كيفية أداء صلاة العشاء
خطوات أداء صلاة العشاء
أجمع العلماء على أنّ صلاة العِشاء تؤدّى أربع ركعاتٍ، يجهر المُصلّي إماماً أو منفرداً في قراءته في أوّل ركعتَين، ويُسرّ في الآخرتَين، ويجلس للتشهّد بعد كلّ ركعتَين، وتُؤدّى صلاة العِشاء بالكيفيّة التي تُؤدّى بها باقي الصلوات، وبيان ذلك فيما يأتي:
النّية
يتوجّه المُصلّي نحو القِبلة بكامل جسده، وينوي في قلبه أداء صلاة العِشاء.
تكبيرة الإحرام
يرفع يديه إزاء منكبَيه مكبراً تكبيرة الإحرام؛ بقَوْل: "الله أكبر"، ثمّ يضع يدَيه على صدره، بجَعْل كفّه الأيمن على ظهر كفّه الأيسر.
دعاء الاستفتاح
يقرأ دعاء الاستفتاح، فقد أخرج الإمام البخاريّ عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنّه قال: (كانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَسْكُتُ بيْنَ التَّكْبِيرِ وبيْنَ القِرَاءَةِ إسْكَاتَةً -قالَ أَحْسِبُهُ قالَ: هُنَيَّةً- فَقُلتُ: بأَبِي وأُمِّي يا رَسولَ اللَّهِ، إسْكَاتُكَ بيْنَ التَّكْبِيرِ والقِرَاءَةِ ما تَقُولُ؟ قالَ: أَقُولُ: اللَّهُمَّ بَاعِدْ بَيْنِي وبيْنَ خَطَايَايَ، كما بَاعَدْتَ بيْنَ المَشْرِقِ والمَغْرِبِ، اللَّهُمَّ نَقِّنِي مِنَ الخَطَايَا كما يُنَقَّى الثَّوْبُ الأبْيَضُ مِنَ الدَّنَسِ، اللَّهُمَّ اغْسِلْ خَطَايَايَ بالمَاءِ والثَّلْجِ والبَرَدِ).
قراءة الفاتحة وما تيسر من القرآن
يتعوّذ من الشيطان بقَوْل: "أعوذ بالله من الشيطان الرجيم"، ثمّ يقرأ البسملة بقَوْل: "بسم الله الرحمن الرحيم"، ثمّ يقرأ سورة الفاتحة، ويُردفها بقَوْل: "آمين"، وهي ما تحمل في معناها طلب استجابة الدعاء، ثمّ يقرأ ما يشاء من القرآن الكريم.
الركوع
يُكبّر رافعاً يدَيه إزاء منكبَيه ويركع؛ تعظيماً لله -تعالى-، ويكون بانحناء الظَّهْر، ووضع كفيّ اليدَين على الركبَتين، مع التباعد بين الأصابع، ويقول ثلاث مرّاتٍ: "سبحان ربّي العظيم"، وتُستحسن الزيادة على ذلك بقَوْل: "سبحانك اللهمَّ وبحمدك، اللهمّ اغفر لي".
الرفع من الركوع
يرفع ظَهْره بعد إتمام الرُّكوع مع رَفْع يدَيه إزاء منكبيَه، قائلا أثناء ذلك: "سَمِعَ الله لِمَن حمده"، حال كَوْنه منفرداً أو إماماً، ويقول حال كونه مأموماً: "ربّنا ولك الحمد"، ثمّ يُكمل بعد أن يستقيم ظَهْره الدُّعاء الذي رواه الألبانيّ عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-، إذ قال: (كانَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ إذا رفعَ رأسَهُ منَ الرُّكوعِ قالَ: سمعَ اللَّهُ لمن حمدَهُ ربَّنا ولَكَ الحمدُ ملءَ السَّماواتِ والأرضِ، وملءَ ما بينَهُما، وملءَ ما شئتَ من شيءٍ بعدُ).
السجدة الأولى
يكبّر لِأداء سجدتَين؛ خشوعاً لله -تعالى-، على نحوٍ يلامس فيه الأرض بأعضائه السَّبعة، وهي: الجبهة مع الأنف، والكفَّين، والركبَتين، والقدَمين بأطرافهما، مع الحرص على مُباعدة العضُدَين عن الجنبَين، وعدم بَسْط الذراعَين على الأرض، وتوجيه رؤوس أصابع القدَمين نحو القِبلة، والقَوْل ثلاث مرّاتٍ: "سبحان ربي الأعلى"، وتُستحسن الزيادة على ذلك بقَوْل: "سبحانك اللهمَّ وبحمدك، اللهمّ اغفر لي".
الرفع من السجدة الأولى
يكبّر عند رَفْع رأسه من السَّجدة الأولى جالساً على قدمه اليُسرى، وناصباً اليُمنى، ثمّ يضع يده اليُمنى على فخذه الأيمن ممّا تَبِع ركبته مقبوضة الخُنصر والبُنصر، مرفوعة السَّبابة ليُحرّكها حال الدعاء، مقرونة طرفَي الوسطى والإبهام ببعضهما كالحلقة، أمّا يده اليسرى فيبسط أصابعها، ويضعها على الفخذ الأيسر ممّا تَبِع ركبَته، ويقول: "ربِّ اغفر لي، وارحمني، واهدني، وارزقني، واجبرني، وعافني".
السجدة الثانية
يكبّر لِأداء السَّجدة الثانية على نحوٍ مماثلٍ للسجدة الأولى قولاً وفعلاً.
الركعة الثانية
يقوم مُكبّراً؛ لِأداء الركعة الثانية على نحوٍ مماثلٍ للركعة الأولى قولاً وفعلاً باستثناء قراءة دعاء الاستفتاح.
التشهّد
يُنهي الركعة الثانية، ثمّ يكبر ويجلس على هيئةٍ مماثلةٍ لجلسته بين السَّجدتين، ويقرأ التشهّد الأوّل الذي رواه البخاريّ عن عبدالله بن مسعود -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: (إنَّ اللَّهَ هو السَّلَامُ، فَإِذَا صَلَّى أحَدُكُمْ، فَلْيَقُلْ: التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ والصَّلَوَاتُ والطَّيِّبَاتُ، السَّلَامُ عَلَيْكَ أيُّها النبيُّ ورَحْمَةُ اللَّهِ وبَرَكَاتُهُ، السَّلَامُ عَلَيْنَا وعلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ، فإنَّكُمْ إذَا قُلتُمُوهَا أصَابَتْ كُلَّ عَبْدٍ لِلَّهِ صَالِحٍ في السَّمَاءِ والأرْضِ، أشْهَدُ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وأَشْهَدُ أنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ ورَسولُهُ).
الركعتين الثالثة والرابعة
يقوم مُكبّراً رافعاً يديَه إزاء منكبَيه؛ لِأداء باقي الرَّكعات على نحوٍ مماثل للركعة الثانية، مع الاقتصار في القراءة على سورة الفاتحة.
التشهد الأخير والسلام
يجلس بعد أن يُنهي السَّجدة الثانية من الركعة الرابعة مُتورِكّاً؛ ويكون ذلك بأن ينصب قدَمه اليُمنى مُخرجاً من تحت ساقها قدمه اليُسرى، ومُمكّناً مقعدته من الأرض، وواضعاً يدَيه على فخذَيه على نحوٍ يُماثل وضعهما في التشهّد الأوّل.
يقرأ التشهّد كاملاً، مع قَوْل: "اللهمّ صلِّ على محمّدٍ وعلى آل محمّدٍ، كما صلّيت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنّك حميدٌ مجيدٌ، وبارك على محمّدٍ وعلى آل محمّدٍ، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنّك حميدٌ مجيدٌ"، ثمّ ينهي صلاته بالتسليم يميناً ويساراً بقَوْل: "السلام عليكم ورحمة الله".
هَدْي النبيّ في القراءة في صلاة العِشاء
وردت العديد من الأحاديث النبويّة التي بيّنت هَدْي النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- في القراءة في صلاة العشاء، ممّا يدلّ على أنّ الأمر واسعٌ يراعي اختلاف أحوال الناس وظروفهم، ومن تلك الأحاديث:
- ما أخرجه الإمام البخاريّ عن جابر بن عبدالله -رضي الله عنه- أنّه قال: (كانَ يُصَلِّي مع النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ثُمَّ يَأْتي قَوْمَهُ فيُصَلِّي بهِمُ الصَّلَاةَ، فَقَرَأَ بهِمُ البَقَرَةَ، قالَ: فَتَجَوَّزَ رَجُلٌ فَصَلَّى صَلَاةً خَفِيفَةً، فَبَلَغَ ذلكَ مُعَاذًا، فَقالَ: إنَّه مُنَافِقٌ، فَبَلَغَ ذلكَ الرَّجُلَ، فأتَى النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَقالَ: يا رَسولَ اللَّهِ، إنَّا قَوْمٌ نَعْمَلُ بأَيْدِينَا، ونَسْقِي بنَوَاضِحِنَا، وإنَّ مُعَاذًا صَلَّى بنَا البَارِحَةَ، فَقَرَأَ البَقَرَةَ، فَتَجَوَّزْتُ، فَزَعَمَ أنِّي مُنَافِقٌ، فَقالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: يا مُعَاذُ، أفَتَّانٌ أنْتَ - ثَلَاثًا - اقْرَأْ: والشَّمْسِ وضُحَاهَا وسَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأعْلَى ونَحْوَهَا)، فأمر رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- بقراءة سورتَي الضحى والأعلى ممّا يدلّ ذلك على أنّهما من هَدْيه.
- ما أخرجه البخاريّ عن البراء بن عازب -رضي الله عنه- أنّه قال: (سَمِعْتُ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَقْرَأُ: والتِّينِ والزَّيْتُونِ في العِشاءِ، وما سَمِعْتُ أحَدًا أحْسَنَ صَوْتًا منه أوْ قِراءَةً)، فقد سمع البراء -رضي الله عنه- قراءة رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- في صلاة العِشاء، وكان وقتئذٍ يقرأ سورة التين بصوتٍ وترتيلٍ عذبَين، لا يُضاهيهما صوت أحدٍ.
- ما أورده ابن حِبّان عن جابر بن سمرة أنّه قال: (كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقرَأُ في صلاةِ المغرِبِ ليلةَ الجُمعةِ بـ : {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} و{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} ويقرَأُ في العِشاءِ الآخِرةَ ليلةَ الجُمعةِ الجُمعةَ والمُنافِقينَ).
- ما أخرجه البخاريّ عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنّه كان يقرأ سورة الانشقاق في صلاة العِشاء، وأجاب مَن سأله عن ذلك قائلاً: (سَجَدْتُ بها خَلْفَ أبِي القاسِمِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فلا أزالُ أسْجُدُ بها حتَّى ألْقاهُ).
- ما أورده ابن حِبّان عن جابر بن عبدالله -رضي الله عنه- أنّه قال: (كان معاذُ بنُ جبلٍ يُصلِّي مع النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ثمَّ يرجِعُ إلى قومِه فيؤمُّهم)، إلى أن قال: (فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم (أفتَّانٌ أنتَ يا معاذُ أفتَّانٌ أنتَ يا معاذُ اقرَأْ بسورةِ كذا وسورةِ كذا) قال عمرٌو: وأمَره بسُوَرٍ قصارٍ لا أحفَظُها قال سفيانُ: فقُلْنا لعمرِو بنِ دينارٍ: إنَّ أبا الزُّبيرِ قال لهم: إنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال له: اقرَأْ بـ {السَّمَاءِ وَالطَّارِقِ} [الطارق: 1] {وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ} [البروج: 1]).
فضل صلاة العِشاء
وردت العديد من الأحاديث النبويّة الصحيحة التي أشارت إلى فَضْل صلاة العِشاء؛ منها: قَوْل رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (ليسَ صَلَاةٌ أثْقَلَ علَى المُنَافِقِينَ مِنَ الفَجْرِ والعِشَاءِ، ولو يَعْلَمُونَ ما فِيهِما لَأَتَوْهُما ولو حَبْوًا)، وقَوْله أيضاً: (مَن صَلَّى العِشَاءَ في جَمَاعَةٍ فَكَأنَّما قَامَ نِصْفَ اللَّيْلِ).