كيف يكون الحجاب الصحيح
حجاب المرأة في الإسلام
للمرأة في الإسلام مكانةٌ عظيمةٌ؛ فالمرأة في الدين الإسلاميّ درّةٌ مصونةٌ، وعزيزةٌ كريمةٌ، محاطةٌ بالستر، أمرها الإسلام بالعفاف والحشمة، ونهاها عن التبرّج والابتذال، فقد جعل الله تعالى اللباس ستراً وزينةً للإنسان، ومظهراً للتقوى وطريقاً إلى الخير، قال الله تعالى في كتابه الكريم : (يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا ۖ وَلِبَاسُ التَّقْوَىٰ ذَٰلِكَ خَيْرٌ ۚ)، بيد أنّ الشيطان يأبى إلاّ أن يفتن الناس كما فتن أبويهم آدم وحواء، فدعاهم إلى التعرّي ونزع اللباس، قال الله تعالى: (يَا بَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا ۗ إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ ۗ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ)، وبقي الأمر حتى وصل ببعض قبائل العرب إلى أن يطوفوا بالبيت عراةً؛ معلّلين ذلك بأنّهم لا يطوفون بالبيت بثيابٍ يعصون الله فيها، ثم جاء الإسلام مبيّناً للناس المفاسد التي كانت عليها الجاهليّة ، فأمر المرأة باللباس والستر والحجاب؛ حمايةً لها وحفاظاً عليها، مخاطباً بذلك في البداية زوجات النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- أمهات المؤمنين؛ فقال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ۚ ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ)، وأمر عباد الله المؤمنين بغض البصر عن المحرمات؛ طهارةً لقلوبهم وحفظاً لدينهم، وفي هذا المقال سيتم تناول موضوع الحجاب وحكمه في الإسلام وصفاته.
معنى الحجاب
الحجاب لفظةٌ من ألفاظ اللغة العربية لها معنيان؛ في اللغة وفي الاصطلاح، وفيما يأتي بيانٌ لكلا المعنيين:
- الحجاب في اللغة يعني الستر، يقال: حجَبَ الشيء يحجبه حَجْباً وحِجاباً وحجّبه أي: ستره، ويقال: احتجب وتحجّب إِذا اكْتنّ من وراء حجابٍ، وامرأةٌ محجوبةٌ: قد سُترت بسترٍ.
- حجاب المرأة في الاصطلاح: ستر المرأة لجميع بدنها وزينتها، والذي من شأنه أن يمنع الأجانب من رؤية شيءٍ من بدنها أو زينتها التي تتزين بها، ويكون استتارها باللباس وبالبيوت.
كيفيّة الحجاب الصحيح
للحجاب في الإسلام عددٌ من الشروط والصفات حتى يعتبر حجاباً شرعيّاً صحيحاً، وهذه الشروط هي:
- استيعاب الحجاب لجميع البدن إلا ما ورد نصٌّ في استثناءه، ودليل ذلك قول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ۚ ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ)، ففي الآية الكريمة بيانٌ لوجوب ستر الزينة وعدم إظهارها أمام الأجانب إلا ما ظهر منها من غير قصدٍ.
- ألّا يكون الحجاب زينةً في نفسه؛ يلفت الأنظار إليه.
- أن يكون الحجاب صفيقاً أيّ؛ لا يشفّ، فالحجاب الخفيف الشفّاف الذي يُرى بدن المرأة من خلاله لا يتحقّق به المقصود من الحجاب؛ وهو الستر، بل إنّه يبدي زينة المرأة ويزيد فتنتها وزينتها.
- أن يكون الحجاب فضفاضاً غير ضيّقٍ، فيصف شيئا من جسمها؛ فالغرض من لبس الحجاب هو رفع الفتنة وعدم وقوعها، وهذا المقصد لا يحصل إلّا باللباس الفضفاض الواسع، أمّا اللباس الضيّق فإنّه وإن كان ساتراً للون البشرة، إلّا أنّه يصف حجم الجسم أو بعضه.
- ألّا يكون الحجاب مبخّراً ومطيّباً؛ وذلك لورود الأحاديث النبويّة الكثيرة التي تنهى النساء عن التطيّب إذا خرجن من بيوتهنّ، فعن زينب زوجة عبد الله بن مسعود رضي الله عنهما، أنّ النبي -صلّى الله عليه وسلّم- قال : (إذا خرجتْ إحْداكنَّ إلى المسجدِ فلا تقْرَبنَّ طِيبًا).
- ألّا يشبه الحجاب لباس الرجل؛ فقد ورد في السنّة النبويّة أحاديث صحيحةٌ في لعن المرأة التي تتشبّه بالرجل في اللباس أو غيره، فعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: (لعنَ رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الرَّجلَ يلبسُ لبسةَ المرأةِ والمرأةَ تلبسُ لبسةَ الرَّجل).
- ألّا يشبه الحجاب لباس الكافرات؛ فقد تقرّر في الشريعة الإسلامية أنّه لا يجوز للمسلمين رجالاً ونساءً التشبه بالكفار، سواء في عباداتهم أو أعيادهم أو لباسهم .
- ألّا يكون الحجاب لباس شهرةٍ؛ وذلك لحديث ابن عمر رضي الله عنهما، أنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- قال: (مَن لبسَ ثوبَ شُهْرةٍ في الدُّنيا، ألبَسَهُ اللَّهُ ثوبَ مذلَّةٍ يومَ القيامةِ، ثمَّ ألهبَ فيهِ نارًا).
بعض الشبهات حول حجاب المرأة المسلمة
شكّلت قضيّة الحجاب على مدى عقودٍ كثيرةٍ محوراً أساسيّاً لمحاربة الإسلام و أهله، من خلال إثارة الشبهات حوله، والتي تهدف إلى تدمير النسيج القيميّ والعقديّ للفرد المسلم، ومن هذه الشبهات ما يأتي:
- دعوة المرأة المسلمة إلى تغطية شعرها باعتباره عورةً لا يجوز كشفه للرجال، لا تستند إلى نصٍّ شرعيّ.
- أنّ الحجاب تقليدٌ فقهيّ ليس لها مصدرٌ قرآنيّ واحدٌ.
- أنّ الأمر الوارد في قول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ۚ ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ)، ليس أمراً لجميع النساء في جميع العصور بأن يلبسن الجلابيب.
- أنّ الحجاب رمزٌ دينيّ فحسب، شأنه شأن أيّ رمزٍ عند باقي الأديان مثل: الصليب عند النصارى، والقلنسوة عند اليهود، ولا علاقة له بجوهر الإسلام.
والردّ على هذه الشبهات والادعاءات يكون بالتأكيد على المنهج العلميّ الصحيح القائم على كتاب الله وسنّة نبيّه صلّى الله عليه وسلّم، وفهم السلف الصالح لهذين المصدرين، و غيرها من المصادر المعتبرة، فحجاب المرأة واجبٌ عليها، وقد جاء الأمر بهذا الواجب في القرآن الكريم والسنّة النبويّة.