ما أكرمهن إلا كريم
شرح حديث (ما أكرمهن إلا كريم)
حثّ رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- على الإحسان للنساء ، حيث روى علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- أنّه قال: (خيرُكم خيرُكم لِأَهْلِهِ، وأنا خيرُكم لِأهْلِي، ما أكرَمَ النساءَ إلَّا كريمٌ، ولَا أهانَهُنَّ إِلَّا لئيمٌ)، وهو حديث ضعيف، ومعناه أنّ خير الناس من تخلّق بأخلاق رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- واقتدى بفعله وأحسن لأهل بيته.
والكرم يكون في الطباع، فالكريم هو من يكرم أهله ويحسن إلى زوجته، ويعاملها معاملة حسنة، فهي أحقّ الناس بالمعاملة الحسنة، واللئيم هو من يهين النساء، ويسيء إليهنّ، ومن يفعل ذلك فهو لئيم بطبعه.
ومع أنّه حديث ضعيف إلا أنّه صحيح المقصد؛ لورود ما يدل على ذات المعنى في القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة، فالله -تعالى- أوصى بالإحسان إلى النساء ومعاملتهنّ بالمعروف.
حيث قال -تعالى-: (وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ۚ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا)، وقال رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم - : (أكملُ المؤمنينَ إيمانًا أحسنُهمْ خُلُقًا، و خِيارُكُمْ خِيارُكُمْ لِنِسائِهِمْ)، وقد ثبت في أفعال رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- تلطفه مع زوجاته والإحسان إليهنّ بالقول والفعل الحسن.
مظاهر إكرام الزوجة
مظاهر إكرام الزوجة والإحسان إليها كثيرة ومتعددة، ومنها ما يأتي:
معاشرتها بالمعروف
يجب على الزوج الإحسان في معاشرته لزوجته وإكرامها، ومعاملتها بالمعروف، ويكون ذلك بالحرص على تقديم كُل ما يؤلّف قلبها ويسعدها، ويجب على الزوج أن يحرص على عدم إيذائها، سواء بقول أو بفعل، فالرفق مع الأهل من مظاهر اكتمال الخلق وزيادة الإيمان، وهو اقتداء بهدي رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم-، فملاطفة الزوجة ومداعبتها والعطف عليها والحرص على مشاعرها من مظاهر المعاشرة بالمعروف.
الإنفاق عليها
لا تقف حقوق الزوجة على الحقوق المعنويّة فحسب، بل إنّ للزوجة حقوقاً مادية على زوجها؛ وهي الإنفاق عليها بالمعروف، فعلى الزوج أن يؤمّن للزوجة الطعام والشراب والكسوة، حيث جاء: (أنه -صلى الله عليه وسلم- سُئِلَ عن حقّ الزوجةِ على الزوج، فقال: أن تُطعمها إذا طَعِمتْ، وتكسُوها إذا اكْتَسيتَ ولا تُقبّحْ ولا تَهْجُرْ إلا في البيت)، فالإنفاق على الزوجة حق لها، كما أنّه مظهر من مظاهر إكرامها وحسن معاملتها.
دفع المهر لها
من مظاهر إكرام الزوجة تقديم المهر لها، فهو حق من الحقوق التي أوجبها لها الشارع حيث قال -تعالى-: (وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً ۚ فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَّرِيئًا)، فيجب على الزوج إعطاء الزوجة مهرها خالصًا لها، وأن لا يأخذ منه شيئًا إلا إذا تنازلت هي عن ذلك بطيب خاطر منها ورضى.
حسن صحبتها
كما يجب على الزوج معاشرة زوجته بالمعروف يجب عليه كذلك أن يحسن صحبتها، ويكون ذلك بحمايتها وبإبعاد الأذى عنها، وبإعطائها حقوقها من غير مماطلة ولا إظهار كراهة وثقل من ذلك، بل يجب على الزوج أن يفعل ذلك وهو سعيد مستبشر، لا يتأفف ولا يتضمر.
ولا يُلحق المعروف الذي يُقدمه بالمنّة والأذى، ويجب ملاطفة الزوجة والعمل على تحسين خُلقها، من غير إضاعة لحقوق الزوج ، يقول ابن الجوزيّ: "معاشَرَةُ المرأةِ بالتلطُّف معَ إقامَةِ هَيْبَتِهِ لئلا تَسْقُطَ حُرْمَتُهُ عندها".
الصبر عليها
أمر الإسلام بالصبر على الزوجة، وغضّ الطرف عن هفواتها وأخطائها؛ وذلك لأنّ المرأة تختلف بطبيعتها عن الرجل، فالمرأة مثلًا تتصف بالغيرة الشديدة، وهذا الأمر قد يدفعها لقول ما لا يرضاه الرجل، كما أنّ رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- أخبر أن المرأة خُلِقت من ضِلعٍ أعوج لا سبيل لاستقامته؛ أي إنه لا يسهل تعديلها أو تغيير طباعها، فمن الواجب على الزوج أن يصبر على أذى الزوجة، ويتجاوز عن أخطائها.
الرفق بها
أمرت الشريعة الإسلامية الزوج أن يرفق بزوجته، فلا يسخط عليها، ولا يؤذيها، ولا يجبرها على أمرٍ هي لا ترغبه إلا إذا كان في عصيان لربها أو لزوجها، فإن للزوج بموجب قوامته له أن يؤدب زوجته؛ ويكون بدايةً بالوعظ والإرشاد والقول الحسن، فإن لم يحصل استجابة منها فللزوج أن يهجر فراشها.
والحل الأخير هو الضرب غير المبرح؛ وهو الذي لا يؤذي جسدًا ولا يكسر عظمًا، ولا يحمل أي أذى للزوجة، كأن يكون ضربًا بالسواك، وإن علم الزوج أنّه قد يتمادى أو يؤذيها في ذلك فلا يجوز له أن يضربها.