كيف يتكون الضباب
طرق تكون الضباب
يتطلّب تكوّن الضباب نسبة عالية من الرطوبة، واستقراراً في الظروف الجوية، إلى جانب الرياح الخفيفة، وفي ما يلي تفصيل للظروف الثلاثة التي يتشكّل الضباب نتيجة عنها:
عملية التبريد
تختلف الطرق التي تحدث فيها عملية التبريد، فقد يكون التبريد ناتجاً عن فقد الحرارة نتيجة الإشعاع الحراري، أو بسبب الحركة الأفقية للهواء الدافئ الرطب، وانتقاله فوق الأسطح الأكثر برودة، كما يمكن أن يحدث التبريد أدياباتيكياً، كأن تنخفض درجة حرارة الهواء الرطب ذاتياً عند صعوده إلى الأعلى باتجاه قمم المنحدرات.
زيادة رطوبة الهواء
تحدث نتيجة حركة الهواء البارد فوق مسطح مائي دافئ، أو سطح مشبع بالرطوبة، أو بسبب التبخر الحاصل للمياه، كما أنّ احتواء الهواء على بعض نوى التكاثف يساهم في زيادة رطوبته، كما هو الحال في المناطق التي تكون فيها درجة تلوث الهواء عالية.
عملية المزج
يجب أن يكون المزج خفيفاً حتى يتشكّل الضباب، إذ يساهم حدوث المزج بين طبقات الهواء في جلب كمية أكبر من الهواء الرطب بالقرب من سطح الأرض.
طرق تبدد الضباب
يتبدّد الضباب بوجود أحد الظروف التالية:
عملية التسخين
ترتفع درجة حرارة الهواء نتيجة الإشعاع الشمسي، أو بسبب مرور الهواء البارد الرطب فوق سطح أكثر دفئاً، أو نتيجة حركته باتجاه أسفل المنحدرات، ممّا يؤدّي إلى تسخينه ذاتياً، وبذلك تتسبّب عملية التسخين باختفاء قطرات الماء المعلّقة في الهواء، وتبدّد الضباب.
انخفاض رطوبة الهواء
تحدث عند توقف الهطول المطري بعد مرور الجبهة الهوائية، ممّا يؤدي إلى جفاف الهواء تدريجياً.
عملية المزج
يزداد المزج عند حدوث عملية التسخين، أو مع ارتفاع سرعة الرياح التي ينتج عنها زيادة في حركة الهواء، والمزج الحاصل بين طبقاته، إذ يؤدّي ذلك إلى نقل الهواء الجاف من الأعلى إلى الأسفل، ومزجه مع طبقات الهواء الرطبة المنخفضة القريبة منه، إضافة إلى نقل الهواء الرطب إلى الأعلى بفعل هذه الرياح القوية.
أنواع الضباب
يحدث الضباب عند اقتراب درجة حرارة الهواء من الدرجة التي يحدث عندها تكاثف بخار الماء لتكوين قطرات الماء السائلة، إذ تُعادل هذه الدرجة نحو أقل من -15 درجة مئوية، ويختلف نوع الضباب نتيجة اختلاف الطريقة التي يتشكّل فيها، ولذلك تُقسم أنواع الضباب إلى ستة أنواع، هي:
الضباب الإشعاعي
يحدث الضباب الإشعاعي (بالإنجليزية: Radiation fog) في المناطق القريبة من المسطحات المائية، وفي الوديان المحصورة التي لا تشهد حركة قوية للرياح، إذ تمنع الرياح تشكّل الضباب، لذلك تُعدّ الرياح الخفيفة، والليالي الطويلة الصافية، وتواجد طبقات الهواء الرطبة بالقرب من سطح الأرض أفضل الظروف لتشكّل هذا النوع من الضباب.
ويكثر حدوث الضباب الإشعاعي خلال فصليّ الخريف، والشتاء، وتحديداً في الليل عند غياب أشعة الشمس، واستقرار حركة الهواء بالقرب من سطح الأرض، وبدء انخفاض درجة حرارته.
يتشكّل الضباب الإشعاعي نتيجة تبريد الهواء، واحتوائه على أكبر كمية من بخار الماء، ممّا يعني وصوله إلى حالة الإشباع، إذ يبدأ في الطبقات القريبة من سطح الأرض، ثم يمتدّ للأعلى، وتستمرّ كثافته بالازدياد مع استمرار انخفاض درجة حرارة طبقات الهواء.
ويجدر بالذكر أنّ هذا النوع من الضباب يظهر بشكل متجزء غير مكتمل، ويبقى ثابتاً في مكانه، وسرعان ما يتبدّد في اليوم التالي بعد وقت قصير من شروق الشمس.
ضباب التأفّق
يتشكّل ضباب التأفّق (بالإنجليزية: Advection Fog) نتيجة مرور الهواء الدافئ، والرطب نسبياً مروراً بطيئاً فوق سطح رطب، وأكثر برودة، ومن العوامل التي تساهم في تشكّله حركة الرياح بسرعة تقارب خمسة أمتار في الثانية، ممّا يساهم في المحافظة على الاختلاف الموجود بين درجة حرارة الهواء، والسطح الذي يمر فوقه، دون أن يشتدَّ، ويختلط بطبقات الغلاف الجوي.
ويحدث هذا النوع من الضباب فوق البحار، وعند المناطق الساحلية، وذلك نتيجة لالتقاء التيارات المحيطية الباردة مع الدافئة، كما يتكوّن بشكل كبير فوق اليابسة في فصل الشتاء بسبب مرور الهواء الدافئ فوق الأراضي المتجمدة، أو المغطّاة بالثلوج، وعادةً ما يمتدّ ضباب التأفّق لارتفاعات تصل إلى عدة مئات من الأمتار، وقد يتصادف حدوثه مع حدوث الضباب الإشعاعي.
ضباب المنحدرات
يحدث ضباب المنحدرات (بالإنجليزية: Upslope Fog) نتيجة حركة الهواء، وانتقاله إلى أعلى المنحدرات، وتبريده ذاتياً (بالإنجليزية: Adiabatic cooling) دون حدوث أي تبادل حراري بينه، وبين الوسط المحيط به -أي أديباتيكياً دون حودث فقد، أو اكتساب للحرارة في النظام-، ممّا يؤدّي إلى وصوله إلى درجة الإشباع، وبالتالي تتشكّل قطرات الماء.
ويتكوّن هذا النوع من الضباب بالقرب من القمم، ثم يمتدّ باتجاه الأودية، ومن الجدير بالذكر أنّ ضباب المنحدرات يمكن أن يتشكّل حتى مع وجود الرياح السريعة، إذ إنّ لهذه الرياح قدرة كبيرة على نقل الهواء إلى الأعلى، وبالتالي تبريده أديباتيكياً، ولكنّ ارتفاع سرعة الرياح إلى نحو 5-6م/ث قد يؤدي إلى تشكّل السحب الطبقية المنخفضة (بالإنجليزية: stratus) بدلاً من حدوث الضباب.
ضباب التبخر
يحدث ضباب التبخّر (بالإنجليزية: Evaporation fog) في مناطق المسطحات المائية الدافئة، والأراضي الرطبة، وذلك نتيجة حركة الهواء البارد فوق هذه المناطق، ممّا يؤدّي إلى تبخّر جزء من مياهها، وارتفاعه إلى طبقات الهواء المنخفضة، فيصبح هذا الهواء رطباً، ودافئاً، ولذلك يرتفع ليختلط مع الهواء البارد الموجود في الطبقات الأعلى، فيبرد مؤدّياً إلى تكاثف بخار الماء، وتشكّل الضباب.
وقد يتكوّن هذا النوع من الضباب نتيجة مرور الكتل، والجبهات الهوائية الباردة فوق البحار، وخاصة في فصل الخريف الذي تبدأ فيه درجة حرارة الهواء بالانخفاض، بينما تحافظ مياه البحار فيه على درجة حرارة دافئة بعد فصل الصيف، وقد ينتج عن ضباب التبخر في بعض الحالات ظاهرة الصقيع، أو ما يُعرف بالضباب المتجمد.
الضباب الجبهيّ
يتشكّل الضباب الجبهيّ (بالإنجليزية: Frontal Fog) عند حدوث الجبهات الهوائية، فقد يحدث قبل الجبهات الهوائية الدافئة، أو بعد الجبهات الهوائية الباردة، وذلك نتيجة لمرور الأمطار داخل هواء بارد، ومستقرّ، ممّا يزيد من رطوبة الهواء حتى يصل إلى درجة التشبّع، وبالتالي تكاثف قطرات الماء مشكّلة الضباب.
ويجدر بالذكر حدوث الضباب الجبهي في عدة حالات، منها: تشكّله أثناء مرور الجبهة، إذ تتسبّب الرياح الخفيفة بمزج، وخلط كتلتين هوائيتين مشبعتين بالرطوبة، إحداهما دافئة، والأخرى باردة، كما يمكن أن يحدث نتيجة حركة الهواء الدافئ فوق أرض رطبة أثناء عبور كتلة باردة محملة بالأمطار، ممّا يؤدّي إلى تبريد هذا الهواء بشكل مفاجئ.
وبالإضافة إلى ذلك فقد يتشكّل هذا النوع من الضباب أيضاً في فصل الصيف عند المناطق القريبة من خط الاستواء، وذلك بسبب تبخّر مياه الأمطار الناتجة عن الجبهة الهوائية المارّة، ممّا يؤدّي إلى تبريد السطح، والهواء القريب منه، وارتفاع نسبة الرطوبة، فيتكثّف هذا البخار مكوّناً الضباب.
الضباب الجليدي
يختلف الضباب الجليدي (بالإنجليزية: Ice Fog) عن باقي أنواع الضباب لكونه عبارة عن بلورات ثلجية صغيرة معلّقة بالهواء، ويحدث في المناطق شديدة البرودة فقط، إذ إنّ لقطرات الماء المعلّقة في الهواء القدرة على البقاء في حالتها السائلة حتى تصل إلى 40- درجة مئوية.
أمّا عند ملامسة هذه القطرات السائلة للأسطح فإنّها تتجمد مشكّلة طبقة بيضاء من الصقيع، أو ما يُسمّى بالضباب المتجمد (بالإنجليزية: Freezing Fog) الذي يُعدّ أكثر شيوعاً من الضباب الجليدي.
وقد يظهر على شكل كتل متجمّدة على الأشجار، وغيرها نتيجة دفع الرياح الخفيفة للقطرات المتجمّدة باتجاه معين، ويجدر بالذكر ما ينتج عن الضباب المتجمّد من خطورة، وانزلاقات في الطرقات، خاصة مع ضعف مدى الرؤيا المُصاحب له.
تأثيرات الضباب
يؤدّي حدوث الضباب إلى نتائج إيجابية، وسلبية مختلفة تُؤثّر على نواحي متعددة من الأنشطة البشرية، منها:
التأثير الإيجابي
تتنوّع التأثيرات الإيجابية للضباب بين المنظر الجمالي الذي يضفيه، إلى الفوائد الاقتصادية الناجمة عنه، إذ تستخدم في بعض المناطق تقنيات لتوفير المياه من الضباب من خلال عملية تُسمّى حصاد الضباب (بالإنجليزية: Fog harvesting)، إذ يتمّ فيما بعد استخدام هذه المياه لأغراض ريّ المزروعات، والاستخدامات البشرية.
التأثير السلبي
تراوح سلبيات الضباب بين الإزعاج، والخسائر الماديّة، إلى عواقب أخرى ذات تداعيات اقتصادية، وسياسية، واجتماعية مختلفة، ويجدر بالذكر أنّ أكثر التأثيرات السلبية المعروفة للضباب هو تقليل مدى وضوح الرؤية الناتج عنه، ممّا يؤثّر على الملاحة البحرية، والجوية، إضافى إلى تقييد حركة السيارات، والقطارات، ولذلك يُنصح بتوّخي الحذر أثناء القيادة في فترة تشكّل الضباب.