كيف ينشأ الصوت عند الإنسان
صوت الإنسان
يُعدّ الصوت مهماً للإنسان، فهو وسيلة لا غِنى عنها يستطيع من خلاله التواصل مع الآخرين، حيث يُمكِّنه من نقل العديد من المعلومات الشخصية، والحالة الاجتماعية والعاطفية أيضاً، لذا يتم عن طريقه إيصال المعاني والأفكار المختلفة، والإنتاج الصوتي هو عملية تكاملية تنتج من تعاون الأعضاء الصوتية مع بعضها البعض، وتشتمل هذه الأعضاء على الرئتين، والمجرى الهوائي السفلي، والطيات الصوتية أو الأحبال الصوتية التي توجد داخل الحنجرة والمسار الصوتي.
وينتج الصوت من خلال آلية منظمة، حيث يستخدم الإنسان الأعضاء المسؤولة عن ذلك دون أن يشعر، والأوتار الصوتية هي المصدر الرئيس للصوت، وكلما اشتدَّت أكثر كان الصوت أعلى، وكلما ارتخت كان الصوت الناتج منخفضاً، وهذا يعني أن الشد والإرخاء هما اللذان يؤدّيان إلى تنويع الأصوات، وتختلف طبقة الصوت وتتنوع بحسب حجم الحنجرة، فكلما كان حجم الحنجرة أكبر كانت طبقة الصوت أدنى، وهنا يجدر بالذّكر أنّ طبقة الصوت عند النساء أعلى من طبقة الصوت عند الرجال؛ لأنّ حجم الحنجرة أو ما يُعرَف بصندوق الصوت أصغر، وبهذا تكون الأوتار الصوتية أقصر، أمّا بالنسبة للأولاد والبنات فإنهم يمتلكون نفس حجم الأوتار الصوتية ويبقون هكذا حتّى سن البلوغ ، حيث تُصبح صناديق الأصوات عند الأولاد أكبر حجماً، فتصبح الأوتار الصوتية أطول وطبقة الصوت أدنى.
آليّة نشوء الصوت
الأجزاء المسؤولة عن إنتاج الصوت
تتعدد الأجزاء المسؤولة عن إنتاج الصوت عند الإنسان، وهي:
- الحنجرة: تُسمّى صندوق الصوت، وتقع في الجزء العلوي من القصبة الهوئية ، وتحتوي على الطيات الصوتية التي يُطلَق عليها الأحبال الصوتية، وهي تهتز لإنتاج الصوت ، ويعتبِر العلماء أن مصطلح الطيات هو أكثر دقة وذلك لأنها عبارة عن طيات ذات طبقات عديدة من الأنسجة التي ترتبط مع أنسجة أخرى موجودة في منطقة البلعوم.
- البلعوم: يُعرَف باسم الحلْق أيضاً، وله ثلاثة مخارج: الحنجرة البلعومية وتقع فوق الحنجرة، والبعلوم الفموي الذي يؤدي إلى الفم، والبلعوم الأنفي الذي يؤدي إلى الأنف.
- القصبة الهوائية: هي عبارة عن أنبوب وظيفته ربط الرئة بالبلعوم.
- المريء: موقعه وراء الحنجرة والقصبة الهوائية ، وهو يحمل الطعام والهواء والماء؛ فيذهب الهواء إلى الحنجرة والقصبات الهوائية، أما الطعام والماء فيتدفقان عبر المريء لينزلا إلى المعدة.
- العمود الفقري: يقع خلف المريء.
- الحجاب الحاجز: يقع تحت الرئتين وتحديداً داخل القفص الصدري ، وهو عبارة عن عضلات تتخذ شكل القبة، ووظيفته هي التحكم بالتنفس.
آليّة العمل
تتعاون الأعضاء السابقة الذكر مع بعضها البعض لإنتاج الصوت ويحدث ذلك أثناء التنفس؛ حيث يخرج الهواء من الرئتين من خلال القصبة الهوائية، وأثناء خروجه يمر بالحنجرة فتهز كمية الهواء المتدفقة إلى الحنجرة الطيات، واهتزاز الطيات الصوتية يحبس الهواء داخل الحنجرة ويطلقه بالتناوب، وفي كل مرّة يتم إطلاق الهواء من الحنجرة يذهب القليل منه إلى البلعوم، ويُعدّ ذلك بداية لموجة صوتية جديدة، وبانتقال الهواء من البلعوم وخروجه من الفم ينتج الصوت.
وبذلك يمكن القول إنّ الحركات التنفسية من شهيق وزفير لها أثر كبير في إنتاج الصوت، ولهذا فإن التعليم الصوتي يبدأ من ممارسة تمارين تنفسية صحيحة ومنتظمة، وهنا يظهر دور الجهاز العصبي في تنظيم هذه الحركات التنفسية وذلك بوجود مراكز تنفسية داخل جذع الدماغ، ولذلك تؤثر الحالة التي يوجد فيها الشخص على صوته من حيث نبرته وارتفاعه، فصوت الشخص الغاضب يختلف عن الذي يشعر بالكآبة أو الذي يشعر بالحزن أو الفرح.
تركيب الأحبال الصوتية
الأحبال الصوتية أو الطيات الصوتية هي عبارة عن هياكل مكوّنة من عدة طبقات توجد داخل الحنجرة، يُطلَق على الطبقة الداخلية منها العضلة الغضروفية، وتُسمّى العضلة الدرقية وهي الجزء الأكبر، تحيط بها أنسجة مخاطية لينة رطبة؛ وهي عبارة عن ألياف من الكولاجين، تُقسَم إلى أغشية عميقة وأغشية وسطية وأغشية سطحيّة، وكل قسم من هذه الأقسام يختلف من حيث عدد طبقات ألياف الكولاجين وطريقة ترتيبها؛ فالطبقة السطحية يكون عدد ألياف الكولاجين فيها قليلاً ولذلك تكون على شكل خيوط متباعدة ورخوة، بينما ألياف الطبقة المتوسطة تترتب باتجاهات مختلفة وتكون على شكل مجموعة من الأربطة اللينة، وأما الطبقة العميقة فأليافها شديدة الكثافة وتترتب على شكل حُزَم، وتختلف أطوال الأحبال الصوتية من الذكر للأنثى، حيث يبلغ طولها عند الذكر البالغ 16ملم تقريباً، أمّا عند الأنثى البالغة فيبلغ طولها نحو 10ملم.
بدائل للحنجرة
تتزايد الحالات التي تتمّ فيها إزالة الحنجرة لدى من هم في منتصف العمر وكبار السنّ؛ وذلك بسبب إصابتها بالسرطان، ممّا يستدعي إزالتها، وبهذه العملية يصبح الصوت الصادر عن المريض شفهياً غير مفهوم، وفي هذه الحالة يُلجأ إلى تأهيل صوت المريء، وهنا على المريض أن يتعلم إصدار الصوت من المريء.
هناك العديد من الأشخاص المصابين غير قادرين على تعلم إصدار الصوت من المريء؛ وتبلغ نسبتهم الثلث تقريباً، لأسباب عديدة، مثل: التقدم في السن، أو الحالة الصحية؛ كفقدانهم للسمع، أو بسبب وجود حواجز لغوية، أو بسبب الأميّة، أو غيرها من الأسباب الأخرى، ولذلك يكون البديل هو استخدام الحنجرة الصناعية، وهناك العديد من الأنواع مثل الميكانيكية والهوائية، ولكن النوع الكهربائي هو أكثرها شهرةً وأوسعها استخداماً، وهي عبارة عن محفظة بلاستيكية بحجم المصباح، تحتوي على مكان لوضع بطاريات عادية، ومصدر للصوت، ورأس هزّاز يتمّ تثبيته في الحنجرة، وبذلك يُسمَح للصوت بالدخول إلى البلعوم، وبتلك الطريقة يصبح التعبير من خلال الصوت مفهوماً، لكنّ هناك محاولات طبية لإدخال مصدر للصوت بشكل مباشر داخل أنسجة الرقبة، وليصبح الصوت طبيعياً أكثر.