كيف يتكيف الجمل في الصحراء
مظاهر تكيف الجمل في الصحراء
يتواجد الجمل في المناطق الصحراويّة التي تصل درجات الحرارة فيها إلى نحوِ 50 درجة مئويّة، إذ يمتلك العديد من الطرق والصفات التي تمكّنه من التكيّف والعيش في الظروف الصحراويّة الصعبة، وفيما يأتي أبرز مظاهر تكيف الجمل مع بيئته :
أعضاء الجمل الجسمية التي تساعده على العيش في الصحراء
يمتلك الجمل العديد من الصفات الجسديّة التي تساعده على التكيّف، وذلك بتحسين قدرته على العيش في الصحراء، وتزيد من معدّل بقائه على قيد الحياة، ومنها:
حجم جسم الجمل
الجمل حيوان كبير يصل ارتفاعه إلى نحوِ 1.8 متر، ويصل طول جسمه إلى نحوِ 3 أمتار، بينما يتراوح وزنه ما بين 600 إلى 1000 كغ، ويساعده حجمه الكبير على امتلاك مساحة سطح كبيرة، وهو ما يمكّنه من فقد كميّات من الحرارة الداخليّة الموجودة في جسمه بشكلٍ أكبر.
والجدير بالذكر أنّ أطراف الجمل الطويلة تساعده على البقاء بعيداً عن الأرض الرملية، وبالتالي حمايته من التواصلِ المباشرِ مع رمال الصحراء الساخنة.
طبيعة ما يُغطّي جسم الجمل
يغطي جسم الجمل في الجزء العلويّ منه وبراً كثيفاً، وهو ما يمنحه الظلّ اللازم للاحتماء من درجات الحرارة العالية، في حين يكون الوبر في المناطق الأخرى من جسمه خفيفاً حتى يتمكّن من فقدان حرارة جسمه بشكلٍ أكبر.
لون وبر الجمل
يمتلك الجمل وبراً بلونٍ يقارب لون البيئة الصحراويّة التي يعيش فيها لتكييف مع المخاطر التي قد يتعرض لها، وهو ما يجعله قادرًا على الاندماج مع بيئته والظروف البيئية الصعبة من حيث درجات الحرارة المرتفعة.
شكل أقدام الجمل
يتمكّن الجمل من السير فوق رمال الصحراء الناعمة دون الغوص فيها، وذلك لامتلاكه أقداماً متسعة وضخمة كما يساعده سطح قدميه الكبير على نشر وزنه الكبير فوق الرمال.
وجود سنام للجمل
يتميّز الجمل بامتلاكه سناماً على ظهره، ويلعب هذا العضو الجسديّ دوراً مهمّاً في تكيّف الجمل مع العيش في البيئة الصحراويّة، فهو يساعده على تخزين كميّات من الدهون فيه، ويستفيد الجمل من هذه الخاصيّة من ناحيتين:
- تعمل الدهون كطبقة عزل على ظهر الجمل لتحميه من الحرارة العالية.
- يتمكّن من الحصول على الطاقة اللازمة له من الدهون المخزنة في سنمه عندما لا يستطيع إيجاد طعامه، كما أنّ هذه الدهون تزوّد الجمل بالماء عند حاجته له، فهي قادرة على أن تتحوّل من دهون إلى ماء، إذ يمكن أن تطلق كميّة 9.3 غراماً من الدهون ما مقداره 1.13 غراماً من الماء.
طبيعة رموش الجمل
يمتلك الجمل صفين من الرموش الطويلة لحمايته من رمال الصحراء، كما أنّه يمتلك جفناً ثالثاً يقوم بالمهمّة ذاتها، ويوجد في كلّ عين غشاء رقيق يعمل كجفن داخليّ يحمي العين من هبّات الرمال، وتعلو عينيه حواجب كثيفة تحميه من أشعة الشمسِ القويّة المباشرة.
تركيب أنف الجمل
تساعد تركيبة أنف الجمل العضويّة على منع رمال الصحراء من الدخول بسهولة إلى الأنف، ففتحات أنف الجمل رفيعة، ويستطيع الجمل إغلاق فتحات أنفه عندما تهبّ الرياح المحمّله بالرمال، فلا تتراكم الرمال داخلها، كما أنّ ال ممرات الأنفيّة الخاصة بالجمل لديها القدرة على ترطيب الهواء أثناء استنشاقه وامتصاص الرطوبة أثناء عمليّة الزفير.
تركيب آذان الجمل
تتضمن تركيبة آذان الجمل وسيلة تكيّف مع البيئة الصحراويّة، إذ يوجد فيها شعراً يغطيها من الداخل والخارج، والذي بدوره يعمل على منع دخول الرمال والغبار إلى داخل آذان الجمل.
طبيعة شفاه الجمل
يمتلك الجمل شفاهاً غليظة تجعله قادراً على تناول نباتات الصحراء الشوكيّة، فهي تمنع عنه الشعور بالألم.
طبيعة دم الجمل
تختلف طبيعة خلايا الدم الحمراء التي يمتلكها الجمل عن تلك التي تمتلكها معظم الثدييات، ففي حين أنّ خلايا الدم الحمراء كرويّة لدى الثدييات، فإنّها ذات شكلٍ بيضاويّ لدى الجمل، وهي خاصيّة تحمي الجمل من الإصابة بالجفاف عندما تقلّ كميّة السوائل في جسده.
فخلايا الدمّ بيضاويّة الشكل تستمرّ في التدفق عبر مجرى الدم حتى وإن أصبح الدم كثيفاً بسبب قلّة السوائل فيه، الأمر الذي يساعد على إبقاء خلايا الجمل تتحرّك وعلى قيد الحياة. كما تمتلك خلايا دم الجمل خاصيّة التوسع بنسبة أكبر من الكائنات الأخرى، ففي حين تتوسّع خلايا الدم لدى الثدييات بنحو 150%، فإنّها تتوسع بنحوِ 240% لدى الجمل.
طبيعة أمعاء الجمل الغليظة
يمتلك الجمل أمعاءً غليظة تتميّز بطولها الكبير، وهو ما يساعده على امتصاص كلّ كميّة المياه التي تحتويها الأطعمة التي يتناولها، وبالتالي فإنّ جسده يفقد كميّة أقلّ من السوائل التي يخرجها الجسم عن طريق البول والبراز.
طبيعة غدد الجمل العرقيّة
يفقد الجمل كميّات قليلة من العرق، حتى وإن وصلت درجة حرارة جسمه لنحو 42 درجة مئويّة، وذلك لأنّ جسم الجمل لا يحتوي على عدد كبير من الغدد العرقية مثل بقيّة الكائنات الحيّة.
سلوكيات الجمل التي تساعده على العيش في الصحراء
يقوم الجمل بممارسة العديد من السلوكيّات التي تمكنه من التكيّف مع الطبيعة القاسية للصحراء، ومنها:
شرب كميات كبيرة من الماء
يقوم الجمل بشرب كميّات كبيرة من الماء ، فهو قادر على شرب نحو 30 جالون من الماء في المرّة الواحدة وخلال دقائق معدودة، ولذلك فإنّ الجمل قادر على العيش بدون شرب الماء لمدّة تصل إلى الأسبوع.
عادة البصق
يُعرف الجمل بأنّه من الحيوانات المجترّة، ويقصد بذلك أنّه يقوم بإعادة الطعام من معدته إلى فمه ثمّ يعمل على بصقها، وهو سلوك يرتبط بطبيعة الطعام الذي يتناوله الجمل، حيث أنّ طعامه قاسٍ وجافّ فيحتاج للهضم أكثر من مرّة للتخمرّ والتحلل بواسطة بكتيريا خاصّة، ولذلك تحتوي معدته على عدّة حجرات لتقوم بهذه الوظيفة.
السير في جماعات
يعدّ الجمل حيواناً اجتماعيّاً، فهو يسير في الصحراء ضمن جماعات تُدعى القطعان، والتي تمتلك عادةً قائداً ذكراً يقودها، وداخل القطيع الواحد يعمل الذكور الأقوياء على عمل جماعات صغيرة ويعيّنون أنفسهم كقائداً عليها، وهو ما يطلق عليه اسم القطيع الأعزب. ومن سلوكيّات الجمل الاجتماعيّة النفخ في وجه بعضهم البعض كنوع من التحيّة.
تناول كميات كبيرة من الطعام
يستطيع الجمل تناول الطعام بكميّات كبيرة، فهو قادر على تناول الطعام طوال اليوم، ويقوم الجمل بتخزّين كميّات الطعام الكبيرة على شكل دهون، فطبيعة الصحراء الصعبة تجعله يبحث عن الطعام لعدّة أيّام، وهذا السلوك يساعده على البقاء حيّاً لفترة أطول، إذ يستطيع العيش لعدّة أشهر لا تتجاوز 40 شهراً دون تناول الطعام.
صفات الجمل الفسيولوجية التي تساعده على العيش في الصحراء
يمتلك الجمل عدّة صفات فسيولوجيّة تمكنه من التكيّف في الصحراء، ومنها:
القدرة على تنظيم درجة حرارة الجسم
تتغيّر درجة حرارة جسم الجمل باستمرار خلال اليوم، ففي حين تصل درجة حرارة جسمه نهاراً إلى نحو 41.7 درجة مئويّة، فإنّها تنخفض بشكلٍ كبير في الليل لتصل إلى نحو 34 درجة مئويّة، ويمكّنه ذلك من تحمّل التقلّبات الحراريّة الكبيرة في البيئة التي يعيش فيها.
القدرة على تحمل العطش
يتمكّن الجمل من تحمّل العطش لفتراتٍ طويلةٍ، فجسم الجمل لا يتعرّق كثيراً، ولا يتبوّل بكثرة، ويكون بوله شديد الملوحة لأنّ الكلية تعمل على تصفيته من الماء بشكلٍ كبيرٍ، كما أنّ جسمه لا يطلق الماء بشكلٍ سريعٍ في مجرى الماء، وهو ما يحول دون تعرّض الجمل للجفاف.
القدرة على إعادة امتصاص المياه
تستطيع أمعاء الجمل إعادة امتصاص المياه الموجودة في المواد المعويّة في أثناء هضمها، لذلك فإنّ فضلات الجمل جافّة للغاية لقلّة المياه التي تخرج معها، وذلك نظرًا لصعوبة الظروف البيئية التي يعيش فيها الجمل.
القدرة على أكل طعام البيئة الصحراوية
إنّ للجمل قدرة على تناول النباتات الصحراويّة بالرغم من صعوبة تناولها وقساوتها، فهو يمتاز بشفته العليا المنقسمة لجزئين والتي يتحرّك كلّ منها بشكلٍ مستقلّ عن الآخر، الأمر الذي يمكّنه من تناول الأعشاب القصيرة الأرضيّة.
القدرة على تخزين الدهون
يستطيع الجمل تخزين الدهون في سنامه حتى يستخدمها كمصدر للطاقة عندما لا يتمكن من الحصول على الطعام، ولذلك يظهر السنام منحنٍ ومتدلٍّ عندما تقلّ كميّة الدهون المخزنة فيه.
يُلقّب الجمل بسفينة الصحراء، إذ يسافرُ عبر مسافاتٍ طويلةٍ في ظروف صحراويّة قاسية، وقد استخدمه الإنسان قديماً للسفر والتجارة، وهو من الحيواناتِ الصحراويّة التي تمتلك خصائص عديدة تُمكّنه من العيش في درجات حرارة مرتفعة، ومنطقة جرداء قليلة الطعام، ويندر وجود الماء فيها.
تتنوّع هذه الخصائص التي يمتلك الجمل بين خصائص خلقيّة أوجدها الخالق في الجمل ويتوارثها عبر الأجيال، وخصائص سلوكيّة اكتسبها الجمل من خلال عيشه في البيئة الصحراويّة، وغيرها من الخصائص.