتي دور الأب في توضيح الأمر بشكل مبسط وصادق وغير جارح.
الأطفال في مرحلة المدرسة
ضمن هذه المرحلة العمرية (6 - 11 سنة) يبدأ الأطفال في استيعاب فكرة الموت وتصديق أنه فكرة دائمة وغير مؤقتة، كما ينظرون إليه على أنه شخص أو شبح يأتي لأخذ الناس بعيدًا، وهنا تبدأ مجموعة من الأسئلة حول الموت وطبيعته وغيرها.
يهتم الأطفال هنا بمعرفة ردود أفعال الناس تجاه الخسارة، ويستشعرون فكرة الخسارة في حياتهم بل ويفهمون معنى الحزن، ويأتي هنا دور الأب في سماعهم ومواساتهم.
المراهقين
في فترة المراهقة (12 سنة وأكثر) يبدأ الأبناء بالنضج والفهم، وهنا يتوسع مفهوم الموت في أذهانهم، فتبدو الأسئلة أكثر وضوحًا حول طبيعة الموت وعالم الأموات وماذا سيحدث للأم بعد وفاتها، وغيرها من الأفكار.
هنا تظهر العديد من المشاعر المتضارية ويتجاوز الأمر الحزن وحده ليصل إلى الإنكار والغضب وربما الاكتئاب وحالات انهيار أو تقلبات مزاج حادة، مما يؤثر على سلوكهم وطبيعة شخصياتهم بشكل واضح، وهنا يأتي دور الأب ومن حولهم بتفهمهم والاستماع لهم ومحاورتهم وحتى احتضانهم حين يحتاجون ذلك.